أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - وليد الحلبي - حمارٌ، وحمارٌ جداً














المزيد.....

حمارٌ، وحمارٌ جداً


وليد الحلبي

الحوار المتمدن-العدد: 7680 - 2023 / 7 / 22 - 10:26
المحور: كتابات ساخرة
    


في تدوين الأدب العربي وتدبيجه، درج أدباء العرب وحكماؤهم على عادة رواية الحِكَمِ والأمثال على ألسنة الحيوانات - كما فعل ابن المقفع في كتابه (كليلة ودمنة)، أو الجاحظ في بعض كتاباته ككتاب الحيوان - ربما لأنهم كانوا يخشون سطوة الحاكم، ويخافون سوء العاقبة إن اشتُمَّ مما يكتبون أنهم يقصدون النيل من شخصية سياسية هامة، أو ربما لأنهم كانوا يعتقدون برجاحة عقول الحيوانات على من عداها من عقول بني البشر، أو لكلا السببين. فمن الأمثلة التي ترمز إلى التعلق بأذيال وعد ظاهره صدق وباطنه كذب وخداع، ظهَرَ مثَلُ الحمار والجزرة والعصا، وهو مثل يُضرب في الذي يتعلق بوعد يستحيل تحقيقه، فطالما أن الرجل الذي يمسك بالعصا التي ربطت في نهايتها جزرة يمتطي الحمار، فإن الحمار سوف يستمر راكضاً لاهثاً لقضمها، وأنّى له ذلك. عند هذا الحد تقف الرواية دون أن توضح نهاية قصة الحمار والعصا والجزرة، لكن بعض شهود العيان من الحمير الموثوق بصدقهم، يقولون بأن أخاهم الحمار – وبعد أن سار عدة أمتار – فهم اللعبة التي يمارسها عليه راكبه، وأبت عليه نفسه أن يضحك أحد عليه، حتى لو كان صاحبه، فاستند على قائمتيه الأماميتين، ورفع قائمتيه الخلفيتين في الهواء (في العامية (عنفص)، وألقى براكبه أرضاً، ثم هجم على العصا وقضم الجزرة المعلقة في نهايتها، ومن ثم هرب لا يلوي على شيء، وبذلك أثبت ذلك الحمار بأنه ليس حماراً جداً، بل هو حمار فقط.
من يقرأ التاريخ السياسي للمنطقة العربية منذ نصف قرن ، يدرك بأن ( الحمار جداً ) العربي مازال يركض لاهثاً خلف وعود علقها أمامه أمريكي وصهيوني يمتطيانه منذ منتصف القرن الماضي، وعود مثل : (عقد مؤتمر دولي لبحث القضية – الاعتراف المتبادل – كل شيء قابل للتفاوض – التفاوض دون شروط مسبقة – مكافحة الإرهاب – نبذ العنف – السلام خيار استراتيجي – رخاء شعوب المنطقة) وقائمة طويلة جداً من أسماء المؤتمرات (مؤتمر جنيف – مؤتمر شرم الشيخ – مؤتمر عمان – مؤتمر الرباط – مؤتمر واشنطن) وقائمة أطول من المعاهدات والاتفاقيات (معاهدة كامب ديفيد – معاهدة وادي عربة – اتفاقية فك الارتباط –اتفاقية أوسلو - اتفاقية واي ريفر – اتفاقية شرم الشيخ) وهلم جراً ، و(الحمار جداً) العربي يكِدُّ لاهثاً ليمسك بواحد من تلك الشعارات والمؤتمرات، لكن دون جدوى، إلى درجة أن عَتِب عليه الحمير الأسوياء - أمثال الحمار صاحب العصا والجزرة -، وهددوه بالتبرؤ منه أمام الله والتاريخ لأنه فضحهم، وجعل ألسنة جميع الحيوانات ( الذكية منها والغبية ) تلوك سمعتهم، وتعيُّرُهم بهذا الحمار العربي الغبي الذي يصدق كل ما يُقال له. بعد اجتماع طارئ لحمير العالم، أوصى المؤتمر كبيرَ سحرة الحمير بتحويل (الحمار جداً) العربي إلى ثور، ثم ربطه في ساقية لكي يدور طوال حياته في دائرة مفرغة لا يعرف لها نهاية. وهكذا أنقذ الحمير سمعتهم، وعادت الحيوانات جميعها تحترمهم وتتذكر كيف أن الحمار الغبي العربي لم يستطع أن يفعل – كما فعل حمار الجزرة – فيلقي براكبيه أرضاً وتنتهي المهزلة، فانتهى به الأمر إلى أن أصبح ثوراً يدور طيلة عمره حول ميدان الساقية.



#وليد_الحلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقال ساخر عن انقسام فاجر
- تهويمات في السياسة
- نحن من نصنع إله التمر ثم نأكله
- حق العودة: لماذا لا نعود إليه
- خطوات في المتاهات
- صائد الكورونا
- صائد الكورونا
- كليوباترا: ليست ملكة فقط، بل سفينة أيضاً.
- ما بين داعش والمطر
- جاري الحشاش يحل مشكلة طائرة Boeing737 Max
- كفانا نفاقاً وازدواجية
- عندما يتجدد ربيع الشعوب
- اتفاقية، أم متاهة؟
- نسورٌ أتراكٌ في ثرى دمشق
- هل الشعوب هي الكسيحة؟
- الثقوب السوداء العربية
- على البساط المتحرك
- -شافيز- والأعمى
- لماذا أخشى على فلسطين أن تتحرر؟
- فلسطين التي أخشى أن تتحرر


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - وليد الحلبي - حمارٌ، وحمارٌ جداً