أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - إشعال حرب… السبيل الأيسر للقضاء على ثورة شعبية














المزيد.....


إشعال حرب… السبيل الأيسر للقضاء على ثورة شعبية


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7726 - 2023 / 9 / 6 - 09:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



إنه لسيناريو معهود وقديم قِدَم الصراع الطبقي، يمكن تلخيصه على الوجه التالي: عندما ينشب احتجاج ثوري من شرائح اجتماعية دنيا على شريحة ميسورة قابضة على زمام الأمور، فإن السبيل الأيسر إلى القضاء على الاحتمال الثوري إنما هو إغراق الصراع الاجتماعي بين قاعدة الهرم الاجتماعي وقمته في صراع أفقي بين فئات طائفية، أو إثنية، أو قومية، أو أي انقسام فئوي لا يتطابق مع الانقسام الاجتماعي. هكذا على سبيل المثال، فإن أول ثورة شعبية شهدها الشرق الأوسط في العصر الحديث، انتفاضة الفلاحين على الإقطاعيين في جبل لبنان في عام 1858، التي دعت إلى تأسيس جمهورية، جرى القضاء عليها بتحوّلها من ثورة فلاحين موارنة على إقطاعيين ينتمون إلى الطائفة ذاتها، إلى صراع أهلي بين الفلاحين الموارنة والدروز، أغرق الثورة الشعبية في مستنقع النزاع الطائفي الذي سمح بعودة النظام الإقطاعي إلى مجراه وسيادة مشايخ كل طائفة على فلاحي طائفتهم.
وقد تكرّر السيناريو ذاته في لبنان في عام 1975 عندما جرى إغراق بوادر ثورة شعبية كانت قد أخذت تتراكم، جامعةً بين نضالات طلابية، ونضالات عمالية في ضواحي بيروت على الأخص، ونضالات فلاحية في جنوب البلاد وسواه من المناطق، وصولاً إلى هبّة صيادي السمك في صيدا، جرى إغراق هذه البوادر بإشعال حزب الكتائب لفتيل حرب أرادها حرباً طائفية على الفلسطينيين واستحالت حرباً طائفية معمّمة.
ولو اقتربنا من زمننا الحاضر، لرأينا كيف جرت محاولات إغراق الانتفاضات الشعبية التي عمّت المنطقة العربية منذ عام 2011 في معارك أفقية حيثما وُجدت فروقات طائفية، أو سواها من الفروقات في بعض أوجه الهوية.
وإنها لحالات معروفة، من سعي المملكة البحرينية المحموم إلى تصوير الانتفاضة الشعبية على أنها شيعية معادية لأهل السنة، إلى سعي نظامي القذافي وعلي عبدالله صالح وراء تحويل الثورة الشعبية في كل من ليبيا واليمن إلى نزاع قبائلي وإقليمي، ومن ثم طائفي في حالة اليمن، إلى مسعى نظام آل الأسد وراء إقناع الأقليات الطائفية والعرقية في سوريا بأنه يتولى حمايتها ضد تشنج عربي سنّي، وذلك من خلال تحويل الانتفاضة الشعبية إلى حرب سريعاً ما غلب عليها الطابع الطائفي، لاسيما وقد تعمّد النظام أن يطلق من سجونه في صيف عام 2011 «جهاديين» تولّوا مبكراً إغراق ما بدأ من قتال بين مؤسسة النظام العسكرية والجنود المنشقين عنها في قتال شنّه «الجهاديون» تحت رايات التزمّت والتعصب الدينيين.

أما في موجة الانتفاضات الثانية في عام 2019، فإن الساحتين العراقية واللبنانية كانتا الأكثر تأهيلاً لتطبيق السيناريو الموصوف، إذ إنهما، كما هو معلوم، ساحتان قائمتان على المحاصصة الطائفية في مؤسسات الحكم وتوزيع المغانم على حساب الشعب. فأسرعت القوى الطائفية، لاسيما الطاغية بينها، إلى إرهاب الحراك الاجتماعي في كل من البلدين، وإعادة إحياء الاصطفاف الأفقي الطائفي خنقاً لتوحّد الشعب ضد الجماعات المتسلطة على الحكم وعلى نظام الفساد والنهب.
وأخيراً، أفليس ما يجري الآن في السودان، حيث كانت الثورة الشعبية قد نجحت في إفشال الانقلاب الذي قام به العسكر على المؤسسات الانتقالية في خريف عام 2021 وفرضت عليهم البحث عن مخرج عن طريق المساومة، أفليس تعمدّ العسكر تفجير صراع مسلّح ضد قوة كانت ملحقة بهم السبيل الأيسر لإعادة عسكرة أوضاع البلاد وتحكمهم بمقاليد حكمها، حتى ولو تبيّن أن الصراع فاق توقعهم طولاً واتساعاً؟
في هذا السياق التاريخي الجلي، فإن ما يجري في الساحة السورية منذ عشرة أيام إنما يوحي بأنه منقول من السيناريو ذاته: إيقاظ داعش في هجمات طالت محافظة السويداء، وتسعير القتال بين «هيئة تحرير الشام» وقوات النظام مدعومة من روسيا في منطقة إدلب، كما بين القوات الموالية لتركيا والقوات الكردية في منبج، وإشعال الفتنة بين بعض القبائل العربية و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) الخاضعة للقوات الكردية في منطقة دير الزور.
هذا ما حذّرت منه إلهام أحمد، رئيسة اللجنة التنفيذية في «مجلس سوريا الديمقراطية» الجناح السياسي لقسد، في تغريدات أطلقتها يوم الجمعة الماضي جاء فيها، تعليقاً على أحداث دير الزور: «ثمة أدلّة تشير إلى أن هذا الاضطراب (أي الاشتباكات) تقف وراءه ميليشيات مدعومة من إيران ومعها النظام السوري، وهم يتوخون نزع الاستقرار في المنطقة بأسرها. أما الأجندة المزعومة وراء هذه الاشتباكات فهي أكثر إثارة للخشية بكثير. إن إيران ونظام آل الأسد يريدون تصوير هذا الاضطراب على أنه ناجم عن صراع إثني بين العرب والكُرد وإلهاء السوريين عن الحركات الاحتجاجية في جنوب سوريا».
فمهما كانت المآخذ على تكتيكات قسد وميلها إلى نسج العلاقات مع شتى الأطراف المتناقضة، من الأمريكان إلى الروس وإلى نظام آل الأسد، يبقى أن هذا الأخير طامح بلا شك إلى استعادة السيطرة على دير الزور ونفطها، وأن تفجير مختلف الجبهات في آن واحد في الأيام الأخيرة إنما يأتي في وقت مناسب له تماماً في سعيه وراء خنق الانتفاضة الجديدة التي انطلقت من الجنوب وأخذت تنتشر إلى سائر الأقاليم السورية.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نجلاء المنقوش كبش فداء
- ما زال الشعب (السوري) يريد إسقاط النظام
- رسالة مفتوحة إلى حمدين صباحي
- حارق المصحف لا يستحق سوى الازدراء
- عن الحرب الأهلية الباردة الدائرة في إسرائيل
- في إخفاق المشروع الفرعوني في مصر
- لماذا تخشى إسرائيل انهيار «السلطة الفلسطينية»؟
- القلق الغربي من انهيار الدولة الروسية
- بطولة جنين والخيانة العربية
- ميلوني وسعيّد بعد برلسكوني والقذّافي
- في الجدل حول مبعوث الأمم المتحدة في السودان
- اردوغان بطل الذين لا بطل لهم
- السوريون في تركيا بين نارين
- فظائع السودان والدرس التاريخي
- ماذا وراء الإغارة الأردنية داخل الأراضي السورية؟
- هنيئاً لهم بتصالحهم مع بشّار الأسد!
- حلمٌ سوداني
- المغزى من اقتتال العسكر في السودان
- تخبّط قيس سعيّد الاقتصادي وتبعاته
- الثورة السودانية أمام منعطف جديد


المزيد.....




- -معاد للإسلام-.. هكذا وصفت وزيرة داخلية ألمانيا المشتبه به ا ...
- -القسام-: مقاتلونا أجهزوا على 3 جنود إسرائيليين طعنا بالسكاك ...
- من -هيئة تحرير الشام- إلى وزارة الخارجية السورية.. ماذا تعرف ...
- جزيرة مايوت المنسيّة في مواجهة إعصار شيدو.. أكثر من 21 قتيلا ...
- فوائد صحية كبيرة للمشمش المجفف
- براتيسلافا تعزز إجراءاتها الأمنية بعد الهجوم الإرهابي في ماغ ...
- تغريدة إعلامية خليجية شهيرة عن -أفضل عمل قام به بشار الأسد ...
- إعلام غربي: أوروبا فقدت تحمسها لدعم أوكرانيا
- زعيم حزب هولندي متطرف يدعو لإنهاء سياسة الحدود المفتوحة بعد ...
- أسعد الشيباني.. المكلف بحقيبة وزارة الخارجية في الحكومة السو ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - إشعال حرب… السبيل الأيسر للقضاء على ثورة شعبية