أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نقوس المهدي - محمد ابزيكا.. المثقف الاصيل














المزيد.....

محمد ابزيكا.. المثقف الاصيل


نقوس المهدي

الحوار المتمدن-العدد: 7713 - 2023 / 8 / 24 - 13:55
المحور: الادب والفن
    


أحببت كتابات محمد ابزيكا دون أن أراه.. منذ أن طالعتني مقالاته المبكرة حول شجون الثقافة الشعبية وبالخصوص ظاهرة ناس الغيوان، التي كانت حدث الموسيقا المغربية والمغنى العربي في فجر سبعينات القرن الفائت ، وأكبرت فكره وتوجهه فآمنت بموهبته منذ أن طالعني اسمه كاتبا على صفحات مجلة "الثقافة الجديدة" ومجلة "آفاق"، وبعض الملاحق الثقافية ذات الصوت العالي والصيت الكبير والهائل إبان مجد وعنفوان الحراك السياسي والغليان الثقافي والفكري المغربي بعقد السبعينيات والثمانينات، أزهى العقود بتاريخ المغرب الحديث على الاطلاق.. الذي صنعه لفيف من رجالات و نسوان الجيل المنقرض من الكتاب والمفكرين المغاربة الشرفاء العظام الذين لا نزال نقتات على محاصيلهم من حصاد الفكر والمعرفة - قبل ان يزحف تيار الفكر الوهابي بظلاميته وانتهازيته الرهيبة ليقضي على التفكير العقلاني - فأدركت فيه نموذجا للكاتب المتحرر ، والمناضل الطبقي بمنظوره الغرامشي الذي لا يرى مبررا لفصل الفكر عن الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، والذي عناه الجابري بقوله: "أنَّ المثقف هو الذي يلتصق بهموم وطنه، وبهموم الطبقات المقهورة والكادحة.."، والباحث الكوسموبوليتي الذي يناضل على عدة جبهات، منقبا برفش المعرفة عن خفايا ومبهمات الفلكلور والمأتور الشعبي ، وجذوره العميقة الضاربة في الاصالة. الطاعنة في النسيان ، دون دعوة منه للتطرف الفكري ، والتعصب للثقافة الامازيغية التي ينتمي اليها ، أو نشييء جانب على حساب جانب آخر.. أو اللهاث وراء أشياء أخرى غريبة مما ينادي بها في الوقت الراهن بعض مرتزقة المبادرة الوثنية التي اطلقها النظام الفاسد لارشاء المجتمع المدني الضعيف والمهلهل والجشع ، والذي تسابق على فتاتها بعض الثقفوت المرتزقة، والمتحذلقين والتسويغيين كبادرة هجينة من المخزن لاحتوائهم، وتدجينهم، وكسر شوكتهم، واسكات شدوقهم ، وحشو كروشهم بطمع الدنيا ، و مسخ هذه الثقافة الجميلة النظيفة الأصيلة ، وتسييحها بشكل مذل ومهين ، واختزالها في مجرد تبوريدة وحفلات رقص سخيفة ، وتحويلها إلى زعيق و رقص و فضائح بجلاجل

و كان حديثه العميق على بياض تلك المنابر يدور حول الثقافة الشعبية بكل تلاوينها وتناصاتها مع باقي التراث المغربي، وينصب على شجونها ومظاهرها واصولها التي احتدمت وقتئذ واشعلت فتيل النقاشات وأججت الحوارات التي ارهقت النظام وجلاوزته الفاسدين وايقظت الوعي الطبقي المغربي ووجهت بوصلته نحو بؤر الفساد والظلم ، ليحكم عليها بالاعدام والحجب والمنع والتضييق .. وفي وقت ازدهرت فيه الحوارات الحادة ، وانتعشت فيه المجلات الجادة ، وكان الجمر والرصاص ، وكان الأدب الملتزم ، وكانت السينما الهادفة ، وكان الفن التشكيلي ، وكانت الكتب الفكرية التنويرية ، وكانت دعوات لاعادة قراءة التراث العربي ، وكانت الفلسفة قبل ان تغلق شعبتها ، وكانت اللقاءات الرفاقية الصادقة ، وكانت الموضات المتحررة ، وكان المسرح ، وكانت الرياضات ، وكانت ظاهرة فرق ناس الغيوان وجيل جيلالة ولمشاهب ورعاة الصحرا وازنزارن وكناوة ، وكانت الافكار الليبرالية المتنورة ، وكانت النقاشات الهادئة غير المكلوءة بالعيون المعمشة والمغبشة للبصاصين والمندسين و" العياشة"، وكانت الثقافة والموسيقى الشعبية بكل مشاربها وانتماءاتها القبلية والإثنية ، وكان وكانت تلك الاهتمامات جميعها محور كتابات محمد ابزيكا ومجايليه من الكتاب والفنانين الشباب ، وتركت صدى وشذى يفوح رحيقه لايزال من بين سجوف الماضي المشرف مقارنة مع المآل المأساوي لهذا الحاضر الكئيب .. والذي اكتسحته جرافات المبادرة الوطنية.. والذاكرة الحربائية الخؤون ، بعد ان بادر المخزن الى محاربة هذا الفوران الفكري وإفراغه من جوهره ، وتسلط كائنات أقل دراية على هذه الثقافة المسكينة ، بعد رحيل شهودها الكبار ، واستنبات كائنات أخرى بلحي طويلة كالمخلاة نكاية في الوطن ، الشيء الذي ينبئ عن موت المثقف

اختفت اخبار محمد ابزيكا منذها ، وانا استذكره وابعت ذكره مرات ومرات بين الاصدقاء الذين لم يسمع بعضهم باسم كهذا ، لحداثة سنهم أو لأشياء أخرى أصبحت كثيرة ، واستفسرت عنه بعض اصدقائي باكادير أثناء ترددي على سجن انزكان لزيارة احد اقربائي ، والذي غنمت منه ذكريات سيئة و تعيسة جراء سوء التسيير وفساد بعض موظفيه ، الا ان هدتني الذاكرة لأسائل عنه السيد غوغل الذي هداني لبعض المقالات القليلة جدا من عشران أصفياء أوفياء مخلصين للعشرات ، و لأخبار محزنة عن غيابه في صمت تام وسط عقوق الاعدقاء ، وتناسي هيئات الكتبة ، وتعنت الادارة المغربية التي استصغرت فيه مقرا يمجد اسمه مخافة ان يتحول الى ولي ثقافي صالح أو قطب فكري يحج اليه طلاب المدد والإغاثة ، هو الذي جحد وزهد في بركات وهبات ومعجزات الأنبياء و الاولياء والصالحين من العالمين



#نقوس_المهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معاوية محمد نور.. ذلك المجهول
- قداس لأسماء الحاء.. قراءة في ديوان -تنويعات على باب الحاء- ل ...
- الإقامة في الشعر.. في محبة الشاعر المغربي عبدالسلام مصباح - ...
- تسريد الواقع بفتنة الحكي في مجموعة -حكاية زين- للدكتور سيد ش ...
- كتاب الليالي... الكتاب الذي لا ينتهي
- في تقدير الأستاذ المبدع السي حاميد اليوسفي
- سيميائية العنونة في مجموعة (هزك الماء) للقاص المغربي سي حامي ...
- فيما يشبه الشهادة أو أكثر.. في محبة القاص المبدع عبدالله الب ...
- العربي الرودالي - دراسة نقدية في نص استثنائي.. جئت لأزف إليك ...
- الأستاذ عبدالله البلغيثي يستضيف المبدع محمد مومني في برنامج ...
- المكتبة علم بلا حدود
- الأحذية وتداعياتها...
- في الحاجة الى طه حسين
- مقدمة ديوان - مكب اللامة - للزجال محمد الحبيب العسالي
- في تكريم الروائية الشريفة مريم بن بخثة
- تقديم ديوان - مكب اللامة - للزجال محمد الحبيب العسالي
- البنت التي طارت عصافيرها.. أقصوصة
- المصورون أشقاء الشعراء
- تقديم مجموعة -في انتظار حَبّ الرّشاد- لسعيدة عفيف
- عن الكتابة والملامح الإنسانية في المجموعة القصصية - الحذاء ا ...


المزيد.....




- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...
- 3isk : المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بجودة HD على قناة ATV ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نقوس المهدي - محمد ابزيكا.. المثقف الاصيل