|
قطة ُ شرويدنجر
باسم مزعل الماضي
الحوار المتمدن-العدد: 1725 - 2006 / 11 / 5 - 08:14
المحور:
الادب والفن
1-مرافعة ٌ في محكمة العقل مؤكّــد ٌ أن َّ شبنهاور كان محقـّا ً ، ولنقل ْ عن فردريك نيتشه: إنّه ُ كان َ الأكثر َ من محق ٍّ ، في أن ينظرا إلى جنونِهما بصفته ِ محراث َ العقل ِ في حقول ِ المعـْنى ...
ما عدا ذلك َ ، فليس َ من باب ِ الغرور ِ أن ْ يقال َ عنهما : إنَّهما سلكا طريقا ً الى الكعبة ِ ، حيث ُ كانا يقصدان ِ الذَّهاب َ الى مكان ٍ خانق ٍ جدّا ً ، بفعـْل ِ ما ينبعث ُ من جسَد ِ الألوهيّة ِ المحترق ِ من دخان ِ الحرّيَّة ِ الذي يعـْتبرانِه ِ – رغـْم َ اسْتحالة ِ الحياة ِ – لذيذا ً .وإذا رمـْت َ المـُضي َّ في الحق ِّ خطــْوة ً أبعد َ ، فقل ْ عنهما :إنـَّهما كانا ضائقيـْن ِ ذرْعا ً بذاك َ الذي في النِّهاية ِ سيدْفعان ِ ضَريبَة َ الجنون ِ ، ويقضيان ِ بقيَّة َ عمـْرِهما نزيليـْن ِ في فنادِق ِ القـُمامَة ِ حتّى نشأَ بيـْنهما وبَيـْن َ النَّمـْل ِ والذُّباب ِ علاقة ٌ من ذلك َ النـَّوْع ِ الذي يرْبـِط ُ الأرْواح َ بالأجـْساد ،ِ من أجل ِ شئ ٍ واحد ٍ ، شئ ٍ واحد ٍ فقط ْ، وهو َ أن ْ يعمِّقا صلتَهما بذاك َ الذي كانا به ِ ضائقيـْن ِ ذرْعا ً ، ومن ْ أجـْل ِ أن ْ يعيدا للعالم ِ بكارتـَه ُ الأولى ،قبـْل َ أن ْ يعـْمل َ في البلاطات ِ مومـِسا ً ، فإذا ما عادت ْ إليـْه ِ البكارة ُ ، عادا فانـْتهكاها معا ً ، وبرأيهما أن َّ انـْتهاك َ العالم ِ بهذه ِ الطريقة ِ ( أعـْني على يدَي ْ مجـْنونيـْن ِ مثلِهما ) يجعل ُ العالم َ لصيقا ً أكثر َ بما يعتقدان ِ أنـَّه ُ قلـْب ُ الشرف !
2- علـْبة ُ كبـْريت
إشـْتعل َ عـود ُ ثـِقاب ٍ واحـدٌ ، فاشـْتعلت ْ- كاملة ً- علبة ُ الكبـْريت ِ في يدي
غالبا ً ما الجنون ُ يبـْدأ ُ هكـَذا : -
تشـْتعل ُ في الرأس ِ فكـْرة ٌ ،
فيشـْتعل ُ الرأس ُ كـلُّه ُ
بافـْتراض ِ أن َّ الرأس َ في تلــْك َ اللحـْظة ِ
مشـْتمل ٌ على الأفـْكار ِ كلـِّها
كأعـْواد ِ ثـِقاب ٍ
في علبة ِ كبريت
3- قطـَّة ُ شرويـْدنــْجر
القطَّة ُ داخل َ الصنـْدوق ِ باحـْتمالـَيْن ِ : الموت ِ أو الحياة .
هذا بالنِّسـْبة ِ لنا كونُنا خارج َ الصنـْدوق ِ قطـــْعا ً ،
بالنسـْبة ِ للقطــَّة ِ لو ْ كانت ْ تمـْتلك ُ عقــْلا ً فليس َ هناك َ الا ّ احـْتمال ٌ واحد ٌ
ليس َ هو َ الموْت كما إنَّه ُ ليس َ الحياة
فما هو َ الأقرب ُ إلى الحقيقة ِ أن َّ الموْت َ والحياة َ
بالنسبة ِ لمن ْ هو َ في فضاء ِ الصنـْدوق
داخل ٌ أحدُهما في الآخر ،ِ وممْتزجان ِ جدّا ً
إلى حد ِّ أن َّ القطـــَّة َ لو امـْتلكت ْ عقـْلا ً
لاعـْتقدت ْ في تلــْك َ الحالة ِ أنَّها في برْزخ ٍ بيـْن َ الإله ِ والإلــه ْ !
4- غيـْر ُ الشاعر ِ إذ ْ يكـْتب ُ القصيدة
إذ ْ يكتب ُ القصيدة َ غيـْر ُ الشـّاعر
تخـْتزن ُ جيناتـُها كروموسومات ِ كنـْغر ٍ
فلا هي َ بالماعـز ِ فيـُؤ ْكل ُ لحـْمـُها هنيئا ً
ولا هي َ بالزُّرافة ِ
فيقال ُ : إن َّ نـصـْفَها جمل ٌ
ونصفــَها الآخر َ حمار ٌ وحشي ٌّ
وبذا يكون ُ لحـْمـُها ممّا يـؤْكل ُ أيـْضا ً
فإذ ْ تكون ُ القصيدة ُ كـَنـْغَرا ً
يشاء ُ أن ْ يعدو َ في متنزَّهات ِ الخيال
يكون ُ قائلُها
حتّى قبل َ أن ْ يبـْرأ َ الخيال ُ من أيِّما وشيجة ٍ بشياطين ِ عبـْقر
قد ْ أصبح َ في مهب ِّ الرّيـح ِ داخل َ جمـْجمة ِ إبـْليس َ
تبـْن َ بيـْدر ٍ فاقدا ً لوزْنه ِ
إذ ْ كان َ يؤلـِّف ُ يوْما ً ما في الأقل ِّ وشاح َ السنْبله .
5- كوبرنيكوس
كشاعر ٍ، لا أصدِّق ُ أن َّ كوبرنيكوس َ اهتدى إلى مركزيَّة ِ الشـَّمْس ِ عبْر َ عمليّات ِ الرصـْد ِ والحساب ، فأنا احدس ُ ما كان َ عليـْه ِ طبـْع ُ الرَّجل ، فلعلماء ِ الفيزياء ِ طـُرُق ُ الشعراء ِ غالبا ً في الإهتداء ِ الى الحلول ِ ، كلّما صادفتْهم معضلة ٌ من قبيل ِ ما يراد ُ إعادة ُ الامور ِ الى نصابِها . فهم يقلبون َ النّصاب َ أَوَّلا ً . من الغريب ِ أن َّ الأشياء َ من تلقاء ِ نفسِها ،تأخذ ُ على عاتقِها مسؤوليَّة َ جعْل ِ النّصاب ِ الجديد ِ واقعا ً ، آنذاك َ تبرهن ُ الأشياء ُ أنَّها تملك ُ قلوب َ النساء ِ ، وأن َّ لها نفـْس َ موْهبة ِ النِّساء ِ العاشقات ِ في تبـْرئة ِ عشّاقهن َّ من أخطاء ِ الزُّناة ِ وهن َّ يحـْملْن َ في أرْحامهن َّ من أصْلابِهم بكائنات ٍ من حَجَر .
6- بين َ زمنيْن ِ
فكرة ُ الفيلسوف ِ في هذا الزمان ِ غيـْرُها في زمان ٍ غابر ٍ ، فأفلاطون ُ مثلا ً كان َ من السّهولة ِ عليْه ِ بمكان ٍ أن يؤسِّس َ على شبـْريْن ِ من مساحة ِ فكرته ِ إمـْبراطوريّة ً بسعة ِ السّماوات ِ ، منظورا ً إليْها من زاوية ِ أنَّها مح ُّ بيـْضة ِ الأرْض ِ ، ومع َ هذا ، فإن َّ السيّد َ أفلاطون َ ينام ُ في حضـْن ِ زوْجته ِ هانئا ً مطمئنّا ً على رعايا الإمـْبراطوريَّة ِ من الغزاة ِ في الصُّحون ِ الطـّائرة ِ وقطـــّاع ِ الطُرُق . أمّا الآن َ فعلى أفلاطون َ – لو كان َ حاضرا ً ، وشاء َ أن ْ يؤسِّس َ تلـــْك َ الإمــْبراطوريَّة َ – فعليـْه ِ بالإضافة ِ إلى أن ْ يطلِّق َ زوْجتَه ُ ، فلا ينام َ في حضـْنها هادئا ً ولا مطمئنّا ً ، أن يقتصد َ في مساحة ِ الإمـْبراطوريَّة ِ ، فلا يجعلُها تزيد ُ على شبريْن ِ ، ما يفرض ُ عليْه ِ أن يمط َّ مساحة َ فكـْرته ِ كثيرا ً ، حتّى يصـْبح َ محيطــُها مثــْل َ الكـوْن ِ بالضـَّبْط ِ ، حيث ُ البدايات ُ والنهايات ُ بلا معــْنى ، وحيث ُ يكون ُ الغزاة ُ في الصحون ِ الطائرة ِ ، وقطـّاع ُ الطـــُّرُق ِ ، ضمـْن َ دائرة ِ الفكرة ِ ذاتِها ، فمهما غيَّروا من مواقع ِ الثبات ِ بالنسْبة ِ لأقدامهم ، فإنَّهم عاجزون َ في النّهاية ِ من أن يحدثوا ثقبا ً في المحيط !.
#باسم_مزعل_الماضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عفاف ٌ مرتبك
-
ستحبو اليك َ خطاياك َ ياصاحبي
-
ما فوق عشق البلاد وعشق النساء
-
عن رجل ٍ لم يكن شاعرا ً
-
الى عشيقتي -ولينتحر على صدرها الوطن
-
حكمة ٌ وجوديّة
-
اقدّس الفوضى
-
با نيقْيا
-
فكرة ٌ في جمجمة ِ الغار
-
لا سبيل الى جعل خشب الكاهن وردا
المزيد.....
-
شاهد.. مشاركون دوليون يشيدون بالنسخة الثالثة من -أيام الجزير
...
-
وسط حفل موسيقي.. عضوان بفرقة غنائية يتشاجران فجأة على المسرح
...
-
مجددًا.. اعتقال مغني الراب شون كومز في مانهاتن والتهم الجديد
...
-
أفلام أجنبي طول اليوم .. ثبت جميع ترددات قنوات الأفلام وقضيه
...
-
وعود الساسة كوميديا سوداء.. احذر سرقة أسنانك في -جورجيا البا
...
-
عيون عربية تشاهد -الحسناء النائمة- في عرض مباشر من مسرح -الب
...
-
موقف غير لائق في ملهى ليلي يحرج شاكيرا ويدفعها لمغادرة المسر
...
-
بأغاني وبرامج كرتون.. تردد قناة طيور الجنة 2023 Toyor Al Jan
...
-
الرياض.. دعم المسرح والفنون الأدائية
-
فيلم -رحلة 404- يمثل مصر في أوسكار 2024
المزيد.....
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
-
البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان
...
/ زوليخة بساعد - هاجر عبدي
-
التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى
/ نسرين بوشناقة - آمنة خناش
-
تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة
/ كاظم حسن سعيد
-
خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي
...
/ أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة
المزيد.....
|