|
بين الثقافة والجوافة ( أدب ساخر)
فاروق عبد الحكيم دربالة
الحوار المتمدن-العدد: 7714 - 2023 / 8 / 25 - 03:13
المحور:
الادب والفن
حكاية كتبتها يومًا من طريف الذكريات ، ، وكلما خَطَرَتْ لي ملأني الحنين ، وشاقتني الأيام ، أما معظم الصِّحْب ممن شهدوها ، فلا يزالون ملء العين والقلب، ونحن في تواصل معقول . - وقد رأيت أن أضع الطرفة هنا ؛ فربما تخفف قليلا من رتابة الحياة ، وشراسة الطقس والأخبار . المكان : قاعة كبيرة بقصر الثقافة القديم ، وهو يشغل الدور الأرضي ، بمدخل خاص بأحد البيوت القديمة الفخيمة بوسط مدينتنا ، وكان يطل على ميدان معروف ، يتخذونه مكانًا لانعقاد ( سوق الاثنين) . الزمان : الحادية عشرة من صباح يوم ( الإثنين) ، في رحاب شهر مايـو ( القديم اللطيف ). المناسبة : ندوة أدبية - حُدِّد موعدُها سابقًا – اجتمع فيها بعض الأدباء والنقاد وجمهور الأدب ؛ لمناقشة إحدى الروايات التي صدرت حديثًا. أخذ كل منا مكانه في القاعة المخصصة المطلة على الساحة الخارجية ، ولم تكن هناك قاعات أخرى خالية من االنشاط الثقافي في ذلك التوقيت . وكانت القاعة فسيحة ، بحوائط عالية ذات طراز قديم ، وبها طاولة كبيرة ، ومقاعد كثيرة ، استوعبت المشاركين وجمهور االحاضرين من محبي الأدب ، ومعظمهم من الشباب. كان أحد الزملاء يدير الندوة ، وقد بدأها بكلمة تمهيدية عن الرواية والمشاركين في الحديث ، بينما كان السوق الأسبوعي ينعقد في الخارج ، بجوار السور ، وهو سوق أرضي تباع فيه الطيور والبيض والسمن والجبن والبقول والحبوب، وبه عربات لبيع الفاكهة والخضروات القادمة من الحقول ، وسلع أخرى كثيرة . حين ساد الهدوء والترقب جو القاعة ، بدأنا نستشعر الصخب والضوضاء الآتية من الخارج ، تقتحم علينا المكان مباشرة ، فالأصوات تأتي متشابكة ، متزاحمة ، أو متداخلة مكرورة ، وقد ينزلق بعضها فوق بعض ، منها الغليظ الأجش ، والحاد المسحوب ، والمتحشرج ، والنحاسي الرّنَّان ، الجَّليُّ الواضح ، والخفيُّ المُبهم ، القريب والبعيد ، أصوات الكبار والصغار ، وأصوات النسوة ، وأصوات الرجال ، وكلها تتشابك وتتداخل مع ما تصدره الكائنات الأخرى كالدجاج والإوز والديوك الرومي وهي تصيح وتَنُقّ وتبربر وتقرقر، وقد يتخلل ذلك كلَّه نهيقُ حمار هائج جاء من الريف القريب ، يحمل البرسيم أو الخضروات ، ولا يخلو الأمر من قرقعة حوافر الخيول الهرمة ، التي تجر العربات( الحنطور) ، وغير ذلك من أصوات . ولما كان الكلامُ بضاعَتنا ، والثقافةُ ضالتَنا ؛ فقد كان كل منا يحاول سماع ما يقال في القاعة، بينما الصخب الخارجي السوقي يتعالى ويستفحل ، آتيًا من كل صوب ، وقد انهمرت علينا الأصوات في فوضى بالغة ، فكل بائع يرفع عقيرتَهْ ، وهو يعرض سلعتَهْ ، فيتبدد منا الكلام ، وتحيد عن وعيه الأفهام ، ووقتها لم يكن في الأمر حيلة ، ولم نجد لنا وسيلة ، لأن زجاج النوافذ مكسور، والمكان بالضوضاء مغمور . كنت من الذين سيشاركون في تحليل الرواية ، وقد أعددتُ في ذهني بعض النقاط التي سأتناولها ، وقد حمدت الله أن الحديث لم يبدأ بي ، وقلت لعل المكان يكتسب بعض الهدوء بعد فترة ، وقد حاولت أن أكون مستمعًا ، وكان الأمر صعبًا. حين بدأ أحد الزملاء النقاد الحديث ، محاولا رفع صوته ليصل إلينا ، ولكن بعض الابتسامات كانت تطوف على وجوه الحاضرين ، كلما جاءنا من الخارج صوت أحد الباعة بطريقته الخاصة ، وأحيانا تُسمَع بعضُ الضحكات التي يطلقها الشباب من الحاضرين حين تترامى الأصوات، وتدب المفارقات ، وتزداد الاحتكاكات والنداءات ، فتتعثر المناقشات ، وتتبدد الطروحات ، حين يموج السوق ويضطرب، فيحتدم الخارج ويصطخب ، وقد نتج عن ذلك كله تداخل عجيب ، وتشابك غريب . كان المتحدث يقول - وهو يحاول رفع صوته - في كثير من المقاومة : - ولا أستطيع أن أنكر أن البناء السردي في الرواية حمل إلينا مهارة السارد وحنكته ، وأفصح عن وعيه بمجريات الحدث ، غير أنه ألزم نفسه بخط أحمر طوال الوقت، و ... – " أحمر وع السكين يا بطيييــــــــــخ " ... !! جاءنا الصوت مقتحمًا وقاطعًا كل شيء . انطلقتْ بعضُ الضحكات ، وابتسم المتحدث ، ثم تابَعَ : - والرواية تطرح صورة واقعية للقرية المصرية والمجتمع الفِلاحي و ... – فَلَّاحِي يا قشطه ... القشطه البلدي ..! فاصل من والضحكات والتعليقات الساخرة ، ثم واصَلَ في استماتة : - ومن جماليات السرد تجلي الحس التاريخي ، والوعي بمجريات الأحداث ، عبر ثقافــه ... – يا معَسِّلَه يا جــواااافــــــــه .. ! انطلقت قهقهات هذه المرة ، دمعت منها العيون ، وضرب بعضهم كفًا بكف !! – وتنهض الشخصية المستنيرة بدورها الإيجابي لمنع الجريمة التي كادت تقع في حقل الذرة و... – الدُّراا الماااشوي ....طااازه ولذيــــذ يا دُّرَااا !! - يا عم دا كوز دُرا ناشف ومحروق ..! – وتحلق لغة الرواية في ... ( الحمام الزغاليل .. تعالَ يــا وَكَّال الحمام )... - وقد استطاعت أساليب السرد أن تغرس فينا ...( البصل والفجل الورور ...) - وعند هذه النقطة يلاحظ الوزن الجمالي .... ( اوزن بَـرَّا ف أي مكان ...) - وأستطيع القول بعد هذه الجولة ...( ما تقولش حاجه .. دا كنتالوب عسل بتاع العريش.. ) – وربما تذبحنا بعض الروايات.. ( الفراخ البلدي ... ) ليست مهمة السارد هنا...( شَطَبّْنا يا قُوطة ..) - وتلك قيمة أخرى داخل العمل ( قيمة الغالي وتمنه فيه ..) والسياق الدرامي للحدث..(خلى عندك ضمير..) - وتتماهى لغة الحوار ... (ملوخيه حمام ).. وتيار الوعي لدى الشخصية ( بكام الخيار ؟ ) .. وقد كان الزمن الروائي ... ( تلاته كيلو بجنيه ) ، أما بنية العمل ... ( بالهنا والشفا يا موز ) ... وكان الزمن المتشظي ...(بكم البصل ؟) ، .. معالجة فنية ( الفريك والبرغل ) ، .. والخط الدرامي... (خَزِيِّن يا توم ) ، فقد تَعرَّضَ ...( عايزه بطه كبيرة ) وأترك لكم...( دي زبده مخلوطه ) ، وهنا أفلح الكاتب ( حا يا حمار!) أشكركم و... ( الفلفل الـ .... ّ) في لقاء آخـ ....( يا عنب ... ) ، فلعل... ( رَبْطة جَرْجِيـ .. ) وقد سَعدتُ ... / دوق الحلاوة. طَرْح الأسئــ . نُصّ كِـيــلو ... والنهاية مفتو... / خديها بتسـعة ... / إوْعَا وِشَّـك ... وسوف. شيل . سماع ... وقد ... / دوق ... خا... / با ,.. / رو... آآآهههـ يا دمـــاااغـــــي...!!
#فاروق_عبد_الحكيم_دربالة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صَهِيل الرِّيِح
-
بغداد تقرأ أسفارها -- شعر: فاروق دربالة
-
إلى فيروز ( شعر )
-
إصباحة - شعر
-
المدن / النساء - شعر
-
تخلع الأرض قمصانها - شعر
-
حَقائبُ الترَحَال - شعر
-
حبيبين كُنَّا - شعر
-
لا وقتَ للنجباء -- شعر
-
صبح البهاءات - شعر
-
الطبيعة وجناية البشر
-
الساعة القديمة - قصة
المزيد.....
-
-أجمل كلمة في القاموس-.. -تعريفة- ترامب وتجارة الكلمات بين ل
...
-
-يا فؤادي لا تسل أين الهوى-...50 عاما على رحيل كوكب الشرق أم
...
-
تلاشي الحبر وانكسار القلم.. اندثار الكتابة اليدوية يهدد قدرا
...
-
مسلسل طائر الرفراف الحلقة92 مترجمة للعربية تردد قناة star tv
...
-
الفنانة دنيا بطمة تنهي محكوميتها في قضية -حمزة مون بيبي- وتغ
...
-
دي?يد لينتش المخرج السينمائي الأميركي.. وداعاً!
-
مالية الإقليم تقول إنها تقترب من حل المشاكل الفنية مع المالي
...
-
ما حقيقة الفيديو المتداول لـ-المترجمة الغامضة- الموظفة في مك
...
-
مصر.. السلطات تتحرك بعد انتحار موظف في دار الأوبرا
-
مصر.. لجنة للتحقيق في ملابسات وفاة موظف بدار الأوبرا بعد أنب
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|