أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قيس مغشغش السعدي - المفردات العراقية بين العربية والمندائية















المزيد.....

المفردات العراقية بين العربية والمندائية


قيس مغشغش السعدي

الحوار المتمدن-العدد: 7692 - 2023 / 8 / 3 - 20:03
المحور: الادب والفن
    


د. قيس مغشغش السعدي

لقد إطلعت مؤخرا على ما كتبه السيد علاء اللامي في هذا الموقع من متابعة في المفردات العراقية التي تناولتها في كتابي معجم المفردات المندائية في العامية العراقية بعد أن أعلمني أحد الأصدقاء حول ذلك. وحين قرأت ما كتب كنت أتمنى لو أنه قرأ تقديم الكتاب وغالبا ما لا تقرأ المقدمات مع أنها في مثل هذه الأعمال مهمة لأنها توضح الأبعاد والطريقة المعتمدة وحدود الكتاب.
معلوم أن اللغة كثيب رمل قد يغوص الباحث فيه مهما تسلح، فكيف إذا كنا إزاء لغة عامية لم توثق مفرداتها، وتغير لفظها لأغراض سهولة أو إختصار، وحسب ما يصبح متداولا بما قد يضفي عليه معنى خاصا. ويحضرني هنا تعبير عامي (فص كلاص) معتمد للتعبير عما هو جيد بل وممتاز، وكيف تحور من الأصل فيه ((First class ! ومعلوم أن العامية العراقية ورثت لغات العراق ما هو سومري الأساس، ثم التأسيس على الأكدية العظيمة، فالثراء والتسهيل في الآرامية، ناهيك عما دخل عليها. وإشتراك الآرامية مع العربية كبير ومرجع الفصل فيه الأكدية. وحين أقدمتُ على متابعة المفردات بحسب ما أعرفه في القاموس المندائي الذي وضعت نسخته العربية والإنكليزية، وقفت على قرب المئات من المفردات ليس من حيث المعنى مع العامية العراقية، بل والمهم طريقة اللفظ التي مازالت كما هي، مما يؤكد أن الإعتماد من لغة العراق الآرامية المندائية وليس العربية لأنها جاءت متأخرة إلى العراق. ويسري هذا حتى على جوانب النحو والصرف وما إلى ذلك. فكلمة أب، نعم، تشترك فيها عائلة اللغات السامية إلا أن لفظها (أبوي) بدلا من (أبي) هو ما معتمد في المندائية. وتجمع أب على آباء في العربية أما في العامية العراقية فهي (إبهات) وهذه هي صيغة جمعها في المندائية. وليس من مثنى في العامية العراقية مثلما لا يوجد ذلك في المندائية فيقال: (اجوا التلاميذ اثنيناتهم)، فكلمة تلاميذ ترد بالجمع ثم تُميز بأنهم اثنين، ونلاحظ أن الفعل يكون بالجمع أيضا وليس بالمفرد فيقال (اجوا) بدلا من جاء العربية. وهذه الصيغة هي المعتمدة في المندائية أيضا.
وإذا ما اشتركت مفردة بين العربية والمندائية فهذا لا يعني أننا نعيدها إلى العربية بالضرورة خاصة وأن الأساس الأقدم هو الآرامية المندائية. هذا طبعا في المفردات المشتركة، أما في غيرها مما ليس له وجود في العربية فأول البحث، بعد التأكد من عدم أعجمية الكلمة، هو أصلها الآرامي والأكدي، والمندائية تفيدنا في أنها حفظت ذلك في قاموسها وظلت محكية حتى اليوم في لغتها فلا يستكثر عليها هذا الفضل!
القراءة الصحيحة حين تكون بعيون ناقدة، أما إن كانت بعيون حاسدة أو حاقدة، فستؤثر على الرؤية بكل تأكيد. وبعض المساعي لحرف ما هو قيم في التخريج نراه يقع ضمن ذلك ومنه أن المفردة العامية (امسودن) لا يمكن أن تكون مثلما عرض اللامي، بل هي قطعا من فعل (شدن) المندائي والذي يرد بالمعنى نفسه (جن) ومنه (امشُدن) بمعنى (امسودن)، حتى أن المرحوم جلال الحنفي توقف عندها ولم يبت بل قال: (أحسبها) من الإصابة بالسويداء. وهكذا في مفردة (جلاق) القائمة على الفعل (سلق/شلق)، ولا يمكن أن تكون (ذاب جرش) من كلمة جريش كما يرى اللامي بل هي من (تأصل، تكتل، تجذر) المندائية، وغير هذا الكثير مما لا يسع المجال للرد عليه. ودليلنا في أن هذه المفردات ليست عربية هو عدم إستخدامها في غير العراق.
ولو كان السيد اللامي قد قرأ المقدمة لكفاه ما كتبناه نصا:
((الألفاظ التي كان فيها قطع واضح وبت في أمر عائديتها بينته، أما ما كان فيه شك ويتطلب مراجعة في عائديته فقد ثبّتُ في عرضه عبارات من مثل (ربما، قد..) بما يفسح المجال أمام القارئ للقناعة بما ذهبت إليه أو متابعة اللفظ قياسا بما كتب عنه في مصادر أخرى. وهو في ذلك له الحق في المقارنة والاقتناع، فهدفنا ليس حصر المفردة في مجال ضيق والتحيز في دفعها وحشرها في اللغة المندائية بمقدار ما وجدنا أن في حالة عدم وجود تخريج مرجعي للمفردة فإن تقاربها في اللفظ والمعنى والقدم مع ما ترد فيه في اللغة المندائية يسجل لصالح هذا التقارب وليس ضده طالما أن بيئة اللغة المندائية هي الجنوب العراقي، وأن هذه اللغة ما زالت تحفظ اللفظ لمئات المفردات والكلمات الشائعة في اللغة العامية المحكية. بل أن تلك المفردات وما طمس منها كانت هي اللغة الفصيحة قبل شيوع استخدام اللغة العربية.
ولأن مجال هذا المعجم هو المفردات التي مازالت شائعة في اللغة العامية العراقية والتي ليس لها وجود أو استخدام في اللغة العربية الفصحى، ذلك أن مادة هذا المعجم لم يدخل ضمنها ما اصطلحت عليه القواميس والمعاجم العربية بالأعجمي والدخيل أو المعرب من الكلام، ففي هذا الباب يدخل الكثير من الكلمات بحكم أن اللغتين الآرامية والعربية هما من عائلة واحدة، كما أن العرب قد دخلوا بلدان الشعوب التي كانت تتحدث اللغة الآرامية فصار التداخل أكبر بين اللغتين الى الحد الذي ليس من السهل الفصل أحيانا بين الكلمات أو إرجاع المصدر في أصل الكلمة إن كان آراميا أم عربيا. وقد راجعت جميع المفردات التي قمت بجمعها من حيث ورودها في قواميس اللغة العربية وقمت باستبعاد ما ورد ذكره وأساسه في تلك القواميس على أنه من اللغة العربية إذ أنه يخرج عن مجال هذا المعجم، اللهم إلا ما كان غريبا من حيث الإشتقاق والدخول كما في كلمة "مطر، مشط .." وأبقيت الكلمات التي لم ترد مستعينا بلسان العرب والقاموس وتاج العروس ومقياس اللغة. على أن الكلمات التي تم تثبيتها ربما لا تتحدد باللغة المندائية وحسب، بل أن إشتراكها في اللغة الآرامية يمكن أن يكون كبيرا أيضا وبخاصة في البابلية التي إعتمدتها اللغة العبرية كونها لغة التلمود البابلي وهو ما تأثر به ونقله اليهود خلال فترة إستبقائهم في بابل، إضافة الى ما يشترك في لهجات اللغة الآرامية من الألفاظ للمعاني والكلمات.))
وذكرت في المقدمة أيضا:
((على أنني أستميح القارئ الكريم عن أي خطأ أو ربما تخريج غير دقيق. فربما اجتهدت في مرجعية بعض الألفاظ بحكم عدم معرفة أساس ومرجعية لذلك اللفظ فذهبت الى الأقرب. فإن تبين لهم غير ذلك، فإن من مهام الباحث التحفيز في البحث الذي ربما لا يتم البت في بعض جوانبه ولا يتفق فيها على مرجع. وحيث أن من يؤلف يرتجي الشكر والثناء على الجهد الذي قام به ، فإن حسب من يـُقدم على الأعمال القاموسية والمرجعية أن ينجو من الخطأ ويتجنب النقد ويقبل بالرضا، وهذا حسبنا.
ومع كل ما سعينا لاحتوائه من الألفاظ فإننا نجزم أن هناك العديد من الذي لم تطله يد البحث بعد، ونترك ذلك لباحثين آخرين يقومون على متابعة مثل هذا العمل أو بتنبيهنا استفسارا عن مرجعية بعض الألفاظ في اللغة العامية وبخاصة من جنوبنا العراقي، تلك التي لا يظهر لها أساس عربي أو دخيل من اللغات المجاورة.
وإني أغدو ممتنا لكل من يسهم معنا في تصويب ما جاء في هذا المؤلف ويمـدنا بالمفردة واللفظ والمعرفة والاستفسار الذي يقود إليها))،
على أن ترقى العين إلى النقد وبمستوى لغة موضوعي.



#قيس_مغشغش_السعدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- لحظة غفلة تكلف الملايين!.. طفل -يتلف- لوحة بقيمة 56 مليون دو ...
- ترامب يوقع أمرا تنفيذيا يُلزم سائقي الشاحنات بالتحدث باللغة ...
- أسئلة الثقافة في زمن التأفيف
- بمزيج من الشعر والموسيقى اختتام مؤتمر قصيدة النثر في العراق ...
- زاخاروفا ترد على دعوة ممثل أوكراني لضرب الأطفال بسبب تحدثهم ...
- أحمد مالك: لم أعد مهتمًا بالسينما العالمية بسبب ما يحدث في غ ...
- ممثل أوكراني يدعو إلى ضرب الأطفال الذين يتحدثون اللغة الروسي ...
- متحف الأرميتاج يفتتح معرضا عن أتباع مايكل أنجلو بمناسبة الذك ...
- فيلم -دبوس الغول- يثير جدلا في تونس لتجسيده شخصيتي آدم وحواء ...
- ?دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المب ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قيس مغشغش السعدي - المفردات العراقية بين العربية والمندائية