أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ناجي الغزي - لون الدم في المشهد العراقي














المزيد.....

لون الدم في المشهد العراقي


ناجي الغزي

الحوار المتمدن-العدد: 1727 - 2006 / 11 / 7 - 08:45
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


أصبح الدم لغة المشهد العراقي الحاضر والقتل خبز العراقيين الذي يفطرون عليه في الشوارع و الطرقات وعلى طوابير الخبز ومحطات الوقود وفي صلاتهم في المساجد . وان مآسينا تجاوزت حدود النفس والصبر والسلوان وأصبحت تغطي أحداهما على الآخر , وإن المشهد العراقي اليوم لا يعرف غير لغة القتل المنظم القتل بطابعه المأساوي المزمن . والقتل كما يبدو ليس لزمن محدود ثم يستعيد المشهد العراقي حياته الطبيعية الآمنة ” وأنا هنا ليست متشائما” ولكن الوقت يتسارع والأحداث الإجرامية تتسارع أكثر وخطا الموت تسبق الأحداث والعلاج معطل لهذه الظاهرة , منذ سقوط الصنم إلى هذه اللحظة والمشهد العراقي أصبح الدم لونه الأوحد ولغة القتل هي الغالبة دون أي مبالاة لإعادة الحياة له وزرع الأمن في أروقته ودحر خفافيش الليل وجحوش النهار المتحدية للإرادة العراقية بكل مكوناتها , حيث يتجاوز عدد الشهداء الذين يسقطون يوميا المئة , واغلبهم” الفقراء ” الذين هم في كل زمان ومكان يدفعون ضريبة ” الأقوياء والمتصارعين “. لماذا كل هذا القتل وسفك الدمار بحق الأبرياء ؟ لماذا تعمى أبصار العالم عن رؤية الابادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب العراقي المظلوم يوميا ؟ ان الدمار والقتل والدم النازف في المشهد العراقي الحاضر اثقب ذاكرتنا المتحررة من القسر الإعلامي الذي مارسته علينا أنظمة القهر بالوعيد والتهديد طيلة العقود الماضية , وان ثقافة القتل اليومي الذي يتعرض له المئات من العراقيين بحوادث مختلفة منها القتل على الهوية والتصفياة السياسية والجسدية وتهجير العقول قسرا وتعطيل العملية السياسية الجارية بوضع العصي في عجلتها من اجل صبغ المشهد العراقي بلون واحد يشبه الثقافة الواحدة والفهم المغلوط الواحد والعقل الواحد , لقد غيرت تلك المشاهد قيم الشارع من خلال زرع الخوف بأي نقطة او بقعة او على رصيف او في سيارة مفخخة . لقد أصبح للدم شهوة كبيرة في المشهد العراقي وحتى أغاني الفيديو كليب العراقية ترى لون الدم حاضرا بها ( العاشق يقتل غريم حبيبته ثمن لخيانتها له) , وقناة الشرقية خير مثال- حيث تعرض أكثر من مسلسل رمضاني ويبدأ العرض في وقت الإفطار ورائحة الموت ولون الدم تنبعث من كل مشهد وكان المشهد العراقي لا يعرف غير لغة الموت ولون الدم ورائحة الجثث ,أن ابتسامات الصبايا وضحكات الأطفال تخطف كل يوم وتؤد في شوارع بغداد يوميا , أوراقهم تتناثر على أرصفة المدارس وأشلائهم تفترش الشوارع وصراخ النساء الثكالا تملئ المستشفيات , قوافل من النعوش تغادر البيوت باتجاه المقابر لترقد قرب امامها المظلوم المخضب بالدماء تتذرع إلى ربها وتطلب الشفاعة . وفي ظل هذه المشاهد المروعة وهذه الصورة الدامعة يحاول الإعلام الدولي والعربي اختزال تلك الأحداث البشرية العظيمة المروعة إلى مجرد أخبار عابرة على نشراتهم الإخبارية مكتفين بصورة واحدة أحيانا دون الخوض في تفاصيلها المروعة من اجل تعطيل الذاكرة البشرية وتكميم الرأي العام وذلك بإخراج الأحداث العظيمة عن سياقها التاريخي , وانهم لا يكترثون لهذا المشهد التراجيدي الجنائزي حيث أن العالم منشغل بمصالحه القومية الذي يعتبر العراق هو المسرح الحقيقي لتصفية حساباته. وكذلك هناك قوى سياسية داخلية تريد خلط أوراقها من خلال المزيد من نزيف الدم وزهق الأرواح من اجل تعطيل وتأخير العملية السياسية بل وإفشالها ليتسنى لها النهوض فوق ركام الآخرين وهي واهمة جدا لان الغبار سيطال الجميع . والمواطن العراقي البسيط هو من يدفع فاتورة الحسابات , هل المصالح الحزبية والفئوية الضيقة والاستيلاء على السلطة أسمى من الإنسان , هذا الإنسان الذي فضله الله على كل المخلوقات وان حرمته عند الله أعظم من حرمة الكعبة الشريفة , ومن خلال متابعتنا لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة نستبشر خيرا حين يظهر لنا الدكتور موفق الربيعي بين فينة وأخرى بإخبار مفادها بان القوات الأمنية ألقت القبض على احد الجحوش المتاسلمة بلحية كثيفة ويدعى باسم صحابي جليل . ونحن نتسأل أين مصير هؤلاء الم يكشف مصيرهم للإعلام والمواطن العراقي؟ أين القضاء العراقي من القصاص بحق هؤلاء ؟. إن مشهد الأحداث اليومية في الشارع العراقي يدلل بأن هناك أيادي خفية تريد تغيير المعادلة السياسية وأن يبقى لون الدم حاضرا في المشهد العراقي وتحويل الشارع إلى فلتان امني من خلال ترهيب الناس وزرع الخوف في كل زاوية من زوايا البلد ظنا منهم أن تتراجع مسيرة بناء العراق الجديد , وهم يقنعون أنفسهم بان الحرب على العراق كان خطا الإدارة الأمريكية وهي نادمة بل هو العكس هي الحسنة الوحيدة التي كسبها العراقيين من تلك الحرب هي سقوط وزوال النظام البعثي الصدامي رغم الدماء التي روت أرضه والقرابين التي نحرت من قبل العقول المتحجرة والفكر المشوه . إلا إننا نتأمل بعودة الحياة للمشهد العراقي. مشهد آمن خالي من لون الدم . آملين من جميع القوى السياسية أن تتحرك بطرح فكري مرتب في كل ما يتعلق بأحوال الناس اليومية وان تتقاسم المسؤولية الوطنية اتجاه أبناء العراق والمساهمة ببناء العراق سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا من خلال الخطاب السياسي الواعي والبرامج التثقيفية التي تدفع بالعملية السياسية إلى الأمام وان نجاح التجربة السياسية في العراق هو نجاح لكل القوى السياسية وإتاحة الفرصة إلى التنافس السياسي الشريف من اجل تأسيس مجتمع حضاري تتعانق تحت فضاءه كل مكونات المجتمع المختلفة. والانتظار على أرصفة الشارع السياسي من قبل التيارات والأحزاب والمنظمات السياسية والنزول قبيل الانتخابات لانتزاع الصوت من قبل المواطن البسيط بدغدغة عواطفه بالاتجاه الذي ترغب إليه. ستكون مسائلة كبيرة من قبل المواطن لتلك الكيانات, وهذا السلوك لايمكن أن يؤسس علاقة واعية وطيبة بين السياسي والمواطن ولا يحقق الأمل بتغيير المشهد العراقي اليومي من لون الدم إلى لون الثلج.



#ناجي_الغزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مالذي تحتاجه الدولة العراقية لرسم ملامحها الحقيقية


المزيد.....




- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...
- محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
- لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...
- عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ناجي الغزي - لون الدم في المشهد العراقي