|
الشرق الذي ينحر نفسهُ بيديه . ( رثاء لنا جميعا . أبناء الملح
نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 1726 - 2006 / 11 / 6 - 10:45
المحور:
الادب والفن
مبروك للغرب عولمته . مبروك للفاتيكان قداسات الأحد . ومبروك لكان مواسمها الزاهية برموش الممثلات . مبروك لناسا وهي تفكر بالسكن في كواكب المجموعة الشمسية كلها . مبروك لرئيس وزراء هولندا وهو يذهب بدراجته الهوائية من بيته الى مقر الوزارة . مبروكٌ لشامل أطعيمة من اهالي الجرباسية وقد حصل على الجنسية النرويجية وصار له الحق في الاعتراض على عدم الانتماء الى خانة اليورو والناتو ، بعد كان حظه في الاعتراض لايتعدى سوى حصته العالية في دية الفصل الذي سيدفعهُ جراء قتل حصل بين عشيرته واخرى محاددة لها بذنايب الهور . مبروك للحياة كلها في جغرافية أوربا وامريكا الشمالية واليابان وكوريا الجنوبية وبروناي ، وقرية آل بو جمعة الساكنة منذ ايام سومر فوق كوكب عطارد هروبا من حروب لاتعدُ ولاتحصى . والرثاء لنا جميعا . نحن الشرق المتورم من ركبتيه . المصاب بالملاريا والهملايا والكوليرا والمقابر الجماعية والايدز وبيع الرقيق وانتاج الملوك القساة وقاطعي الرؤوس ومفجري السيارات وأصحاب حقول الحشيشة ، ومنتج الافلام الهندية الطويلة ، ومخترعي طلبان ، والسكتة القلبية ، والتطبير والتهجير ودروشة قضيب الحديد الذي يخترق الخاصرة وحوادث القطارات والحروب الاثنية والقبلية والثقافية ..وهلم جرا ..علل لاتنتهي . والمشكلة إننا الأغنى ، والأكثر حسا في رؤى الشعر ، وأن الأنبياء جميعهم بعثوا في مدننا ، وحتى فراديس الاساطير هي هنا ، عدن ، وعاد ، والان يقال ( دبي ) رغم رطوبتها التي لاتطاق . نقيض عجيب ، ولكنه قائم وسيستمر . لإن الشرق ، سيظل شرقا يعتمد على وجوده في جعل الأرث قادماً ابديا له دون أن يدرك أن القادم هو المتغير وإن الارث مثار فخر وفائدته لاتعني أن نتكئ عليه دائما كما يحدث الان . اوربا بعد الحربين ، صنعت نفسها حين تأملت الشرق جيدا ، وإستغلت فيه هذا القصور في التعامل مع الزمن والتأريخ والمتوفر ولهذا علينا اليوم أن نمسك زمام الإتجاه الإخر ونتأمل أوربا لنستفيد من عدم وجود الصداع في راسها كما حاله معنا ، لأن الصداع الذي في رأس الشرق هو براكين من حمم التقاليد والجغرافيات المقسمة ومؤتمرات قمم القوميات والديانات والثروات . والحصلية إن الغرب لم يشهد انقلابا واحدا منذ ازمنة طويلة ونحن انقلاباتنا ( إمعِرة ) كما تقول الكلمة العامية العراقية ، دائما نحب الانقلاب حتى في المناظرة السياسية ، وحتى في محاولة معرفة السبب وراء هذا الموت الكمي لبشرنا كما يحدث في العراق وأفغانستان وقبائل البلوجستان وحروب الأعراق بين طوائف الهند ، وحرب العرب واسرائيل . وحروب اخرى بالتوت والنبوت بين فصائل اجتماعية في الكيان الواحد ، كما في حرب المليشيات وحرب التجار وحروب دوريات كرة القدم . فمن مهازل هذا ( الشرق ) إنه حتى العميان لايسلمون من تصفية الحسابات ، كما حدث في بغداد عندما دوهم مقر تدريب فريق العراق الوطني للمكفوفين وتم اختطاف مدرب الفريق وكابتن الفريق ( الذي لايرى ) فهل أحتاجوه ليكتشف لهم مخبئ خليفة الزرقاوي ؟! اتذكرُ حين قرات الأستشراق لإدوار سعيد ، وفهمت مايعتقده المفكر الامريكي ( الفلسطيني الأصل ) إدور سعيد إن الشرق خاضع لتراكم الزمن الماضي وإن الأتيان به دوما كان في لب الرسالة التنويرية لصناعة حاضر جديد لما يمتلكه هذا الماضي من سحر وبريق ، عرفت سر إدراك الغرب لعلتنا ، لقد كان الاستشراق رؤية للشرق من الباطن ، وهو رؤية مصنوعة من حكمة التماس بين الذات الشرقية والغربية فخرج الكتاب ليكون رؤية كان علينا ان نطور روحها حتى نطور الشرق الذي فينا . ولكننا نحن أبناء راولبندي لانحسن سوى عمل خلطة الباهارات وسماع اغاني شامي كابور ، فيما ظلت شختورة حضيري ابو عزيز تنادم بحة طور الشطراوي في عمق هور الجبايش . ونتاج هذا . إننا ندفع ثمن بقائنا في مؤخرة الحافلة . لانريد ان نعولم تاريخنا الرائع ونصنع من تجاربه عبرا ورؤى كما في ثورة الحسين ع وفي علم جابر بن حيان ، وصفاء نفس إبن العربي ، وعبقرية الخوارزمي . لم نستفد من هؤلاء العباقرة والعظماء سوى ان وضعناهم في واجهات كتبنا المدرسية ، وقد اخبرني سيد جليل وكبير ذات يوم إن الدولة العراقية في منتصف القرن الماضي عينت العالم المندائي الجليل عبد الجبار عبد الله رئيسا لجامعة بغداد ، وقد شاهدوا احد اعضاء مجلس الجامعة من التدريسين (يشطف ) كأس الماء قبل الشرب منه لإن رئيس جامعته كان قد شرب منه . أي شرق هذا ، واي رؤية ؟ هذا الشرق الذي في جوهره هو واحد من اجمل صناع الحلم في الخليقة ، شرق طوفان نوح ، شرق الاهرامات والزقورات ، شرق قباب الذهب في كربلاء والنجف وأصفهان وتاج محل ، شرق الف ليلة وليلة . شرق ام كلثوم وعبد الوهاب وعوض دوخي والمتنبي وغاندي وطاغور وصديقة الملاية ونلسن مانديلا . شرق جلجامش . والقدود الحلبية . شرق النفط والذهب والحنطة والموز والأنناس . شرق عاد ودلمون والجنائن المعلقة . والمحصلة . حروب . لجوء . عولمة توشم على ظهورنا شاشات الكمبيوتر والأقراص لتطور فينا الحلم ولكن على طريقتها الخاصة ، أي تأتي الف حاسوب لبلادك ومعه تأتي الف دبابة . ترى . الى متى تبقى هذه المعادلة الغلط . نحن أبناء الملح..وهم ابناء السكر ؟
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أور ومرتفعات كلمنجارو ودمعة تشبة قبلة امراة
-
أنا . انت . واولئك الذين سهت عواطفهم ...
-
من أجل العراق . رؤيا لااتمناها ، واخرى اتمناها
-
قيثار سومري لاغنية شركسية
-
البصرة وفؤاد سالم ذاكرتان في وردة واحدة
-
زعلان الاسمر مايكلي مرحبة
-
هلْ نسيَّ العراقيونَ الوردْ ؟
-
مرة اخرى جائزة نوبل ليست لاودنيس
-
صلاة من اجل العراق لا صلاة من اجل العراك
-
الارهاب يقتل شيخا مندائيا
-
العالم بين الابيض والاسود
-
الروح السومرية والروح العلوية وامكنة الاغتراب
-
هلو سنيور .. دافنشي من أهل الجبايش *
-
عطر الله في رئة الدمعة . ضوء الله في عين الوردة
-
سريالية : أذن ببغاء وغليون غونتر غراس
-
في الناصرية ..السيد كولمبنكيان بنى متحفاً
-
بلادٌ و حادلة إسفلتْ
-
صلاح نيازي ..وكيف ستكرمهُ مدينة الناصرية
-
دمشق ..قبر النبي يحيى
-
حوار مع الشاعر المغربي محمد الصابر
المزيد.....
-
من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم
...
-
الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
-
ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي
...
-
حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|