أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - يسري حسين - ملفات السويس لا تزال مفتوحة














المزيد.....

ملفات السويس لا تزال مفتوحة


يسري حسين

الحوار المتمدن-العدد: 1725 - 2006 / 11 / 5 - 10:46
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


اهتمت مؤسسات المجتمع البريطاني بإعادة التنقيب في ملفات أزمة السويس التي انفجرت في عام 1956 , بعد اعلان الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في مدينة الإسكندرية تأميم شركة قناة السويس . وأثار القرار المصري حفيظة النظام البريطاني بزعامة رئيس الوزراء المحافظ انتوني إيدن , فاندفع إلى تواطؤ مع فرنسا وإسرائيل لغزو مصر في نوفمبر - تشرين الثاني من العام نفسه الذي شهد واقعة التأميم .
طبيعة التنقيب البريطاني في أوراق السويس على الرغم من مرور نصف قرن , تتميز بالبحث الجرئ لتحديد الأخطاء والتجاوزات والعلاقة مع الولايات المتحدة , التي كانت مهددة في هذا الوقت , نتيجة عدم علم الادارة في واشنطن بالخطة البريطانية الفرنسية الإسرائيلية بغزو مصر . وكان رفض الرئيس الأمريكي ايزنهاور دعم الجنيه الإسترليني الأثر الأكبر لاتجاه حكومة لندن بالانسحاب من الشواطئ المصرية وانهيار هذه الحكومة المحافظة وتدهور أوضاع إيدن السياسية ثم استقالته بعد ذلك . وكان وزير المالية هارولد ماكميلان قد حذر من أن انهيار الإسترليني ستكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد البريطاني بشكل عام .
وتحالفت عدة عوامل في اجهاض خطة الحرب وتنفيذ اجندتها السياسية , منها قوة حزب العمال المعارض , الذي رفض تأييد الحكومة المحافظة , ونمو القوى المحبة للسلام والتي خرجت من الحرب العالمية الثانية أكثر نفوذاً وقدرة في داخل الشارع السياسي .
وتم عرض الوثائق المصورة عن حجم التظاهرات التي اندفعت إلى ميدان البرلمان والطرف الأغر وسط لندن للاحتجاج بعنف ضد قرار انتوني إيدن بغزو مصر مع فرنسا وإسرائيل .
ومن الوثائق المهمة التي تم نشرها , هو سير العمليات العسكرية على شواطئ مدن القناة وحجم المقاومة الشرسة التي واجهت الغزاة , والمخالفات التي ارتكبتها هذه القوات في اطلاق النار على المدنيين . ولم تكن في هذه الأيام توجد شبكات الاتصال والبث بهذه التقنية المتقدمة . وتحاول الأوراق الوثائقية اعادة شريط التاريخ وتوجيه الاتهامات . وقد شاهدت الجنود البريطانيين يعترفون بإرتكاب جرائم حرب وأن ضمائرهم لا تريد هضم ما ارتكبوه من انتهاكات . ويكشف البريطانيون أنفسهم حجم اندفاع القوى الوطنية المصرية إلى صفوف المقاومة في منطقة القناة . وكان هدف الحملة اسقاط نظام عبد الناصر , لكن الغزاة لم يدركوا أن المصريين لا يمكن لهم ترك وطنهم يسقط تحت عجلات غازية , وإن كانوا فعلوا ذلك خلال الحملة البريطانية على جيش أحمد عرابي في عام 1882 , حيث دعا الخديوي توفيق القوات البريطانية للتدخل لانقاذ نظامه من ثورة عسكرية .
والمثير في موضوع أزمة السويس , أن المقاومين الذين تدفقوا إلى منطقة القناة للدفاع عن النظام والوطن في معركة 1956 , وجدوا أنفسهم في المعتقلات عام 1959 عندما اختلفوا مع النظام الناصري بشأن العراق وثورة عبد الكريم قاسم .
كانت السويس لحظة تكتل وطني انفرط نتيجة خلافات نمت بعد ذلك ومهدت الطريق أمام نكسة 1967 .
وإذا كان البريطانيون تذكروا أزمة السويس وفتحوا الصفحات والوثائق للبحث في نقاط ضعف انتوني إيدن ومواقف حكومته , فإن النصر السياسي الذي حدث لمصر في هذه الموقعة , كانت له الأثار السلبية على مسار الحياة السياسية والانفراد بالسلطة ووضع الحلفاء الذين حاربوا الغزاة في المعتقلات . ولم تقم لجنة واحدة مصرية باصدار تقريرها عن السويس سواء من الناحية العسكرية أو السياسية . وقد حاول النظام في القاهرة عام 1967 تكرار المغامرة على أمل استنساخ السيناريو الذي جرى في 1956 , لكن الاحداث مرت بعكس الاماني والطموحات , وجرت نكسة عارمة لا نزال نعاني من نكباتها حتى الأن . ولو كانت هناك دراسة للأخطاء والتجاوزات من جانب مصر في عام 1956 لا كان يمكن تجنب سيناريو عام 1967 الدامي .
وقد تحدث طيارون بريطانيون خلال برنامج وثائقي عن تدميرهم لطائرات ميج روسية جديدة في المطارات المصرية وهي قابعة على الأرض ولم تتحرك . والغريب أن المشهد نفسه تكرر في عام 1967 .
إن الوحيد الذي كتب عن ملفات السويس هو محمد حسنين هيكل الذي استعان بالوثائق والشهادات التي يملكها . ويقال أن لا الدولة ولا مؤسسات البحث لديها هذه الوثائق , فلم يتم الاحتفاظ بالأوراق الخاصة بهذه الحقبة الملتهبة . ويقال أيضاً أن جميع وثائق ثورة 23 يوليو - تموز غير موجودة بالتالي وأن وثائق الدولة المصرية منذ محمد علي حتى الملك فاروق محفوظة ومصانة تماماً . ولهذا السبب لم تصدر جامعة أو هيئة مستقلة أبحاثها وملاحظاتها على الأداء السياسي والعسكري لأزمة السويس . كان النصر العسكري باهظ الثمن وتم دفعه أولاًَ عبر احتكار السلطة واعتقال المعارضين , ثم بعد ذلك السقوط في هزيمة مروعة , لم تتدخل واشنطن لمنعها ولم تكن هناك حركة شعبية في عواصم العالم لوقفها , ولم يكن الاتحاد السوفياتي يملك في هذا الوقت القدرة على توجيه انذارات تمنع إسرائيل من الانتصار علينا . وقد جرى سيناريو حرب الأيام الستة بطريقة وكأن مصر هي التي تندفع نحو الحرب عندما أمرت بإجلاء قوات الأمم المتحدة من سيناء وأغلقت المعابر المائية أمام الملاحة الإسرائيلية .
إن التاريخ لا يعيد نفسه , وهذا ما حدث في نكسة 1967 . فقد تصور الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أنه يمكن تحقيق النصر العسكري بحشد قواته في سيناء والقيام بتعبئة إعلامية ضد إسرائيل , التي أدركت بأنها أمام فرصة ذهبية لقصم ظهر الجيش المصري والاندفاع نحو سيناء واحتلال الجولان السوري والضفة الغربية الفلسطينية .
إنهم في بريطانيا يدرسون ملف السويس بعد نصف قرن , لأن أوراق التاريخ لا تُغلق أبداً لكننا تعودنا على اغلاقها بعنف حتى لا نقرأ ولا نفهم ولا نتعلم من دروس الماضي وأخطائه الباهظة .



#يسري_حسين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخروج من حالة اليأس
- برلمان لحماية الإستبداد والفساد
- مصر والعودة إلى الخلف
- كارثة الأغلبية البرلمانية على الديمقراطية
- صراع الحضارات : بضاعة أمريكية
- النقابيون البريطانيون : الرأسمالية المتوحشة تدمر الشعوب
- غضب من سياسة ( بلير ) المنحازة لإسرائيل
- الديمقراطية ضحية الحرب على الإرهاب
- صوت الناس ضد الهزيمة والإنكسار
- حكومة تعمل لصالح الشعب لا ضده
- طارق علي مثقف نبيل مع العدل وضد الإستبداد والإستعمار
- الرهان على المستقبل
- وداعاً حزب التطبيع مع إسرائيل


المزيد.....




- -لا تقاتل من يفوقك 20 ضعفًا-.. ترامب يرد على طلب زيلينسكي شر ...
- مصدر مطلع لـCNN: السعودية تخطط لسداد ديون سوريا لدى البنك ال ...
- كارني: نسعى لبناء جيش قادر على التصدي للتهديدات التي تواجهها ...
- موسكو تتبنى الهجوم الروسي الدامي على سومي
- رئيس وزراء لبنان في أولى زياراته إلى دمشق لبحث ملفات شائكة ...
- وساطة وتحركات عسكرية وفتاوي .. مصر على صفيح ساخن بسبب غزة
- البيت الأبيض يعلن إحراز تقدم كبير في المحادثات التجارية مع ب ...
- السيسي من الدوحة ومدبولي بالقاهرة.. مصر تروج لفرصها الاستثما ...
- طهران: مواقف أمريكا المتناقضة هي السبب الرئيسي الذي يدفعنا ل ...
- طهران: المفاوضات تقتصر على رفع العقوبات


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - يسري حسين - ملفات السويس لا تزال مفتوحة