أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أحمد الخميسي - بلاغ ضد الشعب














المزيد.....

بلاغ ضد الشعب


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 1724 - 2006 / 11 / 4 - 12:19
المحور: كتابات ساخرة
    


دق جرس التليفون أكثر من مرة ، مكالمة إثر أخرى ، كلها من أصدقاء يحدثونني عن وقائع تحرش جنسي ، جماعية وعلنية ، وفظة ، بنساء وفتيات في وسط القاهرة ، أمام سينما مترو ، و سينما ميامي ، وفي شارع عدلي . مجموعات ضخمة متكاتفة متحركة من الشبان انقضت مثل أسراب النحل على فتيات ، ومزقت ملابسهن ، ومدت إليهن عشرات الأيادي في حفل تحرش جماعي تتحسس كل ما يمكن في أجسامهن علنا في شوارع مذهولة وخائفة وصامتة غابت عنها الشرطة . في ختام إحدى المكالمات سألني صديقي بقلق مفهوم : " كيف يمكن لابنتي أن تسير آمنة بعد ذلك ؟ " ، وفكرت على الفور في ابنتي أنا أيضا ، ثم انتقلت إلي التفكير في بناتنا جميعا . والحق أننا منذ زمن طويل لم نسمع عن واقعة كتلك ، منذ حادثة اغتصاب فتاة العتبة عام 1992 ، ثم حادثة فتاة ميدان التحرير ، لكن الفاعل في هاتين المرتين كان شخصا واحدا ، وليس مجموعة تتحرك بوعي ومشاعر مشتركة . وقد أثارت قناة دريم القضية في برنامجها " العاشرة مساء " واتصلت بوزارة الداخلية التي أكدت أنها لم تتلق بلاغا واحدا عن ذلك التحرش الفظ ، وإن كان شهود العيان في وسط البلد قد أكدوا جميعا وقوع التحرش الجماعي الذي بلغ حد تحطيم شباك تذاكر إحدى دور العرض ، وهجوم نحو ألف شاب على واجهة محل ركضت إليه إحدى الفتيات واحتمت به . والسؤال الأسهل هنا هو : أين كانت الشرطة التي تظهر عرباتها ورجالها بالآلاف في مناسبات أخرى أمام نقابة الصحفيين والمحامين وغيرها ؟ أما السؤال الصعب فهو : كيف أصبح ذلك ممكنا ؟ أو على حد التعبير الشهير للدكتور جلال أمين : ما الذي حدث للمصريين ؟ وبعبارة أخرى : ما الذي فعلوه بالمصريين لينحط بعضهم إلي هذا الدرك ؟ .
في 28 أكتوبر الحالي نشرت جريدة الجمهورية عن تقرير لمنظمة الأغذية العالمية أن عشرين بالمئة من المصريين ( أي 14 مليون مواطن ) يقل دخل الفرد منهم يوميا عن دولار واحد . علاوة على 12 مليون عاطل . وفي ظل ذلك الفقر والبطالة ليس مستغربا أن تشير إحصائية للمجلس القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر إلي أن حالات الاغتصاب تبلغ أكثر من عشرين ألف حالة سنوياً ، أي أن هناك حالتين اغتصاب يوميا في مصر. وليس مستغربا ألا يميز التحرش الجنسي الجماعي وسط البلد بين محجبات وسافرات في إشارة واضحة إلي أن أزمة المجتمع ليس فيما ترتديه المرأة أو تخلعه . والمرأة المصرية التي تتعرض للضرب والتعرية – مرة على يد الحكومة كما حدث مع زميلة صحفية في مظاهرات 25 مايو 2005 – ومرة على يد الشعب كما حدث مؤخرا ، هي ذاتها المرأة التي تشير منظمة العفو الدولية إلي وضعها بقولها إن خمسة خمسة وثلاثين بالمئة من نساء مصر يتعرضن للضرب من قبل أزواجهن ، وأن أكثر من 69 % من الزوجات المصريات يتعرضن للضرب في حال رفضهن معاشرة الزوج . هذا على الرغم من أن نسبة النساء اللاتي يعلن أسرا في مصر تصل إلي 22 % !
والمؤكد أن كل ثقافات العالم تتضمن أشكالا مستترة و مختلفة من احتقار المرأة ، واعتبار أن المساس بكرامتها بشتى الطرق أمر لا يستحق التوقف عنده . وإهانة المرأة ظاهرة عامة في كل البلدان العربية ، بل وفي العالم أجمع . وتشير تقارير الأمم المتحدة غلي أن امرأة تتعرض للضرب كل ربع دقيقة في أمريكا ، هناك حيث تقع سبعمائة ألف حالة اغتصاب سنويا .
وبالرغم من شيوع ذلك الانحطاط الفكري وراء أقنعة عدة ، إلا أن حالات التحرش الجنسي الجماعي تستحق وقفة خاصة ، لندرتها ، ولصلتها بمفهوم العقل الجماعي وثقافته دوافعه والظروف التي يتكون فيها وتأثير مبدأ الاغتصاب الاقتصادي والسياسي والفردي والجماعي في ذلك العقل . وحادثة التحرش الجماعي الأخيرة تعني أن على المرأة التي كانت تخشى الحكومة داخل أقسام الشرطة وفي المظاهرات ، أن تخاف الآن من الشعب أملها الوحيد في الترقي والتطور ، وأن تقدم بلاغها ضد ذلك الشعب . ما الذي حدث للمصريين ؟ أو ما الذي فعلوه بالمصريين ؟ . لا شىء سوى أن وعي الناس أخذ يتجه للفتك بنفسه ، وبنسائه ، وبقيمه . وهي إشارة إلي أن الشعب يعيش بلبلة فكرية عميقة ، جعلته لا يرى خصما لنفسه سوى نفسه ، ولا يجد موضعا لتوجيه الضربة غير قلبه .



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإمبراطورية الأمريكية تحكم الرقابة على العالم
- د. رشاد الشامي .. رحيل عالم كبير
- المسلسلات المصرية
- غزة تفطر على مدافع الاحتلال
- قوات الديمقراطية الأمريكية والصحافة العراقية
- إسرائيل عدو الثقافة الأول
- نجيب محفوظ لحظة وداع
- حجر وورد .. وجوه لبنانية
- تحرير الانتصار اللبناني من الكذب القادم
- المقاومة اللبنانية وتفكيك الشخصية الصهيونية
- لن نغفر ولن ننسى
- المقاومة اللبنانية وفلاسفة الهزيمة
- الليل طويل والطيارات مش نايمة
- لم يبق في غزة سوى الهواء
- نبيل الهلالي . سحابة العدل
- انطفاء أحمد عبد الله .. قمر على جيل السبعينات
- جينا لندن ترصد أدق الرغبات
- ساندوا الشاعرة الفلسطينية سارة رشاد
- سولجينتسين يواجه الحصار الأمريكي
- شلنات وبرايز


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...
- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أحمد الخميسي - بلاغ ضد الشعب