|
حزب الله الفلسطيني: والخيارات الإلهية!!!
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 1726 - 2006 / 11 / 6 - 10:46
المحور:
القضية الفلسطينية
مجازر على الهواء، والعرض ناجح، ومستمر، حتى نفاذ كمية أخرى من النساء، والأطفال. مشاهد الجنازات تطغى على المشهد العام. رائحة الدم في كل مكان، تغزو الفضاء، والفضائيات، التي صارت "كاتب محضر"، وشاهد زور، على هذه المذبحة الشنعاء، فيما وقفت شعوب المنطقة، مكتوفة الأيدي، تراقب الذبح الحلال، وتنتظر مزيداً من الضحايا الأبرياء، ولا حول، لها، ولا قوة على الإطلاق، ولم تنفع في تحريكها كل التكبيرات، وصيحات الحرب، و "وامعتصماه"، و "وا إسلاماه"، تلك الشعارات التي يبدو أنها في إجازة طويلة من الضمير والوجدان العام. دير حانون المنكوبة، كان لها النصيب الأكبر من عدد الضحايا، وتشهد مذبحة بشرية، وعملية إبادة جماعية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، وعلى عينك يا مجلس الأمن. مجلس الأمن، ذاته، الذي أصدر، فقط، أربعة قرارات دولية لا غير، كرمى لعيني الملياردير السعودي، والسوليديري الدسم رفيق الحريري، الذي مارس، ذات يوم، وفي أوقات فراغه، هواية رئاسة الوزراء.
لقد سقط، وحتى كتابة هذه المرثيات، التي لن توقظ أحداً من النيام، خمس وأربعون ضحية، وسط صمت مطبق، من قبل الجميع دون استثناء، على هذه الجريمة الفظيعة، والتصفيات الشنعاء التي يشيب لها الولدان، والتي بدأت تأخذ طابعاً جماعياً. كما أننا لم نسمع عن قيام أي من "حكماء" العرب، أصحاب المبادرات السلمية، والتوسلات، بإدانة هذه المغامرة العسكرية الإسرائيلية، ووصفها بـ" غير المحسوبة" ، كما استنوا سننهم العجيبة السابقة البلهاء. والنساء، اللواتي يشكلن العمود الفقري، في الموروث العقائدي، ولائحة الشرف، والعرض، والشرف العربي المهدور، كن الضحية الأولى لهذا العدوان، وسقط منهن اثنتان، بدم متجمد، لا بدم حار يراق على جانبي هذا الشرف العربي الرفيع، الذي بدا أنه لم يعد يسلم، كل مرة، من الأذى، والاغتصاب.
حزب الله اللبناني، أصبح مدرسة في المقاومة، ورد إسرائيل على أعقابها، ومرّغ جبهتها في الوحل، والتراب، ولذا كان له نصيب الأسد من نقد، ولوم "شرفاء" العرب، وربما لأنه أراق قليلاً من الدم، فداء لذاك الشرف المجهري الرفيع، الذي لم يعد يرى بالعين المجردة، واستمرأ "أصحاب الشرف" تلك الحالة. واستطاع حزب الله أن يعيد شيئاً من الكرامة المسفوحة على عتبات مجلس الوزراء الحربي المصغر. هذا الحزب أصبح مرجعية جهادية، لكل القوى التي أخذت من المقاومة، خياراً، وطريقاً للخلاص. كما كانت المعارك التي خاضها، في الصيف الماضي، فتحاً عسكرياً بكافة المقاييس، وأسقط كثيراً من الخطط العسكرية التقليدية، التي كانت سائدة حتى الآن، واستطاع أن يخترق، ولأول مرة، جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الشهير بالموساد، ويوقعه في أكثر من فخ عسكري. كما استطاعت قناة المنار، وبتكتيك إعلامي، واستباقي مميز، أن تتحدى سلاح الجو الذي لا يقهر، وتستمر بالبث، وشكّلت، بالنسبة لإسرائيل، واحدة من ألغاز هذه الحرب الكبرى.
كما نرى، أصبح الاستشراس الإسرائيلي مبالغاً فيه، واستهتاره بالأنظمة، والشعوب، على حد سواء، واضحاً، لا مراء فيه، وبات يتطلب فعلاً ما، وبأي شكل من الأشكال. وبما أنه لا يمكن التعويل على القوى، والأحزاب التقليدية العربية، ونظمها السياسية المتكلسة البائدة، والتي تستمر بالبقاء تحت عباءة التوافقات الدولية، وعززت وجودها بمعاهدات ثنائية، أو تفاهمات ضمنية، وسرية، مع إسرائيل، وصمّت آذانها، وعصبت أعينها، عن كل ما يجري من فظائع في قطاع غزة. ومن هنا، يبدو أن "أحزاباً لله وحدها"، أو ما بات يعرف بـ"الخيارات الإلهية"، هي، وحدها، التي قد تجلب الانتصارات في صقيع يعيش على القضاء، والقدر السياسي، والتنبؤات. على ألاّ يكون، لهذه الأحزاب، علاقة لها ببني البشر على الإطلاق، بعد أن نفضت الشعوب أياديها من أنظمتها الدنيوية التي عجزت في كافة ميادين الحياة. أحزاب تستطيع أن تؤدب إسرائيل، وتلقن جنرالات الاحتلال المتغطرسين، الدرس الذي كان يجب أن يتعلموه من زمان، وتفرض عليهم الكثير من الشروط، وتحدد زمان بدء، وانتهاء القتال، وتعرضهم للمهانة، والحيرة، والإذلال. فلِمَ لا يأخذ الفلسطينيون، ومع الاحترام التام لتاريخهم، وتجربتهم النضالية بشكل عام، بهذه الخيارات الإلهية، التي لم يبق غيرها، على ما يبدو، والتي نجحت في حرب تموز الماضية، وأجبرت إسرائيل على الانسحاب، في أيار(مايو) عام 2000، وبالقوة من أراض عربية محتلة، ولأول مرة في تاريخ هذا الصراع الذي شارف على الستين عاماً؟ فهل آن الوقت، ولادة حزب الله الفلسطيني؟ من يؤدّب إسرائيل، ويضع حداً لهذا التمادي، والجنون، والطغيان؟
إنها الأماني الإنسانية البسيطة بعالم لا ينتفي منه الظلم، والطغيان. ولكن لا ننكر، في نفس الآن، أنه قد لا تسمح معادلات المنطقة العسكرية، واستراتيجيات دول الجوار، وتحالفاتها لولادة قوة سياسية، وعسكرية فاعلة كحزب الله الفلسطيني. كما أن الوضع الديموغرافي الفلسطيني، يختلف كلياً عن مثيله اللبناني، ولا يوجد قوة عربية مجاورة توازي إيران، وتتجرأ على دعم حزب الله الفلسطيني. فهل هناك شرط وحيد، وكفيل لولادة حزب الله الفلسطيني أم أن هناك شروطاً موضوعية، وإيديولوجية، أخرى لا تتوفر في الحالة الفلسطينية؟ كما أنه لا بد من الاعتراف، أن الواقع اللوجستي لا يسمح بولادة حزب لله فلسطيني الهوية، مدعوم بأطراف إقليمية فاعلة، لاسيما أن الدولة الفلسطينية، التي أسسها ياسر عرفات "أوسلوياً"، محاطة بكيانات سياسية صار هدفها الأول والأخير، وعبر معاهدات السلام، حماية أمن إسرائيل، و"التبليغ" عن أي انتهاك وخرق لمعاهدات السلام، ورتبت بحيث لا يوجد لها منفذ هواء.
انهارت، وبرمتها، المشاريع القومية، والوطنية الدنيوية. فهل لم يتبق سوى الله، والسماء لنجدة المظلومين والفقراء، وتحقيق الانتصارات؟ وهل تكون الخيارات الإلهية، وحروب الأساطير السماوية، هي، وحدها، التي تستطيع أن تقهر إسرائيل، القائمة على الخلفيات الغيبية، والأحلام التوراتية؟
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجريمة والنقاب
-
هل هي قصة لحم مكشوف، أم فكر مكشوف؟
-
جبهة الخلاص الوطنية الأمريكية وطريق الضلال
-
مثلث برمودا الفكري: نقاب، وحجاب، وجلباب
-
قناة الشام الفضائية: الكوميديا السورية السوداء مستمرة!!!
-
كل ربع ساعة وأنتم بخير
-
المزرعة الإخوانية
-
الحوار المتمدن في دائرة الاستهداف
-
رئيس مغتصب، و زير نساء
-
لا، ........يا وفاء سلطان
-
العرب بين فسطاطين
-
الفبركة الأمنية، والأبواق السعودية، في محاولة تفجير السفارة
...
-
وزارة الاتصالات السورية تكافح الإدمان
-
هل ستصبح القومية إرثاً من الماضي؟
-
قطر تمنع فضيحة عربية في الأمم المتحدة
-
صعود التوتاليتاريات الدينية
-
هل يصبح شافيز رائداً من رواد القومية العربية؟
-
الغادري: حين يطقّ شرش الحياء
-
للبيتِ ربٌّ يحميه
-
الأمن الشمولي والأمن الديمقراطي
المزيد.....
-
مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
-
السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون-
...
-
مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله
...
-
اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب
...
-
محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
-
مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
-
من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
-
خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال
...
-
هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
-
قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|