عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي
الحوار المتمدن-العدد: 7672 - 2023 / 7 / 14 - 16:50
المحور:
الادب والفن
حين فتحت باب شقتي، بعد سماع صوت الجرس الصادر منها، حياني شرطيان فارعا القامة تقودهما، شرطية حسناء لا تقل عنهما طولا، وطلبوا مني مرافقتهم، موضحين أن بأمكاني الأتصال بالمحامي الذي يمكن أن يمثلني في قضية ترحيلي إلى العراق!!!
فكرت أن ذلك ربما يكون ضمن برنامج تلفزيوني للكاميرا الخفية، وحاولت أن أشاركهم المرح بدعوتهم الى دخول الشقة والتعرف الى زوجتي وأبني، ومشاركتنا تناول شاي معد على الطريقة العراقية. لكنهم بكل تهذيب وحزم أكدوا أنهم في واجب رسمي لا يسمح بتلبية عرضي الذي تصورته سخيا. وطلبوا منى أن أحزم ما يمكن أن أحتاجه في الحجز الذي لن يستغرق وقتا طويلا.
ـــ مالموضوع؟
تساءلت مستغربا. بشيئ من الوجل.
ـــ أنت مطلوب من الحكومة العراقية الجديدة، التي توصلت إلى أتفاق مع الحكومة السويدية لتبادل المجرمين.
ـــ لكني لم أرتكب جرما، كما أني مواطن سويدي !
ـــ محاميك سيعالج هذا الموضوع مع السلطات، ويجب أن تثق في عدالة القضاء السويدي.
ـــ كيف أثق بعدالة من يريد أن يسلمني لورثة صدام حسين؟
ــــ هذا أمر لا يعنينا، سلطات بلادك ستحكم في الأمر.
ـــ لكني مواطن سويدي، أحمل الجنسية السويدية، منذ أكثر من ربع قرن، ولا أعترف بسلطة أيتام البعث الذين استولوا على السلطة مؤخرا في العراق.
ـــ حكومتنا اعترفت بالسلطة العراقية الجديدة، ولابد انك قد عرفت بالأتفاق الذي أبرم مؤخرا بين البلدين. كما أنك لست سويديا، بل لاجئ عراقي تكرمت عليه بلادنا بجنستها لتوفير ملجأ آمن.
ـــ وماذا عن عائلتي؟
ـــ أبنك مولود في السويد، ولن يرحل معك، وزوجتك مغربية ولا علاقة لها بالعراق، سيواصلان التمتع بالكرم السويدي حتى تلقي سلطاتنا طلبا من العراق أو المغرب بتسليمهما.
ـــ البعثيون سيعدمونني.
ـــ لآ تبالغ. البعثيون تغيروا. كما تغيرت طالبان. ونتمنى أن تدرك عبيثة محاولة عرقلة إجراءات العدالة. قالت الشرطية التي تلاشت من محياها كل ملامح الجمال، وأمرت زميليها بسحبي، محذرة أياي من أية محاولة للمقاومة.
سحب أحدهما من حزامه قيدا معدنيا، قيد يدي اليمنى بإحدى حلقاته، وقبل أن يقيد يدي اليسرى، تناهى إلي صوت زوجتي وهي تنادي:
ـــ أفق أيها الشيخ، كيف تغفو على كرسيك؟ .. إن كنت تعبا توجه إلى سريرك.
وحين حدثتها عن الكابوس الذي لم أكن قد خرجت منه بعد، قالت بأسى:
ـــ كل هذا بسبب متابعتك الجنونية للأخبار. ولابد أن خبر صفقة السويد مع أردوغان قد أثرت عليك، الى حد جعلك تفكر بأمكانية عودة البعث الى حكم العراق.
#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟