|
صدّام ؛ صورٌ شخصيّة للطاغيَة
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 1730 - 2006 / 11 / 10 - 07:55
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
1 في مسرحيته " كاليغولا " ، التي يحملُ عنوانها إسمَ القيصر الرومانيّ ، ينقل لنا أندريه جيد ، الكاتب الفرنسي ، عن بطله هذا المعروف بطغيانه قوله : " لا أريد للشعب أن يحبني ، أريده أن يخافني " . تلخصُ المقولة المذكورة ربما ، طريقة تفكير حاكم العراق ، البائد ؛ صدام حسين . والواقع ، فثمة أوجه عدّة ، متشابهة ، بين سيرة هذيْن الوحشيْن ، المنتمي كلّ منهما إلى عالميْن مختلفيْن ، سحيقيْ البعد زمنياً . إذا وضعنا الأثر الأدبيّ جانباً ، فالتاريخ يُخبرنا أنّ كاليغولا إعتلى عرشَ النسر ، في روما ، عام 37 للميلاد ، مخلفاً جدّه الإمبراطور تيبيريوس . سبق لهذا الأخير أن تعهد تربية حفيده ، منشئاً إياه على هوى سيرته الشخصية ، الدموية . كانت أمّ كاليغولا ، بسيرتها المشبوهة وفضائحها ، هيَ عقدة حياة وريث العرش الرومانيّ ، الشاب هذا؛ عقدة ، كان من إستفحالها في نفسه ، أنه ما كان يتورع عن إلحاق العار بنساء أشراف دولته ، أمهاتٍ وبناتٍ على السواء . الغريب ، انّ ذلك القيصر الرومانيّ ، الذي عبث بأرواح آلاف الأبرياء خلال مدة حكمه ، الوجيزة ، كان يعاني من عقدة اخرى ؛ تمثلت بخوفه الدائب على حياته من التعرض للإغتيال أو التسميم . وبلغ من تطيّره ، أنه كان يُشده لمرأى طائر ما ، أسود اللون ، يصادف إنطلاقه في السماء المشرفة على حضوره ؛ فلم يكن ليتورع عندئذٍ عن الصراخ مرتاعاً مرعوباً . كان مرتاباً موسوساً ، يشكّ بكل من حوله . وأيّ تصرف طاريء ، مهما كان هيناً وبريئاً ، يكون كافياً لإشارةٍ من إصبع الإمبراطور ، كيما يُطاح بحياة أحد أفراد الحاشية . لم يسلم أحدٌ ، إذاً ، من شرّ كاليغولا . وقائد الحرس الخاص ، الذي تلقى أكثر من إشارة من رجالات الحاشية ومجلس الشيوخ ، كان هوَ الآخر قلقاً على مصيره الشخصيّ من نزوات الطاغية ومزاجه المتقلب . فضلاً عن أسباب اخرى ، منها أنّ كاليغولا كان قد اذل تقاليد الرومان العسكرية ، العريقة ، بسوء خططه وعشوائية قيادته . هكذا ، يتحرك المتآمرون ذات صباح ، ليطيحوا بالطاغية المطوّب نفسه للتوّ بنعت " الإله " ، تيمناً بيوليوس قيصر ؛ مؤسس السلالة الحاكمة . يسقط كاليغولا مضرجاً بدمه ، فيما عيناه متحجرتان على مشهد قتل إبنته الوحيدة ؛ التي كانت وريثته ، المفترضة ، على عرش النسر الروماني .
2 في عام 1937 ، كان موعد تاريخ العراق مع مولودٍ جديد ، تعالى صراخه من بيتٍ ريفيّ ، رثّ ؛ تاريخ عريق ، سيُحال إلى أشبه بالمسخ ، إثر مضيّ عقودٍ خمسة اخرى على تلك الولادة ، المستجدة . ما قدّر للأب أبداً ، أن يرى وليده ، الذي أسميَ " صدّام " ؛ وتعني بالعربية ، كناية للمتحدّي أو العدواني . نشأ الطفل اليتيم ، إذاً ، في كنف أمه ، التي كانت من سوء الحال مادياً ، أنها إضطرت لبيع أشياء تافهة في قريتها ، " العوجة " ؛ الواقعة في أعمال منطقة تكريت . كانت أمّ صدام هذه ، إمرأة أميّة ، قاسية وجلفة ؛ كانت بدوية بحقّ . الأسوأ ، بالنسبة لإبنها هذا ، ما كان عليه أن يلاقيه من سوء معاملة زوجها الثاني له ؛ هذا الذي انجبتْ منه دفعة وراء الاخرى ما صار معروفاً ، فيما بعد ، عند أهل العراق بـ " الثلاثي المجرم " ؛ برزان ووطبان وسبعاوي . الصورة الشخصية الآولى لصدام ، وكان بحدود العاشرة من عمره ، لا تنتمي قط لعالم الطفولة : سحنة حادة ، عابسة ، يتناهى منها عينان تقدحان شرراً ، وفم مزموم على نيّة ما ، شريرة . وعلى كل حال ، لم يحظ الطفلُ بحظه من التعليم ، لولا إلحاحه على خاله ، بعدما يئسّ من إقناع أمه ، البائسة . كان الخال ، المدعو خير الله طلفاح ، عسكرياً هامشياً ، ودعياً معتداً بنفسه . وفي رعايته أخيراً ، عرف صدام بعض الهدوء والإطمئنان ، ومنه إستمدّ الكثير من الثقة بالنفس . وبالمقابل ، أسهم الخال إلى حدّ بعيد في تشويه نفسية ربيبه ؛ بما كان من ثقافته المحدودة ، وعشائريته المفرطة ، وأفكاره المدجنة بخليط من النزعات العروبية والإسلامية ، السنية . وفي الحق ، فإن بيئة المنطقة التكريتية برمتها ، كان مهيمناً عليها تلك الثقافة الموصوفة ؛ البيئة المتخلفة ، المغرقة بالتعصب المذهبيّ والقوميّ ، والتي محضت دوماً كراهيتها للأفكار التقدمية ، وخصوصاً الماركسية . كانت تكريت ، كما سلف القولُ ، بلدة بمستوى المنطقة إدارياً ، في ذلك الزمن . إلا أنها ، أيضاً ، ذات صفة تاريخية ، يُشار لها بالبنان ، حينما يدور الحديثُ عن صلاح الدين . ففي لحظة زمنية تنتمي للمصادفة لا للمكان بعينه ، شهدت تلك البلدة ولادة قاهر الفرنجة هذا ؛ حينما كان أبوه قد عزل للتوّ من منصبه فيها كقائد عسكريّ . إلا أنه ما كان محض مصادفة ، أبداً ، أن يتفق ميلادُ صدام حسين ، التكريتي ، ( 1937 ) ، مع مرور ثمانمائة عام تماماً على ميلاد " مواطنه " ، صلاح الدين : فثمة لعبٌ في التاريخ الأول ؛ تزويرٌ مطلوبٌ ، مادام كلّ رائد ، جديد ، للقومية العربية ، يجب أن يُشهر السيف المنتصر لمحرر القدس . وفي هذا المقام ، يؤكد طبيب صدام ، الخاص ، في شهادته المهمة : " فبخبرتي كجراح تجميل ، لازمته لأكثر من عشرين عاماً ، قمت فيها بفحصه وعلاجه مراراً وتكراراً ، تأكد لي أنه أكبر من ذلك التاريخ الذي يدعيه بعدة أعوام " . (*)
3 صورة اخرى ، لصدام ؛ فتىً بالكاد بلغ سن الحلم ، إلا أنّ بريق عينيه ، المنذر بالشرّ ، يتماهى هنا بلذعة من المكر والخبث ، واضحة . في بغداد منتصف الأربعينات ، إنه الآن يحيا في كنف خاله نفسه ؛ وفي آن ، يواصلُ هنا صعلكته وتسكعه . بكلمة اخرى ، يعيش حياة مشبوهة ، مع عدد من " سَرْسريّة " المدينة ، المعروفين زمنئذٍ كأفاقين ولصوص وسلابين ؛ حياة ، حاول الرئيس المقبل دائماً ، وبإصرار ، أن يطوي النسيانُ ذكرياتها ، حدّ أمره بسلب شهودها ، الآخرين ، حيواتهم . مرة في سنه الفتية تلك ، نجدُ يده الصغيرة ، المدربة على السرقة ، تتسلح للمرة الأولى ببندقية . لقد أمره خاله ذاك ، الأخرقُ ، بقتل معلم مدرسة ، كرديّ الأصل ، كونه شيوعياً ويجاهر بالعداء للقومية العظمى : صفتان في بوتقة واحدة ؛ ستصِمُ الكردَ ، إعتباطاً ، بالعداء للقومية العربية ، خصوصاً في أواخر عقد الخمسينات . وعلى كل حال ، فها هوَ صدام ، في تلك الواقعة الموسومة ، يستهل مواجهته المريرة مع الشعب الجبليّ ، العنيد ، الثائر على مدى تاريخ بلاد الرافدين ، الطويل . تاريخ ٌ ، ستعرف إحدى منعطفاته ، الفاصلة ، إنفراجاً في العلاقات بين المكونيْن الأساسييْن لتلك البلاد ، مع إعلان الجمهورية العراقية بعيدَ ثورة تموز 1958. ومثل جميع الثورات ، غرقتْ هذه أيضاً بالدم . إنقسمت البلادُ إلى فريقيْن متناحرَيْن ؛ إلى شيوعيين وعروبيين . وبطبيعة الحال ، عرف التكريتيّ الشاب موقعاً لقدميْه في المعسكر القوميّ ، عارضاً خدماته كمحترف إجرام على رفاق خاله ، البعثيين . وكانت محاولة إغتيال الزعيم قاسم ؛ عدوّ القوميين ، اللدود ، وربما بأمر سريّ من منافسه المصريّ ، عبد الناصر . إلى حمى هذا الأخير ، يفرّ صدام المشارك في تلك المحاولة ؛ وعبرَ سورية ، التي كانت وقتذاك في وحدة إندماجية مع مصر . الشخصية الناصرية ، بشعبيتها الغامرة بين المحيط والخليج ، وخصوصاً في أعقاب العدوان الثلاثي عام 1956 ؛ هذه الشخصية ، طيّرت أحلام الشاب التكريتيّ بعيداً ، إلى آفاق أسحقَ مراماً : ثلاثة عقود ، إثر إقامته القاهرية تلك ، والزعيم الجديد للقومية العربية ، صدام حسين ، يُعلن في بث مباشر على الأثير ، سحق ما أسماهُ " العدوان الثلاثيني على العراق " ؛ أو ما أضحى معروفاً منذئذٍ بـ " أمّ المعارك " !
4 الثورة تجرّ أختها . يسقط قاسم مرمياً بالرصاص ، دونما محاكمة ؛ حال الآلاف من أتباعه ومؤيديه ، وخصوصاً الشيوعيين الذين غرقوا في نجيع المجزرة الإنقلابية . هذا التقليدُ ، الإنتقاميّ ، سيضحي شريعة حكام العراق الجدد ، البعثيين ؛ هؤلاء المدعون الثورية والعداء للغرب ، فيما أنهم توصلوا إلى السلطة بمعونة المخابرات المركزية الأمريكية : كما ورد في تصريح ، شهير ، لعلي صالح السعدي ، أمين عام حزبهم آنذاك . ثمة غموض هنا ، فيما يتعلق بنشاطات صدام في تلك الآونة . بيدَ أنّ شهادات عديدة ، تؤكدُ أنه إشترك في المذبحة كعضو في قوات " الحرس القومي " ، سيئة الصيت ، والتي أوكل لها بشكل رئيس القضاء على الشيوعيين واليساريين . ومن تلك الفترة ربما ، وصلتنا أول صورة ، باسمة ، لصدام وهوَ برفقة عروسه ؛ ساجدة طلفاح ، إبنة الخال العتيد . إبتسامته هذه ، لن تستمر طويلاً . لم تمض بضعة أشهر إلا وصدام خلف القضبان ، إثر حملة على البعثيين الذين أزاحهم من طريقه حليفهم السابق ، عبد السلام عارف . يبقى إذاً محبوساً لفترة ، ثم يتمكن من الفرار إثر خديعة ، ماكرة ، حبكها لمرافقه الشرطي . " كنت أتمنى أن أظل في السجن أطول من ذلك ، فقد كان هناك في زنزانتي كثير من الكتب التي لم تقرأ بعد " ، يقول صدام حسين في زمن عتيه لطبيبه الخاص ، منوهاً بإيثاره للمطالعة . تبجحٌ ، مثير للسخرية ، من لدن عدوّ الكتب هذا ؛ ممن شرّد في أربعة جهات الأرض خيرة َ كتاب العراق وأدبائه ، فيما أبقى من تخلف في الوطن مفتقراً أو معتقلاً أو ميتاً . ما من ريبٍ أنّ صدامَ فيما بعد ، مع تسلمه مركزاً مرموقاً إثر عودة البعثيين للسلطة ، كان لديه متسعٌ من الوقت للقراءة ؛ وخصوصاً في سيَر الحكام وتواريخهم . لقد أفاد بعضٌ ممن رافقوه في تلك السنين ، أنه كان مهووساً بسيرة ستالين ، الديكتاتور السوفييتي . الحقّ ، أنّ صداماً على شبه لافت برفيقه الطاغية هذا ؛ لا بل ، ويبدو أنه كان يقلده في هيئته وهندامه وحركاته . والأهم ، في مكره وغدره ووحشيته : نستحضرُ هنا ، في مثال على النموذج الستالينيّ الموصوف ، تلك الصورة الشهيرة للطاغية التكريتيّ ، وهوَ في مستهل مجده ؛ ببذلته البيضاء الناصعة وسيكاره بيده ، منتصبٌ بزهو المنتصر خلف منصة المؤتمر الحزبيّ ، الطاريء . لقد دُفعَ بأحد الرفاق القياديين ، تحت التهديد بالتصفية الجسدية ، إلى " الإعتراف " بمؤامرة على السيّد الرئيس القائد ، ومن ثمّ راح يتلو أسماءَ قياديين آخرين ، الواحد إثر الآخر ، وبصفتهم متآمرين معه ، فيما الحراسُ يقومون بواجبهم داخل القاعة . هكذا أستهلّ حمامُ الدم ، الذي سيغطس فيه العراق منذئذٍ وإلى يومنا هذا .
5 " العائلة كانت تستطيع أن ترى متى كان الرئيس غاضباً حقاً ؛ فإنه حين يغضب كان شعر رأسه يقف مثل القنفذ " ، هكذا أسرّ برزان التكريتي لأحد معارفه . ربما أنّ الصورة الوحيدة ، التي تجسّد تماماً مشهدَ الغضب الموسوم ، حينما تمّ أسر صدام حسين في تلك الحفرة ، القذرة ، التي يفصلها عن أحد قصوره مجرى دجلة : لقد بدا الرجلُ لحظتئذٍ بلحيته الطويلة ، الشمطاء ، وشعره الأشعث ، المنتصب ، أشبَهَ شيءٍ فعلاً بـ " القنفذ " (!) . وكان الغضب القصيّ متجلياً بنظرته ، المتطاير منها الشرر . وما كانت المهزلة تلك ، لتكتمل أمام عدسة المصور ، الأمريكيّ ، إلا والطاغية ، المدحور ، قد أجلسَ على كرسي قصره الرئاسيّ ، الباذخ . دزينتان من الأعوام ، بين تلك الصورة السعيدة ، وهذه الأخيرة ، الذليلة ، وقعت خلالها أحداث جسام ؛ من حروبٍ متتالية ومجازر مروعة ومقابر جماعية . عندما أخذت له صورة المؤتمر ، عام 1979 ، كان في متناول صدام حسين رصيدٌ هائلٌ من إحتياطي العملات الصعبة ، المجتناة إثر تصاعد أسعار النفط ، المضطردة منذ حرب أكتوبر 1973 ؛ فراحَ يبذلُ بعضه في سبيل كسب رصيد آخر ، شعبيّ ، بوصفه ـ كذا ـ القائد الضرورة للأمة العربية . ثمة ثنائية هنا ، تحكمت بمسلك طاغيتنا هذا ؛ وهيَ الداخلُ والخارجُ . فهوَ في تعامله مع مكونات شعبه ، كان في منتهى القسوة وبما يتفق مع عنصريته وطائفيته ، المبغوضتيْن ، المتأصلتيْن في نفسيته المريضة . أما في متاجرته بقضايا الأمة ، فإنه الرجلُ الجواد الكريم الصنديد المحررُ ، الذي تتخاطف صورَهُ ملايينُ الأيدي المحبة ، الملهوفة ، في مختلف الدول العربية ؛ وخاصة في الأراضي الفلسطينية المحتلة والأردن . وعطفاً على هذه الثنائية ، الموصوفة ، نشيرُ إلى تلك الدوائر من الكراهية والريبة والتوجس ، التي أضحت تتوسع ـ كما في مشهد سقوط حجر على مستنقع راكد : لقد غدر صدام بكرد العراق ، أولاً ، ومباشرة بعيدَ توقيعه الشخصيّ لإتفاقية سلم معهم ، في آذار 1970 ، تتضمن إعترافاً بمطالبهم القومية . ليستبدلها بعد أعوام خمسة بتوقيع ، آخر ، على إتفاقية يتنازل بموجبها لشاه إيران عن حق العراق في السيادة على شط العرب ، مقابل كفّ الأخير دعمه للثورة الكردية الناشبة آنذاك . يسقط الشاهُ إثرئذٍ ، وتعلن الجمهورية الإسلامية . فيرهن صدام ـ وفق ثنائيته نفسها ـ مصيرَ الشريحة الكبرى من المجتمع العراقيّ بذلك الحدث : يلتفت هذه المرة إلى الشيعة العراقيين ، موسعاً إياهم تنكيلاً وبطشاً وجزراً ، بزعم مساندتهم للخميني ، وخاصة مع حلول موسم الحرب المفتوحة ضد إيران ، والمستمرة فصولها الدموية لثمان سنين : " أتوا بثيرانهم من الهند ، لأن العباسيين كانوا في حاجة لأيد عاملة . ولكن منذ ذلك الوقت لم يطوروا من أنفسهم . هم ليسوا مثل غيرهم من العراقيين ، فهم بلا أخلاق " ، هكذا يصف صدام شيعة بلاد الرافدين ، خلال حديث وديّ مع طبيبه الخاص ؛ الذي كان على المذهب نفسه (!) . وإذاً ، تتناهى دائرة الدم إلى أقرب المقربين ، حتى تغمر عائلة الطاغية ذاتها . إنّ تطيّره كان معروفاً ، وعلى كل لسان بين الخاصة والعامة . فمرأى قطة سوداء ، مشردة ، على طريق موكبه المهيب ، كان كافياً لتبلبله وتوجسه ؛ فيأمر سراعاً بتغيير وجهة الرحلة أو حتى العودة أدراجها . علاوة على حقيقة شكوكه القوية بمن حوله وعدم ثقته بكائن من كان ، مما إستوجب وجبات متلاحقة من التصفيات إعداماً وإغتيالاً وإعتقالاً وإبعاداً ، وغالباً ما يكون ذلك بناءً على أخسّ الوشايات الملفقة ؛ فحقّ الغضبُ على رفاق الطريق وأقارب العشيرة سواءً بسواء . ولكن إنتقام صدام ، الجهنميّ ، لم يطل مرة ً قط ، أسرته الصغيرة بولديْها وبناتها الثلاث ووالدتهم ، فضلاً عن إخوته غير الأشقاء : كان هؤلاء على موعد مع إنتقام الشعب ، الربانيّ ، العادل ، والذي طالَ إلى الأخير الطاغية نفسه ، بعدما رأى بأم عينيه مصرعَ أبنائه وتشرد زوجته وبناته ، وأسر أخوته والكثير من أقربائه .
(*) مقالتنا هذه ، إستفادت كثيراً من تفاصيل القصة المؤثرة ، التي رواها الدكتور علاء بشير ، عبرَ كتابه " كنتُ طبيباً لصدام : صورة عن قرب " ـ الطبعة العربية في القاهرة 2005
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشاهدات : جولة في دمشق العثمانيين 2 / 2
-
مشاهدات : جولة في دمشق العثمانيين 1 / 2
-
رحلاتٌ إلى مَوطن الجرمَان 1 / 3
-
الحارَة ؛ بابُها وبشرُها
-
مشاهدات : جولة في دمشق صلاح الدين 2 / 2
-
زبير يوسف ؛ في منحَتِ الحَديد والتحدّي 2 / 2
-
مشاهدات : جولة في دمشق صلاح الدين 1 / 2
-
زبير يوسف ؛ منشدُ الأزمان القديمة
-
إسمُ الوردَة : ثيمة الجريمة في رواية لباموك
-
أورهان باموك والإشكالية التركية
-
معسكراتُ الأبَد : شمالٌ يبشّر بالقيامَة 2 / 2
-
العثمانيون والأرمن : الجينوسايد المتجدد
-
غزوة نوبل ، العربية
-
معسكراتُ الأبَد : إلتباسُ التاريخ والفنتاسيا
-
مقامُ المواطَنة ، سورياً
-
الوحدة الوطنية ، المفقودة
-
حوارُ أديان أمْ حربٌ صليبيّة
-
نصرُ الله والعَصابُ المُزمن للفاشية الأصولية
-
سليم بركات ؛ الملامحُ الفنيّة لرواياته الأولى
-
خيرُ أمّةٍ وأشرارُها
المزيد.....
-
السيسي وولي عهد الأردن: ضرورة البدء الفوري بإعمار غزة دون ته
...
-
نداء عاجل لإنهاء الإخفاء القسري للشاعر عبد الرحمن يوسف والإف
...
-
-الضمانات الأمنية أولاً-..زيلينسكي يرفض اتفاق المعادن النادر
...
-
السلطات النمساوية: هجوم الطعن في فيلاخ دوافعه -إسلاموية-
-
نتنياهو: انهيار نظام الأسد جاء بعد إضعاف إسرائيل لمحور إيران
...
-
نتنياهو: ستفتح -أبواب الجحيم- في غزة وفق خطة مشتركة مع ترامب
...
-
كيلوغ المسكين.. نذير الفشل
-
تونس تستضيف الدورة 42 لمجلس وزراء الداخلية العرب (صور)
-
-مصيركم لن يكون مختلفا-.. رسالة نارية من الإماراتي خلف الحبت
...
-
مصر تعلن بدء إرسال 2000 طبيب إلى غزة
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|