عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 7707 - 2023 / 8 / 18 - 14:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
العزيز عماد.
في هذه الأيام بدأ موسم الانتخابات المحلية في النرويج.
يوم أمس، وفي طريق عودتي من العمل إلى البيت، دخلت الى أحد مراكز الاقتراع "التمهيدي" الخاصة بالانتخابات.
انتخبتُ قائمة لأحد الأحزاب، ولكن لم انتخِب جميع مرشحي الحزب، وانما اخترت البعض منهم، وأضفتُ إليهم مرشّحين من قوائم أخرى، لأنّني أعرفهم شخصيا، وأعرف بأنهم أهلٌ لأن يكونوا أعضاء في المجلس البلديّ.
وهذا يعني أنّني انتخبتُ بطريقةٍ تشبهُ "الكوكتيل"، وهو أمرٌ مسموح به وفق قانون الانتخابات النرويجي.
القصد هنا أنه ليس هناك قائمة "مقدّسة" يجب عليك انتخابها كما هو الأمر في العراق.. لا قائمة القدّيس "اولاف"، ولا قائمة الملك "هاكون"، ولا قائمة شيخ عموم عشائر "اوستفول"، ولا قائمة حكّام مدن ومقاطعات جنوب ووسط وشمال النرويج، الذين يُقدِّسهم كـ "زعماء" أبديون، سكان "فينمارك" في الشمال، و "نور تروندلاغ" في الوسط، و "روغالاند" في الغرب، و "فست أغدر" و "أوست أغدر" في الجنوب.
ليس هنا شيء مقدس بما في ذلك الانجيل.
الإنسان هو الشيء الوحيد المقدس هنا.
في هذه الانتخابات غاب رئيس حزب الحمر Rødt partiet السيد بيورنارد موكنس. هذا السيد (مو سيد ابن رسول الله، وانما مواطن نرويجي عادي)، دخل قبل حوالي شهر الى محل لبيع النظارات الشمسية في مطار أوسلو، وأخذ إحدى النظارات ونسي دفع ثمنها. اكتشف المحلّ الحادثة من خلال الكاميرات، ولحق به أحد العاملين لتنبيهه. المهم رجع السيد رئيس الحزب، واعتذر بشدّة، ودفع ثمن النظارات الشمسية (حوالي مائة دولار)، واكتفى المحل بهذا الإجراء.
المشكلة أن هناك "كلب ابن 16 كلب"، قام بتسريب هذه الحادثة إلى الصحافة، التي شنّت علية حملة شعواء، لا لشيء، ولكن فقط لأن الذي يسرق نظارات شمسية، لا يُمكِن أن يؤتمن على إدارة شؤون البلد.
المهم في الأمر، أن الناس هنا في النرويج لم تقتنع بتبريراته بأنه نسي دفع ثمن النظارات لأنّهُ كان على عجلةٍ من أمره، وعلية اللحاق بالطائرة.
الشيء الذي يحيرني أن من تولى أمرنا في العراق لم يقوموا بسرقة نظارات شمسية فقط، وإنّما سرقوا الشمس كلّها.. ومع ذلك لم يحترق اصبعٌ واحدٌ من أصابعهم، وأصابع "صبيانهم" التى ما زالت ملفوفةً بأجودِ أنواع الحرير.
سبحان الله، وله الحمدُ على أحكامهِ العجيبةِ.. في هذا العراق العجيب.
(فاخر حيدر)
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟