أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - أهمية حركة 10 آب في سوريا














المزيد.....


أهمية حركة 10 آب في سوريا


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 7709 - 2023 / 8 / 20 - 12:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بحسب بشار الأسد في لقائه الصحفي الأخير، على السوريين أن يدركوا أنهم على خطأ اذا قالوا إنه ورث الحكم عن أبيه. هذه وراثة في الشكل فقط. علينا أن نقتنع أن ما يفسر هذا الانتقال في الحكم من الأب لابنه، هو نبوغ هذا الأخير، وما عرضه من كفاءات سياسية وعسكرية باهرة، في وقت اعتقد الجميع إنه كان يطور مهارات طبية. نبوغه وكفاءاته جعلت الجيش يقفز به إلى أعلى الرتب العسكرية، وجعلت الحزب يختاره للرئاسة رغم صغر سنه، وجعلت "مجلس الشعب" يعدل الدستور كي يتناسب مع عمر النابغة. لا يهم إذا كان ذلك قد اقتضى من وزير الدفاع، الشريك المخلص للوالد، أن يجمع أركان الجيش في قاعة، وأن يطلب ممن يعترض أو يتحفظ على رئاسة الابن الملهم، الخروج من أحد الأبواب التي كان يقف وراءها عساكر مأمورون بإطلاق النار على رأس كل من يخرج من هذا الباب، كائناً من كان، ومهما كانت رتبته العسكرية. وهكذا فإن بشار غير مدين، في وصوله إلى الرئاسة، سوى لمواهبه الفذة التي لم يبخل بها على الشعب السوري حتى أوصله إلى ما هو فيه من رفاهية لا يحسده عليها أحد.
في بداية تولي بشار الأسد الحكم، بعد أن اختاره الناس بحرية (الحرية بالمفهوم الأسدي هي أن يختار الناس من اختاره الحزب) في استفتاء جرى في صيف 2000، راح يكرر أن الاقتصاد هو محل الاهتمام الأول، وأن المواطن يهتم بمستوى معيشته أولاً، قبل أن يهتم بالسياسة وبالديموقراطية ... الخ. بالمناسبة، أكثر من ينطق عندنا بكلمة "مواطن"، هم الحكام، أي من لا تعنيهم هذه المفردة بشيء إلا بوصفها مفردة حديثة تزين الكلام. المواطن، هذه الكلمة التي قاتلت شعوب كثيرة من أجلها، وضحت كثيراً حتى بلغتها وكرستها، جاءتنا نحن مجاناً، أقصد بلا قيمة، وظلت لذلك مجانية وبلا قيمة.
المهم هو الاقتصاد والمعيشة. ألسنة النظام المعدة لمديح كل ما يمكن أن يسوغ إبعاد الناس عن السياسة أو عن أن يكون لهم كلمة في تقرير مصيرهم، لم تتعب من مديح النموذج الصيني مثلاً، بدعوى التقدم الاقتصادي للصين دون أن تكون نظاماً ديموقراطياً. لا ينبغي لأحد أن يطرح السؤال: إذا كان التقدم الاقتصادي هو الهدف، لماذا تمتدح هذه الألسنة الصين على أنها النموذج، ولا تمتدح الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وهما أكثر تقدماً من الصين في الاقتصاد وفي غيره؟
مع ذلك يبقى من المعقول التفكير في السؤال: أليس مستوى المعيشة أهم من الديموقراطية؟ لا شك أن نسبة كبيرة، إن لم تكن الأكبر، من الناس ستقول نعم، إن مستوى المعيشة هو الأهم، ولتذهب السياسة إلى الجحيم. ليس في هذه الإجابة ما يفاجئ. لكن، هل يمكن، في العصر الحديث، فصل الحياة الاقتصادية ومستوى المعيشة عن الحياة السياسية وآلية الحكم؟ وهل يمكن لحكم مستبد أن يضمن حياة كريمة لمحكوميه؟ أليس شعور الناس بأن إرادتهم محترمة على المستوى السياسي ومستوى الحكم، وأن لهم كلمة في تقرير من يحكمهم، هو من ضمن مقاييس مستوى المعيشة نفسه؟ الواقع أن ما عاشه السوريون خلال العقد الماضي ينطوي على الإجابة. يمكن لسلطة مستبدة أن تبني وأن تقطع شوطاً في التنمية، لكن كل ما يمكن لسلطة مستبدة أن تبنيه، يبقى معرضاً للانهيار في لحظة لا يمكن التحكم بها ولا يمكن تلافيها، هي اللحظة التي يقرر فيها الناس إمساك مصيرهم بيدهم. حين يكون دور الناس مهملاً وتكون علاقة السلطة بالشعب هي القسر والإملاء، الراجح أن تحمل لحظة الصحوة هذه الدمار، سواء على يد سلطة الاستبداد نفسها، أو على يد الفوضى التي تلي سقوط سلطة الاستبداد. يرى الجميع اليوم كيف تبخر كل التغني البعثي بالإنجازات و"بناء سوريا الحديثة"، وكيف عادت سورية إلى زمن الفقر المدقع والمجاعات، وصارت موانئها البحرية والجوية وأصولها ومواردها مملوكة للغير ومعروضة للبيع.
اليوم، وقد أصبحت سورية في الحضيض من الناحية الاقتصادية التي كان يعتبرها الوريث هي الناحية الأهم وذات الأولوية على السياسة، بات جلياً لكل من يفتح عينيه أن نظام التوريث وحيازة السلطة بالقوة وتسخير الدولة لخدمة السلطة على الضد من إرادة الناس ومصالحهم، قاد إلى تدمير كل إنجاز اقتصادي بناه السوريون، حتى وصلنا إلى حد أن يقترح أحد أبناء العائلة الحاكمة على السوريين العودة إلى حياة اجدادهم الزراعية، بدل أن يحتجوا على الفقر، ويتكلموا في السياسة. هكذا إذن ينتهي السوريون بلا اقتصاد وبلا سياسة.
بعد القول: إننا نحتكر السياسة كي نطور الاقتصاد، فدعوا السياسة مؤقتاً، "حتى يصبح أمام كل منزل سيارة" بحسب قول شاع أنه منقول عن بشار الأسد في السنوات الأولى من حكمه، انتقلت الطغمة الأسدية إلى القول: إننا نتفرغ لمواجهة مخاطر لا تنتهي، فدعوا جانباً الاقتصاد والسياسة معاً، وانتظروا. هكذا صار أي احتجاج على التدني الفظيع في مستوى المعيشة، مرفوض وقد يعرض صاحبه للأذى. وصار على الشباب السوريين أن يشكلوا حركة سرية باسم حيادي (حركة 10 آب)، لا لكي يطالبوا بتغيير سياسي، بل فقط لمطالبة السلطة بإعطاء تواريخ تقريبية تحدد لهم إلى متى يجب عليهم الانتظار. انتظار زيادة الرواتب، وإعادة الكهرباء إلى 20 ساعة في اليوم (لاحظ مراعاة عجز الدولة)، وإعادة الدعم للخبز والمحروقات، ومحاربة مصانع الكبتاغون، والإفراج عن المعتقلين السياسيين ... الخ. ويؤكد هؤلاء الشباب: "نعيد ونكرر نريد تواريخ فقط وليس تنفيذاً للوعود لكي لا يتم اتهامنا بالتعجيز".
المطالب المذكورة أثقل على النظام من المطالبة بإسقاطه، ولعل هذه الحركة، على ضعفها البادي حتى الآن، ساهمت في دفع النظام إلى إصدار المرسوم التشريعي بزيادة الرواتب والأجور بنسبة 100%. قيمة المطالب المذكورة تأتي من أهميتها لعموم الناس، ومن صعوبة تعبئة قوى الأمن لقمع من يتحركون على أساسها. كما أن تنوع الانتماء الاجتماعي للشباب المشاركين في الحركة، يجعل من الصعب حرق الحركة بإلباسها تهمة إسلامية. قد تكون المطالب المعاشية والحقوقية الأساسية، دون الاقتراب من مطلب التغيير السياسي، هي المدخل الأنسب لتحقيق التغيير السياسي.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا ينتظر سورية في المستقبل
- ظاهرة الموالين الغاضبين
- البكالوريا السورية ضحية الغش العام
- السجن يتسلل إلى نفوسنا
- أجراس بعيدة وكتل سياسية في المنفى لقاء برليني مع راتب شعبو/ ...
- الغضب المعزول في فرنسا
- عن قلق المسلمين في الغرب
- هل المثقف السوري طائفي؟
- -حانة الأقدار-
- التحليل السياسي الماورائي
- العزلة هي الشرط الأنسب لنظام الأسد
- عالم الزنازين
- النجاح والفشل في الثورة
- القوات الموازية وتحطيم الدولة في السودان
- الحياكة الناعمة في -أطباق المشمش-
- هل يجرؤ النظام في دمشق على الانفتاح؟
- الحل الأمني على الطريقة الفرنسية
- هل نقلق على الديموقراطية؟
- عن داعش في ذكرى معركة الباغوز
- الثورة السورية وتحرير الدولة


المزيد.....




- مسلسل White Lotus يجذب المزيد من السياح إلى تايلاند
- أزمة غير مسبوقة في قطاع الصحة بالبرتغال: غرف طوارئ مغلقة وط ...
- علماء يحاولون الكشف عن وظيفة بروتين -أوبسين 3- الغامض في الج ...
- دراسة: هذا ما يخيف سكان ألمانيا حالياً!
- روسيا.. ساعة نووية لاستكشاف المناطق النائية
- لماذا تزايد الاهتمام بإطلاق أقمار صناعية في مدارات منخفضة لل ...
- حاييم وايزمان: -أقود أمة من مليون رئيس-!
- المجلس الأوروبي: نريد المشاركة في مفاوضات أوكرانيا لمناقشة ه ...
- القوات المسلحة السويدية تزيد أنشطتها في القطب الشمالي
- صحيفة: المرتزقة الأجانب في أوكرانيا يخططون للتوجه إلى إسرائي ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - أهمية حركة 10 آب في سوريا