أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - قالت لنا القدس/ عن القدس وبرلين15














المزيد.....

قالت لنا القدس/ عن القدس وبرلين15


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 7697 - 2023 / 8 / 8 - 20:49
المحور: الادب والفن
    


زرت برلين أوّل مرّة في العام 1975. كنت خارجاً من السجن الإسرائيلي بسبب نشاطي السياسي ضدّ الاحتلال. بشكل أدقّ، كنت مبعداً من وطني بموجب قرار اتخذته سلطات الاحتلال ضدّي، أي أنني لن أعود قادراً على العودة إلى القدس.
كان الجيش الإسرائيلي قد احتلّ الجزء الشرقيّ من القدس بعد هزيمة 1967 ، وبعد ذلك بأسابيع اتخذت الحكومة الإسرائيلية قراراً بتوحيد القدس. بعد ثماني سنوات من الاحتلال، لم يعد لي مكان في المدينة الموحّدة بسبب قرار جائر. فالوحدة التي تخفي في طيّاتها احتلالاً لا تبشّر بأي خير لي أو لشعبي.
آنذاك، حينما زرت برلين كانت المدينة مقسّمة. نزلت في برلين الشرقية في بيت صديق فلسطيني مقيم هناك؛ هو نعمان فزاري من كوادر الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وكان عليّ أن أجتاز سور برلين كلّ يوم، لكي أشارك في مؤتمر دولي للمسرح عقد في برلين الغربية. كانت تأشيرة المرور الممنوحة لي من سلطات برلين الشرقية لا تتجاوز مدّتها أربعاً وعشرين ساعة، ما يعني أنني مضطرّ للعودة كلّ مساء إلى برلين الشرقية والحصول على تأشيرة مرور جديدة، أتمكّن بموجبها من اجتياز السور، والتوجّه إلى برلين الغربية للمشاركة في المؤتمر في النهار، والعودة في المساء إلى برلين الشرقية. كانت إجراءات العبور بين شطري المدينة المقسّمة تبدو لي غير طبيعية على الإطلاق.
مع ذلك، استمتعت بالتجوال في شطري برلين، وكنت أدرك أن شعباً واحداً يعيش مقسّماً بسور أملته ظروف سياسية معقّدة فرضتها نتائج الحرب العالمية الثانية واندلاع الحرب الباردة بين الشرق والغرب. وكنت وأنا في برلين، أحدّث أصدقائي العرب والألمان الذين تعرّفت إليهم في تلك الزيارة، عن القدس التي ولدتُ فيها ثم حرمت من العيش فيها. كانت برلين المقسّمة آنذاك تسبّب الأسى والحزن لكثيرين من الألمان على جانبي السور، وكانت القدس الموحّدة تسبّب لي ولشعبي ولملايين العرب والمسلمين والمسيحيين على امتداد العالم معاناة، ما زالت ماثلة في الواقع وفي الأذهان حتى الآن.
شاركت في شهر أيلول من العام 2008 في مهرجان ثقافي في مدينة ستافنجر النرويجيّة، مكرّس للبحث في الأسوار التي تقسّم المدن أو البلدان، مثلما تقسّم البشر وتعزلهم عن بعضهم بعضاً حينما تنتقل هذه الأسوار من على الأرض، لتصبح ماثلة في العقول وفي الأذهان. وقد شاركت في ندوة حول الأسوار أنا والكاتب الألماني ثوماس برسيغ الذي كتب عن سور برلين، والكاتب الإيرلندي جلين باترسون الذي كتب عن سور بلفاست.
تحدّثنا في تلك الندوة عن الأسوار: عن سور برلين، سور بلفاست، وسور القدس. وتحدّثنا عن الضرر الناشئ عن إقامة مثل هذه الأسوار، وعن العقليّة التي تقف وراءها وترتضيها كما لو أنها أمر طبيعي لا غبار عليه، في حين أنها غير طبيعية بالمرّة وهي منافية للعقل السليم وللتفكير السليم وللعلاقات الطبيعية التي يجب أن تظلّل حياة البشر، ثم إنّ فيها اعتداء على المدن نفسها، على جمال العمران فيها، على انسياب الحياة الطبيعية فيها، وعلى منطق الحياة السويّة التي تكره كلّ ما يعيق الحركة والتواصل والانسجام.
تحدّثت في حقيقة الأمر عن سورين اثنين يحيطان بمدينة القدس. السور التاريخي الذي يحيط بالقدس القديمة، والذي بني قبل آلاف السنين وأعيد ترميمه قبل خمسمائة عام في زمن العثمانيين حينما حكموا القدس. هذا السور يعتبر امتداداً طبيعياً للمشهد العمراني في المدينة، ويشكّل الآن أثراً تاريخياً مهمّاً فيها، في حين كان في الماضي يحميها من الغارات الخارجيّة والغزوات.
أما السور الثاني، فهو الذي شرع حكّام إسرائيل في بنائه قبل بضع سنوات، حول القدس الشرقية وعلى امتداد الضفّة الغربية، ويبلغ طوله ما يقارب سبعمائة كيلومتر، وهو مكرّس لاقتطاع مساحات واسعة من أراضي الضفّة الغربية الفلسطينية المحتلة، ولضمّها إلى إسرائيل، وكذلك لعزل القدس الشرقية عن محيطها الفلسطيني وضمّها نهائياً إلى إسرائيل باعتبارها مدينة يهودية. يجري ذلك في تجاهل تامّ للحقيقة التي تقول إنّ القدس مدينة عربية إسلامية ذات امتدادات مسيحيّة، وفي تجاهل تامّ لحقيقة أنّ غالبية الدول في عالمنا المعاصر ترفض تهويد القدس الشرقية وضمّها إلى إسرائيل.



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قالت لنا القدس/ عن بيت السكاكيني14
- قالت لنا القدس/ عن الفنان عادل الترتير
- قالت لنا القدس/ عن الفنان المسرحي فرنسوا أبو سالم12
- قالت لنا القدس/ عن المدينة والثقافة والتراتب الاجتماعي11
- قالت لنا القدس/ عن شارع صلاح الدين10
- قالت لنا القدس/ عن الحياة الثقافية في المدينة9
- قالت لنا القدس/ شارع الزهراء8
- قالت لنا القدس/ عن العمران وضواحي المدينة الآن7
- قالت لنا القدس/ عن مقاهي المدينة6
- قالت لنا القدس/ عن القدس ونزعة الترييف5
- قالت لنا القدس/ عن الشبابيك4
- قالت لنا القدس/ عن نساء القدس3
- قالت لنا القدس2
- قالت لنا القدس1
- مرايا الغياب/ مؤنس الرزاز4
- مرايا الغياب/ مؤنس الرزاز3
- الليلة الأولى... رواية لجميل السلحوت ضد الجهل
- مرايا الغياب/ مؤنس الرزاز2
- مرايا الغياب/ مؤنس الرزاز1
- مرايا الغياب/ بشير البرغوثي8


المزيد.....




- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - قالت لنا القدس/ عن القدس وبرلين15