أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - موقع ابن رشد الفيلسوف والقاضي والفقيه بين الإسلام والمسيحية اللاتينية (4/4)














المزيد.....


موقع ابن رشد الفيلسوف والقاضي والفقيه بين الإسلام والمسيحية اللاتينية (4/4)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7702 - 2023 / 8 / 13 - 02:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يتمثل التمييز الذي قام به ابن رشد في القول بأن عمل الله الخلاق والراعي لا تتم ممارسته على تفاصيل حياة الفرد بل من خلال النوع. كل ذلك نابع من مفهوم ابن رشد عن الخلق من خلال قوله إن الله لم يخلق الأشياء من لا شيء، بل هو من ينقل الأشياء من القوة إلى الفعل، من العدم إلى الوجود. وبالتالي، فإن الخلق ليس تجزية وقت يتخيلها الله للترفيه عن نفسه أو لإطلاق العنان لخياله، بل هو نوع من التفسير، لإلقاء الضوء على ما كان ينتظر سوى هذا الفعل الإلهي ليوجد..
وإذا بدا أن بعض الأشياء تفلت من العناية الإلهية، فذلك لأنها تخضع للمادة وحتميتها. لا يوجد فشل في العناية الإلهية هنا لأن المادة وحتميتها يحتاجان إلى وجود الله وتحيلاننا مرة أخرى إلى عمل الله الخلاق.
هذه بعض الملاحظات التي تظهر وجود اهتمام ديني لدى ابن رشد. في العديد من النقاط، يأخذ تفكيره الفلسفي، بينما يظل حراً للغاية، في الاعتبار معطيات العقيدة الإسلامية. وعندما يشرح أرسطو، يقوم أحيانا بتوسيع النقاش لمعالجة الجوانب الدينية التي أثارتها حجة الإسطاغيري.
لقد رأينا أن مقاربة المشكلة الدينية، في كتاب "فصل المقال في ما بين الحكمة والشريعة من الاتصال"، تم من خلال تمشي فلسفي وشرعي. وعلى وجه الخصوص، يصر ابن رشد على القياس، من خلال إظهار أنه لا يمكن تطبيق القياس الشرعي إلا من خلال اللجوء إلى القدماء والمفكرين اليونانيين، الذين لم يكونوا مسلمين لأنهم عاشوا قبل ظهور الإسلام. لذلك من المناسب الآن الاقتراب من جانب آخر من جوانب شخصية ابن رشد، ليس فقط كفيلسوف ورجل دين، ولكن أيضا كفقيه.
انطلاقا من السطور الأولى من "فصل المقال.."، ثم طوال الحجاج التي تم تطويره في ثناياه، يشير ابن رشد باستمرار إلى استدلالات الفقهاء، إلى البرهان الشرعي. وهكذا نجده يقول: كما يستدل الفقيه من طلب دراسة الأحكام القانونية الالتزام بمعرفة مختلف أنواع الاستدلالات الفقهية، كذلك يجب على العارف (الميتافيزيقي) أن يستنتج من طلب التأمل في الكائنات الالتزام بمعرفة القياس المنطقي وأنواعه.
إن اللجوء في الفلسفة إلى طريقة استدلال لم تكن موجودة في الأيام الأولى للإسلام له ما يبرره أيضا بهذا المعنى من خلال ممارسة القياس الشرعي بين اوساط الفقهاء، التي جرى ابتكارها في زمن لاحق على ظهور الإسلام.
ثم يضيف لاحقا هذه الملاحظة المهمة جدا؛ وهي أنه بما أنه ثبت بالشريعة الإسلامية التأمل في القياس العقلي وأنواعه، كذلك يكون من الواجب التأمل في القياس السرعي..
لكن، في نفس الوقت الذي مفهم فيه العلاقة الوثيقة جدا بين الفلسفة والشريعة كما تظهر في "فصل المقال.."، تميز ابن رشد في مجال الممارسة القضائية بعمله وبالوظائف التي أسندت إليه. يجب التذكير أولا أنه ينتمي إلى عائلة من رجال الفقه والقضاء الذين اكتسبت بفضلهم قرطبة شهرة بعيدة الآفاق.
كان جده، الذي يحمل اسمه، قاضيا كبيرا، وكان بلا شك أهم القضاة في عصره: كمدرس، اجتذب العديد من التلاميذ ذوي السمعة الحسنة. كقاضي قضاة في قرطبة، ترك مجموعة مهمة من التعليقات على الأعمال أو الفتاوى الشرعية الهامة.
ولد ابن رشد الفيلسوف في نفس العام الذي توفي فيه جده. تلقى تكوينا متينا في جميع مجالات المعرفة في ذلك الوقت، بما فيها الفقه.
وفقا لما كتبه ابن الأبار في كتابه "التكملة" الذي انتهى من تأليفه عام 1230، درس ابن رشد، بشكل خاص في طفولته، تحت إشراف والده، كتاب "الموطأ"، العمل الرئيس لمالك بن أنس مؤسس المذهب المالكي. جعله هذا التكوين يمارس بدوره وظائف مهمة في القضاء حيث تم تعيينه عام 1169، في سن الثالثة والأربعين، قاضي إشبيلية، وعاد بعد ذلك بعامين إلى قرطبة التي تم تكليفه فيها بمهمة قاضي القضاة عام 1182، عن عمر يناهز ستة وخمسين عاما.
هنا مرة أخرى، سيكون من الخطأ فصل صورة الفقيه عن شخصية رجل الدين؛ ذلك أننا نعلم دور العقيدة الإيمانية لابن تومرت في تكوينه الفكري الأول، وحيوية النضال الذي قاده الموحدون من خلال تبشيرهم المضاد للمذهب المالكي الضيق الذي سقط فيه المرابطون والعلماء في نهاية حكمهم.
يحتفظ ابن الأبار نفسه، في كتابه سالف الذكر، بأربعة عناوين فقط من بين كتب ابن رشد: كتابه في الفقه، "بداية المجتهد ونهاية المقتصد"؛ كتابه الشهير في الطب، "الكليات"؛ اختصاره لكتاب الغزالي المخصص لأصول الفقه. وأخيراً كتاب عن اللغة العربية يتناول ما يجب معرفته في النحو.
كما نرى، تحدث ابن الأبار عن كتابين من بين الكتب الأربعة التي تم الاستشهاد بها ولم يقل كلمة واحدة عن الإنتاج الفلسفي، سواء تعلق الامر بكتبه الأصلية أو بشروحات أرسطو أو بكتاب "تهافت التهافت" الذي رد فيه على الغزالي.
من الواضح تماما أن هذه الأوجه المختلفة التي ذكرناها على التوالي لا تشكل ثلاث شخصيات مختلفة لابن رشد؛ إذ عرف كيف يوحد قناعاته الدينية والفلسفية بينما كان يمارس نشاطا فكريا عظيما كرجل فقه ويمارس نشاطا عمليا كقاض، وهما بدورهما لا ينفصلان عن تجربته كرجل مؤمن وفيلسوف باحث عن الحقيقة. لكن ضعف ثم اختفاء الإسلام في الأندلس، وما صاحب ذلك من انقراض للأوساط الفكرية الفلسفية والفقهية، دفع الإسلام الغربي على الفور تقريبا إلى نسيان هذا الوجه العظيم للفكر الإسلامي في العصور الوسطى، دون أن تكون للشرق الغارق آنذاك في الاضطرابات السياسية العارمة، القدرة على اتخاذ المبادرة.



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوح الذاكرة: عبرات معلم مقبل على الانتحار شنقا
- مالي تلغي 11 اتفاقية استعمارية فرضتها فرنسا على دول إفريقية ...
- دقت طبول الحرب في الساحل وبدات رمال الصحراء تغلي
- موقع ابن رشد الفيلسوف والقاضي والفقيه بين الإسلام والمسيحية ...
- فرنسا بين التدخل العسكري في النيجر ورفض مشاركتها في القمة 15 ...
- موقع ابن رشد الفيلسوف والقاضي والفقيه بين الإسلام والمسيحية ...
- النيجر: حول التدخل العسكري المتوقع من المجموعة الاقتصادية لد ...
- أمريكا تعسكر مضيق هرمز وخليج عمان بدعوى مضايقة واعتراض إيران ...
- موقع ابن رشد الفيلسوف والقاضي والفقيه بين الإسلام والمسيحية ...
- المحكمة الفدرالية تطلق سراح ترامب بكفالة إذا انتهك شروطها يت ...
- حسن حامي: الطفولة الدبلوماسية أكثر سخافة من الهواية السياسية ...
- الحزب الشيوعي السوداني يطلق نداء إلى مواطنيه بعدم خوض الحرب ...
- حسن حامي: الجزائر مهووسة بالاحتفاظ بأراض انتزعتها ظلما من جي ...
- فرنسا تستخدم غواصة Suffren في عمليات خاصة
- ترامب يقود الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري رغم مشاكله ال ...
- ترامب يمثل أمام المحكمة بتهمة محاولته قلب نتائج الانتخابات
- ساحل العاج: وفاة رئيس البلاد السابق هنري كونان بيديه
- لماذا اختار بيدرو ساشيز المغرب مكانا لقضاء العطلة؟
- مناضلو حزب الشمعة بتمارة ينظمون دوة حول مستجدات إعادة هيكلة ...
- الاشتراكي الموحد بتمارة ينظم ندوة حول مستجدات إعادة هيكلة دو ...


المزيد.....




- توالي موجة الإدانات العربية لتصريحات نتنياهو عن -إقامة دول ف ...
- استنكار مجموعات -الألتراس- من عمليات تفتيش الشرطة داخل الملا ...
- -اشتقت لمدرستي- بي بي سي تطلق برنامج -درس- للتعليم في مناطق ...
- تشيلي تفرض حظر تجول في نبل وماولي لمكافحة حرائق الغابات
- سفير روسيا يبحث مع القائم بأعمال وزير الخارجية الليبي تعزيز ...
- قناة: ترامب يجدد الرقم القياسي لعدد المراسيم التي وقعها
- هل أساء للمصريين؟.. أحمد حلمي يثير جدلا واسعا بعد فيديو الري ...
- العثور على أستاذ جامعي في حالة حرجة قرب كييف بعد احتجازه من ...
- كوليبا: أوكرانيا فقدت فرصتها في امتلاك الأسلحة النووية عام 1 ...
- -يبدو مخيفا على التلفزيون-.. إيشيبا يروى انطباعاته عن ترامب ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - موقع ابن رشد الفيلسوف والقاضي والفقيه بين الإسلام والمسيحية اللاتينية (4/4)