فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)
الحوار المتمدن-العدد: 7718 - 2023 / 8 / 29 - 17:57
المحور:
الادب والفن
إن الوعي الجمالي – فيما يرى جادمر- هو ذلك الوعي الذي يربطنا بخاصية الشكل الجمالي سلبًا أو إيجبًا، من خلال الحكم على الشكل الفني الذي قد نقره ونستحسنه أو ننكره ونرفضه.
وهذا يعني أن الوعي هو الذي يقرر في النهاية القوة التعبيرية والمشروعية لما يكون موضوعًا لحكمنا. ولأن علاقتنا بالفن أصبحت تتحدد على هذا النحو، فإن فن الماضي فقد قيمته وأهميته بالنسبة لنا
يعد يلقى قبولًا لدينا: فإذا كان فن القدماء يكشف عن الديني أو المقدس كما بيّن لنا هيجل؛ وبالتالي كان هناك شيء يقوله لنا، فإن هذا الفن نفسه قد فقد دلالته الأصلية هذه وتجرد من قيمته بالنسبة للوعي الجمالي،
ومن ثم أصبح مغتربًا في موضوع للحكم الجمالي. وهذا الاغتراب منشؤه أننا أصبحنا ننظر الى الفن من خلال مقولة الوعي الجمالي، ونتناسى أن كل إبداع فني في أي عصر إنما أبدع ليقول شيئًا ما لأناس يحبون عالم مشترك،
ولم يبدع لأجل لبقبول أو الرفض الجمالي؛ لأنه لم يبدع لأجل الوعي الجمالي. وهذا يعني أن الوعي بالفن من حيث هو وعي جمالي، يكون دائما ثانويًا بالنسبة لدعوى الحقيقة التي تنبثق من العمل الفني ذاته.
ومن ثم فإننا عندما نحكم على العمل الفني بناء على خاصيته الجمالية، فإن يئًا ما كان مألوفًا بالنسبة لنا ألفة حميمة يصبح مغتربًا . وهذا الاغتراب إذن يحدث عادة عندما ننسحب ولا ننفتح على الحقيقة التي يقولها العمل الفني،
ونحاول بدلًا من ذلك فهم العمل من خلال خاصيته الجمالية فقط، أي من خلال الصورة أو الشكل الجمالي. وهذه المشكلة( أو الأزمة المعرفية) كانت إحدى منطلقات كتاب" الحقيقة والمنهج" ، فيما يصرح جادامر نفسه*1.
ولقد طرحت هذه المشكلة على نطاق واسع حينما حاول التنظير السياسي الشيوعي للفن أن ينتقد النزعة الشكلية FORMALISM استنادًا إلى القول بأن الفن يجب أن يكون مرتبطًا بالشعب .
وعلى الرغم من أن هذا الطرح الايديولوجي للقضية كان- فيما يرى جادامر- طرحًا مشوهًا ( بل ويمكن أن نصفه من جانبنا بأنه كان مسطحًا) ، إلا أن فكرة ارتباط الفن بالشعب هي في حد ذاتها فكرة تنطوي على استبصار أصيل.
تجلي الجميل
تأليف: هانز جورج غادامير
#فاطمة_الفلاحي (هاشتاغ)
Fatima_Alfalahi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟