|
رحلة الى المستنقع الذي يعوم فيه العراقيون
سندس سالم النجار
الحوار المتمدن-العدد: 1724 - 2006 / 11 / 4 - 12:16
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
مسكين هو العراق الذي يمر بمرحلة من اشد مراحله قسوة والما وضراوة ، فاظلم يجثم على الرقاب والاعناق ـ فسقوط العراق الذي كان عبر العصور رمز القوة والشهامة يدمي القلوب ويغشى الابصار , فتوغل الاحتلال عليه في ابشع عملية وقهر تحت مظلة الديمقراطية لم يسبق ان مرت بشعب من الشعوب منذ زمن هولاكو التتري .. فالحال هو : الوضع الامني السيئ : وضع تعيشه لا تؤمن فيه على حياتك يعني تنام على سريرك وانت لا تضمن ان تستيقظ في الصباح ام لا ، فقد تعتقل ليلا وقد تقتل انت او عائلتك وقد يأخذك الامريكيون او الشرطة او الحرس الوطني او مسلحون وما شابه ذلك ، فعلى افراد الاسرة العراقية ان يتوادعوا كل ليلة قبل النوم .. العراقيون يعيشون الذل والمرارة والمهانة والحرمان والآلام بأنواعها : الحياة السياسية متشابكة ومعقدة وكلها تصب في مصب السياسة الامريكية ما عدا بعض الاحزاب الوطنية المعارضة للاحتلال رغم مشاركتها السياسية المتمثلة بجبهة التوافق العراقية وهي تشكيلة من الحزب الاسلامي العراقي ومؤتمر اهل العراق ولجنة الحوار الوطني . فالحياة السياسية عامة يسيرها الرادار الامريكي فالكلمة والقرار الاول والاخير هو للرادار الامريكي .. اما الحياة الاقتصادية اي الكارثة الاقتصادية المتمثلة بخيرات العراق كالنفط والمعادن وغيرها تنهب وتسرق او تدمر من قبل الامريكيين وبعض ما جاء معهم .. المصانع دمرت ونهبت ، وتصنيع السلع والبضائع معدوم ، السوق العراقي مفتوح على اسواق العالم فالحدود مفتوحة لا ضابط ولا رقيب او حارس حدود ، يستورد ما يحتاجه من الخارج بلا انتاج اوصناعة محلية .. الزراعة عاطلة واستيراد السلع من بلاد الشام ، فليس هناك انتاج زراعي ولا فواكه لان الفلاحيون مشغولون بالمقاومة فلا يستطيعو ا ان يزرعوا محاصيلهم واذا زرعوا فسوف تحرق محاصيلهم لا محال .. القتل في الشوارع على الهوية ـ الميليشيات التابعة للاحزاب تجوب الشوارع والطرق ، فيطلبون هويتك فان كان اسمك علي فسوف يأخذونك وفي اليوم التالي سيعثرون على جثتك في المزابل او الرأس في مكان والجسد في حاوية القمامة ..!!!! اما البنك المركزي الكائن في شارع الرشيد نقل الى المنطقة الخضراء حيث مقر رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان ومعظم الوزارات والقوات الامريكية . اليس من الافضل ان ينقل ارواح العراقيون السائبة لطلقلت الرصاص والسكاكين ولحسابات الدول والناس الذين اتخذوا ارض التاريخ والحضارات ساحة لتصفية الحسابات ؟؟؟ النفط العراقي يسرق علنا من قبل الميليشيات المسيطرة على الشارع العراقي وبلا محاسبة يفتح الطريق امام هؤلاء اللصوص ليسرقو كل ما تبقى من موجودات البلد النقدية والذهبية ليفرغو خزينة العراق ويهربو ا الى البلدان التي جاءوا منها .. محلات بيع المجوهرات والذهب في بغداد اغلقت ابوابها او اقتصرت على ادارة عمليات صغيرة خلت واجهاتها من المعروضات .. اما معاملات بيع وشراء العقارات متوقفة انتضارا لما يحدث .. تضطر الجهات الامنية احيانا لفرض منع التجول لمدة يومين اوثلاثة للطوارئ فقبل حلول المساء اي الساعة الثالثة عصرا يضطر اصحاب المحلات للعودة الى بيوتهم حيث ينتظرهم جوا من الظلام الرومانسي على ضوء الفانوس الكلاسيكي او الشموع ان وجدت ، فيضطر للاستعانة بالمولدة التي تعمل على البنزين الغير متوفر طبعا ! اما منظر مدينة الرشيد اثناء الليل فلا يحسد عليه فلا تفرق شيئ عن مدينة الاشباح والهياكل والجماجم التي قرأنا عنها في قصص الاطفال الاسطورية ... اذن تعود الى بيتك اضافة الى هذا كله فوسائل التسلية ووسائل الراحة لا تعمل بدون كهرباء طبعا لا جهاز التلفزيون او ستلايت لا ثلاجة اوبراد لا تكييف ولا تبريد ولا هاتف للاتصال باحد الاصدقاء ولا زائر لا من بعيد او جيران ولا ( خبر لا جفية لا حامض حلو لا شربت ) كما يقول الفنان فاضل عواد ..!!! اما الاسرة العراقية تستيقظ في الصباح فهمّها الاول كيف ستوصل اولادها الى المدرسة دون ان تنتظرهم عبوة ناسفة او عصابة مسلحة تعمل على خط فهم مقابل مبلغ خيالي من المال قد لا يحلم به الانسان ، فيودع الاهل اولادهم من غير ضمان على انهم سيعودو اظهرا ام انهم سيلتقوا معا على الغداء في السماء !!!!! اما الامطار العائدة لبداية الاحتلال اي منذ اربعة سنوات تقريبا قد ملأت الازقة وساحات اللعب والمباريات وحولتها الى بحيرات دائمة من المياه الآسنة ، تشاهد عينك منظرا يترجم لها اسرار وخفايا الجمال بعينه وقد تشم رائحة تبعث في نفسك رغد العيش وحب الحياه ناهيك عن انواع من الحشرات والديدان لم ترها اوحتى تقرأ عنها من قبل في المناهج المدرسية .. المرأة العراقية فلها النصيب الاكبر من كل هذة الكعكة المباركة : من المعروف ان الفتيات والنساء هم الضحايا الرئيسية للمعارك والحروب في زمننا هذا لان هذه الحروب تترك اثار بعيدة الأمد على النساء خاصة سواء على الصعيد الأجتماعي او الأقتصادي او التعليمي او الصحي او الأخلاقي . فألحرب العدوانية التي شنتها قوات الأحتلال الأنكلوامريكية الصهيونية على العراق بحجة تحقيق الديمقراطية والحرية للشعب العراقي بل كان العكس حيث جاء لترسيخ الفساد والأنحلال الأخلاقي وتدمير الأقتصاد في المجتمع العراقي فقد اوضحت الدراسة التي اعدتها جمعيات نسائية عراقية وعالمية ازدياد اعداد النساء على الرجال بنسبة 62% الى 38 % اضافة الى زيادة حالات الطلاق والهجر والأنفصال بشكل غير طبيعي الذي رتب على النساء مسؤولية الأشراف على الأسرة واعالتها وتأمين متطلباتها . فلذا ادى تردي الوضع الأقتصادي للأسرة العراقية بشكل عام الى اضطرار المرأة العراقية للقبول في اي عمل بغض النظر عن درجة الصعوبة من حيث الجهد او القيمة المعنوية كالعمل كخادمة في المنازل من اجل سد رمق اطفالهاوذويها ـ في حين كانت المرأة العراقية حائزة على اعلى الشهادات من ارقى الجامعات في العراق والعالم هذا اضافة الى انتشار حالات الخطف والأغتصاب مما جعل المرأة العراقية في حالة نفسية مضطربة يملؤها الخوف والرعب من الخروج للشارع او ممارسة وظيفتها .. وقد لوحظ بعد الأحتلال ما يسمى بزواج المتعة في انحاء العراق عامة وجنوبه خاصة والذي يعتبر طبعا احدى مظاهر تفتت المجتمع وانهيار القيم الأصيلة التي يحملها ، فكما اثر الأحتلال بكل ما حمل من فقر وعدم امان في تفشي ظاهرة الدعارة بين كثير من النساء العراقيات . الدكتورة شذى العجيلي استاذة علم النفس التربوي بكلية الآداب في جامعة بغداد تكشف عن الأحتلال الأمريكي للعراق لم يقتصر على تدمير البنية التحتية فحسب ولكن تدمير النسيج المجتمعي من خلال تدمير النفوس مشيرة الى ان اغلاق ابواب الرزق امام الكثير من العوائل العراقية ربما دفع هؤلاء النسوة للأنجراف الى طريق الخطيئة ، بينما لجأ اخريات الى طريق اخر لربما يعتبرنه حلا للمشكلة تحت غطاء شرعي .. فألكثيرات منهن يقبلن بأول رجل يتقدم لهن ان كان عن طريق الزواج ام زواج المتعة الذي اصبح غطاء للدعارة . اذن ذبح عبثي ، فوضى عارمة ، اضطراب ، فزع ، قلق ، خوف من المجهول ، جوع ، انفلات امني ، انحراف خلقي ، انعدام القيم وابسط المبادئ الأنسانية ، سلطة فاشلة ، اجهزة امن متردية وهذا معلوم للجميع .. كانت هذه فقط العناوين !!!!!!!!!!!
#سندس_سالم_النجار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق يسقط في محيط لا يسمع صوته احد
-
الشخصية وفن التعامل معها الجزء الأول
-
الجمال الظاهري رصيد قابل للافلاس يوما ما
-
{ العذراء المقدسة }
-
مرض عضال
المزيد.....
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
-
عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط
...
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|