|
تحذير من طلعت حرب للمصريين .... إما التغيير أو الفوضى
محمد منير
الحوار المتمدن-العدد: 1727 - 2006 / 11 / 7 - 10:39
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
ليس امامنا إلا أن ندخل فى الموضوع دون مقدمات ، فما حدث فى شارع طلعت حرب بوسط البلد ثالث ايام العيد لم تقف دلالاته عند حد دق ناقوس الخطر وإنما تجاوز الامر الناقوس بمراحل الى الحد الذى اصبح لا وقت للمقدمات أو المداخل . اصدقائنا "المدونين " نقلوا الموضوع بذعر الغيور على وطنه ، واحترم ما قاموا به ، ولكنهم فى خضم الانفعال توقفوا فى عرض ما حدث على انه سعار جنسى ادى الى هذا الانفجار العشوائى . ومن ناحية الشكل والسرد ربما بالغ اصدقائى "المدونين " فى عرض الموضوع بالقدر الذى اعطى للبعض من المشتاقين أن يستغلوا هذه المبالغة فى خلق ساحة دفاع عن النظام الذى حمله المدونين مسئولية ما حدث ، وهى مناسبة وفرصة للمشتاقين بعد أن كثر عددهم وزادت احتياجاتهم لمناسبات التسلق المغلف بشعارات الوطنية وعشق مصر وغيرها . من خلال متابعتى تبين أن ما حدث من الناحية الشكلية كان له سبباً ومفجراً فقد اعتادت الكافتيريات الموجود اسفل مول طلعت حرب أن تستضيف عدد من الشباب هواء الديسكو وما يستتبعه ، وشهدت هذه الكافتيريات العديد من المشكلات مثل اعتداء شاب على فتاه ، أو قيام شابة ( حدقة ) بالاستيلاء على موبايل شاب ( مدلوق ) وغيرها من مشكلات الفراغ المعروفة ، وفى هذا اليوم حدثت مشكلة شبيهة ادت الى قيام بعض الشباب بأقتحام أحد الكافتيريات فى المول لتأديب البعض الاخر من الشابات اللاتى قامت احداهن بمقلب مع واحد منهم ، وتطور الامر وتجاوز الطرفين الى الجمهور الذى شارك بالطريقة التى وصفها المدونين تماماً فمنهم من ضرب غطس فى الزحمة ليتلمس جسد أى فتاه ومنهم من وجدها فرصة لا يمكن أن تتكرر فى حياته لحصول على حضن أو قبله ، واخطلت الحابل بالنابل وتعرضت أى فتاه قادها حظها العثر الى هذا المكان فى هذه اللحظة للاعتداء . هذا من ناحية الشكل حتى لا يتهمنى أحد المشتاقين بالامنطقية أو اللاموضوعية وربما يصل بالاتهام الى حد العمالة لقيامى بتشويه صورة امه الحبيبة مصر ، وكأننا نعيش فى كوكب أخر مغلقة فيه كل وسائل الاتصال . اما من ناحية الموضوع فالحديث طويل .. سأبدأه بسؤال ..ماذا لوكان هذا المجتمع مجتمعاً سوياً عادلاً مستوعباً لطاقة الشباب ؟ ، ماذا لوا نه مجتمعاً بلا بطالة ؟ ، الاجابة أو القاعدة الاولية لن يصبح لهذه المواخير التى تشكل الحل البديل للشباب الضائع وجود . السؤال الثانى ... ما ذا لو افترضنا ،بلا قواعد ، حدوث مثل هذه المشكلة فىمجتمع سوى ؟ .. الاجابة لن يكون رد فعل الشارع تجاه هذه المشكلة كما حدث فى شارع طلعت حرب . وربما كان رد الفعل مواجهة وردع للخارجين .. وهذا ما كان يحدث فى مصر حتى عشرين عاماً مضت . السؤال الثالث .... مالفرق بين المجتمع من عشرين عاماً مضت والمجتمع اليوم ؟ هذا هو الموضوع .. من عشرين عاماً مضت كان المصرى يشعر انه يعيش داخل وطنه ويستمتع به زاد دخله أو قل ، كانت هناك ازمات اقتصادية ولكنها لم تنال من حريته كان يستطيع أن يتمشى على شاطئ النيل بأمان ليفرغ جزء من ازمته ألان لا يوجد شاطئ لنيل فقد منحت الدولة جزء ضئيل منه للبعض من ارباب المهن وخاصة المهن التى ترتبط بالسلطة لتضمن سكوتهم على الجزء الكبير الذى استولت عليه جماعات الضغط من رجال الاعمال لتحويله الى مشروعات استثمارية بغض النظر عن القانون الذى ينص على أن حرم النهر ملكية عامة لا تملك حتى الدولة التصرف فيها وهو المبدأ الذى التزم به الخديوى اسماعيل بإعتبار أن النيل هبة الله لشعبة ولا يمكن الاستيلاء عليه أو حرمان الشعب من التمتع به إلا أن خديويا آخر انتهك هذا المبدأ بعد أكثر من مائة وعشرين عاماً تحت دعاوى الاستثمار والانفتاح وغيرها .... ما علينا ، تم حصار غلابة الشعب داخل المدينة المزدحمة متلاصقين يتبادلون هموهم وازماتهم الاقتصادية والصحية والاجتماعية ، ويفرغون انفعلاتهم فيما بينهم فى محاولة لخلق اكتفاء ذاتى لاستيعاب اُثار الفقر والانتهاك .. . حتى شوارع المدينة المزدحمة تم تقسيمها طبقياً فلا يمكن لمواطن الدرجة الثالثة ان يسير فى امان فى شوارع مواطنين الدرجة الاولى بل أن هناك شوارع ممنوعة تماماً على المواطنين وهى ليست فقط شوارع المسئولين بحجة الحماية الامنية ، وانما هناك شوارع الصفوة فعلى سبيل المثال لا الحصر استولى فندق شيراتون بالدقى على شارع وحوله الى ممر خاص له ، وقام فندق فور سيزون بالجيزة بإغلاق شارعين كاملين امام المارة من ذوى الصفة الثالثة ، كل هذا من اجل حب مصر وعدم اظاهرها امام العالم بصورة مشوهة ، والتأكيد امام العالم ان مصر ليست هؤلاء الفئة الثالثة التى يتم دفعها الى الداخل بعيداً عن انظار العالم كالحيوانات التى يتم حبسهم داخل الاقفاص ، وربما يقومون فى المستقبل بالتخلص منهم بالاعدام كما كان يحدث مع اطفال الشوارع فى إحدى دول امريكا اللاتينية ، واعتقد انه مصير قريب . ليست فقط الطبيعة هى الشئ الوحيد المسلوب من فقراء المصريين .. الغذاء ايضاً مسلوب انتشرت السوبرماركتات العظيمة لتحمل انوعاً من الاغذية شديدة الابهار وبإسعار خيالية ، بينما السلع الاساسية اللازمة للحد الادنى للمعيشة تجاوزسعرها حد دخل المواطن الفئة الثالثة بعدة مراحل ، واصبح الجوع مصير يهدد الغالبية . الملابس بأسعارها الباهظة وخاماتها شديدة الضرر ... الحق فى التعليم الذى اصبح مرتبطاً بالقدرة المالية وليست الكفاءة العلمية واصبح من المعتاد أن ترى طالباً فى كلية طب خاصة يؤهل ليصبح طبيباُ بمجموع 50% فى الثانوية العامة بينما زميلة من الفئة الثالثة والحاصل على 90% لا يملك هذا الحق . هذا هو المنطق والحال الان ... هذا بالطبع غير الاوضاع الاجتماعية والبطالة والدخول المحدودة وعدم تكافؤ الفرص والمتوج كله بالفساد السياسي والقيم المنهارة .. وحتى الخطاب الدينى اصبح خطاباً متدهوراً بعيداً عن الاوضاع المعيشية حدوده حب الله ورسوله ( وهى والله العظيم امور مهمة وانا مقتنع بها ) ولا يتناول رجال الدين الحق فى الحياة الكريمة ورفض الفقر الذى قال عنه عمر بن الخطاب لوكان الفقر رجلاً لقتلته ،واصبح رجالا الدين نوعاً من اثنين إما " كا جوال " مهمته تحلية الامور امام عينك بالرضا والاكتفاء بالايمان ، او " ضلمة " يسود كل الامور امامك ولا يدع لك حلاً إلا بالهروب الى الزهد لشراء الاخرة بالدنيا الفانية ، اما ابو ذر الغفارى الذى قال " عجبت لمن لم يجد قوت يومه ولم يخرج شاهراً سيفه " فهو من وجهة نظرهم راجل " مهياص هجاص". بالطبع شباب هذه الفئة الثالثة وهو مفتقد الى العمل والحرية والانتماء والامل والضياع دينياً بين مدرستى " الكاجوال والضلمة " والفساد السياسى واكذوبة الحزبية والديمقراطية ، لا يستطيع أن يفكر فى انه يكمل نص دينه بالزواج فهو لا يستطيع الباءة ليتحصن وايضاً لا يمكن أن يعيش كل حياته صائماً ليتجنب الانحراف .. وبعد ده كله عاوزه يشوف "هيصه" فى الشارع " وما يهيص " فيها ..... ده يبقى " رزل " .... واخيراً فأنه فى ظل غياب قوى سياسية تقود التغيير فى مصر وفى ظل التدجين السياسى للأحزاب فإن الحل المؤلم المفروض علينا هو مزيد من الفوضى بكل تبعاتها ... حذار
#محمد_منير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شبح الانقسام والحراسة يخيم على نقابة الصحفيين المصريين
-
فلتكن نقابة للصحفيين (2)...- كفاية دورتين
-
فلتكن نقابة للصحفيين
-
أنا فى عرضك يا كبير
-
الصحفيون المصريون ما بين - فسادومتر - رجال الاعمال وحقوق الم
...
-
مات القديس... مات الهلالى
-
حضور ممثلى الحكومة احتفالات التجمع ، وغياب العناصر المعارضة
...
-
جلسات اللجنة المركزية للتجمع اليسارى فى مصر .. ظاهرة ديمقراط
...
-
فى مصر .. - حالة حوار - بين قبضايات الصحافة وازكياءها
-
من المستفيد من تقويض حرية الصحافة فى مصر .. ومن الخاسر ؟
-
متاهات
-
حماية الدولة للاحتكار وراء كارثة الطيور فى مصر
-
كحلي أورادك
-
ايام اشتراكية فى القاهرة
-
الأرض
-
إني أتنفس شعراً
-
وما نيل المطالب بلعن الاخوان ... ولكن تؤخذ الدنيا كفاحا القض
...
-
وما نيل المطالب بلعن الاخوان ... ولكن تؤخذ الدنيا كفاحا
-
لماذا فاز عارف بنقابة الصحفيين المصريين
-
الرد على فتوة الحزب الوطنى فى مصر
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|