أحمد الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 1725 - 2006 / 11 / 5 - 10:49
المحور:
القضية الفلسطينية
رسالة الى نساء غزة
ماذا سأفعل لك يا عزيزتي غزة المنكوبة، وأنت تعيشين بين إجتياحين وحصارين، مع ثالث آخر لهما، غير أن أعيد قراءة جغرافيتك البحرية الساحرة، وأتعرف على العمق الصحراوي الغامض.. ماذا سأقدم لك غير أن ادرس تاريخك العجيب، وأتعرف على لكنتك الخاصة، وأتحسس روحك الجميلة، وأتمعن في بشرتك وقسماتك البهية، وأسمع غناءك العميق، وأرى حزنك الشفيف، كم أتمنى أن أغسل أقدامك المقدسة بماء البحر، وأعقم جروحك باليود .. غير أن أقول لك أصمدي وأصمدي، كي أتعلم منك معنى جديد للحياة، غير أن أتعلم منك كيف أواجه أيامي بيدين عاريتين، ألا من حب المدن الفقيرة، وهي تمسك تراب غالي لوطن أغلى .. هل أحرضك على الصمود، أم أتعلم منك معناه الحقيقي ؟؟ هل هذا التحريض ضروري وصحيح بإعتبارة دفاع شاق عن الحياة، أو هو ضرب من التخريب والترهيب والإرهاب؟؟ أم هو ضرب من اللاعقلانية والتهور والمغامرة ؟؟ هل أنت خلقتي هذا العدو ، ومنحتيه كل هذه الشراسة والوحشية المنفلتة ؟؟ أم إن طبيعة العدو تفرض عليك المواجهة والمواجهة، كخيار إجباري، يفرضة عدو سافل، ومدجج بالخراب ؟؟ ماذا سأفعل لإطفالك، للحليب الشحيح، وللخبز الملوث باليورانيوم، للأمان الشحيح، للرعب، للشضايا، للزجاج المتطاير، للقناص اللعين، للجرافة التي تكره الزيتون، للجريح ينزف بعيداً عن سيارة الإسعاف، للرضيع المهدد بعيداً عن تدخل الطبيب، او بوصول أحدهما الى الآخر، للأم التي تطالب بغسل جراحها بسائل معقم رخيص، بعد عملية قيصيرية خطيرة، للأب الذي لايستطيع أن يدفن ولده، بسبب عناد القناص المتدين، والذي يحفظ ويطبق نصوص ووصايا الكتاب الملفق أو الحقيقي بصدد أطفال ونساء القرى المستباحة ؟؟ هل أنت – نحن ضحايا أخطاء الجغرافية الغنية والتاريخ الثري، ومحاولة منع إسترداده، أو المشاركة في صنع التاريخ الراهن، وتحسين العلاقة مع الجغرافية المتخلفة الراهنة ؟؟ لكن نسوة غزة هزمن من جديد جيش الإحتلال والعدوان، كما هزم في تموز الفائت في جنوب لبنان، وأنقذن شلة من الأبناء والأخوان والعشاق، أمام الكاميرات، وامام العالم الصامت والشامت بك ومنك، لإنك لم تتعلمي الإستسلام بعد، ولم تدخلي مدرسة العقلانية والخضوع والتخريف والجبن القديم والمعاصر .. نسوة غزة طرحن مجموعة من الأسئلة التاريخية، وساهمن في الجواب المطلوب !!
ياغزة لاتعطي ظهرك للبحر، لاتعطي ظهرك للصحراء، لاتعطي ظهرك لأحد .. أعطي ظهرك لفلسطين، بعدها لن تخافي ولن تندمي، ولن تخسري المعركة الصعبة والمعقدة، بقيادة نساءك وأطفالك ورجالك .
لاأملك غير أن أبكيك بحرقة .. لاأملك غير أتعلم منك .. لا أملك غير أن أحب الحياة بسببك، ف ( على هذه الأرض ما يستحق الحياة ) كما قال شاعرك وحاديك محمود درويش .
العدو الجبان سيقتل النساء، سيقتل الأطفال، ويقتل طواقم الإسعاف والدفاع المدني والمساعدات الطبية، سيقطع الماء والدواء، لكنه لايستطيع أن يمنع الهواء ... إذن سيقط الحصار .. سيسقط الجدار ..
سلاماً لغزة .. سلاماً لبغداد والناصرية والرمادي والسليمانية ومدينة الثورة وبنت جبيل وعيتا الشعب وجنين وبيروت، ولكل المدن التي تحب الحياة مثل غزة !!
#أحمد_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟