أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي السمعلي - مدخل لفهم الصراع الطبقي عند ماركس وانجلس















المزيد.....


مدخل لفهم الصراع الطبقي عند ماركس وانجلس


شادي السمعلي

الحوار المتمدن-العدد: 7693 - 2023 / 8 / 4 - 19:02
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


-ما قبل صراع الطبقات:
منذ عدة مئات الآلاف من السنين، في حقبة لا يزال يستحيل تحديدها بدقة، في حقبة من هذا العهد من تطور الأرض الذي يسميه الجيولوجيون؛ العهد التكويني الثالث، أو من المحتمل في نهايته.. كان يعيش جنس من القرود أشبه ما يكون إلى الإنسان وكانت قد بلغت درجة عالية من التطور . عاشت هذه القرود على شكل جماعات على الأشجار تستخدم الأيادي و الأرجل للتسلق، لكن بوظائف متباينة، فصارت مع مرور الزمن تفقد الاعتماد على أيديها للمشي، فبدأت تستقيم مشيتها لتصير عمودية شيئا فشيئا، وعليه بدأ أول تقسيم للعمل بين وظيفة الأرجل ووظيفة الأيادي؛ فاليد صارت تستعمل في الغالب للقطف ولمسك الغذاء، أيضا لبناء الأوكار في الأشجار.. استطاعوا كذلك بناء السطوح بين الأغصان للوقاية من سوء الطقس، إضافة إلى أن اليد أصبحت قادرة على مسك القضبان للدفاع عن أنفسها ضد الأعداء برميهم بالحجارة أو الأثمار. أما الأرجل فهي للتسلق والمشي، فمن هذا التقسيم الأول للعمل بدأت النزعات الأولى للتحول وكما يقول انجلس: "شرعت هذه القرود تفقد عادة الاعتماد على أيديها للمشي على الأرض، واتخدت أكثر فأكثر مشية عمودية. هكذا تمت الخطوة الحاسمة للانتقال من القرد إلى الإنسان" وخلال الآلاف من السنين من التطور البطيء كان لابد أن تتكيف يد أجدادنا في المرحلة الانتقالية من القرد إلى الإنسان لتصير أكثر قدرة على العمل، لكن لا لكونها أداة أو وسيلة للعمل وحسب،وإنما هي أيضا نتاج للعمل. إذ بفضل العمل اكتسبت العضلات مرونة أكثر وارتبطت العظام على نحو متناسق بعد تطور بطيء جدا أكسب اليد تكيفا نوعيا حيث صارت بمقدورها الأن العزف على الكيتار وبمرونة فائقة وأيضا صنع أشياء ساحرة هذا لن ينسينا البدايات الأولى التي كانت جد بطيئة حين صنعت اليد أول سكين من الحجر أو الرمح كذلك. فالأهم هنا هو أنها تحررت واكتسبت مهارات جديدة. فلما كان لتطور اليد مع العمل في علاقة جدلية بين عمل اليد وتطورها خلال وعبر العمل، الذي بدوره أسهم في تمتين الصلات بين أفراد المجتمع من خلال العون المتبادل و النشاط المشترك، إلى أن ظهرت رغبة جديدة من خلال الحاجة إلى أن يقول أحدهم للآخر شيئا ما، فخلقت هذه الحاجة لنفسها عضوها . بفضل التلحين تحولت حنجرة القرد الغير المتطورة، تحولت ببطء شديد فتكيفت لتصير قادرة على نطق وإخراج أصوات بعينها، من خلال تكيف أعضاء الفم شيئا فشيئا، هذا ما جعل بالضرورة تطورا مهما في عضو السمع وما يرافقه من تطور لعضو الدماغ وباقي الحواس..
وبخصوص التغذية التي كانت عاملا أساسا في تطور الدماغ حيث أن استهلاك المواد اللحمية إلى جانب المواد النباتية جعل الدماغ يتلقى المواد الضرورية لتغذيته وتطوره بمقدار أكثر من السابق بكثير، وقد ساهم هذا كثيرا خصوصا بعد بدء استهلاك الأسماك بعد صيدها إلى جانب المواد النباتية، حيث أسفرت هذه العملية على خطوتين جديدتين حاسمتين في التطور، وهما استعمال النار وتدجين الحيوانات؛ يقول انجلس ان استعمال النار قصرت من عملية الهضم إذ زودت الفم بغذاء نصف مهضوم. وبخصوص الخطوة الثانية فقد وفرت وأمنت الغذاء اللحمي، إلى جانب صيد الحيوانات البرية، كما أمنت غذاء جديدا من حليب و مشتقاته.
لقد أدى التناسق في العمل بين الدماغ و اليد والنطق إلى تطور العمل، فبعد جيل وجيل زاد تنوع العمل وتقسم أكثر فأكثر إذ احترف الإنسان الصيد، والحياكة، ومجموعة من الأعمال اليدوية كصنع الفؤوس من الحجر و السكاكين واستطاع بناء المساكن، فلم تكن الكهوف هي المسكن الرئيس للإنسان بل على العكس من ذلك، لقد أبدع الإنسان في صنع المساكن بدء من واقيات الريح التي تتألف من جذوع و أغصان وقشور الشجر و التي تضاف إليها الطحالب و العشب لتصبح كثيمة صلبة وواقية من الريح و المطر .
كثيرة هي القبائل التي تقضي وقتها بحثا عن غذائها، فهي تحتاج إلى مساكن سهلة للتشييد وبالتالي سهلة الهدم، فلما كانت الكهوف أماكن للتخزين لم تكن الحياة داخلها سوى عابرة، بحيث أن أقدم المساكن التي شيدها الإنسان كانت عبارة عن أكواخ دائرية مصنوعة من واقيات الرياح، والتي تجدي كانت نفعا مهما في المناطق الدافئة، أما في المناطق الباردة، فقد عمل الإسكيمو مثلا على بناء أكواخ دائرية من قطع الجليد والثلج ، فنعمة الدفء التي توفرها مساكن الإسكيمو معروفة جيدا.. وبالرغم من أن عملية البناء تستغرق وقتا طويلا إلا أن مقرات الإقامة هاته هي أيضا كانت مؤقتة . وحيث كان كل شيء مشاع بين الكل فلم يكن ثمة استغلال من قبل إنسان لإنسان آخر، لم يكن هذا ممكنا إلا إذا استطاع فرد أن ينتج مايكفي له و للآخرين من وسائل الحياة، فلما بدأت القبائل وللمرة الأولى بتربية المواشي التي أضحت مصدرا ثابتا للحليب و اللحم والجلود، ما جعلها متميزة عن قبائل أخرى لاتزال محرومة من موارد ثابتة للعيش؛ وكان هذا هو أول تقسيم اجتماعي كبير للعمل بحيث أضحت قبائل الرعاة لا تنتج من البرابرة وحسب، بل توفر عندها إلى جانب الألبان و اللحوم بكميات كبيرة توفر عندها الجلود و الصوف وشعر الماعز والأقمشة. على هذا النحو أصبح التبادل المنتظم ممكنا للمرة الأولى، أما في الأطوار السابقة من التطور لم يكن ليحدث التبادل إلا من قبيل الصدفة. كان التبادل يجري بين قبيلة وقبيلة واسطة شيوخ العشائر، بالتالي أخد التبادل بين الأفراد يهيمن أكثر فأكثر وأخذت القطعان طابع الملكية الشخصية، فصار هذا الشكل من التبادل هو الوحيد بين كل الأشكال التي سبقته، وقد أخذت الماشية تكتسب وظيفة النقد بعد أن غذت أهم بضاعة في هاته المرحلة من تاريخ المجتمعات. وبعد أن كان لظهور الزراعة الأهمية الكبرى في السير بالمجتمع نحو الأمام مما جعل كمية المنتوجات تستمر في الزيادة عما يحتاج له الإنسان للعيش والبقاء.
- المرحلة الإنتقالية نحو المجتمع الطبقي.
لقد أدى نمو الإنتاج في جميع الفروع من تربية المواشي والزراعة والحرف المنزلية لمنح قوة لعمل الإنسان والقدرة على إنتاج كمية من المنتوجات تزيد عما يحتاج إليه، هذا ما ترتب عنه زيادة في كمية العمل التي تترتب على كل فرد من أعضاء العشيرة أو المشاعة البيتية، أو العائلة المنفردة أن يبدله يوميا ، يقول إنجلس؛ "وظهرت الحاجة إلى استعمال قوة عمل جديدة، فقدمت الحرب هذه القوة؛ فقد صاروا يحولون أسرى الحرب إلى عبيد. وبإنماء انتاجية العمل وبالتالي الثروة، وبتوسيع ميدان النشاط الإنتاجي، أدى أول تقسيم اجتماعي كبير للعمل إلى نشوء العبودية بصورة محتمة، ومن أول تقسيم اجتماعي كبير نجم أول انقسام كبير للمجتمع؛ إلى طبقتين، الأسياد والعبيد، المستثمرين والمستثمرين." مع هذا التقسيم الذي أقام لنا أولى الفوارق الطبقية في المجتمع سيؤدي إلى تقسيم في العمل داخل العائلة، بحيث سيكون الرجل هو الذي سيصنع الوسائل اللازمة وهو مالكها، نتحدث هنا قطعان الماشية التي وجب تدجينها ثم حراستها، وهي ملك له شأنها شأن العبيد التي يحصل عليها مقابل رؤوس الأغنام، فلما أخدت الفوائض التي توفرها تربية الماشية تعود إلى الرجل فالمرأة كانت تشارك في الاستهلاك دون أن تكون لها حقوق في الملكية، فلم يكن لها إلا أن تقوم بالأعمال المنزلية، وعليه سادة الرجل بصورة حتمية في البيت. أما الخطوة الحاسمة التالية في التطور فقد كانت صنع السيف و المحراث من الحديد، الذي كان له دور ثوري في التاريخ إذ أتاح حراثة الحقول وأيضا استخدمها أثناء القتال، ثم أخدت الحياكة ومعالجة المعادن والحرف تنفصل شيئا فشيئا وأخدت الإنتاجية في الحبوب و الفواكه تزداد أكثر فأكثر مما أدى إلى حدث مهم وهو التقسيم الكبير الثاني للعمل، إذ انفصلت الحرفة عن الزراعة . فبعد التطور الهام في الانتاجية لم يبقى العبيد مجرد معاونين، بل شرعوا يسوقونهم بالعشرات إلى العمل في الحقول وفي المشاغل، وهكذا بدأت تتفسخ علاقات المشاعية البدائية، فمع انفصال العمل الحرفي عن الزراعي ظهر لنا الإنتاج البضاعي القابل للتبادل، ومعه ظهرت التجارة وأخدت المعادن الثمينة تصبح البضاعة الثمينة بالتالي صارت النقد بعد أن حلت محل الماشية والأغنام، وهكذا ظهرت لنا أولى نزعات انقسام المجتمع إلى طبقات بفوارق بين الأحرار والعبيد، ولما كان من غير الممكن التوفيق بين مستثمرين أغنياء و مستثمرين فقراء، فقد عاش هذا المجتمع في غمرة صراع سافر لا انقطاع فيه بين هذه الطبقات، أو تحت سيطرة قوة ثالثة يقول انجلس: "تقف في الظاهر فوق الطبقات المتصارعة وتقمع اصطداماتها السافرة وتجيز الصراع الطبقي، إذا اجازته، في الميدان الاقتصادي وحده، لقد عاش هذا النظام دهره، فقد حطمه تقسيم العمل ونتيجته انقسام المجتمع إلى طبقات، ومحله حلت الدولة .
إن ازدياد تقسيم العمل وتنوعه وتغير طرائق التبادل، أدى إلى نشوء فئة جديدة تشتري البضائع بأثمنة بخسة وتبيعها بأثمنة باهضة فسميت بطبقة التجار، وبالتالي كان هذا ثالث تقسيم للعمل ذي الأهمية الحاسمة كما قال انجلس، فدخلت هذه الطبقة في تطور مستمر وصاعد من خلال الإقراض بالفائدة حتى صار الصراع الطبقي صراعا بين الدائنين و المدينين، إلى أن انتهى بزوال المدين وتحوله إلى عبد، هذا ما أدى إلى تدمير المنتجين الصغار وتحولهم بروليتاريين بالمعنى اللاتيني القديم للكلمة ، ومع الاستغلال الوحشي للعبيد تضخمت الاستثمارات في قطاعات الماشية و الزراعة وكذا معامل الحرفيين الأمر الذي أدى إلى تزايد الثروة وتمركزها في أيدي طبقة قليلة من الناس و في الجانب الآخر ازداد تضخم جماهير الفقراء إلى أن صار عدد العبيد كبيرا جدا يشكل القاعدة الأساس التي يقوم عليها المجتمع. إن هذا التناقض المحتدم بين مصالح مصالح الأقلية ومصالح الأغلبية المستعبدة ولد في تلك المرحلة تمردات عديدة باءت أغلببها بالفشل، وكانت أكبر هذه التمردات بقيادة سبارتاكوس سنتي 73-71 قبل الميلاد، فبعد ثورات دامية أدت إلى الانتقال من نمط إنتاج إلى آخرأكثر تطورا من السابق، حيث كان الفلاحون هذه المرة مرغمون على أن يكونوا تحت سلطة السيد الإقطاعي، الذي يملك الأراضي والحقول في مقابل الفلاح الذي يكون مجبرا على تسليم محصوله إلى السيد والعمل تحت سلطته، لقد أضحى التناقض بين مصالح الإقطاعيين ومصالح الفلاحين يشتد ويحتد، إلى أن بدأت جيوش من الفلاحين تهرب إلى المدن، فقام الإقطاعيون بربطهم بالأرض فأصبحوا أقنانا، لقد برزت لنا في هاته المرحلة طبقة جديدة مرة أخرى وهي لاتملك الأراضي الفلاحية ولا تستغل عمل الفلاحين بشكل مباشر، إلا أنها تجني الأرباح و الثروات الطائلة بالرغم من أنها لاتشارك في الإنتاج، ونفوذها جراء ثرواتها جعل منها تسيطر على الطبقات معا هي طبقة التجار، يقول إنجلس: "إنها تخلق طبقة لا تتعاطى الإنتاج، بل مبادلة البضائع فقط، هي طبقة التجار . بما أننا الآن إزاء طبقة صاعدة في المجتمع، ومرحلة تتسم بتزايد عمل الفلاحين في المعامل لصغيرة، والأعمال الحرفية بالمدن تتزايد شيئا فشيئا، ولما غذا الرأسمال التجاري يصير رأسمالا صناعيا في المدن، فقد أصبح المعيق الوحيد أمام تطور هذه الطبقة الصاعدة هو النظام الإقطاعي، ما أدى إلى انفجار ثورات عنيفة جراء تناقض مصالح كلتا الطبقتين، الأمر الذي أنتج زوال الإقطاعية ونشوء الرأسمالية على أنقاضها، يقول ماركس في البيان الشيوعي: "أما المجتمع الحديث الذي نشأ على أنقاض المجتمع الإقطاعي فإنه لم يقض على هذا التناحر بين الطبقات بل أقام طبقات جديدة بدلا من القديمة، وأوجد ظروفا جديدة للاضطهاد وأشكال جديدة للنضال" ، لقد انقسم المجتمع تقسيما ليس كسابقه فصار أكثر بساطة ووضوحا بين طبقتين متناحرتين، بين البروليتاريا و البرجوازية.
- صراع الرغبات الطبقية المرغوبة .
في رسالة وجهها ماركس إلى ج.فيديمير سنة 1852م، يؤكد ماركس أن جدته الفلسفية والسياسية لا تكمن قطعا في اكتشاف وجود الطبقات وحتى الصراع فيما بينهما، فيرجع اكتشاف الصراع الطبقي إلى مؤرخين برجوازيين، عرضوا هذا الصراع قبل ماركس وهو يقول في رسالته هذه: "إن ما جلبته من جديد هو البرهان على أن وجود الطبقات لا يرتبط إلا بأطوار تاريخية معينة من تطور الإنتاج، ثم على أن الصراع الطبقي يقود بالضرورة إلى ديكتاتورية البروليتاريا، وأن هذه الديكتاتورية نفسها لا تمثل سوى انتقال نحو إلغاء جميع الطبقات ونحو المجتمع اللاطبقي" . إن الفلسفة التي نحن بصدد الاشتغال عليها في هذا الفصل بما هي الفلسفة الماركسية، فهي لا تصارع طواحين الهواء بقدر ما تخوض صراعا حازما ضد آلهة الأرض من خلال ربط النظري بالبراكسيس، فماركس وانجلز لم يكتفيا بمجرد النظر بقدر ما اشتغلا ميدانيا وعمليا في جمعيات العمال وانخرطوا في المؤتمرات، وبرهنوا على أن المعرفة الحقة لا تتأتى إلا من خلال الممارسة النظرية و الممارسة العملية، إذ يكون النظري بدون عملي أهوج والعملي بدون نظري أعمى، لقد عمل ماركس على بيان دور الطبقة البروليتارية في التاريخ، الطبقة الصاعدة في المجتمع الرأسمالي، إنها الطبقة المنتجة وبالتالي تكون الطبقة الرئيسة في المجتمع. على مر التاريخ تكون جميع النزاعات التي قامت ما هي إلا نتاج للتناقض القائم بين القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج، ما جعل من البرجوازيين أنفسهم وفي تضادهم مع النظام الإقطاعي الذي كان قائما، أخدوا يتحررون منه بالقوة، بالتالي تكون الطبقة البرجوازية قد لعبت في التاريخ دورا ثوريا للغاية . يقول ماركس في معرض حديثه عن الثورة البرجوازية أنها حين استولت على السلطة سحقت تحت أقدامها جميع العلاقات الإقطاعية والبطرياركية، وجعلت من الكرامة الشخصية مجرد قيمة تبادل لا أقل لا أكثر، وقضت على الحريات الجمة.. وأحلت حرية التجارة وحدها.. لقد انتزعت من المهن و الأعمال كل بهاءها وقداستها، وأدخلت الطبيب ورجل القانون والكاهن والشاعر والعالم في عداد الشغيلة المأجورين في خدمتها . ما جعل العمال مجبرون على على بيع أنفسهم، فصاروا مجرد ملحق بسيط للآلة لايطلب منه إلا القيام بعملية بسيطة رتيبة سهلة التلقين، يبيع العامل قوة عمله بثمن بخس، ثمن يستطيع إزاءه الاستمرار فقط على قيد الحياة.
تجري هذه العملية في النقلة التي يستحيل فيها العامل كونه عاملا بالقوة إلى كونه عاملا بالفعل، ويعرف ماركس العمل على النحو التالي؛ باعتباره عملية بين الإنسان و الطبيعة.. إنه يحرك ما في جسده من قوى طبيعية: الذراعين، الساقين، الرأس، اليدين بغية الاستحواد على مادة الطبيعة في شكل يلائم ما يحتاجه في الحياة . والحديث هنا يروم العمل الذي من شأنه يخلق القيمة، عمل الإنسان وحده الذي لايحدث تغييرا في شكل المادة فحسب، بقدر ما يحقق في المادة الطبيعية غايته الواعية التي تفرض عليه أسلوب وطريقة اشتغال معينة، والعامل الذي يملك قوة العمل يكون عنصرا رئيسا في عملية الإنتاج الرأسمالية إلى جانبه تكون وسائل الانتاج ثان عنصر رئيس في العملية؛ بالتالي تبدأ عملية الانتاج حين يشرع الرأسمالي في استهلاك السلعة التي اقتناها؛ أي قوة عمل العامل التي تنتج بشكل مباشر ما يملكه الرأسمالي طبعا بعد إلحاق قوة العامل بوسائل الانتاج، وتكون كل قيمة تنتجها قوة العامل تتحدد حسب ماركس بكمية العمل المبذولة في انتاجها والمتجسدة فيها ماديا، أي أنها تتحدد بوقت العمل الضروري اجتماعيا لإنتاجها، وينطبق هذا القانون على المنتوج الذي يحصل عليه الرأسمالي كنتيجة لعملية العمل، بالتالي فأول خطوة ينبغي أن تكون هي حساب العمل المتشيء في هذا المنتوج ، وما هو قائم في معامل الرأسماليين فالعامل هنا يعمل لمدة تجعله ينتج قيمة أكبر من قيمة قوة عمله أي (أجره) والفرق بين القيمتين هو ما أطلق عليه كارل ماركس بفائض القيمة:
يوم عمل 10 ساعات = 3 ساعات وهو العمل الضروري للأجر + 7 ساعات العمل الزائد : فائض القيمة هو 7 ساعات .
يقسم ماركس الرأسمال إلى ثابت و متغير، يكون الثابت هو الذي يتجسد في وسائل الإنتاج كالآلات والمصانع و المواد الأولية، ثم الرأسمال المتغير وهو الذي يستعمله الرأسمالي لشراء قوة العمل وبالتالي هو الذي يخلق فائض القيمة، فلا يكون العامل بروليتاريا إلا إذا كان ينتج فائض القيمة انطلاقا من بيع قوة عمله المستثمر في الرأسمال المتغير، وبالتالي كلما زادت ثروات الرأسماليين انطلاقا من استغلالهم للعمال كلما زاد العمال فقرا وبؤسا، ما يؤدي إلى احتداد الصراع بين الطبقتين نظرا لتعارض مصالحهما، فمصالح الرأسماليين تتمثل أولا في إنتاج قيمة استعمالية لها قيمة تبادلية، أي انتاج مادة تصلح للبيع؛ إنتاج سلعة، وثانيا فالرأسمالي يريد إنتاج سلعة تفوق قيمتها مجموع قيم السلع التي استخدمت في انتاجها، ونعني بذلك قيم وسائل الإنتاج وقوة العمل التي اشتراها بنقوده الغالية من سوق السلع، إنه لا يتوخى إنتاج قيمة استعمالية بل سلعة أيضا، ليس قيمة فقط بقدر مايريد إنتاج فائض القيمة في الوقت نفسه .
أما مصالح البروليتاريين فلا تكمن فقط في المطالب الجزئية كنقص عدد ساعات العمل فحسب، أو الزيادة في الأجور بقدر ما تكون مصلحها الحقيقية انسجاما وكونها الطبقة الصاعدة في التاريخ هي القضاء على نمط العلاقات الرأسمالية الذي يكبح تطورها، ما يجعل منها الطبقة الثورية في المجتمع، ولكون الصناعة في تقدمها ونموها لا تضخم عدد البروليتاريين فحسب بل كما يقول ماركس؛ تمركزهم أيضا و تضمهم في جماهير واسعة وأعظم، فتنموا قدرتهم ويدركون مدى هذه القوة ، لهذا شروطهم كونهم الطبقة الثورية توفرها لهم تطور الصناعة ما يجعل منهم أكثر انضباطا وتنظيما. ويكون الفيصل هنا لجعل البروليتاريا منتظمة في طبقة هو حزب سياسي ثوري يعبر عن مصالحها الحقيقية المتمثلة في استلام السلطة السياسية وإقامة ديكتاتورية البروليتاريا، هذا الحزب يقود نضالاتها بحزم، من أجل تحقيق القضاء على الملكية الخاصة وبالتالي القضاء على الصراع الطبقي، من خلال سلب ونفي الطبقة البورجوازية بالعنف و القضاء على جهاز الدولة في أول الأمر ثم اضمحلاله في مرحلة ثانية حينها تنتفي البروليتاريا كطبقة وننتقل للمرحلة العليا من الشيوعية.



#شادي_السمعلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدخل لفهم الصراع الطبقي عند ماركس وانجلس


المزيد.....




- الاشتراكيون بين خيارين: اسقاط الحكومة أم اسقاط الجبهة الشعبي ...
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي تعمل من أجل إنجاح الإضراب الع ...
- تعليم: نقابات تحذر الحكومة ووزارة التربية من أي محاولة للتم ...
- تيار البديل الجذري المغربي// موقفنا..اضراب يريدونه مسرحية ون ...
- استمرار احتجاجات ألمانيا ضد سابقة تعاون المحافظين مع اليمين ...
- رائد فهمي: أي تغيير مطلوب
- تيسير خالد : يدعو الدول العربية والاسلامية الانضمام إلى - مج ...
- التخطيط لمظاهرات في ألمانيا لمناهضة التعاون مع اليمين المتطر ...
- Al-Sudani and Keir Starmer’s meeting – and male hypocrisy!
- هيئة الدفاع في ملف الشهيدين شكرى بلعيد ومحمد البراهمي تعلق ح ...


المزيد.....

- الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور ... / فرانسوا فيركامن
- التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني ... / خورخي مارتن
- آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة / آلان وودز
- اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر. ... / بندر نوري
- نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد / حامد فضل الله
- الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل / آدم بوث
- الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها ... / غازي الصوراني
- الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟ / محمد حسام
- طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و ... / شادي الشماوي
- النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا ... / حسام عامر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي السمعلي - مدخل لفهم الصراع الطبقي عند ماركس وانجلس