أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - سعيد مبشور - الذكاء الاصطناعي: العودة الكبرى للصراع الطبقي؟















المزيد.....

الذكاء الاصطناعي: العودة الكبرى للصراع الطبقي؟


سعيد مبشور

الحوار المتمدن-العدد: 7673 - 2023 / 7 / 15 - 22:16
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


في أواخر شهر مارس الماضي، دق الخبراء الاقتصاديون لدى المجموعة المالية الدولية التي مقرها نيويورك الأمريكية “غولدمان ساكس” جرس الإنذار حيال الموجة الجديدة من الذكاء الاصطناعي، بتأكيدهم أن هذه الطفرة التكنولوجية تهدد بزوال 300 مليون وظيفة من الوظائف ذات الدوام الكامل في جميع أنحاء العالم.

وبحسب الدراسة التي نشرتها المجموعة يوم الأحد 26 مارس، فإن 18٪ من الوظائف في جميع أنحاء العالم قابلة للحوسبة والملاءمة مع تطورات الذكاء الاصطناعي التوليدية، خاصة في الكيانات الاقتصادية المتقدمة، حيث تفوق نسبة المهن المعرضة لغزو الذكاء الاصطناعي مقدار الثلثين في أوربا والولايات المتحدة، فيما يمكن أن تصل هذه النسبة من سيطرة التقنيات الجديدة إلى ربع سوق العمل.

ومع ظهور أداة “شات جي بي تي” التوليدية المطورة من طرف شركة “اوبن اي” الخريف الماضي، سارعت العديد من الشركات بالفعل إلى إعادة التفكير في الطريقة التي يجب أن يعمل بها موظفوها بشكل يومي، وفتح طرح “شات جي بي تي” للعموم الأبواب أمام المطورين لكشف النقاب عن مزيد من أدوات الذكاء الاصطناعي التي تقترح حلولا تقنية من شأنها توفير آلاف ساعات العمل للشركات، بالشكل الذي قد يؤدي إلى تعطيل “خطير” لسوق العمل، وفقا لخبراء المجموعة المالية الأمريكية.

وتؤكد هذا المنحى دراسات مرجعية لنفس المجموعة تفيد بأنه على الرغم من أن 60٪ من العاملين اليوم يشتغلون في مهن لم تكن موجودة في عام 1940، فقد حل تسارع التغيير التكنولوجي مع عقد الثمانينيات من القرن الماضي محل العمال بشكل أسرع مما خلق فرص عمل، ولم تخل دراسة “غولدمان ساكس” الحديثة من نبرة تفاؤلية مفادها أن التغيير في أنماط العمل من خلال الاعتماد واسع النطاق للذكاء الاصطناعي قد يؤدي في النهاية إلى تعزيز الإنتاجية وزيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 7٪ سنويا على مدار السنوات العشر القادمة.

وفي أحدث مقال له، يحمل نفس العنوان الذي اخترناه أعلاه، يتساءل الخبير الدولي الفرنسي سيلفان دورانتان مدير مجموعة بوسطن العالمية للاستشارات، ماذا لو كان من الضروري لفهم التحديات الحقيقية للذكاء الاصطناعي، إعادة قراءة “البيان الشيوعي”؟

في ذلك النص التأسيسي الصادر عام 1848، لا يوجد بالطبع أي حديث عن الذكاء الاصطناعي، فالثورة الجارية آنذاك كانت صناعية وليست رقمية، ومع ذلك، فإن التحليل السوسيولوجي للمجتمع الذي قدمه كل من كارل ماركس وفريدريش إنجلز هو الآن بالنسبة لدورانتان في غاية الأهمية أكثر من أي وقت مضى، فالفيلسوفان الألمانيان يؤكدان قبل كل شيء أن “تاريخ المجتمعات لم يكن سوى تاريخ الصراعات الطبقية”، وهو ما ينطبق تماما بحسب الكاتب على ما نلاحظه اليوم داخل الشركات مع صعود الذكاء الاصطناعي.

ويشير دورانتان أنه وفقا لدراسة حديثة أجراها فريقه في 18 دولة وشملت 13000 شخص، وسلطت الضوء على الفجوة المتزايدة حول الذكاء الاصطناعي بين مسيري الشركات والموظفين، “الطبقات المهيمنة” و “البروليتاريا” بتعبير ماركس وإنجلز، ثمة صراع بين اتجاهين: الأول يمثل الموظفين القلقين على وظائفهم، والثاني يتعلق بقادة الشركات الذين يشعرون بطمأنينة أكبر بشأن مستقبلهم، لتخلص الدراسة إلى أنه حينما يتعلق الأمر بالتفاؤل بشأن الذكاء الاصطناعي، يلاحظ وجود فارق قدره 20 نقطة بين هاتين الفئتين!

ويتبلور الصراع الطبقي الناتج عن الذكاء الاصطناعي بحسب الكاتب حول أربعة مواضيع: أولها استخدام الذكاء الاصطناعي، فبينما يؤكد 80٪ من مسيري الشركات أنهم يستخدمون الذكاء الاصطناعي الإنتاجي عدة مرات في الأسبوع، فإن 20٪ فقط من الموظفين يقومون باستخدام هذه التقنية في نفس المدة.

وفي المستوى الثاني، في ما يتعلق بالتدريب على استعمال الذكاء الاصطناعي، فإن الفجوة كبيرة أيضا، حيث يقر 14٪ فقط من الموظفين المستجوبين بأنهم قد تلقوا تكوينا يتناسب مع التطورات الحديثة، بينما يرى 86٪ منهم أنهم بحاجة إلى التدريب على استعمالات الذكاء الاصطناعي في وظائفهم، أما فئة مسيري الشركات الذين تم استجوابهم حول نفس الغرض فتفوق نسبة حصولهم على التدريب حول الذكاء الاصطناعي مثيلتها عند الموظفين بثلاثة أضعاف.

ويشعر الموظفون بالقلق الشديد بشأن كيفية استخدام شركاتهم للذكاء الاصطناعي. فبينما يرى 29٪ من الموظفين أن شركتهم تستخدم الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، يبلغ هذا الرقم 69٪ بالنسبة للقادة، وفي مواجهة هذه المخاوف، يطالب 75٪ من الموظفين بمزيد من التنظيم وبالتالي بدور متزايد للدولة، وهو ما يذكر بالتوصيات التي انبنت عليها فلسفة ماركس وإنجلز.

إذن ما العمل؟ يعيد دورانتان تناول سؤال لينين الأساسي، إذ في مجتمع المعرفة، يكمن جزء كبير من الإجابة في التدريب على المهارات، ولنكن واضحين، يقول الكاتب، فالحاجة ليست يومين أو ثلاثة من التدريب على استخدام “شات جي بي تي” أو “دال إي” سنويا، بل تتعلق بالتدريب المستمر على الأدوات التي تتطور باستمرار.

يعد الذكاء الاصطناعي الإنتاجي فرصة لتدريب جميع فرق العمل داخل الشركات على الحوار السريع (البرومبت) مع هذه الأنظمة، والملاحظة الإيجابية بحسب نتائج الدراسة هو أنه عندما تستخدم تلك الفرق الذكاء الاصطناعي، تتضاعف حصة المتفائلين، بينما تنخفض حصة الأشخاص القلقين إلى النصف.

هذا التفاؤل المكتسب بفضل التعامل المباشر مع التقنيات الحديثة، يدعو بحسب الكاتب دائما، إلى ضرورة العمل من أجل تفادي وقوع أزمة بين “برجوازية” الذكاء الاصطناعي، أولئك الذين رأس مالهم هو تدريبهم ومعرفتهم، وبين البروليتاريا الجديدة (النيوبروليتاريا) المفتقدة لتقنيات التعامل مع وسائل الإنتاج الجديدة، والقلقة والتائهة في دورة إنتاج مستقبلية أداتها الأساسية معرفة تقنية تبدو صعبة وبعيدة عن المتناول، ما يزيد من فرص اللامساواة وتفاقم التفاوتات بسرعة فائقة بين النخبة التي تستفيد من المزيد من فرص العمل أو الاستثمارات المجزية، وبقية الفئات ممن لا يرون في الأفق سوى احتمالات الانحدار الطبقي جراء وقوعهم في ظروف “الاستعباد” للأنظمة الرقمية الحديثة كما وقع لأسلافهم في المراحل الأولى للتطور الصناعي عندما واجهوا زحف المكننة وغزو الآلات في مقابل تراجع العمل اليدوي.

وإذن فالرهان الآن، يستنتج الخبير الفرنسي في ختام تعليقه على نتائج الدراسة سالفة الذكر، هو تهيئة الظروف لظهور “طبقة وسطى من الذكاء الاصطناعي”، تشكل الحماية الوحيدة ضد تطلعات “ديكتاتورية البروليتاريا”، وهو الأمر الممكن جدا يضيف دورانتان، في ظل استخدام الشركات بالفعل الذكاء الاصطناعي التوليدي لتدريب الفنيين والتقنيين على الوظائف التي لم يكن بإمكانهم الوصول إليها في السابق.



#سعيد_مبشور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بحر الفساد : على هامش قضية مباراة المحاماة في المغرب
- الأمطار وحدها لا تكفي
- أقدم مهنة في التاريخ
- لكم أشباحكم ولنا أشباحنا
- المغرب في ذكرى 20 فبراير .. خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الورا ...
- فيروس كورونا: إلى ماذا سيؤدي كل هذا الخوف ؟
- إلى الذي يعرفني وكثيرا ما أجد صعوبة في أن أعرفه
- قراءة في أبعاد غياب الأحزاب عن تشكيل اللجنة الخاصة بإعداد ال ...
- بعد اتفاق لوزان: هذه هي انتظارات إيران
- حكومة بن كيران والتفاحة الفاسدة
- هل يصبح -مشعل- رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية ؟
- في الحاجة إلى -ريدينس داي- .. عربي
- مفاوضات -عوفاديا يوسف- المباشرة
- العرب بين البلاك ووتر والبلاك بيري
- مبادرة الحكم الذاتي بالأقاليم الصحراوية .. ونهاية أسطورة تقر ...
- حلم قومي
- فلسطين عربية .. ليس بعد الآن !
- قراءة هادئة في تداعيات العدوان على غزة
- مجرد كلام
- حزب العدالة والتنمية المغربي وتحولات الزمن السياسي


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - سعيد مبشور - الذكاء الاصطناعي: العودة الكبرى للصراع الطبقي؟