أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - الشعر وزقزقة العصافير














المزيد.....


الشعر وزقزقة العصافير


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7704 - 2023 / 8 / 15 - 02:54
المحور: الادب والفن
    


فيليمير خليبنيكوف الشاعر المستقبلي الروسي كان يدعو لـ "الكتابة المناضلة ضد الدلالة". وكان يدعو، في بيان المستقبلية الروسية الأول، لأن تكون الكتابة "صفعة في وجه الذوق العام"، والى "توسيع اللغة باشتقاقات وابتكارات لفظية جديدة"، وذلك بالتلاعب اللفظي والصوتي للكلمات، وهو الشعر أو اللغة التي تطورت في بداية القرن العشرين إلى ما يسمى اليوم بالشعر الصوتي poésie sonore. خليبنيكوف كان مجددا بكل معنى الكلمة، وكان يعشق الترحال عبر أراضي روسيا الشاسعة عرضا وطولا، توزعت حياته بين السهوب الرحبة والفولغا العظيم، وقد أحب وكتب عن هذا الشعب الذي يعيش في هذه المنطقة الممتدة ناحية أستراخان على أرض روسيا الشاسعة، في المنطقة التي تنتهي فيها رحلة الفولغا الطويلة لتصب في بحر قزوين:
عندما تموت الجياد .. فإنها تتنفس
وعندما تموت الأعشاب .. فإنها تجف
وعندما تموت الشموس .. فإنها تخبو
وعندما يموت البشر .. فإنهم ينشدون الأغاني
يمكن القول أنه كان من الرحل، يعيش في المحطات؛ ينزل من قطار ليركب قطارا آخر، وآخر رحلاته كانت إلى إيران حيث تعرف على الفرق الصوفية واختلط ببعضهم ولقب بـالدرويش الروسي، في هذه البلاد حيث:
"يطهو الأطفال ابتساماتٍ
في مَجامِر رموشهم القاتمة
ويرمونها للمارّة".
وحتى تكتمل صورته كدرويش حقيقي مخلص لنمط الحياة التي اختارها، تبنى كلبا ضالا كمرافق له، يجوبان الطرق والأزقة معا وينامان في الأماكن المعزولة كأي شحاذين، وتقول الأسطورة أنه كان يحمل مخطوطاته واوراقه في كيس من القماش كان في الأصل غطاء وسادة. وفي الأشهر الأخيرة من حياته، عاش قرب موسكو حيث توفي عام 1922 عن عمر يناهز السابعة والثلاثين عاما، بمرض الشعر وسوء التغذية.
فالشاعر لا يكتفي بالعالم كما هو، ولا تهمه الأزهار والفراشات والطبيعة عموما بقدر ما يهمه أن يعيد حضورها بالكلمات والصور، أي يخلق هذه الأشياء جماليا، لأن الجمال في نهاية الأمر لا علاقة له بالطبيعة - فالطبيعة لا تتمتع لا بالقبح ولا بالجمال، إنها كائنة فحسب - الجمال يخص ما يبدعه الإنسان. فالطائر لن يستطيع أن يذهب بعيدا في السماء، إذا كان يطير بأجنحته فقط .. كما يقول وليام بليك. وهذا الشعر الذي يتغنى بالعصافير والفراشات يسميه ماياكوفسكي، رفيق خليبنيكوف بـ "كتكتة الوز"، فالشعر في رأيه ليس أن تجلس وتتغنى على الأطلال وآثار الحبيب أو تتحسر على الأزهار الذابلة..
أنا لا أحتمل الفكرة
بأنني لم أخلق الوردة
وإذا كنت منذ ٢٨ عاما أنمي عقلي
فليس ذلك لإستنشاق عبير الورود
وإنما لخلقها
ولا شك أن هذه المهمة، إبداع العالم وخلق جغرافيا جديدة ليست بالسهولة المتعارف عليها عند هؤلاء الشعراء الذين يجعلون من العالم المحيط بهم مادة تعبيرهم، بالتأمل أو الوصف أو التعليق على ما يحدث. وهو ما أعترف به وليام بليك في "زفاف الجنة والجحيم" عندما قال بأن إبداع زهرة بسيطة هو عمل يحتاج إلى قرون To create a little flower is the labour of ages - . الشاعر لا يخلق العالم فقط، إنه يبدع حياته بكاملها، ويخلق العصر الذي يعيش ويتحرك فيه. وتتداخل في أغلب الأحيان تفاصيل سيرته "الواقعية" مع سيرته المصورة في لقطات وفي سيناريوهات متعددة أبدعها من خياله، وغذاها بألمه وقلقه وقرفه وملله من العالم الذي يعصره ويضغط على قلبه كالكماشة ليفجر في النهاية تلك الشحنة الهائلة من التوتر العاطفي المتراكم والذي يجعل كينونة الشاعر بأكملها مشدودة كقوس أوليسيوس. الشاعر يرفض أن يكون شعره مفهوما لأنه لا يهدف العقل وإنما المخيلة، إنه لا يكتب لافتات من قبيل "هنا مشروبات باردة " أو من قبيل لافتات الدعاية أو العناوين الرئيسية للصحف اليومية، هدفه أن يخلق الكلمات والجمل والأصوات التي لها قدرة سحرية في إختراق قوقعة الآخر وإصابته في الصميم.
أبادا بادا
باداريدو
ريدوبادادان
دان آدان
آري دادا ديدو
بارا باراوان
آني ماني داني
لان
أبادا بادا باد



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلاقة بين الشعر والهلوسة
- المعنى الضائع
- لماذا يخاف العالم من إسرائيل؟
- عن التوكل والتوكيل والإقتراع
- الإمبريالية الأمريكية في أفريقيا
- ماهي الشيوعية التحررية ؟
- الحرية مرة أخرى
- حتمية الحرية
- حكاية مصورة
- العقائد العنقودية
- السقوط في زمن الهزيمة
- السقوط في زمن الأحلام
- بارمينيدس وفلسفة الثبات
- عود على بدء
- الجريمة والفصام
- روح الجدية وروح الجريمة
- النجاح والفشل
- الأصل والنسخة
- الأسلاك الشائكة
- قتل مع سبق الإصرار


المزيد.....




- الفنان جمال سليمان يوجه دعوة للسوريين ويعلق على أنباء نيته ا ...
- الأمم المتحدة: نطالب الدول بعدم التعاطي مع الروايات الإسرائي ...
- -تسجيلات- بولص آدم.. تاريخ جيل عراقي بين مدينتين
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- السكك الحديدية الأوكرانية تزيل اللغة الروسية من تذاكر القطار ...
- مهرجان -بين ثقافتين- .. انعكاس لجلسة محمد بن سلمان والسوداني ...
- تردد قناة عمو يزيد الجديد 2025 بعد اخر تحديث من ادارة القناة ...
- “Siyah Kalp“ مسلسل قلب اسود الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة ...
- اللسان والإنسان.. دعوة لتيسير تعلم العربية عبر الذكاء الاصطن ...
- والت ديزني... قصة مبدع أحبه أطفال العالم


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - الشعر وزقزقة العصافير