كامل النصيرات
الحوار المتمدن-العدد: 1727 - 2006 / 11 / 7 - 08:45
المحور:
كتابات ساخرة
ليس سهلاً على قرويٍّ مثلي أن يتسكّع ..فعندنا في القرية يسمونها ( همالة ) ..والهمالة لا تليق بأبناء الجروح الفاغرة ولا أبناء الكدح ( المدوزن ) على موسيقى الفقر إللي لاعن حرم اللذات إللي نسمع عنها سُمْعة ..!! لذا ..كنتُ أكثر من جريء بالأمس عندما قرّرتُ التسكّع مساءً في شوارع عمّان ..وكأنني أريد اريد اكتشاف العاصمة من جديد ..!!
بالأمس كنتُ أرخميدس..ياااااااااااابي ما أقطع كذبي ..!! والصحيح ..إنني حاولتُ أن أكون مثل أرخميس ..حاولتُ أن أُنطنطُ فرحاً باكتشافاتي ..صرختُ كثيراً مع النطنطة ؛ ولكن صرخاتي لم يسمعها غيري ..!! وآآآآآآآآآه عندما نطّيتْ على ( قَدْ ) الله ما أعطاني وملأتُ فضائي الداخلي بالصراخ وأنا أقول : وجدتها وجدتها ..هذه سيارة همر..أخيراً صرنا وجهاً لوجه..؟؟ يااااااااااااابي ما أكذبني ..!! لو كنّا وجهاً لوجه كان ( فعصتني ) بخمس ثواني..ثانية واحدة للدعس وأربع ثواني للتأكد من موتي ..!! بس الصحيح ..قابلتُ سيارة الهمر وجهاً لجنب..أنا كنت معطيها وجهي ؛ أتأمّل بطر إللي راكبينها وراكبين علينا ..وهي معطتني جنبها ولا كأنو فيه بني آدم جنبها ..!!
ونطنطتُ وصرختُ أكثر وأكثر : وجدتها ..هذه فتاة تنتظر فتى أحلامها الكاذب مثلها ..عرفتها من وقفتها لعينة الوالدين ..فهي كانت تنظر لساعة الموبايل كثيراً ..وكانت تتأفّف أكثر ..وكانت كل ما تتأفف تحاول إخفاء جزء من سُرّتها ..أو تزبيط قبّة قميصها الشفّاف..ليش تعمل هيك ؟؟ لا أعلم..!!
الحاصلة يا إخوان ..كنت متسكعاً مؤدباً ..لأن الشعور الدائم الذي رافقني بأن كل الذين يمرّون من جانبي ويؤشِّرون عليّ : يَعْ يَعْ ..هيّو ابن الغور ..لم يفارقني ..نعم لم يفارقني ..!! كنتُ أتمنى أن يردّ السلام عليّ واحدٌ..واحدٌ فقط من المئات الذين مرّوا من جنبي..!!
بالتأكيد ..هذه بروفة أوليّة للصعلكة الجديدة ..وللفقر الجديد ..وللأماني الأجد..!! إنها عمّان ..التي يتسكّع بها الجميع ..وهي الأنثى الوحيدة الـتي لا تتسكّع..!!
#كامل_النصيرات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟