أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - اللغة ودورها في خدمة الفكرة في مجموعة -على شرفة حيفا- حسن عبادي















المزيد.....

اللغة ودورها في خدمة الفكرة في مجموعة -على شرفة حيفا- حسن عبادي


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 7722 - 2023 / 9 / 2 - 01:13
المحور: الادب والفن
    


اللغة ودورها في خدمة الفكرة في مجموعة
"على شرفة حيفا"
حسن عبادي
قبل الحديث عن المجموعة أحب التوقف قليلا عند التجنيس الأدبي، ومقولة: "إن أي أدب خارج الرواية فهو ضعيف، ولا يلبي طموح القارئ" في "مجموعة على شرفة حيفا" نجد نقد لهذه المقولة، حيث نلاقي أدبا راقيا، جاذبا للمتلقي، صيغ بلغة سهلة، بسيطة، حتى أنها أحيانا تُقدم باللهجة المحكية، وهذا ما نجده في حوار الشخصيات وفي عناوين المجموعة، وهنا نستذكر أسلوب القاص "منجد صالح" الذي أعتقد بأنه من أفضل من أستخدم اللهجة المحكية قصصيا.
المكان
المجموعة مكونة من ثمان وثلاثين قصية، وبعدد مائة وثمان صفحة حجم متوسط، منها ما جاء بصفحة واحدة، وأطولها بخمس صفحات، وقد تخللها مجموعة من صور تخدم مواضيع القصص، هذه صورة عامة عن "على شرفة حيفا" لكن هناك بعض التفاصيل لا بد من التوقف عندها، فالقاص من خلال العنوان "على شرفة حيفا" يريدنا أن ننظر إلى المكان بتأمل، ونتقدم منه، فهو ليس مكان مجرد بل مكان اجتماعي، من هنا تم تقديمه بطريقتين، الأول أقرانه بأسماء الشخصيات "خضر الجليلي، أم فراس الترشيحانية، عائد الميعاري، يونس العسقلاني، الطمبورية، الجزماوية، هارون الصفدي" وبطرقة مباشرة: "كان حسين مزارعا ميسور الحال في قرية الدامون" ص38، "وخربة رأس الزيتون، وخربة الجميجمة تشتت أهلها في القرى والبلدات المجاورة استقر قسم كبير منهم في قرى ومدن كابول، سخنين، شعب، عرابة، طمرة، المكر، شفا عمر، حيفا والناصرة، ونزح القسم الأكبر إلى لبنان وسورية" ص60، وبهذا التقديم يؤكد القاص أهمية المكان بالنسبة للفلسطيني، ولا أدل على ذلك من طريقة تقديمه التي أقرنت أسماء الشخصيات بالمكان وقدمته كجزء أساسي من أحداث القصص، وما إسهابه في الحديث عن القرى المهجرة وتلك التي وصل إليها المهاجرين إلا نتيجة مخزونه المعرفي في اللاوعي.
اللغة
تكمن أهمية اللغة في أنها (القالب/الوعاء) الذي يقدم به العمل الأدبي، فإن كان جميلا ومستصاغا من القارئ فإنه سيتقدم مستمعا بهذا العمل، وبهذا يكون الأديب/الكاتب قد حصل على علامة نجاح بما قدمه، اللافت في المجموعة أنها تستخدم اللهجة المحكية في غالبية القصص، وهذا جعلها قريبة من القارئ الذي يشعر وكأن من يحدثه هو شخص يماثله بالثقافة وباللغة، لهذا يتحدث معه بلغة (عادية/شعبية) ودون تكلف، فاللغة المحكية تزيل الفارق/الهوة بين فكرة الطالب والمعلم، الرسمي والشعبي، ما هنا سيستمع/سيقرأ القصص بروح الأخوة والزمالة، وليس وهو متشنج أمام مسؤول أو مدير.
اللغة المحكية نجدها في عناوين غالبية القصص: "ربيان عالبز الرفيع، عبد تلتليم، علينا يا مندلينا، مش كل واحد لف الصواني صار حلواني، من دار مين العروس، جوز الست، الله لا يهديكم، بدي أقدر عصايتي، بين دخيل وأصيل، خليت السيارة دايرة، ريحة الجوز ولا عدمه، كلها طبخة عكوب، مش إنت حيدر؟ مش رايحة أوصيكم، من طينة بلادك حط على الخدودك، هاي علي، هذي الأرض إلها صحاب، هواة الغشيم بتقتل، سبرنا ببلانا، إيدو وأصلة، ريحة الحبايب، والله هاي أحسنكم من حجة، بلي تعلمتيهن، وصل ولا بعده" وإذا علمنا أهمية العنوان ودوره في إعطاء صورة عن طبيعة القصة ومحتواها، نصل إلى نتيجة: أن القاص كان شعبيا في قصصه وفي شخصياتها وأحداثها وطريقة تقديمها.
إذا كان العنوان قدم بلغة محكية فما حال المتن؟ نستطيع القول إن غالبية شخصيات القصص تحدثت بلغة محكية إن كانت نساء أم رجال، جاء في فاتحة قصة "ردني إلى بلادي": "جلس مع جعته مساء على شرفة بيته المطل على خليج حيفا وبحرها في ليلة مقمرة، يستمع لفيروز وأغنية "ردني إلى بلادي" وأبحر مع النجوم سارحا بذهنه بعيدا ففاجأته زوجته قائلة: ما لك شارد على غير عاتدك؟
غب جرعة من جعته وقال: سمعت اليوم حكاية تشابه الكذب، من حكايات ألف ليلة وليلة، لها أول وما لها آخر" 46و47، في هذا المقطع نجد مكونات كل ما هو فلسطيني، المكان، الشخصيات التي تتحدث بلهجة فلسطينية، الثقافة العربية الفلسطينية، طبيعة الأسرة المتماسكة التي تلاحظ أي تغيير يحدث أو يظهر على الوجوه أو في السلوك، وهذا ما يجعل القصة بكل مكوناتها الأدبية ومضامينها الفكرية قريبة من القارئ الذي يجد أن من يرويها شخص قريب منه، يماثله وينسجم معه حتى في طريقة كلامه.
وهناك التكامل بين العنوان المحكي وبين متن القصة، فالعنوان لم يوضع كواجهة جوفاء، بل هو جزء من القصة ومكون أساسي فيها، جاء في قصة "هواة الغشيم بتقتل": "عشية دخوله السجن لقضاء محكوميته أقام حفل وداع دعى إليه محاميه وبضعة أصدقاء مقربين، وفي تلك القعدة سأله حسين للمرة الأولى: "هل فعلا قصدت أن تصيبه بذلك الحجر اللعين؟" فأجابه بعفوية تامة: "لا والله هواة الغشيم بتقتل" ص86، نلاحظ أن العنوان والخاتمة جاءا بعين الفقرة، وهذا يخدم فكرة الوحدة الجامعة بين العنوان وبين متن القصة،
ولم تقتصر اللغة المحكية على الشخصيات فحسب بل طالت أيضا القاص نفسه، جاء في قصة "صبار في اللجون": "استغرب الأمر وحين التقته بادرته بالصراخ "دون شور أو دستور" وين "الجودايفا" شو صار فيها؟" لم يفهم ما تعنيه! بعد أن استوضح الأمر تبين له أنها نسيت علية شوكولاتة على الكرسي الخلفي في سيارته" ص55، من خلال هذا التداخل بين لغة القاص ولغة الشخصيات أكد القاص أنه جزء من القصص التي يروها، وأن الشخصيات التي جاءت في قصصه، فيها ما هو حقيقي/واقعي، وإلا ما (انزلق) إلى الحديث بلغة شخصيات القصص والتماثل معها.
ومثل هذا التداخل نجده أيضا في قصة "البقرة الحلوب": "توجهت رماح لعلاج نفسي، وبنصيحة مطببها قامت بعملية تكبير الشفايف بالفيلر والبوتكس، واضطرت لاستعمال أحمر الشفاه ليل نهار لمحو آثار العمليات، وبعد مسخها وسماع الاطراءات عالطالع والنازل، شاشت براسها وطلقت زوجها لتعيش حياتها، حسب قولها، تركت البيت وسافرت لبلاد الغربة لتعود حاملة شهادة "مالهاش أبو ولا أم"" ص93و94، التداخل هنا أوضح وأكبر من سابقه، وهذا يعود إلى طبيعية الشخصية التي يتحدث عنها القاص، فمن خلال اللغة المحكية أشار إلى وضيعة "رماح" وسفاهتها، فلم يرد أن يتحدث عن شخصية وضيعة وتافهة بلغة راقية/ محترمه، وبهذا تكون اللغة المستخدمة إحدى الوسائل لإيصال فكرة القصة، من هنا نقول: إننا أمام لغة قص جديدة، استطاعت أن تمتع القارئ وتقربه إلى المجموعة، وتحمل فكرة ما يُراد طرحه من أفكار ومضامين، وتعرفه بطبيعة الشخصيات المُقدمة.
القاص والكاتب
هناك علاقة بين القاص والكاتب والشخصيات التي قدمها في مجموعة "على شرفة حيفا" فنجد اسم "حسين" تم استخدمه في العديد من القصص حيث تجاوز ذكره عشرة مرات، وهذا الاسم قريب من اسم الكاتب/القاص "حسن" ونجد حضور المحامي في اكثر من قصة، وإذا علمنا أن شخصية "حسين" قدمت بصورة عادية وسوية، هذا إذا لم تقدم بصورة بطل القصة، على النقيض من شخصية "ميمي" التي جاءت بصورة سلبية وتكرر اسمها في أكثر من قصة، فهذا يقودنا إلى وجود علاقة بين الواقع الحقيقي وبين الأحدث والشخصيات القصصية التي قدمت بصورة أدبية.
المجموعة من منشورات الرعاة للدراسات والنشر، رام الله، فلسطين، جسور للنشر والتوزيع، عمان الأردن، الطبعة الأولى 2023.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصائد مختارة للشاعر الروسي يسينين
- مناقشة رواية المرافعة لحسام الديك
- مجموعة -القطا لا ينام- غريب عسقلاني
- الأنثى وأثرها على الكاتب في -لقاء الياسمين بين الآهات والحني ...
- الاشتراكية في رواية -النهر- جان الكسان
- العادات السلبية في رواية -ظلام النهار- لجميل السلحوت
- رواية -جبينة والشاطر حسن-والتّعدّديّة الثقافيّة لجميل السلحو ...
- القسوة في قمريات (7) قمر عبد الرحمن
- بدايات كتابة الرواية عند الشعراء هارون هاشم رشيد في رواية -س ...
- التجديد في رواية قطعة من السماء هيا عماد
- أثر السواد على السارد في رواية -حر انفرادي- محمد عزام
- فقدان المكان عند يونس عطاري
- التجديد في كتاب -فهم الدين، بحث تنويري- سعادة أبو عراق
- البحر في ديوان -أوراد تدخّن أورادها- خليل إبراهيم حسونة
- العلاقات الجسدية في رواية غزة 87 يسري الغول
- مشاكل الفلسطيني في كتاب -الوطنية والمواطنة- أيمن عودة
- رواية النجوم تحاكم القمر حنا مينه
- محاكاة الواقع في رواية -خنجر سليمان- صبحي فحماوي
- مسيرة آلام الفلسطيني في قصة -أم محمود أم الشهداء-
- مجموعة أم الشهداء الحالة النفسية في قصة -جسدي بين صبرا وبسمة ...


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - اللغة ودورها في خدمة الفكرة في مجموعة -على شرفة حيفا- حسن عبادي