|
طور سيناء
طلعت خيري
الحوار المتمدن-العدد: 7700 - 2023 / 8 / 11 - 13:34
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
في بداية الدعوة الإسلامية كان الدين في مكة يقتصر على الإيمان بالله واليوم الأخر غير مكرس ميدانيا بالإعمال الصالحة - فقد اهتم بالجانب الإنساني كإطعام الفقراء والمساكين والمساواة بين شريحتي الأغنياء والعبيد في مجال الإنفاق على الأشياء الأساسية كالكساء والطعام – لا يمكن إبقاء الدين على هذه الوتيرة ان الم يكرسا واقعيا بالإعمال الصالحة ففي سورة المؤمنون حدد الله شكل الأعمال الشخصية التي سيمارسها المؤمن خلال حياته اليومية والتي تتلاءم مع عقيدة الإيمان بالله واليوم الأخر- قال الله – قد افلح المؤمنون – من هم المؤمنون - الذين هم في صلاتهم خاشعون – ليس المقصود هنا الصلاة في المساجد لان السورة نزلت في مكة وليس في المدينة بمعنى قبل بناء المساجد – فالخشوع يخص الصلاة في البيوت التي يقضي فيها المصلي وقتا طويلا يتلوا ما نزل من آيات القران – والذين هم عن اللغو معرضون –اللغو هو الكلام الفارغ الخالي من الأدلة الدينية كجدال مشركي أهل مكة بآيات القران – والذين هم للزكاة فاعلون – الزكاة لا علاقة لها بالأموال لأنها تخص زكاة النفس التي تعكس تطابق الإيمان مع العمل واقعيا فالقول لا ينفع بدون عمل – فمن أعمال الزكاة الفاعلة المحافظة على الفرج من الزنا– والذين هم لفروجهم حافظون - مستثنيا من ذلك ما يمارسه الرجل مع زوجته بشكل شرعي أو مع ملك يمينه – ملك اليمين ليس مخلفات غزوات ولا حروب ولا سبي إنما هي شريحة اجتماعية تعامل بها أهل الجاهلية قبل الإسلام – فمن شروط المحافظة على الفرج تحديد التعامل مع ملك اليمين بشكل عام لقطع الطريق على المؤمنين من ممارسة أعمال الجاهلية – فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون – فمن ابتغى من وراء ملك اليمين المتعة أو اللذة الجنسية كما كانوا يفعلونه في الجاهلية فأولئك هم العادون – والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون – الأمانة - كل ما وهبه الله للإنسان كالحواس والعقل والفكر وغيرها –وعهدهم – العهد كل ما ابرم بين طرفين وكل ما عاهد الله به بني البشر في إيصال رسالاته الى الناس- راعون – مع مراعاة حقوق الأمانة والعهد في كل الأحوال والظروف – والذين هم لصلواتهم يحافظون – الصلوات ليس الصلاة إنما هي قيم الدين التي يتعامل بها المؤمن مع الآخرين – ولكي نحافظ عليها يجب إبعادها عن ازدواجية المعاير التي تكيل الدين بمكيالين تبعا للمصالح -- أولئك هم الوارثون يوم القيامة – الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون
قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ{1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ{2} وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ{3} وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ{4} وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ{5} إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ{6} فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ{7} وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ{8} وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ{9} أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ{10} الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{11}
عندما نفكر باله ليس له وجود مادي فأي فكرة عنه ستكون ضرب من الخيال اللاعقلاني فمادية الأشياء تخضع لتأثيرات فيزيائية وكيميائية تؤثر عليها حتى تتلاشى وتنتهي مع مرور الزمن- فسر بقاء الله الأزلي بعيد عن الفناء لأنه غير مادي - ولكن ما يشير الى وجوده هي الأشياء المادية التي أوجدها في الطبيعة والتي يكون فيها الإنسان عاجز عن إيجاد بديل عنها في حالة نفاذها – مثل مادي ضربه الله على إنسان لاستيعاب عظمة الخالق - ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين – ثم جعلناه نطفة في قرار مكين – ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا أخر فتبارك الله أحسن الخالقين – ثم أنكم بعد ذلك لميتون – ثم أنكم يوم القيامة تبعثون – أمثلة أخرى مادية - ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق- سماوات -وما كنا عن الخلق غافلين – وأنزلنا من السماء ماء بقدر فاسكناه في الأرض وأنا على ذهاب به لقادرون – فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب ولكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون – وشجرة تخرج من طور سيناء – كل شجره لها طور إنتاجي سنوي موسمي وهذا التطوير المادي خاص بأشجار الفواكه إلا شجرة الزيتون خرجت عن طور بقية الأشجار لأنها مصدر غذائي لموسمين - طالما الاية ذكرت شجرة إذن بقية المحاصيل كعباد الشمس وفول الصوية غير مشمولة بهذا الوصف - سيناء ليس صحراء مصر لأنها بيئة غير ملائمة لزراعة الزيتون – حال طور الشجرة سيناء – سيناوية الإنتاج - سن لها دون بقية الأشجار بان تكون مصدر غذائي على طول السنة – مقسما الى مرحلتين – إذا أردنا الحصول على الزيت نجني الزيتون في نهاية الصيف – وإذا أردنا زيتون المائدة نجنى الزيتون في نهاية الشتاء – ويمكن استخدام كلا الموسمين للزيت والطعام - وان لكم في الإنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون – وعليها وعلى الفلك تحملون --
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ{12} ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ{13} ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ{14} ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ{15} ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ{16} وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ{17} وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ{18} فَأَنشَأْنَا لَكُم بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ{19} وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ{20} وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ{21} وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ{22}
جميع الأشياء المادية التي ذكرنها أعلاه هي أشياء أنشئها الله منذ بداية الخليقة فالأمم كانت ولازالت الى يومنا هذا تتمتع بما سخره الله لها - فالأسان مرحلة متقدمه بالنسبة لجميع الخلائق لكي يواكب ما سخر له – عدم وجود الله المادي وغياب يوم البعث والنشور الأخروي - احد الأسباب التي دفعت بالأمم السابقة الى الكفر بالله علما ان تلك الأمم تمتعت بكل الأشياء المادية التي سخرها الله لها – ولنا مثلا في ذلك قوم نوح --ولقد أرسلنا نوحا الى قومه – فقال- يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره أفلا تتقون – تتقون- تبعدون أنفسكم عن عذابه - إذن هم يؤمنون باله مادي لذا أنكروا وجود الله لعدم ماديته – هم لا ينكرون اسم الله جملة وتفصيلا - ولكن الأفكار الانطباعية الشركية التي يؤمنون بها تختلف عما جاء به نوح في الدعوة الى الإله الواحد – فقال- الملا الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد ان يتفضل عليكم – تكهن اعتقادهم الشركي التراثي الموروث عن الآباء - ان ما جاء به نوح هو طرح فكري جديد يسعى من ورائه الى بناء مكانة دينية له داخل قومه – لذا هم استبعدوا اختيارية الله لبشر في إيصال رسالته للناس - فهم يريدون رسول بحدود ما يؤمنون به كالملائكة – فقالوا - لو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين – ان هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين – حتى ينتهي أمره – قال ربي انصرني بما كذبون – فأوحينا إليه ان اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين واهلك إلا من سبق عليهم القول ولا تخاطبني في الذين ظلموا أنهم مغرقون – فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين – وقل ربي أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين – ان في ذلك لآيات وان كنا لمبتلين – سلط الله عليهم شيء من أشياءه المادية كالماء فقضى عليهم
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ{23} فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ{24} إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ{25} قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ{26} فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ{27} فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ{28} وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ{29} إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ{30}
#طلعت_خيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملك إحساسي
-
وطني دجلة والنوارس
-
أنا – وقلبي
-
التراث المكي وثنية الحج
-
جدال الخصوم
-
الرجال قوامون على النساء بين الإسلام السياسي والتنزيل
-
ولقد كتبنا في ألزبور
-
أنا - وروحي - والقدر
-
خصوصية الأنبياء بين التراث الديني والتنزيل
-
هالة عاهد بين الاتفاقيات الدولية والإسلام السياسي
-
رمي الجمرات بين الله والشيطان
-
الأضحية بين التراث الديني والتنزيل
-
إبراهيم بين تحطيم الأصنام والتشدد الديني
-
اللعب والعبثية
-
طه - 2
-
يا يمه انطيني الدربيل انظر حبي وشوفه عيد الفطر 1444
-
طه - 1
-
ليلة القدر بين التراث الإسلامي والتنزيل
-
مريم - 2
-
مريم - 1
المزيد.....
-
مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا
...
-
وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار
...
-
انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة
...
-
هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟
...
-
حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان
...
-
زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
-
صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني
...
-
عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف
...
-
الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل
...
-
غلق أشهر مطعم في مصر
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|