ليث الجادر
الحوار المتمدن-العدد: 7722 - 2023 / 9 / 2 - 20:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اسميها (الحمله المثيليه ) ..او ليست هي حمله ؟! المخالف المعاند لهذا الوصف ولدوافع مغرضه ولاسباب متواريه هو وحده من لايقبل بهذا الوصف ..لكن اذ اسميها (حمله ) فانني احاول ان افصلها عن حالة (المثليه ) التي لا نعاديها وان اختلفنا معها ! بل لا يعاديها الا الشاذ وعيا وادراكا ..فالعداء شيء والخلاف والاختلاف شيء اخر ..ان من لايفهم الحاله هذه من كلا الطرفين ..المناصر للمثليه والمخالف لها ,انما يمثل كلاهما موقف اللاعقل واللاموضوعيه ويفضح لاسويته العدوانيه ..ولا اكتمها في نفسي واقول ان الجهه المناصره للمثليه التي تعادي الاخر المغاير انما هي لاتختلف في ماهيتة ادائها عن اي جهه اوكيان تعصبي متوحش ..والعكس من المؤكد صحيح ! ..سبق وان اشرت بضروره التفريق بين المثليه المتعارف عليها وبين المثليه التي تنطوي تحت جناح الحمله السياسيه وماكنتها الاعلاميه والتي تبدوا غامضة المنبع ! في هذه الحمله تحدث حالة خلط اوراق ولغط واضح تجمع فيها اشكال الحالات المثليه بشكل يتجاوز القياسات الدقيقه وفي نفس الوقت تبتز الوقائع الموضوعيه مخترقة كل القيم الجماليه الشاذه عن الطبيعه الانسانيه , كما تستغل الدلائل التاريخيه الداله على وجود المثليه المعقوله في خدمة الانموذج المثلي المسوق ..فالمثليه المعتاده والتي لها وثائق في بطون التاريخ لم تتخلى مطلقا عن قياسات الجماليه وهذه القياسات محكوما بشكل مطلق بالقيم العقليه الخاصه بالجنس ..وهي تكاد تكون محصوره في العلاقات (الذكوريه ) حيث يتقمص فيها الذي يلعب دور (o-) شكل او سلوكية الانثى ! هو لم يكن متقصدا لان يلتحي ولا ان يكون مفتول العضلات كما هو الحال في دعاية الحمله ..بل كان يميل الى التنعم ومحاكاة الانثى في الزي وفي الهيئه ..الناشطون في هذه الحمله يمسكون العصى من النصف ويحالون من ان يبتزوا التاريخ , فهم من بادر الى اللجؤء لسياق الادله التاريخيه ليثبتوا ان المثليه موجوده عبر مسيره تاريخ البشر لكنهم في ذات الوقت تجاوزوا المفردات الجوهريه لهذه الحاله ..كما ان استدلالهم ببضعة نماذج تاريخيه يشوبها الكثير من اللغط والجدل وامكانية التشكيك فيها ..مثل علاقة (نيانخ خنوم وخنوم حتب ) اللذين دفنا معا ورسمت جداريه في واجهة مقبرتهما تصورانهما في وضع الاحتضان الذي يتلامس فيه انفيهما وهذا التلامس كان يعني في مصر القديمه بالتقبيل , ولكن نفس القرائن التاريخيه تؤكد ان لكليهما زوجه واطفال , ما يعني انهما لما يكونا مثليين صرفين ..هذا اذا اقررنا بمثليتهم تبعا للنقش المرسوم عند قيريهما , لان اخرون معارضون يفسرون هذا الرسم بطريقه مغايره فيقول بعضهم بان الرسم انما يدلل على انهما تؤاميين – وهذا تفسير ضعيف جدا – واخرون يفسرونه بالحب الاخوي – وهو الاقرب الى المعقول – فالرسم ليست فيه اي اشارة لفعل حميمي اطلاقا واذا كان ملامسة الانفين يعتبر قبله فان هذا لاينسحب على القبله الشهوانيه ! وهكذا هو حال الجدل في قصة الملك بيبي الثاني ووزيره ..حيث يفسر اناصر الحمله المثيليه قضاء ببي ساعات ليله خلسة في بيت وزيره وما عبر عنها الشخص الذي رصده بعبارة (جلالته ذهب إلى منزل ساسينيت وفعل له ما أراده جلالته) بانها اشارة الى العلاقة الجنسيه ..بينما يفسر الطرف الاخر المعارض بان هذه البرديه انما مواراة لنصوص دينيه لاسطورة نزول الاله رع الى العالم السفلي اثناء الليل وبهذا فان بيبي يقوم بدوره الاله رع ...قد يكون هناك اسباب مقنعه نوع ما في تبني اصحاب الحمله المثليه لهاتين القصتين الموثقتين رغم وجود الثغرات في تاكيد ما يرمون الوصول اليه ..لكن ان يتخذوا من قصة اغتصاب (ست) لابن اخيه حورس ..فان هذا من غريب المنطق ..فالوثيقه والمدونه الفرعونيه لهذه الحادث توضح بما لا لبس فيه بان (ست ) فعل فعلته هذه انما بدافع الحقد والحسد والعدوانيه وانه نفذها بخديعه ومكر , بعد ان سقى حورس كمية كبيره من الخمر ! وان حورس بعد هذه الفعله تعرض لتوبيخ وغضب امه ومثل امام محكمه الحكماء ! فعن اي فعل طبيعي يتحدث هؤلاء اصحاب الحمله ؟! هل يريدون ان يقولوا بان المثليه التي يروجون لها تدعوا الى الاغتصاب ؟؟ ام يريدوا ان يقتطعوا لحظات ثمالة حورس من بين كل مشاهد الحدث ليسوقوها على انها الدليل القاطع بان الرغبه المثليه كامنه بشكل ما في الطبيعه الانسانيه ؟ لم اطلع رغم متابعتي لادبيات هذه الحمله على ما يدلل بان الناشطين فيها قد ذهبوا الى تعميق اطرواحتهم بالمستوى التنظيري المرموق الذي يفصل مفردات التساؤل الثاني الذي طرحناه توا في قصة اغتصاب حورس – في لحظات الاغتصاب المقتطعه هل تمثل لحظات افتضاح الكوامن الغريزيه المثليه في الطبيعه الانسانيه ؟- ساتطوع لان ابعد عن الحمله صفتها المؤيده لممارست ( است ) المغتصب , وساقول بان المثليه عبرت عن وجودها الطبيعي البشري في اللحظات التي غاب الشعور عن حورس واخذت كوامن اللاشعور مكانتها وامتلكت قدرات تحررها ..انا هنا اعرض الفرويديه كعقيده للمثليين ! او افترض بان اصحاب الحمله يقولون بهذا ..لكن احتمال قبولهم بهذا العرض مشكوك فيه لان الفرويديه وان لم تكن معاديه اومدينه للمثليه الا انها في نهاية المطاف وصفتها ب( عقدة اوديب المعكوسه ) و( عقده الكترا المعكوسه ) وجعلت من النرجسيه المفرطه مسبب اساسي لها ...فالقائمون بالدعايه المثليه يرفضون وبتعصب غريب اي نسب عقدوي او مرضي او خلل جيني ويصرون على ان المثليه طبيعه انسانيه , لابل يحدد بعضهم ب10% من مجموع البشريه !! واوكد هنا انهم يشيرون الى خليط من الممارسات والسلوكيات بينما نحن نحدد ونتناول كل ممارسه اوشكل سلوكي على حده ..ولهذا نجد الانتقائيه صفه ملازمه لمفردات دعايتهم ,,فمن الوثائق – وهي على عدد اصابع اليد – التي يستشهدون بها للتدليل على انه الممارسه المثليه كانت حالة طبيعيه ومقبوله في مصر القديمه هو ما جاء ذكره في سفر اللاويين (الاصحاح 18- 3 ) الذي ورد فيه ( مثل عمل ارض مصر التي سكنتم فيها لا تعملوا ومثل عمل ارض كنعان التي انا ات بكم اليها لا تعملوا وحسب فرائضهم لا تسلكوا )...في هذا السفر تم ذكر كل حالات الممارسه الجنسيه الممنوعه على بني اسرائيل ( زواج المحارم والاقرباء ...الخ ) وكان من ضمنها ممارسة الرجل للجنس من نفس نوعه ! وما ورد في (18-3 ) كان استهلال لما بعدها وهي ايضا فقره غير صريحه بينما في الفقره ( 18-27) من السفر جاء فيها ( لان جميع هذه الرجاسات قد عملها اهل الارض قبلكم فتنجست الارض )...اذن الممارسه المثليه كانت واحده من الممارسات التي منعها السفر , لكن اختيار او انتقاء ما ورد في ( 18-3) وهو انتقاء غير دقيق- لانه لايشير صراحه الى فعل ممارسه الجنس - اريد منه الايحاء بان ظاهرة المثليه كانت شائعه ومرضي عنها في المجتمع المصري القديم ! هذا علاوه على ان اختيار النص التوراتي هو بحد ذاته ليس له وزن علمي ولا حتى منطقي باعتباره اصلا نص صادر عن جهه دينيه معاديه للمصريين ! ولايقل شأن هذا الاستشهاد في لاموضوعيته من الاشاره الى ان (حام ) قد مارس الجنس مع ابيه ( نوح ) !! وان ممارسه الجنس المثلي كان شائعا في بشرية ما قبل الطوفان ...وعلى هذا المنوال يستشهد مناصروا الحمله المثليه بقصة الالهه اليوناني جشميد الذي افتتن بغلام فتحول الى نسر واختطفه !على ان هذه القصه من الممكن قرائتها ايضا بطريقه التحليل النفسي التي تستنتج في نهاية المطاف كيف ان الرغبه تتوارى خلف الاسطوره ..وهنا يمكن وبكل وضوح ادانة مشروع الحمله الذي يخلط خلطا قسريا بين اشكال الممارسه المثليه ..فجشميد – الاله – لم يولع برجل ذكوري ..بل انه تولع بغلام ..الغلمانيه تكاد تكون ومن جانب الطرفين – الذكوريين – اقرب بكثير من الجوانب الى الجنس الغيري السوي ..لكن الطامه الكبرى هنا ان المستشهدين بقصة هيام جشميد انما لاينتبهون ان جشميد كان مغتصبا اكثر مما هو في حالة حب متبادل ! ..مالذي يحدث فمن بضعة امثله تاريخيه معدوده ’ هناك حالات ثلاثه تؤكد بان الممارسه الجنسيه المثليه الموثقه انما كانت قد تمت بفعل الاغتصاب او عدم توافر شرط رضا الشريك وبوعيه ؟ فباستبعادنا قصة حام وممارسته الجنس مع ابيه نوح ! فان (است ) يظهر بوضوح جلي كفاعل مغتصب بمكر ل(حورس ) ..وان جشميد كان عاشقا مستبد ومغتصب ...لا استطيع ان اهمل هذه الملاحظه لان جزء كبير من المثليين يقولون بان مسيرتهم الجنسيه كانت قد بدأت اما بالاغتصاب او التحرش ! وهذا يصب في خانة التحليل الذي يوعز الممارسه المثليه الى خلل سلوكي اجتماعي ..منه ما هو مرده الى قصور في نيل القياسات الجماليه ومنه ما يرتبط بالعدوانيه وكلاهما يتشكلان كقيم اجتماعيه . فالغلمنه تجد ولظروف محدده قياسات الانوثه متوافره شكليا عند الغلام الامرد الوسيم ’ الناعم الضعيف ’ المطيع ..واحتقار وقمع المجتمع للمثلي (o-) يفتح الباب مشرعه لان تعبر العدوانيه عن نفسها بممارسه جنسيه ...ان انصار الحمله المثليه عليهم ان يعيدوا ترتيب مهامهم وان تكون بدايه هذه الاعاده هي الفصل بين سلوكيات ما هو مثلي الجنس الثابت الهويه الجسمانيه وبين ماهو متحول جنسيا وبين الغرائبيه من كلا الحالتين ..والا فانهم يؤكدون بشكل لالبس فيه بانهم اصحاب مشروع سياسي مغرض وانهم صدى صوت البربريه التي تلقي بظلامها على تخوم البشريه جمعاء ..لتكون عنوانا مروجا لتشت الاسري والتلاحم الاجتماعي ومروجا خطيرا للانويه والسلوك التوحدي ومداعة شاذه لتحلل القيم العقليه الاساسيه وجوهر مفاهيمها ..حيث لاصح ولا خطأ ولا خير ولا شر , بينما المنطق السوي يقول ان الخير والشر والصح والخطأ انما تتغيير اشكال التعابير عنها فقط ..ان المفصل المحوري في نعت اصحاب الحمله المثليه بكونهم انموذج بريري , انما هو مرتبط ارتباطا نهائيا بتسيس قضيتهم وممارسة السطوه في فرضها على المجتمعات الانسانيه , اما اشكال الممارسه المثليه التي يساندونها في حدود تواجدها والتي تترتبط وحسب راينا بالضروف الخاصه التي تحوزها تلك المجتمعات بما وصلت اليه من قدره انتاجيه واقتصاديه خاصه , فان نقدنا لها لايمكن الا ان يكون ضمن حدود قراءة الواقع الخاص ولايصل في كل حال من الاحوال الى نعتها بالبربريه او التوحش او الشذوذ ..المعضله كلها تكمن في فرض مفاهيم جديده ومشوه على مجتمعات بعد لم تتوافر فيها حتى امكانيات التجديد ..هذه هي البريريه التي نعنيها ..والا بماذا يمكن ان نصف حالة معاقبة دوله افريقيه او الايحاء بمعاقبتها لان برلمانها كان قد اقر قانونا يمنع الممارسه المثليه ؟ اليست هذه سطوه تفتقر الى ابسط تبرير ,السيد بايدن يسارع بحماسه ويندد بالقانون المناهض للمثليه الذي اتخذته اوغندا ..ونظام اوغندا ذات طابع دكتاتوري وان كان له برلمان ..السيد بايدن لم تثار حفيظته من هذا النظام فقط بل انه لمن الواضح جدا ان للولايات المتحده علاقات طيبه مع هذا النظام , كشف عن هذا تصريح بايدن نفسه الذي كان بصدد التنديد حينما اوضح بانه
(طلب من مجلس الأمن القومي الأمريكي أن يجري تقييما لتداعيات القانون على "كل أوجه الالتزام الأمريكي تجاه أوغندا"، بما في ذلك خدمات الإغاثة، وغيرها من المساعدات والاستثمارات.)...وانهى تصريحه هذا ان ادارته تدرس فرض عقوبات على اوغندا ...لسنا مع الصيغه التي جاء بها القانون الاوغندي فهو قانون صارم يمتهن المثليه ويجرمها مع ان احدى مواده انما تسعى لحماية القاصرين , مع وجوب التاكيد بان اوغندا وبعد عشرات السنين وبشهاده المنظمات العالميه استطاعت مؤخرا من ان تحاصر مرض نقص المناعه ( الايدز ) الذي كان يهدد امنها الصحي ! وهذا ما اكد عليه المسؤوليين في النظام الاوغندي في مجرى تبريرهم لصدور هذا القانون ..سطوة بايدن لم تكن معنيه بهذه الامور ..لم يبدي اية نصيحه او حلا بديلا ..بل اكتفى بالتهديد والوعيد ليوصل رساله مفادها ان المثليه وممارساتها يجب ان يبصم لها على صك حريه مفتوح ! ضمير بايدن وهو واجهه ليس الا لجهه غامضه ,,لا يتذكر حقوق الانسان حينما تنتهك في فلسطين والعراق وافغانستان...الخ لكنه يستشاط غضبا حينما تنتهك حقوق المثليين فيذهب لان يعاقب شعب باكمله ويمنع عنه المساعدات من اجل فئه منه ..اظن ان الحمله الصليبيه لم تكن ترتكز على مثل هذا المنطق الاخرق بازدواجيته ...
#ليث_الجادر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟