|
ملائكة بلا اجنحة
حيدر حسين سويري
الحوار المتمدن-العدد: 7692 - 2023 / 8 / 3 - 19:53
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
يعتقد جميع من يؤمن بوجود الملائكة، بأن لها اجنحة كأجنحة الطير، وذلك لمن يعتقد بوجودها الحسي، وأما من يعتقد أن وجودها غير حسي، فهو يرى (بأن الملائكة موجودات معنوية وليست مادية حسية، ليس لها صورة أو جسم، بل موجودات كلية يصح انطباقها على الكثير، وليست جزئية حقيقية كموجودات عالم المادة، وأن ما ذكر لها من الأجنحة في الكتب السماوية إنما هو لتقريب المعقول بالمحسوس. أن جبريل هو وجود معنوي، يعطي العلم لكل الموجودات الادنى منه، بمعنى أن اي علم عندنا هو بواسطة الملك جبريل، وأنه وجود كلي داخل في جميع الموجودات، يعطيها علماً ولهذا سمي بكلي، كما أن إسرافيل هو مصدر حياة كل الموجودات التي هي أدنى منه، يعطيها الحياة) وبهذا فهو ينفي وجود الأجنحة للملائكة، وإن كان في كلامهِ الكثير من الصحة، ولكن ليس هذا محل بحثنا، ويبقى هذا الرأي خلاف ما صرحت به الكتب السماوية ومنها القرآن الكريم من وجود أجنحة للملائكة كما سيأتي بيانه. هذه مقدمة بسيطة لبحث كبير، لكني سأختصرهُ بمقالٍ (عسى أن يفي بالغرض)، للإجابة عن سؤال طرحه أحد الأصدقاء (الدكتور جميل الحسناوي) على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي، يقول الدكتور: سؤال يحيرني منذ الصغر، ولم أجد له جواباً مقنعاً حتى اليوم! فحسب العلم أن الهواء موجود في الغلاف الجوي للأرض وبعض الكواكب فقط، وما بين هذه الكواكب مساحات شاسعة، يصعب وصفها، تخلو من الهواء، والمعروف أن الطيران بواسطة الاجنحة ينطبق عند توفر الهواء فقط، السؤال: لماذا تحتاج الملائكة الى اجنحة ومعظمها يتواجد في مناطق لا هواء فيها؟ وما دور الاجنحة في التنقل بين العرش والكواكب والمسافات بينهما تخلو من الهواء؟! فتشتُ في بواطن الكتب فوقفت على ثلاث اراء كان أولها لابن عربي حيث يرى في كتابهِ (اسرار الملائكة): (أن عدد الأجنحة كاشف عن مقدار النفوذ في مملكة السماء والأرض) وهو يعترف بذلك بوجود الأجنحة للملائكة لكن ليست للطيران. الرأي الثاني للسيد عبد الأعلى السبزواري حيث يرى في كتابهِ (مواهب الرحمن في تفسير القرآن): (إن الشيء إذا انتقل من عالم الى عالم آخر، تصور بصور العالم الذي انتقل اليه) وهو بذلك يعلل كون الحجر الأسود الموجود في الكعبة كان ملاكاً، فلما جاء الى عالمنا أصبح حجراً، وهكذا ظهور الملاك جبرائيل بصورة دحية الكلابي؛ كذلك نستطيع أن نستنتج أن وجود الأجنحة في عالمنا فقط. (حسب فهم هذه النظرية). الرأي الثالث: وهو للسيد روح الله الخميني في كتابه (الاربعون حديثاً) حيث يرى: أن ملائكة الله على أصناف وأنواع كثيرة .... ملائكة مهيمون ـ عاشقون ـ مجذوبون، لا يلتفتون نهائياً إلى عالم الوجود، ولا يعرفون بأن الله قد خلق عالماً أم لا، وإنما هم مستغرقون في جمال الحق وجلاله، ومنصهرون في كبرياء ذاته المقدس. ويقال بأن كلمة (ن) المباركة في الآية الشريفة (ن، والقلم وما يسطرون) إشارة إلى هذا الصنف من الملائكة. وصنف آخر منهم، ملائكة مقربون ومن سكان الجبروت الأعلى، وهم أنواع كثيرون ولكل منهم شأن وتدبير في العالم لا يكون لغيرهم من الملائكة. وطائفة رابعة ملائكة عالم البرزخ والمثال، وطائفة خامسة هم الملائكة الموكلون على عالم الملك والطبيعة، حيث يتولى كل منهم أمراً ويدبر شأناً، وهذا القسم من الملائكة المدبرين في عالم الملك، غير الملائكة الموجودين في عالم المثال والبرزخ. ولا بد من معرفة أنهُ لا توجد أجنحة وريش وأعضاء أخرى للملائكة على مختلف أصنافهم، فإن الملائكة المهيمين حتى سكان الملكوت الأعلى منزهون ومبرؤون من هذه الأعضاء والأجزاء المقدارية، ومجردون من المادة ولوازمها ومقدارها وعوارضها. وأما ملائكة عالم المثال والموجودات الملكوتية البرزخية، فمن المحتمل أن تكون في هذه الطائفة من الملائكة، جوارح وأعضاء وأجنحة ورياش وغيرها، ولما كانوا من عالم المثال والبرزخ، وكان لهذا العالم كمية وكيفية، كان لهذه الطائفة شكل خاص، وجوارح مخصوصة وإن قوله تعالى: «والصافات صفا»، و«أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع) يرتبط بهذه الطائفة من الملائكة. ولكن للملائكة المقربين والقاطنين في الجبروت الأعلى، والإحاطة الوجودية القيومية، فهم يستطيعون أن يتمثلوا في كل واحد من العوالم بهيئة وصورة تتناسب مع ذلك العالم. كما أن جبرائيل الأمين، الذي هو من المقربين للساحة المقدسة، وحامل الوحي الإلهي، ومن أعلى مراتب موجودات سكان الجبروت، كان يتمثل لرسول الله ﷺ، في شكل خاص دائماً، وفي شكل مطلق مرتين، وفي عالم الملك حيناً، وخاصة في صورة دحية الكلبي رضيع رسول الله ﷺ. أعتقد أن الرأي الثالث أبان ووضح الرأيين السابقين، وأضاف إليهما ما يبين لنا معنى وجود الأجنحة لبعض الملائكة، وأستطيع أن أضيف بأن تمثل الملائكة بصورة الطير لأن الطير يرمز للسلام والمحبة والجمال، ويبعث الطمأنينة والراحة لمن يراه. بقي شيء... ما نحنُ الا طلاب علم ومعرفة، وبصراحة أنا أحب مثل هذه الأسئلة، لأنها تجعلني أبحث وأفتش في بطون الكتب، فاكتسب الكثير من العلم والمعرفة، وتفتح ذهني وتستفزني للكتابة.
#حيدر_حسين_سويري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عرفان
-
رحلة الى المنطقة الصناعية في قم الايرانية
-
ما بين من منفذ المنذرية ومهران، شتان ما بين مكان ومكان
-
شخصيات من مدينة (الثورة)
-
رسالة الى رئيس الوزراء
-
إحياء الموتى
-
عوائلنا وحثالات المجتمع
-
داهس والغبراء
-
تطوير العاصمة بغداد وإحياء المناطق الميتة
-
مسلسل (حيرة) خطأ كاتب أم ذوق جمهور؟!
-
نقاش زنكَلاديشي حول الحصة الغذائية
-
قصيدة (شرد أوصفك) شعر شعبي
-
قصيدة (آه يكَلبي)
-
تضليل إعلامي
-
تشويهُ سمعةٍ
-
وزارة العمل: الروتين القاتل يسحق المواطن
-
نقابة الصحفيين الزنكَلاديشية
-
نهاية المقدس في السياسة العراقية
-
الامبريالية والرياضة العراقية
-
صيام كاتب
المزيد.....
-
لأول مرة منذ 9 أشهر.. شاهد إجلاء مرضى فلسطينيين عبر معبر رفح
...
-
السيسي لترمب.. لا لتهجير الفلسطينيين
-
نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة ليكون أول رئيس يلتقي ترام
...
-
-د ب أ-: منظمة الشباب التابعة لحزب -البديل من أجل ألمانيا- ت
...
-
صربيا.. المحتجون يغلقون الجسور عبر نهر الدانوب في مدينة نوفي
...
-
اكتمال تثبيت قلب مفاعل الوحدة الثالثة في محطة -أكويو- النووي
...
-
بعد سحب منتجات كوكاكولا مؤخرا.. إليكم تأثيراتها على الجسم!
-
هل تعاني من حرقة المعدة أو الارتجاع بعد شرب القهوة؟.. إليك ا
...
-
مشاهد للقاء الأسير الإسرائيلي الأمريكي كيث سيغال مع بناته
-
ظاهرة غامضة تتسبب في سقوط شعر جماعي لسكان إحدى ولايات الهند
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|