صابر محمد
الحوار المتمدن-العدد: 7669 - 2023 / 7 / 11 - 16:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لقد ولد القانون العراقي مشلولا منذ بدايات ولادة الدولة العراقية ، فلقد رسم البريطانيون الاستعماريون منهجًا قانونيًا مكونًا من تحالفات عشائرية مع سلطات إدارية مدنية ، بحيث يجعل العراق والمنطقة كلها مرهونة بيد خلافات عشائرية وطائفية و دينية و يكون لرئيس العشيرة والطائفة و المذاهب الدينية دورًا موازيًا للدولة و قوانينها المدنية وربما بإمكان رئيس العشيرة او الطائفة ان تحبط قرارات السلطات الرسمية و تجعلها خاضعة لمشيئتها.
الاستعماريون البريطانيون و والامبريالية الامريكية سنت دستور العراق الحديث على أساس هذا التقسيم بين صلاحيات سلطة العشيرة و صلاحيات سلطة الدولة.
كذلك أشترك الدستور البرايمري الامريكي و على نفس مشيئة وشروط الاستعمار البريطاني لسن الدستور و هو ان القوانين المدنية و غيرها الاجتماعية و الجزائية و الاحوال الشخصية يجب أن تكون خاضعة للمعتقد الديني و مستنبطة من ( الشريعة الإسلامية).
ان الحريات المدنية و الحقوقية و جميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية و السياسية سوف تبقى حبرًا على ورق طالما لم يتم عزل الدين عن الدولة .
(عزل الدين عن الدولة) ليس بمعنى ان يتم إكراه الشخص أو الفرد على ترك ديانته او معتقده المذهبي و إنما يعني أن يكون حرًا في إختيار معتقداته الدينية والمذهبية و اعتناق الأديان مسألة شخصية يقوم به الفرد في تحقيق مصيره .
الاضطرابات المذهبية و الطائفية الأخيرة في الأنبار
لقد نوهنا و أكدنا سابقا في مقال مشروع قانون الموازنة المالية في العراق لسنة 2023 وانعكاساتها على حياة المضطهدين )
على ان الاحتجاجات والاعتراضات الجماهيرية سوف تصل إلى مراحلها العليا من حيث الوسعة و الشدة ، بسبب الأزمات الاقتصادية والمالية والسياسية و التي يكون للعشيرة والطائفة و المذاهب الدينية و القومية اليد العليا في رسم سياسات هذا البلد .
الان ما نشاهده في الأنبار من تظاهرات ذا بعد طائفي للطائفة السنية و مزين بطابع مذهبي ، ليس إلا واحدة من بدايات سلسلة احتجاجات و أزمات اخرى في بقية المحافظات و العراق ككل نتيجة للخصومات القومية و الطائفية و المذهبية على حصصهم المالية و المنافسة على رؤوس الأموال المثبتة و الموجودة في هذه الميزانية او بالتالي المنافسة في الحصول الى اكثر الأرباح
في الساحة الاقتصادية والتجارية للإنتاج و التوزيع في العراق .
ولسوف نكون أمام وضع مأساوي من كل النواحي و يصبح الامر ليس متعلق بمدينة او اسم ( الانبار) إنما سوف تصبح ظاهرة عامة في جميع انحاء العراق يشوبها الفساد و الصراع و الاقتتال المذهبي و الطائفي السني و الشيعي و القومي بين مكونات الشعب العراقي ، والهدف الأساسي هو جمع اكبر نسبة من الأرباح و يكون الخاسر الأول والأخير هنا هي طبقة المضطهدين من العمال و الفلاحين الفقراء .
واخيرا هذا هو المبتغى الاساسي للامبريالية العالمية للوصول الى هدف نهب وسلب طاقات وموارد العراق و قوة عمل البروليتاريا العراقية بأكثر الطرق وحشية و بربرية مشحونة بصراعات طائفية و مذهبية و قومية لا نهاية لها إلا باطاحة هذا النظام و تغيير الدستور العراقي بشكل جذري و جعل الدين منفصلًا عن قوانين و تشريعات الدولة و قطع دابر السلطات العشائرية و الطائفية و القومية والمذهبية في اللعب بمقدرات وحياة الشعب العراقي المضطهد.
#صابر_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟