|
قواعد العشق الاربعون
نعمت شريف
الحوار المتمدن-العدد: 7689 - 2023 / 7 / 31 - 10:24
المحور:
الادب والفن
رواية عن جلال الدين الرومي مراجعة: نعمت شريف تأليف: اليف شافاق ترجمة: خالد الجبيلي الكتاب في: 500 صفحة، الطبعة الاولى 2012 الناشر: طوى للثقافة والنشر والاعلام، لندن "إن القذارة الحقيقية تقبع في الداخل، أما القذارة الأخرى فتزول بغسلها. ويوجد نوع واحد من القذارة لا يمكن تطهيرها بالماء النقي، وهو لوثة الكراهية والتعصب التي تلوث الروح. نستطيع أن نطهر أجسامنا بالزهد والصيام، لكن الحب وحده هو الذي يطهر قلوبنا." القاعدة الخامسة عشر (ص 162)
تتميز هذه الرواية بمتانة حبكتها، وسردها الاخاذ، وربطها الماضي بالحاضر من خلال اختيار شخوص الرواية التاريخية والمعاصرة، وتوازي الاحداث المهمة في السرد العام للتصوف في الاسلام كحركة للدراويش على مر العصور من خلال حياة الشخوص التاريخية والمعاصرة. حسب زرادشت فإن الهواء والماء والأرض والنار هي عناصر "مقدسة". يحتاج البشر إلى الهواء للتنفس ، والماء للشرب ، والنار لطهي الطعام ، والأرض لزراعة النباتات من أجل بقائهم. يجب أن تبقى الأرض والهواء والماء خالية من النجاسة. وكذلك الفلسفة اليونانية فقد افترضت أن الكون يتكون من أربعة عناصر: النار والماء والأرض والهواء. واما مفهوم العدم او الفضاء فهو يمثل الاشياء التي تعرف من خلال غيابها، فالعدم ليس عدم الوجود في جميع الازمنة والامكنة، ولكنه وجود لايمكن للحواس الاحساس به ولكن يمكن ادراكه بالعقل والشعور الباطن. يقع الكتاب في اربعة اجزاء في مجلد واحد وكل جزء يحمل اسم احد العناصر الاربعة المارة ذكرها وهي العناصر التي تشكل الارضية التي يعتمد عليها بناء الصرحين الفلسفيين الشرقي والغربي حيث الاول (في الشرق) يأخذ منحى روحانيا والثاني (في الغرب) منحى عقلانيا وبذلك تمثل العناصر الاربعة الاساس الفلسفي لكليهما وهما يتممان بعضهما البعض. وفي الاصل يعكسان الثنائية التي جبل الله سبحانه وتعالى الذات البشرية عليها. ان التقدم العلمي في الغرب في العصر الحديث يقابله التقدم الروحاني والفكري الذي سبق االغرب بقرون. فمن وجهة نظر تاريخية يتساويان، وهذا يمثل البعد التاريخي في نظر الكاتبة، كما كان لكارل ماركس مثلا وجهة نظر مادية للتاريخ وتطوراته في مراحلة المختلفة. ولذلك نعتقد ان الكاتبة ترى في نفسها حلقة الوصل او الجسر الذي يربط بين الشرق والغرب، حياة وفلسفة وروحانية. تعتبر المعتزلة اول واكبر مدرسة فكرية في تاريخ الاسلام حيث ارست القواعد العقلية مقابل النقلية منها، ومن اهم نتائجها كان الفصل في مسألة التخيير والتسيير في الاسلام، وبلا شك فان انتهاج الحب الالهي ضوءا يقود الحياة البشرية في هذه الدنيا ونموذجه الاهم هو التصوف والدروشة بهدف الاندماج في الذات الالهية كهدف اسمى ما يمكن الوصول اليه. ولذلك فان الانقياد للحب الالهي (الصوفي والدرويش) هو الوسيلة الاسمى للانقياد للقدر الذي اراده الله للصوفي (البشر). وهذه القدرية في اجل صورها تتمثل في الدرويش المستبصر الجوال شمس التبريزي. بحق انها روايتان في مجلد واحد كما لو كانت عائلتان تعيشان نمط الحياة نفسها في دار واحدة ولكن للدار تاريخ يمتد لثمانمائة عام. ولذلك فاما ان تقرأها بالمعنى الظاهر وما تفهمه من قواعد العشق الالهي والعلاقات الاجتماعية في ذلك الزمان وتلك البيئة (قبل 800 عام اي في عهد الاتراك السلاجقة) فهذه قراءة ظاهرية وتظهرعلى انها اسلوب للحياة يختلف عما يعيشه الغالبية العظمى لا غير. وهناك قراءة ثانية باطنية تتميز بنوع من العمق الفكري والروحاني، وهناك من يذهب الى اعمق من ذلك للغوص في اعماقها اي ان تقرأها وتفكر في فك رموزها لاستخراج اللالئ من تلكم المخلوقات الساكنة قاع البحر ( اي شخوص الرواية ذوي البعد الكوني) وما تعني تلكم اللآلئ ، مثلا توازي بعض الاحداث في الرواية، العلاقة بين الشرق والغرب ودورهما في تكامل الانسان روحيا ودنيويا وغيرها. وهذا هو بالضبط ما يدعونا اليه القاعدة الرابعة من قواعد العشق "لا تاخذ الكلمات بمعناها الظاهري مطلقا. وعندما تلج دائرة الحب، تكون اللغة التي نعرفها قد عفى عليها الزمن، فالشئ الذي لا يمكن التعبير عنه بكلمات، لا يمكن ادراكه الا بالصمت." ولذلك من الناحية التقنية يمكن رؤيتها على انها روايتان متداخلتان تعكسان تجربتين روحانيتين يفصل بينهما ثمانية قرون كاملة فالاولى دارت احداثها في القرن الثالث عشر الميلادي في تركيا والثانية في عصرنا الحاضر في عام 2008 في الولايات المتحدة الامريكية حيث تتوازى احداثا وشخصيات مهمة في الروايتين. وتمثلان النهايتين القصويين بين الشرق والغرب لاسباب درامية وفنية وللتمييز بينهما. وحدة الانسان في الشرق والغرب رغم الفارق الزمني هوجزء من كل اكبر وهو الكون. ومنها نستنبط ان الشرق منبع الروحانية والتصوف ولا يزال يشع نوره الى انحاء العالم حتى وصل الى الولايات المتحدة في عصرنا هذا. واما الغرب وخاصة بعد النهضة الاوروبية فقد اصبح منبع العلوم والتكنلوجيا ولكن هذه النهضة لم تشبع حاجة الانسان الروحية فحلت الاغترابية وغيرها من الامراض النفسية والاجتماعية محل الطمأنينة والثقة بالخالق وراحة البال. الروحانية الشرقية تظهر في عزيز زهارا الرجل الهولندي الذي توفيت زوجته في حادث سيارة، يميل الى حياة التصوف والدروشة ويعمل كمصور لمؤسسات اعلامية ويجوب العالم في الوقت الذي تستلم ايلا روبنشتاين روايته "الكفر الحلو" عن حياة جلال الدين الرومي ومرشده الروحي شمس التبريزي للمراجعة. كانت ايلا تمر "بازمة منتصف العمر"(1) وهي في الاربعينيات من عمرها ولها زوج وثلاثة اطفال. ورغم ذلك تقوم ايلا بمراسلة عزيز، وتبدأ قصة حب بينهما. ان الازمة النفسية التي يمر بها ايلا وسلوكها ربما تمثل بشكل رمزي مصغر التغيرات السياسية الكونية لتظهر الفروق بين عصر الرومي وشمس على مدى 800 عام بالمقارنة مع عصرنا الحاضر. ربما تمثل بعض جوانب قراءتنا للرواية، كالاخيرة هذه، جزءا من النتائج التي تشير اليها الاحداث دون ان تتقصدها الكاتبة او تأخذها بعين الاعتبار اثناء تخطيط وكتابة الرواية. ولا ضير في ذلك لان معظمنا نتصرف بشكل ربما يؤدي سلوكنا الى اشياء لم نقصدها. تتداخل فصول رواية عزيز زاهارا بين فصول رواية الرومي، رجل الدين الناجح، وشمس التبريزي، الدرويش المستبصر الجوال، الذي يبدأ تجواله من سمرقند والى بغداد ومن ثم ال قونيا بتركيا حيث يلتقي الرومي الذي يبدأ التحول التدريجي الى متصوف زاهد وشاعر قل نظيره في التاريخ الاسلامي بعد موت شمس. يزور كل من عزيز وايلا قونيا حيث يموت عزيز بمرض السرطان وتدفنه ايلا في قونيا بعد تشييع مهيب على طريقة المتصوفين والدراويش. هذه هي الخطوط العريضة للرواية التي تمثل التراث الروحاني لشمس التبريزي وجلال الدين الرومي ومدرسته للتدريب الروحاني للدراويش رجالا ونساء، وقصائد في العشق الالهي الذي لا يضاهيه فيها احد على مر العصور. ايلا وعزيز يمثلان ايضا ديمومة التاريخ والتواصل بين الماضي والحاضر وبين الشرق والغرب. كما وتمثل عودة ايلا الى الحب والروحانية ، الشوق والحنين الانساني للحب والروحانية في الطبيعة الانسانية والهرب من الاغترابية والتفسخ في المجتمعات الرأسمالية وعلاقتها مع زوجها ديفيد وخيانته لها تمثل جزءا من ذالك التفسخ. واما كونها يهودية وهو مسيحي فلا يختلف كثيرا عن زواج الرومي من مسيحية اسلمت لتتزوجه. يبدو ان زواجها من مسيحي اكثر تسامحا من زواج الرومي من مسيحية، وربما بالمقارنة يمثل هذا انفتاح المجتمعات المسيحية على الاديان اكثر من المجتمع الشرقي منذ عهد الرومي. ان نهاية عزيز بالمرض وهويحاول في تجواله بين الدول (نمط الحياة الذي عاشه شمس) وعدم زواجه من ايلا يوازي عدم اكتمال زواج شمس من كيميا ذات الخمسة عشر عاما وذات موهبة روحانية من نوع آخر فقد كانت جوهر، زوجة الرومي الاولى، المتوفية تتحدث اليها عنه. ومن جهة اخرى ربما يمثل عدم اكتمال الزواج اشارة الى عدم التقاء وتكامل الجانبين العقل والروحانية واللذين يمثلان ثنائية الطبيعة البشرية والتي ستستمر نظرا للتطور السريع في الغرب ومراوحة الشرق في تعلقه بالروحانية المؤطرة بالاديان، وعدم التمكن من التحرر والانطلاق في فضاءات جديدة كجزء من الطبيعة الروحانية وغيبياتها. هذا في الوقت الذي استطاع الغرب ان يسلك طريق العقل والانطلاق في فضاءات حضارة العلم والتكنلوجيا، ولكن هذه الانطلاقة جاءت في بعض جوانبها على حساب الروحانية. اجل ان العقل والتحرر من جهة والروحانية من جهة اخرى يمثلان شقي الكيان الانساني (وبمعنييه الفردي والجمعي). تقول القاعدة الثانية "ان الطريق الى الحقيقة يمر من القلب، لا من الرأس فأجعل قلبك، لا عقلك، دليلك الرئيسي. واجه، تحد، وتغلب في نهاية المطاف على "النفس" بقلبك. ان معرفتك بنفسك ستقودك الى معرفة الله." (ص 62) يعترف الإسلام بالثنائية في الإنسان ، من خلال التأكيد على أدوار العقل والقلب ، والخير والشر ، والدوافع الحيوانية والإنسانية ، أو بمصطلحات علم النفس التحليلي عند فرويد الهوية والأنا العليا. تتطلب الحياة التوازن أو "الأنا" للمساعدة في تحقيق هذا التوازن. ولذلك يمكننا ان نتصور ان الانسان "الثنائي" في مساره التاريخي الطويل يتحرك في حلقات لولبية مترابطة ومستمرة مع الزمن. حيث التقاطع الزمني في رواية كفر الحلو عن حياة شمس التبريزي قد غير حياة “إيلا” إلى الأبد، فتحولت من مجرد امرأة عادية راكدة إلى عاشقة تضحى كل ما لديها من اجل الحب. وربما هذه اشارة الى وحدة الروحانية في جميع الاديان بين الشرق والغرب وخاصة اذا نظرنا الى تجربة كيرا زوجة الرومي الثانية بهذا المنظار عندما كانت ترسم صورة مريم العذراء لا شعوريا من العجين وهي تخبز ويراها شمس، فينصحها بانه لا ضير في ذلك وانها ستنجب طفلة وبامكانها ان تسميها مريم. "ان الماضي تفسير، والمستقبل وهم. ان العالم لايتحرك عبر الزمن وكأنه خط مستقيم، يمضي من الماضي الى المستقبل. بل ان الزمن يتحرك من خلالنا، في لوالب لا نهاية لها." (احد القواعد الاربعين، ص317) ان التجوال والرحلات التي قام بها كل من شمس التبريزي وعزيز زهارا ما هو الا انعكاس لرحلة التصوف الداخلية والتجارب التي مرت بهما وبغض النظر عن الاتجاهات والتوجهات والمناطق والاديان، فالتصوف رحلة داخلية لعاشق يقطع المسافات ويجتاز العالم الشاسع وما وراءه بحثا عن الله. هل يرى ، يشعر او يدرك الصوفي المستبصر بحسه المرهف في رحلته الداخلية اصواتا وموسيقى ورؤى كونية لا يسمعها او يراها الاخرون؟ ان هذه التجارب الحسية الماورائية التي مر بها شمس التبريزي وعزيز زهارا وكيميا يمكن فهمها ربما من منظور علمي. ان التقدم العلمي في الغرب بدأ يطرق ابوابا كونية من هذه الناحية. فعلى سبيل المثال: تصدر بقايا النجوم التي يطلق عليها العلم "النجوم الميتة" اصواتا رتيبة واشعاعات راديوية منتظمة يسميها البعض "نبض الكون". يطلق القران على هذه النجوم اسم "الطارق، والنجم الثاقب" واما حركة الكواكب والنجوم والارض فقد اصبحت بديهيات علمية. وهذه المزايا الكونية تنعكس في النفس البشرية ولكن لا يشعر بها الا الحس الصوفي المرهف مثلا. "الكون يدور بثبات واستمرار، وكذلك الارض والقمر، ولكن ما يجعله يتحرك هو سر يكمن في داخلنا نحن البشر، وبهذه المعرفة سنرقص نحن الدراويش بطريقتنا من خلال الحب والاسى حتى لو لم يفهم احد ما نفعله" (ص 491) . سمع العلماء "و كأن احدا يطرق عدة طرقات في الثانية حيث في البداية تخيلوا بان هذا النجم ينبض مثل ما ينبض قلب الانسان، فأسموا هذه النجوم بالنوابض ولكن تبين فيما بعد انها تصدر اصواتا اشبه بالطرق، فأسموها المطارق العملاقة التي تدق مثل الجرس"(2) . وكما استوحى الرومي لمساته الاخيرة لرقصة الدراويش من دقات ابنه الصائغ عندما كان يطرق الذهب. لا يمكن للمرء إلا أن يفكر في "التوجيه"(3) و"الاستبصار"(4) (التبريزي والرومي) و(كيميا)! الصوت النسائي ضعيف في الرواية وتظهر تابعة للرجل في الشرق والغرب في شخصيات كيرا التي غيرت دينها وتحولت الى الاسلام لتتزوج من الرومي، وكيميا اليافعة التي قررت الزواج من الرجل الخطأ، شمس، الدرويش الذي يكبرها بعقود ولم تستفد من موهبتها في التواصل مع الارواح (جوهر زوجة الرومي الاولى)، وايلا المتحررة من عصرنا الحاضر لم تستوعب تجربتها بشكل كامل حتى التحقت بعزيز زهارا الذي لم يتزوجها، وتوفي في قونيا بتركيا وعادت هي لوحدها الى امستردام، ولم تتصوف بالكامل لتتبنى العشق الالهي. "... أن ديننا هو دين العشق، وجميع البشر مرتبطون بسلسلة من القلوب، فاذا انفصلت حلقة منها، حلت محلها حلقة اخرى في مكان آخر، ومع موت كل شمس تبريزي، يظهرشمس جديد في عصر مختلف، وباسم مختلف....أن الاسماء تتغير، تأتي وتذهب، لكن الجوهر يبقى ذاته." (ص 491) ورغم فشل كيميا في زواجها من درويش جوال الا ان ذكاءها وعزيمتها برهنتا على قابلية المرأة لتشق طريقها لانجازات ذات اثر بالغ، حيث استطاعت بتأثيرها في ان يبدأ الرومي حركة صوفية بين النساء بتعليم حفيداته (بنات صلاح الدين) وقبلهما طبعا كيميا نفسها. وأما هروب وردة الصحراء من المبغى بدعم من شمس فانه يمثل الارادة القوية للمرأة متى وجدت لها منفذا. يبدو ان رواية "الكفر الحلو" المنسوبة زعما الى عزيز زهارا تشمل جميع ما ورد من توثيق لحياة التبريزي والرومي الواردة في رواية "قواعد العشق الاربعون" ولان الرواية تتداخل مع رواية عزيز وايلا فليس من المعقول ان نزعم ان عزيز كتب قصته مع ايلا بنفسه قبل ان يلتقي بها. ولذلك لا بد ان نزعم ان "الكفر الحلو" رواية كتبها عزيز زهارا ثم اضيف اليها قصة عزيز زهارا على سبيل الفرض. ولكن هذه التحولات الروائية غير واضحة. وعلى الرغم من أن هذه فجوة في الحبكة ، إلا أنها مغطاة جيدا بتقنية الفصول التي تتحدث فيها الشخصية عن نفسها في كل فصل. يوحي العنوان بان التصوف والدروشة كفر، ولكنه حلو، يبرره سياق الرواية ربما لسببين اولهما ملأ الفراغ النفسي عند الانسان الفرد وسد حاجته في البحث عن الله وتعلقه به، وثانيهما توجيه مفهوم العشق للتعلق بالله سبحانه وتعالى، ونشره في المجتمع مثالا ونموذجا بحق فهو يطبق ما يؤمن به ويعلمه للاخرين الذين يظهرون استعدادهم للتحول الروحاني . ولكن في نهاية المطاف يمثل العنوان "الكفر الحلو" نظرة الكاتبة للتصوف والدروشه بانهما مروق عن الدين وخروج عليه، ولكنه حلو لان الحب حاجة طبيعية لدى الانسان ويبحث بطبيعته عن الله ليعشقه ويتعلق به. ويمثل هذا نموذجا واعيا للاخرين في الوجود الجمعي للبشر، وبذلك يقترب هذا العشق المغالى فيه من فكرة "وحدة الوجود" عندما يصل المغالاة الى الاتحاد مع الذات الالهية والاندماج فيه. وهذا هو الكفر بحد ذاته من وجهة نظر اسلامية حيث يفصل الذات الالهية عن البشر فهو الخالق، والبشر مخلوقاته ليس الا. أنه يريدنا ان نكون عبيدا له، لنعبده لا ان نصبح الهة. ان الحاق عبارة "رواية عن جلال الدين الرومي" بالعنوان "قواعد العشق الاربعون" ربما فيه شئ من الاجحاف بحق التبريزي، فهو المستبصر، وواضع القواعد الاربعين وهو المرشد الروحي الذي غيرت تعاليمه الرومي من عالم ديني الى شاعر متصوف ذاعت صيته في ارجاء المعمورة. لا بد ان يشعر القارئ بانه من الحق ان تكون "رواية عن شمس التبريزي". ربما لاسباب تجارية، فالرومي ذائع الصيت كعالم دين وكشاعر صوفي له مكانة اجتماعية ودينية في الاوساط الاسلامية في زمانه والى يومنا هذا. تغطي الرواية حوالي 18.5 عاما من حياة شمس التبريزي، ثم يقتل على ايدي متعصبين. لا يزال التعصب الوباء الاكثر فتكا في الشرق الاوسط. بينما تغطي حوالي العام ونصف العام من حياة عزيز زهارا ومات بالسرطان، ويموتون بالامراض والاوبئة التي تجلبها التكنلوجيا المعاصرة. رحلة شمس الداخلية (الروحانية) استغرقت عمره بالكامل، وخلف تراثا من الادب الصوفي ومدرسة ومريدين. بينما رحلة عزيز زهارا الداخلية لم تربو على الاربع سنوات، حيث بدأت بعد وفاة زوجته في حادث سيارة. ولم يخلف تراثا، في احسن الاحوال رواية "الكفر الحلو" حسب الرواية. التبريزي والرومي شخصيتان تاريخيتان وقد عاشا حقيقة في القرن الثالث عشر الميلادي في قونيا بتركيا، وقصتهما مبنية على حقيقة حياتهما. واما شخصيتا عزيز وايلا فلا حقيقة لهما واغلب الظن انهما روائيتان لا غير. وتأخذ اليف شافاق برواية ان التبريزي بعد عودته من دمشق لم يغادر قونيا، وانه تزوج هناك وقتل على اي متعصبين في قونيا. ولكن هناك على الاقل رواية ثانية تقول بانه غادر قونيا متوجها الى مسقط رأسه في تبريز(بأيران) وتشير بعض الأدلة الى أنه غادر مدينة قونيا وتوفي في خوي بشمال ايران ودفن هناك وله ضريح والى جانبه برج في حديقة تذكارية ورشح ضريحه ليكون من مواقع التراث العالمي للونيسكو. في الرواية ، يذهب علاءالدين بعد مقتل التبريزي بثلاثة اسابيع لمواجهة والده ولا يزال قطرات من دم القتيل على حاشية ثوبه (!) فيرى ذلك ويعترف باشتراكه في الجريمة كدليل للمتأمرين. لا نعتقد ان التعصب وحده كان السبب في قتله، فعلاءالدين كان يتمنى ان يتزوج كيميا ولكن تزوجها التبريزي، وكان رأس الواوي حاقدا عليه لانه شجع وردة الصحراء على الهروب من المبغى وتولى حمايتها في دار الرومي (دار علاءالدين)، واما بيبرس فكان من المعجبين بوردة الصحراء ويزور المبغى ليراها، واما رشاد، تلميذ الشيخ ياسين، فهو الوحيد يمكن وصفه بالمتعصب كسبب لاقدامه على الاشتراك في هذه الجريمة، واما الاخرون الذين لم تذكر اسماءهم، فدوافعهم هو التأثر بالاخرين. ولذلك فان التعصب هو احد دوافع القتل العديدة لاغير. وهذا غير واضح ايضا. واخيرا ظهور اسم وردة الصحراء باسم زهرة الصحراء، ربما هفوة من المترجم، ولكن الاسم ربما يشير الى انها من اصل عربي لانه كعادة دور البغاء يستقدمون النساء من صحراء بعيدة حيث لا سند لهن ولا خوف عليهن لان البغاء حرام ولا يتقبله المجتمع ويترتب عليها عقوبات صارمة ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾
المصادر: (1) ازمة منتصف العمر نوع من القلق والاغترابية وفقدان الهدف في الحياة التي تصيب (10-20%) من الرجال والنساء في المجتمعات الرأسمالية بين 40-60 من العمر وبشكل خاص عند النساء وتستمراحيانا لعدة سنوات وغالبا ما تتزامن مع سن العجز. بالاضافة الى الاسباب البيئية والعائلية، يعتقد البعض ان السبب الرئيسي للازمة يعود الى التغيرات الجسدية والهورمونية لدى الجنسين. (2) انظر صفحة عبدالدايم الكحيل على الرابط التالي: https://www.kaheel7.com/ar/index.php/2010-02-02-20-06-04/467-2012-08-24-01-10-20 آخر مراجعة تمت يوم 7 تموز 2023 https://ar.wikipedia.org/wiki(3) آخر مراجعة تمت يوم 5 تموز (4) التوجيه هو وسيلة للتواصل مع أي وعي ليس في شكل بشري من خلال السماح لهذا الوعي بالتعبير عن نفسه من خلال القناة (أو الموجه). نحن نعيش في عالم متعدد الأبعاد. المستوى المادي هو فقط الأول من سبع طبقات (والأكثر كثافة). والطبقة التالية هي النجمية. نحن نعيش في اسقل الطبقة النجمية السفلية قبل الولادة وبعد الموت. المستويات الأخرى هي السببية والأكاشية والعقلية والمسيانية والبوذية. https://www.michaelteachings.com/what_is_channeling.html
#نعمت_شريف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدفاع عن الارض والعرض شهادة -قصة حقيقية من زمن الارهاب-
-
الخال -قصة من صميم الواقع-
-
ألكرد الزازا في تركيا: أقلية شرق أوسطية في مجتمع العولمة
-
الشبك بين المطرقة والسندان
-
رأيان متناقضان عن حدث واحد
-
ملاحظات على مقالات شيري ليزر والتعليقات عليها
-
قراءة في كتاب -في ظلال الجبل- من ذكريات الثورة والمقاومة-الج
...
-
هل قرأ الرئيس بوتين كتاب بريجنيف عن أفغانستان قبل غزو أوكران
...
-
-الارادة لان ترى-
-
الهجوم الايراني على اربيل ورسائله المتعددة لاطراف عراقية ودو
...
-
اهمية اللغة للنهوض بالشبك
-
الديمقراطية الأمريكية في المحاكمة!
-
الارتقاء
-
الشبك في نينوى
-
حوار مع الفنانة القديرة مهاباد
-
الوحدة
-
رسالة إلى الرئيس بايدن حول العمليات العسكرية التركية في كردس
...
-
بين مؤتمر التطبيع مع أسرائيل والانتخابات العراقية
-
ثلاثية الهجرة*
-
التل الذي نتسلقه
المزيد.....
-
-بندقية أبي-.. نضال وهوية عبر أجيال
-
سربند حبيب حين ينهل من الطفولة وحكايات الجدة والمخيلة الكردي
...
-
لِمَن تحت قدَميها جنان الرؤوف الرحيم
-
مسيرة حافلة بالعطاء الفكري والثقافي.. رحيل المفكر البحريني م
...
-
رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري
-
وفاة الممثل الأميركي هدسون جوزيف ميك عن عمر 16 عاما إثر حادث
...
-
وفاة ريتشارد بيري منتج العديد من الأغاني الناجحة عن عمر يناه
...
-
تعليقات جارحة وقبلة حميمة تجاوزت النص.. لهذه الأسباب رفعت بل
...
-
تنبؤات بابا فانغا: صراع مدمر وكوارث تهدد البشرية.. فهل يكون
...
-
محكمة الرباط تقضي بعدم الاختصاص في دعوى إيقاف مؤتمر -كُتاب ا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|