مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 1727 - 2006 / 11 / 7 - 10:46
المحور:
الادب والفن
الجواد الأبيض ..؟
أتانا الجواد الأبيض يوما ..
مسرعا في دروب الغيط .. والقيظ ,
والقحط .
مسرعا , مسرعا فوق رمال الصحراء ,
الثريّة بالذهب الأسود –
لم يتوقّف ..
لم يستقبله أحد !؟؟
مشى فوق مراعي السهوب ..
أتانا دون فارس .. دون قائد ,
في فجر ليس ككل الأيّام
كان عجيبا غريبا .. مدهشا .
كنّا نائمين .. كنّا ضائعين .. تائهين
لا مبالين ,
كنّا خائفين , غير موحّدين .. مفكّكين , ومشرّدين .
بعضنا , يتقاتل على الحدود ..
والاّخر ينبش السلالات والطوائف ,
والأعراق والأنساب والجدود
والقبور .
بعضنا .. كان يهرّب المال
أو .. يهرّب الاّثار , أو الأعشاب " المخدّرة ,
أو يتباهى بمضغ القات ؟؟
أو ينشئ الشركات .. ويتاجر بالممنوعات ,
والبعض كان مخمورا , فوق موائد القمار
يحرق الدولار
للبذخ , أو للبطر
أو راقصة
للمتعة أو الإفتخار ؟
بالمال والسلطة , أو الرجولة ,
بالوراثة , والأجهزة , أو الفحولة !؟؟
اّه .. اّه يا فادي .. يا شادي
يا بلادي ..!
أين كنّا ذاك اليوم
الذي أطلّ الصباح
بزنبق أبيض .. وغار الجبال ؟
أين كنّا نتجادل .. نتخاذل
نتقاتل .. نتباعد .. نتفاحل .. نغزو ونتجاوز
نتاّمر
نتحكّكم نتظلّم ,
نسجن نقتل ونبعد .. ونهرول؟؟
لم ندر أننا كنّا نضعف , ولم نأسف ,
لماذا كنّا ملطّخين بالوحل .. والدجل ,
بالوساخة
والخرافة
متحزّمين بالغرور !؟
أخذ الحصان معه .. كلّ البيارق ,
جمع الرايات .. وأوسمة المعارك ,
والشهداء
وأبطال النضال
أخذ كل الأسماء
والتاريخ النظيف
وأطباق الزهور ..
كان يوما مشهودا , ذاك اليوم
كان يوما مشهودا لذاك الفارس الثائر –
أتى ... ولم يأت
ذاك الجواد الأبيض .
مرّ من هنا ... من أمامي
في مدينتي .. في عاصمتي
في سماء بلادي الوهّاجة .. يجرّ عربة ذهبية
يجرّ عربة ذهبية من نور
مشى في شارع الياسمين
وحوله هالات البخور
وعلى ضفاف الأنهر الدفّاقة
ذهبا أخضرا , وأصفرا , وأبيضا .
عندما مرّ من أمامي
من هنا ...
كانت السنابل مثقلة بالقمح
والبساتين غنيّة وفيرة بالثمار
بالنخيل .. والزيتون
بالجوز .. وزهر اللوز, والرمّان
عبّأت سلال الغوطة .. والدلتات
والسهول العربية
لبنا .. وعسلا .. وحلا ه .
انحنت أمامه شجيرات الورد
كان الأطفال وحدهم , يلعبون في الطرقات
وطيّارات الورق تزيّن المكان
وأغاني الأمّهات
وقصائد وطنيّة .. من هنا وهناك
تملأ الأرجاء
وأناشيد البلاد
تصدح في الفضاء
غرّدت عصافير الأرز والسنديان
رفرفت حمائم المساجد والكنائس
والقدس ..
لأنه يوم فرح
وعرس حريّة
وانتصار –
لماذا لم تأت ثانية أيّها الجواد المسرّج
لماذا لم تأت ثانية بفارس مغوار ؟
لماذا لم تأت ..؟؟؟
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟