علينا باليقظة - الكسندر دوغين

نورالدين علاك الاسفي

الحوار المتمدن-العدد: 7678 - 2023 / 7 / 20 - 00:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الكسندر دوغين
Alexander Dugin

ترجمة: نورالدين علاك الأسفي. [1]
[email protected]

و حيث لا أحد يستخلص من المسيرة من أجل العدالة استنتاجات جادة، فإن الغيوم تشرع في التكاثف مرة أخرى. و للآن يعسر تحديد نوع الإعصار الذي سيسفر عنها.
أولا، في الأيام المقبلة، وربما ساعات، العدو سيبدأ الهجوم بالقوة الكاملة، وأعتقد في منطقة خيرسون لقطع شبه جزيرة القرم. هم بحاجة إليها من أجل قمة الناتو في 11-12 يوليو، بحاجة إلى حجة مع دماء على أنوفهم، ولكن لصد خطط العدو وإحباطها بنجاح، نحتاج نحن أنفسنا إلى نوع من العمل الرمزي، دافع جديد وأمل جديد، وهذا ينطبق على الجميع والجيش والمجتمع، فهذه الأشياء مرتبطة ارتباطا وثيقا أكثر مما في الظاهر. نحن بحاجة إلى شخص يصرخ "إلى الأمام! من أجل الوطن! من أجل ستالين!" [2] ثم اقتحم المعترك (و ليس الأجمة).
ثانيا، تواصل السلطات رفض حقيقة أننا بالفعل في حالة طوارئ، مما يعني شروطا جديدة - حتى شروطا قانونية - للوجود السياسي. بهذا ذكرنا بريغوجين بمدى قسوة تلك الرسالة (وليس المطالب الرسمية، التي يستحيل الوفاء بها من حيث المضمون والشكل) . كان ينبغي قراءتها مع فهمها وتطبيقها. طرح بريغوجين السؤال وتوقعت الأمة بأكملها إجابة، لكن لا رد. في الواقع، إن عدم وجود إجابة هو في حد ذاته إجابة، و هذا تاريخيا وسياسيا خطأ في رأيي.
و ثالثا، تظهر الأحداث - العملية العسكرية الخاصة في مجملها و التمرد الأخير- أن إعادة هيكلة نظامنا السياسي أمر ضروري. لقد ثبت جزئيا أنها كافية تماما، ولهذا السبب تمكنت من تحمل هذه الضربات، وجزئيا لم تفعل ذلك، لأن هذه الضربات كانت موجودة وكان لا بد من صدها. تتكيف الطبقة الحاكمة مع الجهد الحربي، ولكن ببطء شديد وبغير رمزية كافية. إن للدعاية حياة خاصة بها، أنا لا أقول إنها عديمة الجدوى، لكنها في أحيان كثيرة تعدم الوجهة.
رابعا، كل ما نقوم به (بحكمة غالبا و بشكل صحيح)، نفعله بتأجيل كبير. فإذا طلبنا قطارا راح يتحرك، علينا الركض بسرعة فائقة للوصول إلى العربة الأخيرة والمخاطرة بالقفز من المنصة، مع إسقاط أمتعتنا، إن الحرب الحديثة هي قبل كل شيء مسألة سرعة، و على السواء مبادرة و رد فعل. هناك فلسفة كاملة للسرعة، و الدرومولوجيا [3]/ Dromology (= علم السرعة)، والذي يدرس، من بين أمور أخرى، ظاهرة الدروموقراطية / Dromocracy (= سلطة السرعة)، أو القوة القائمة على السرعة. في الناتو، لطالما كان هذا منذ فترة طويلة جزءا من الإستراتيجية والتكتيكات، وليس عهد الأشخاص الذين يتخذون القرارات (أحيانا هذا العامل مهم، لكنه ليس العامل الرئيسي)، و لكنه مزاج وعاطفة. يمكنك أن تقول: مهما فعلت، افعله بسرعة، حتى لو ارتكبت خطأ، فإنك تغنم الوقت لتصحيحه. إذا ارتكبت خطأ على عجل، فإنك تصححه بسرعة، وإذا استنفدت وقتا طويلا في التفكير، و القياس، واتخاذ قرار، ثم ترتكب خطأ، فستستغرق زمنا طويلا للتصالح معه. إذا واصلنا التخلف عن الركب والمماطلة والتردد، فلن نفهم الأمر بشكل صحيح.
إليك طريقة: انظر إلى ما أجلته لوقت لاحق- غدا، بعد غد، "بعد الانتخابات"-وافعله الآن فورا. إنه مثل القفز من الطائرة: إنه أمر مخيف، يجعلك تشعر بالدوار، ولكن بعد ذلك تحلق في الهواء كطائر في السماء. دعونا نفعل ذلك اليوم، ما لا يمكننا القيام به في حينه، ربما لم يكن علينا القيام به.
في المحصلة؛ كل شيء سيستقر في لحظة اليقظة. ما زلنا في شبه نوم. نحيا و نحكم و نقاتل. آن الأوان لنصحوا. [4]
-------------------
[1] في البال: المقالة مناط الترجمة رهن بالإحاطة علما؛ لا بقصد تبني فحواها جملة أو تفصيلا. المترجم.
[2] من أجل الوطن! من أجل ستالين!: إشارة من دوغين إلى عنوان كتاب مذكرات ضابط في الجيش الأحمر بالجبهة الشرقية لمؤلفه الروسي بوريس بوجاتشيف/ Boris Bogachev ؛(1924-2015).
For The Motherland! For Stalin! Red Army Officer s Memoir of the Eastern Front.Boris Bogachev Oxford University Press, 2017.
تقدم هذه المذكرات أوصافا حية للقتال ورؤى فريدة حول مواقف كل من الرجال المقاتلين والمحاربين القدامى بعد الحرب. فبوريس كان مراهقا يعيش في أوديسا عندما غزت ألمانيا الاتحاد السوفيتي في عام 1941. انضم إلى الجيش الأحمر كملازم صغير، وأصيب ثلاث مرات. في وقت لاحق تدرب كمحام عسكري وشارك في إعادة تأهيل ضحايا ستالين. شغل منصب قاض في المحاكم العسكرية قبل تقاعده في عام 1985.
[3] الدرومولوجيا - الدروموقراطية/ Dromology ، Dromocracy. .. مفاهيم و مصطلحات مع غيرها نحتها الفيلسوف الفرنسي Paul Virilio /بول فيريليو؛ (1932-2018). هو مخطط حضري وكاتب مقالات فرنسي.اشتهر بكتاباته عن التكنولوجيا والسرعة، والتي يعتبرها تحالفا "دروموسفير ". كما درس المخاطر الكامنة في التقنيات الجديدة وكيف تميل التكنوقراطية إلى إخفائها.أصدر الفيلسوف عدة كتب ومقالات تتناول سؤال السرعة والتكنولوجيا وعلاقتهما بالسلطة السياسية، من أعماله : جماليات الاختفاء- حادثة الفن - ماكينة الإبصار.
من كتبه المترجمة إلى العربية:
- السرعة والسياسة، من ثورة الشارع إلى الحق في الدولة، ترجمة محمد الرحموني.الشبكة العربية للأبحاث و النشر الطبعة الاولى، بيروت، 2017.
- ماكينة الإبصار، دار المدى للطباعة والنشر والتوزيع. ترجمة حسان عباس. دمشق. 2001.
[4] المصدر على الرابط:
https://www.geopolitika.ru/en/article/tension-towards-awakening

#نورالدين_علاك_الاسفي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات