سعيد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 1729 - 2006 / 11 / 9 - 11:35
المحور:
القضية الفلسطينية
((مابين السطور))
هذه مقالة اعتبرها من ثوابت مقالاتي وقد نشرتها منذ عام ونصف تقريبا لتكون شاهدا على المتغير والثابت عربيا وصهيونيا, وقد قطعت على نفسي عهدا أن انشرها بشكل دوري ربع سنوي, لكي تجيب بالممارسة العملية, إن كان قد طرأ تغير على الفكر الصهيوني منذ مئة عام إلى يومنا هذا تجاه ما يسمى المسيرة السلمية, وفي المحصلة اجزم أن صراعنا مع الصهاينة هو صراع وجود لا صراع حدود, ويبارك هذه الفكرة آباء الصهاينة الجدد والقدامى, من هر تسل والمصائد الجماعية, مرورا بجولدامئير والفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت, وصولا إلى اولمرت وتكريس نهج المجزرة, ويبارك ذلك اصغر متطرف(معتدل)صهيوني_ايجال عامير_ حين قتل بدم بارد الصهيوني الحذق رابين, واستشهد بمقالة المحلل الصهيوني الشهير(زئيف شيف) حين كتب مؤخرا خطر السلام على الأجيال الصهيونية القادمة, صدق هؤلاء الصهاينة, ونحن نضحك على أنفسنا, فأي سلام في ظل المجزرة التي لم تتوقف منذ مئة عام, وأي ثوابت طالما هي نفسها الثوابت الصهيونية بالمطلق.
* فهل تغيرت الثقافة الدموية الصهيونية؟
*وهل اختلفت رغم اختلاف الشخوص والشعارات؟
*هل استوعب العرب ثبات الوهم السلمي أم يصرون على انتزاع السلام؟!!!
*فأي سلام وأي استراتيجية؟
فالحقوق مع ثوابت أيدلوجيتهم لا تنتزع إلا بالقوة
والسلام لن يحل طالما هو مطلب طرف واحد
واليكم مقالتي فلم يتغير بمعطياتها سوى مزيدا من الوحشية والدموية ومسلسل المجزرة واستهداف المستقبل بقتل النساء والأطفال,وتطوير الهجوم في ظل العولمة الصهيونية ومؤامرة الخصخصة والسيطرة على مقدرات الشعوب ومرافقهم الاقتصادية الحيوية,والاعلامية التعبوية, لترجمة أصول الصراع الوجودي, وتنفيذ وصايا آباء الصهيونية الأوائل, ونحن نبيع رخيصا أمجادنا وتاريخنا المشرق ونستبدله بسلاح الوهم والتوسل للحفاظ على العروش العفنة.
((استميح القراء عذرا عن طول المقالة بحجم عنوان المأساة))
**وهم التسوية السلمية في ظل الثوابت الصهيونية**
منذ أن تم اختزال القومية العربية ببعدها الجيو استراتيجي الممتد من المحيط إلى الخليج وتقزيمها إلى قومية إقليمية قُطرية تنحصر داخل حدود الدولة وخضوعها لمعيار المصالح الخاصة الضيقة وقد كان هذا إفرازا طبيعيا تحكمه محددات داخلية تمثلت بالخلافات العربية-العربية ومحددات ومؤثرات إقليمية ودولية تولت إدارة دفتها الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها إسرائيل لتسعير وتأجيج تلك الخلافات وإيصالها إلى درجة الصراع العربي-العربي وقد بلغت حدة تلك الخلافات ذروتها ببداية توقيع معاهدة السلام المصرية-الإسرائيلية عام 1979 وحتى بلوغ الشعرة التي قسمت ظهر البعير إن جاز التعبير بغزو العراق للكويت عام 1990 حيث تدرجت تلك الخلافات من القطيعة إلى الاقتتال فقد ترتب على تلك التواريخ السوداء انفراط أخر ما تبقى من العقد العربي بمفهومة الوحدوي لدرجة إن الصراع العربي-الإسرائيلي أصابه من الفتور ما سبب حصره في صراع فلسطيني-إسرائيلي بل أكثر من ذلك أضحى الصراع عربيا-عربيا كتناقض رئيسي مما أدى إلى فتور بل طعنة لأيدلوجية وشرعية ذلك الصراع العربي-الإسرائيلي.
وقد أقدم العرب على غرار ذلك التحول بالهرولة تجاه سلام مزعوم كخيار استراتيجي لابد يل له لتسوية الصراع ولكن السؤال الذي يطرح نفسه:هل اعتمد هذا الخيار من منطلق فلسفة الأقوياء؟ أم من منطلق أن الخصم في معادلة الصراع له نفس الإيمان بهذا التوجه الاستراتيجي؟!!وماهو مفهوم التسوية والسلام في العقلية الصهيونية؟
وبما لا يخفى على احد إن ذلك الخيار اتخذ من طرف واحد كنتيجة حتمية لتراكم الخلافات العربية-العربية وكذلك لطلب ود السيد الأمريكي من خلال البوابة الإسرائيلية تلك الخلافات العربية التي باتت تستعص على الحل لأنها أصبحت خلافات مزمنة يتم تسكينها أحيانا ولا يتم علاجها.
ومن جهة أخرى هل يؤمن الطرف الإسرائيلي بضرورة التسوية السلمية وتجنيب الأجيال القادمة ويلات الحروب وإراقة الدماء؟؟!!!
وللإجابة على تلك الرزمة من الأسئلة لا يسعني إلا أن استنطق أدبيات التاريخ قديمة وحديثه لنترك لذوي الألباب وصناع القرار قراءة مستقبل الهرولة خلف التسويات السلمية على خلفية ثوابت الفكر الصهيوني فهل اهتزت تلك الثوابت وتراجعت قيد أنملة على مدى خمسة وخمسون عاما من الصراع الميداني على ارض فلسطين أو على مدى قرن من الزمان في صراعنا مع الصهيونية؟؟؟
لقد اعتمدت فلسفة فكرية وعملية لتلك الصهيونية البغيضة وان اختلفت وتنوعت وسائلها وشعاراتها الخبيثة وتبنت إستراتيجية العنصرية ومبدأ القوة والرعب والقتل الجماعي والتهجير كطريق وحيدة لابد يل لها في تحقيق حلم الوطن القومي الكبير بل لم تتغير تلك الفلسفة كخيار لحسم الصراع وفرض املاءات التسوية ولنا أن نستمع إلى رؤية آباء وأسلاف الصهيونية في ذلك:لقد أوضح أبو الصهيونية تيودور هر تسل أسس بناء الدولة وسبل احتلال الأرض واستعباد الإنسان وصولا إلى فرض الأمر الواقع فقد قال هر تسل((إن الإنسان مهما بلغ من قوة وثراء غير قادر وحده على اقتلاع شعب من أرضة ))فما هو الحل إذ والخيار الاستراتيجي لدى هر تسل يجيب بكلمات لا تحمل اللبس((لنفترض أننا نريد أن نطهر بلدا من الوحوش الضارية طبعا لن نحمل القوس والرمح ونذهب فرادى في اثر الدببة كما كان الأسلوب في القرن الخامس عشر في أوروبا بل سننظم حملة صيد جماعية ومجهزة لنطرد الحيوانات وسوف نرمي وسطهم قنابل شديدة الانفجار)).
فهل كانت تلك الإستراتيجية مجرد نظرية قبل قيام الدولة العبرية؟وهل تبدلت خلال المراحل المتواترة على زعماء الصهيونية وأيدلوجيتهم إلى وقتنا هذا؟؟
*ماذا يضيف ويقول جابو تنسكي زعيم الجناح اليميني المتطرف في المنظمة الصهيونية العالمية؟يقول)نستطيع أن نلغي كل شيء القبعات والأحزمة والألوان والإفراط في الشرب والأغاني, أما السيف فلا يمكن إلغائه فعليكم أن تحتفظوا بالسيف لان القتال بالسيف ليس ابتكارا ألمانيا بل انه ملك لأجدادنا الأوائل إن التوراة والسيف انزلا علينا من السماء)).
هذا ما ثبت عليه أسلاف الصهيونية فهل ألقى أحفادها السيف وتخلوا عن ثقافة القتل والتطهير العرقي؟ هل اتجهوا لخيار السلام؟ لنرى بشهادة التاريخ والأحداث!!!
فمنذ اغتصاب فلسطين في العام 1948 لم تتردد العصابات الصهيونية في تخطيط وتنفيذ أبشع المجازر الجماعية تنفيذا للموروث الصهيوني الثابت على فلسفة القتل والمجازر كطريق وحيد لبلوغ الهدف.
ولكي يمكن رصد التغير أو الثبات تعمدت أن اقفز على العديد من مواقع الصراع مابين تيودور هر تسل وشمعون بيريز لان هذا الأخير ليس بيميني ويبدوا للواهمين انه يمثل التيار اليساري المعتدل لا اليمين المتطرف.!!
إذن لنرى الوجه الأخر المشرق للصهيونية كيسار ولسنا بصدد التركيز على المجازر التي ارتكبها الكيان الصهيوني على يد الداعية الصهيوني شيمون بيرز بقدر ما نريد التركيز على ثبات الفكر الصهيوني كخيار وحيد لصنع السلام.
وهنا تعمدت أن انقل النص الحرفي لنظرية الصهيونية كما جاءت على السنة واضعي خارطة الطريق القديمة باتجاه احتلال فلسطين وترويع أهلها كجزء من الخارطة الشاملة لاحتلال باقي أجزاء الوطن العربي تحقيقا لحلم أصبح نصفه حقيقة وهو دولة إسرائيل الكبرى من النهر إلى النهر وان تراجعت إسرائيل عن الاحتلال المباشر في ظل المتغيرات الدولية فان هذا التراجع تكتيكي وليس استراتيجي وتستعيض عنه بالامتداد والسيطرة السياسية والاقتصادية والنتيجة واحدة في خدمة الهدف الاستراتيجي مع تغيير الأدوات.
أعود إلى الاستحضار النصي للخارطة الصهيونية ليكون شاهدا عمليا لمن فقد الرشد والبصيرة وكذلك للمقارنة بين حقيقة النظرية الصهيونية وتطبيقاتها مابين ماضي قوانين الغاب وحاضر العالم الحر المتحضر وهذا قد يفيدنا بقراءة المستقبل الذي بات مقروء للعوام.
وقد اخترت احد المحطات في الفكر الصهيوني اليساري الليبرالي المعتدل المعتمد على نفس فلسفة الفكر الصهيوني اليميني المتطرف كأساس لعملية التسوية وصولا للسلام المنشود.
*فبالأمس القريب وفي عام 1988 عقد في مدينة القدس لقاء فكري هام وقد كان موضوع الحوار هو/ كيف يفتح لنا العرب بلادهم؟!!!! حضر ذلك اللقاء كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق (اسحق رابين) ووزير خارجيته شيمون بيريز ولفيف من الصهاينة المعتدلين هؤلاء ممن يطلق عليهم الحمائم ورسل السلام.لنرى ما إذا ثبتوا على عهد هر تسل كنهج وطريق استراتيجي لحسم الصراع أم حملوا فكر يتوافق مع العالم المتحضر الذي اعتمد شعار السلام كطريق امن تكفل للأجيال مستقبلا زاهرا وتجنب العالم ويلات الحروب !!!
فقد قال بيريز في ذلك اللقاء الهام: لابد أن تشاركوني الرأي بان الفلسطينيون لم يصبحوا أعداء فحسب بل هم كابوس جاثم على أحلامنا لابد لنا التخلص منه وقد أكمل حديثة قائلا:إن الحرب ضدهم لم تعد تجدي فنحن نحارب السراب وعلى الحاضرين التفكير في كيفية التخلص من قادة الفلسطينيين المنتشرين في كافة أرجاء المعمورة والتخلص من عناصرهم الأساسية الفاعلة.وأضاف بيريز إن أعدائنا الفلسطينيون ليسوا هم أولئك الذين بجوارنا فقط إن أعداءنا الحقيقيين في كل أنحاء العالم فليس هناك دولة لا يوجد بها فلسطينيون. وبلغة خاطفة بادر بيريز بالقول:هم العرب يطلبون منا الاعتراف بالفلسطينيين ككيان فلماذا لا نعترف بهم وندعوهم للعيش معنا ففي هذه الحالة سيكون أعداءنا أمام أعيننا ويمكن التخلص منهم يوم أن نقرر ذلك بطائرة اسرائلية واحدة لتنتهي في لحظة آلامنا.
ومن منطلق هذه الخطة التي شكلت خارطة واضحة معتمدة للتنفيذ وجدنا الإسرائيليون يهرولون تجاه السلام كشعار تكتيكي وليس كخيار استراتيجي وتوجهوا إلى مدريد وصولا إلى أوسلو المصيدة وقد تبين فيما بعد كما من قبل أن الثوابت الصهيونية هي النهج والمنهج والقسم الذي لايحيد عنة إلا خائن.
وأردف بيريز قائلا/ إننا لابد أن نثبت للعالم كله إن الفلسطينيون هم الإرهابيون!!! وأنهم رفضوا العيش معنا وهذا يستوجب إعطائهم بعض الأراضي التي ليست ذات قيمة إستراتيجية بالنسبة للكيان الاسرائيلي؟
فأي تسوية وأي سلام الذي نعتمده كعرب ومسلمين أصحاب الحق الشرعي كخيار استراتيجـــي لابديل له ويعتمده الصهاينة الغزاة كوسيلة خداع للعالم رغم جرائمهم ومجازرهم التي تتزامن بموازاة دعوا تهم الكاذبة أمام أعين قادة وشعوب هذا العالم الحر المتحضر!!!!
وإذا كان لي بسؤال هل كان ما طرحة بيريز فكرا صهيونيا ثابتا قابل للتنفيذ أم شعارات فقط لا يقدم على تنفيذها صهيوني يساري!!! للأسف كل كلمة تحدثها هذا المجرم وكل الصهاينة الذين على شاكلته من حمائم الموت نفذت بحذافيرها ومازالت تنفذ حتى هذه اللحظة بتجميع أعدائهم من الفلسطينيين تحت أعينهم وتنفيذ المجزرة تلو المجزرة والادعاء بالتعايش السلمي لدرجة وصف المجرم التاريخي شارون برجل السلام بل لقد أطلقوا على الفلسطينيون مصطلح الإرهاب لدرجة أن بعض إخوة الدم ورواد السلام لم يترددوا من وصف العمليات الاستشهادية البطولية بالعمليات الإرهابية لأنها تسقط خيارهم الاستراتيجي الانهزامي وحتى إن خطة الطريق التي خطها بيريز نفذت بحذافيرها واستخدمت الطائرات الدموية لتصفية القادة الفلسطينيين والنا شطين الأبطال كطريق لاغتيال روح المقاومة وإحباط همم الثوار والمجاهدين عبثا يفعلوا أن ينثني المؤمنين بعدالة قضيتهم عن ثوابت الحق المقدسة.
بل حدث ماهو أدهى وأمر من ذلك كما جاء في خارطة بيريز بأنهم بدؤوا تحقيق هدف المؤتمر حيث فتحت كثيرا من البلدان العربية الأبواب على مصراعيها لمجرد رفع الشعار الكاذب فأي تسوية وأي سلام وأي خيار في ظل الثوابت الصهيونية القائمة على فلسفة القوة وثقافة المجزرة وصولا إلى السلام.
اعتبروا يا أولي الألباب قد قالتها المجرمة جولدامئير منذ الأزل كخيار صهيوني استراتيجي الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت.
خيارنا المقاومة وإستراتيجيتنا القوة التي لا يؤمن عدوكم بغيرها ثورتكم وجهادكم هي ضمانة فولاذية لوقف زحف الهرولة من دول الخليج إلى دول المغرب إلى العالم الإسلامي وإعادة من فقد رشده إلى التعرف للثوابت الصهيونية كلهم مستهدفون.
المجد للأكرمين الشهداء والحرية للبواسل الأسرى والسلامة للجرحى لا تنزلوا عن الجبل لا ترفعوا يدكم عن الزناد ضمانتنا التي يراهن عليها عدونا وحدتنا الوطنية.
فهل تحول الصهاينة من ثقافة المجزرة الى ثقافة السلام؟
وهل ثبت العرب على ثقافة المجد والكرامة بعيدا عن الاستسلام والانهزام؟
#سعيد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟