أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - حكايتي أسطورة مؤطّرة بالطين!















المزيد.....

حكايتي أسطورة مؤطّرة بالطين!


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 512 - 2003 / 6 / 8 - 22:02
المحور: الادب والفن
    


 


ما تعوَّدْتُ أبداً أكتبُ مِرسَالاً
     يَحْمِلُ إيقاعَ الزِّلْزَال!
كَلِمَاتي مَا كَانَتْ قاسيةً
     مِثْلَ السِّكّين!
كَلِمَاتي يا عزيزتي
ما كَانَتْ تَنْوِي إيْذاءَكِ ..
كَلِمَاتي لَمْ تَكُنْ هَوَاءً مَسْمُوْمَاً
كَلِمَاتي يَا صَغيْرَتي
كَانَت تَرْغَبُ اِنْتِشَالَكِ
     مِنَ الطِّيْن!

كُنْتُ هُنَاك
وَرأَيتُ الآهات قَبْلَ أنْ تُوْلَدِي
آهَاتي يَا صَغِيْرَتِي
مَا تَزَالُ تَصْرَخُ صرَاخاً مُرّاً ..
وَمَشاعِرِي تَسْتَوْعِبُ أحْزَانَ العَالَم!

لَسْتُ ظَالِمَاً كَمَا تَظُنِّين ..
مَبْرُوْكٌ عَليْكِ اختيَارُكِ
يَسرُّنِي أَنْ أَرَاكِ مَغْمُورةً بالأفراح ..
أَعْلَمُ أنَّ الْمَالَ
لا يَحْمِلُ بَيْنَ ذِرَاعيْهِ سَعَادَة!
وَأَعْلَمُ أَيْضَاً أنَّ الْبُطُوْنَ الْخَاوِيَة
     تُدَمِّرُ أبْجَدِيَات الْهَنَاءة!

إِذَا كَانَتْ كَلِمَاتِي
     عَلَى وَشَكِ أنْ تَقْتُلَكِ
     (فَتَبّاً لِكَلِمَاتِي!) ..
عَفْوَاً! .. هَلْ قَرَأْتِ كَلِمَاتِي؟
هَلْ تَلَمَّسْتِ جِرَاحِي الثَّخِيْنَة؟

إِذا كُنْتِ تَعْلَميْنَ
أَنَّ نِيَّتِي هيَ سَعَادَتُكِ
وَقَصْدِِي هُوَ رَاحَتُكِ
فلِمَاذَا تُشَبِّهِيْنَ كَلِمَاتِي
     بِالزَّلازِلِ وَالْبَرَاكِيْن؟!
لَقَدْ فاتَكِ بُكَائِي يَا صَغِيْرَتِي ..
بُكَائِي بُكَاءٌ مُلَوَّنٌ بالْحَشْرَجَات ..
بُكَائِي يَا عَزِيْزَتِي
بُكَاءٌ مُكْتَظٌّ بالآهَات ..

لا يَهمُّنِي إذَا قرأَ
     (شَطْرُكِ الآخر) مِرْسَالِي ..
فَأنَا لَمْ اَسْتَغْفِلْهُ يَا عَزِيْزَتِي ..
(أنَا) أحبَبْتُ أنْ لا تَنْزَلِقِي
     (فِيْ الطِّين!) ..

لا تَنْدَهِشِي مِمَّا أقُوْلُ ..
فَكَمْ  مِنَ المَرَّات
اِنْزَلَقْتُ في الطِّيْن!
اِسْأَلِيْنِي يَا صَغِيْرَتِي
فَأَنَا خَبِيْرٌ فِيْ عَالَمِ الانْزِلاق
خَبِيْرٌ  فِيْ شَهْقَاتِ الْبُكَاء
     بَيْنَ أحْضَانِ الطِّيْن!

يُؤْلِمُنِي أنْ أرى
مَحَطَّات عُمْرِي مَهْصُوْرَةً
     إلى حَدِّ الاخْتِنَاق!
مَتَى يَا قَلْبي
سَتَطْلِقُ أَجْنِحَتَكَ لِلْنَسِيْمِ
تَبْحَثُ عَنْ شَلالٍ
     يَحْمِلُ إيْقَاعَ الفَرَح؟!

مَنْ قَالَ أنِّي أطْلبُ مِنْكِ الانْتِحَار؟
مَنْ قَالَ ..
لَوْ عِشْتِ فِي بَحْبُوْحَةِ النَّعِيْم
     اِسْمُهُ انْتِحَار؟

(لا تَفْسَخِي شَيْئَاً) ..
تَضَامَنِي مَعَ مَا يَحْلُو لَكِ ..
مَبْرُوْكٌ عَلَيْكِ اِخْتِيَارُكِ ..
(أَنْتِ حرَّةٌ طَليِْقَة) ..

يَا مُشْتَعِلَةَ الْجِنَاحَيْن
لَمْ أَعُدْ أَنْتَظِرُ مِنْكِ مِرْسَالاً ..
أربَعُوْنَ عَامَاً
وأَنَا أسِيْرُ فِي وَاحَاتِ الشَّقاء
أرْبَعُوْنَ عَامَاً
أُصَارِعُ ذَاتِي وَأحْرِقُ عُمْرِي
أرْبَعُوْنَ عَامَاً 
لَمْ تَذُقْ عَيْنَايَ طَعْمَ الفَرَح!

أنَا لَمْ أكُنْ يَوْمَاً يَا صَغِيْرَتِي
     هَوَاءً مَسْمُوْمَاً
أوْ نَارَاً تَحْرِقُ وَجْنَتَِيْكِ ..
أَنَالَسْتُ مَاءً قَارِسَاً
أنَا مِنْ لَحْمٍ وَدَمّ!

لا تَلُوْمِيْنِي يَا صَغِيْرَتِي
فَأنَا آتٍ في زَمَنِ الشَّدَائِد
آتٍ ..
وَفِي وَجْهِي تَمُوْرُ الْمَصَائِب!
مَاذَا أُقَدِّمُ إليْكِ
إذَا كَانَ زَمَنِي
     مَغْمُوْرَاً فِي الطِّينِ؟!

عَوَاصِفٌ تَنْمُو في جَبْهَتِي كُلّ يَوْم
.. وَعِنْدَ الْمَسَاء
يُعَانِقُنِي الْبُكَاءُ الطَّوِيْل!

لا تَقْتُلِي أُمَّكِ يَا صَغِيْرَتِي
ولا تُعَاتِبِيْنِي ..
أنَا وَأُمُّكِ
     جِئْنَا فِي زَمَنِ الطِّيْن!

كَمْ مِنَ السِّنِيْنِ
وَأَنْتِ تَتَلأْلَئِيْنَ
     حَوْلَ شَلالِ الرُّوْح!
أَيُعْقَلُ أنْ تَحْتَرِقَ وَجْنَتَيْكِ
     مِنْ آهَاتِي؟!
أَيُعْقَلُ أَنْ أكُوْنَ مَاءً قارِسَاً
     فَوْقَ وَجْنَتَيْكِ؟!

لا تَجْفلي مِنْ كَلِمَاتِي
فَأَنَا آتٍ فِي زَمَنِ الطِّيْن ..
آتٍ يَا عَزيْزَتِي
     في زَمَنِ الشَّدَائِد
آتٍ
     وَفِي وَجْهِي
     تَمُوْرُ الْمَصَائِب!

مَنْ يَسْتَطِعْ أنْ يَزِيْحَ أَكْوَامَ الطِّينِ
     الـجَّاثِمَة فَوْقَ صَدْرِي؟
مَنْ يَسْتَطِعْ أنْ يُخَفِّفَ
     لَظَى النِّيْرَانِ الْمُتَأَجِّجَة
          فِي كَيْنُوتَتِي؟

هَلْ قَرَأْتُم عَذَابَاتِي ..
آهَاتِي ..
وَهَلْ بَكَيْتُم مِثْلِي
     عَلَى قَارِعَةِ الطُّرُقَات؟
هَلْ تَنْبُتُ فِي قُلُوْبِكُم
     مَرَارَاتِ الْغُرْبَة
          كُلَّ يَوْم؟

مَاذا أُقَدِّمُ إلَيْكِ يَا صَغِيْرَتِي
إذَا كَانَ زَمَنِي غَائِصَاً فِي الطِّيْن؟
حِكَايَتِي مَعَكِ عَنْ زَمَنِي لا تَنْتَهِي
حِكَايَتِي يَا صَغِيْرَتِي
أُسْطُوْرَةٌ مُؤطَّرَة بالطِّيْن!!


      ستوكهولم: أيار (مايو) 1995
             صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غربة تنمو في جبينِ الصباح
- ذكرياتي قناديلٌ مضيئة
- انتظار
- من أعماق الروح
- أينَ سترسو سفينتي؟!
- كومة من التراب
- صراع الأحبّة
- حداد نجمة
- أوجاع الفراق
- شيخوخة مبرعمة بالأحزان
- نعيش مرّة واحدة
- موقع الحوار المتمدّن، متمدّن جدّاً
- حالة شوق
- أواهٍ .. ما هذا الانشطار؟!
- إستهلال
- مازلتِ تزورينني
- حلم عميق
- ربَّما أنتِ قدري
- المرأة زهرة
- إيقاعات شخيره المتقطِّع


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - حكايتي أسطورة مؤطّرة بالطين!