أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - يا لوجع مي من دون رافع














المزيد.....

يا لوجع مي من دون رافع


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 7668 - 2023 / 7 / 10 - 22:08
المحور: الادب والفن
    


لو اكتفى قارئ كتاب "سيرة الماء والنار" بهذه الفقرة القصيرة منه "حيـن انتهـت مراسيم التشييع وغادر الأهل والأصدقاء فـي ساعة متأخرة من الليلـة الأولى أغلقت الباب لأختلي بواقعي الجديد تحيط بي وحشـة أشبه ببئر عميق مظلم وسؤال عملاق يتحداني: كيف سأكمل الرحلة مـن غيره”، فحسب القارئ أن وجع مي مظفّر قد انهال عليه بفقدان الحبيب، مع ذلك يبقى الحزن المهذب الذي اكتنفها أشبه بخط لوني تركه رافع الناصري على خطوط وجهها.
إلا أنها في هذا الكتاب "أنا ورافع الناصري سيرة الماء والنار" أشبه بشاهدة محايدة على ما جرى لها مع رافع وما جرى في البلاد منذ جريان الدم المسفوح في قصر الرحاب حتى استباحة لصوص الدولة للبلاد بعد احتلالها وتحطيم منزلهم في بغداد وسرقة محتوياته.
كل ما جرى تسرده لنا بعدسة لا تمل من اليوميات، من دون أن يغادر رافع كادرها، إنه حاضر سواء سافرت معه أو لوحدها، ذلك لعمري منتهى الإخلاص. لذلك يبدو الكتاب سيرة إبداعية لمي لكن بمرآة عاكسة بيد الفنان التشكيلي الراحل رافع الناصري.
فمنذ مرضه عندما صرخت بأعلى صوتها "رحمتك إلهي. رافع نعمة الوجود" حتى اللحظة التي كان يوارى فيها الجثمان جلست على حافة القبر وبيدها القرآن وكأنه الحل المقدس لما تركه رافع في حياتها.
مي نحبها كشاعرة منذ ديوانها “طائر النار” ونرفض أن تكون بغير قصائدها، عندما نضع نتاجها الآخر - على أهميته - على هامش القصيدة، خذ مثلا ترجمتها الرائعة لـ”حياتي مع بيكاسو” أو دراستها النقدية المهمة “الفن الحديث في العراق: التواصل والتمايز” ثم مجموعتها القصصية “ألم يبق أحد منهم” التي تستعيد فيها بغداد بأنصع وجوهها، لكن، مع ذلك، ستبقى كلمة شاعرة تسبق اسمها!
متعة قراءة هذا الكتاب لا تنتهي، لأنه شاهد بلغة مكتفية بوضوحها على سنين بغداد وطبيعة الأسر التي أسهمت في بناء الدولة العراقية. تمر مي على سنوات حياتها حتى تولع بها وتولعت به في مقهى بيروتي.
لحظة الحب بينهما تبدأ من لوحة فيروزية لرافع في مدخل منزل جبرا إبراهيم جبرا، عندما يتحول سؤالها عن صاحب هذه اللوحة، فيرد جبرا بتساؤل مقابل “ألا تعرفينه إنه رافع الناصري"!
ومنذ اللقاء الأول ترك معها شيئا منه، ففي كل البوح والغضب الكامن بينهما في السنين الأولى هناك ما يجعل من الحب الحل النهائي في الحوارات التي استذكرتها على لسان رافع، وما جرى بينهما على الهاتف وعندما رآها في قاعة الخلد، أشبه برسائل اللوعة التي كتبها غسان كنفاني لغادة السمان، لكن عند مي ورافع ثمة عراقية تغادر الزمن إلى أبعد من سبعينات القرن الماضي حيث أضرمت شرارة الحب الأولى وتكررت اللقاءات.
بدا لي من المفيد هنا أن نستعيد علاقة رفعت الجادرجي وبلقيس شرارة، وكيف انتهت بالزواج، ونحن نتأمل الحب العارم الذي سكن الناصري حيال مي وانتهى بالزواج المخلص أيضا، الحب اتخذ نفس المسار وبقي منعشا عند الأربعة، وإن كان المذاق مختلفا “هناك تشابه عجيب في ليلتي زفاف الجادرجي والناصري وكيف سكنا في ملحقين صغيرين مرتبين على عجل في بيتي والدهما"!
ما كتبته مي في هذا الكتاب محض إخلاص نقي لرافع، فهي لا تريد فيه نبش الماضي بقدر استذكاره مع حبيبها القلق المتوتر الخؤون النزق الحالم المستاء الرقيق الدقيق الملهم. هكذا كتب لها مرة “أنت لا تعرفين أي طفل ضائع أنا".
لكن دعونا نقرأ ما كتبته له في رسالة احتفظت بها لنفسها! وبعد أشهر من الانقطاع الحائر وشاهدته يترقبها في قاعة الخلد أثناء حفلة للفرقة السيمفونية العراقية “فمَنْ من غير طراز مي مظفّر تكتب الرسائل لعاشق يحبها حد الألم، كي تحتفظ بها؟".



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى نستعيد أمل خضير
- لا أسعد من ذوي الياقات الزرقاء
- ساعة تسديد الحساب الوطني
- رومانسية اقتصادية بين واشنطن ولندن
- إيكاروس بغداد بمذاق تمر مر
- بايدن أم ترامب: ذعر الخفافيش العمياء
- فائق حسن وصدام حسين
- عمار الحكيم زعيم العروض الصوتية الزائفة
- عودة إلى سوينتون والصائغ
- ومتى كانت كرة القدم عادلة؟
- ما ينتظر الحكومات…
- مرة أخرى، الإعلام الغربي أطلق النار على قدميه!
- تويتر مشتاق لدورسي
- سعادة السوداني بغياب الدرس الصحفي عن عرّاف وقرداحي
- الموت حائر أمام أغاني عبدالكريم عبدالقادر
- رئيسي يربت على كتف الأسد “انتصرنا”!
- العالم يمتلك ما يكفي من الشجاعة للابتعاد عن واشنطن
- جوانا تقربنا من الوعد الزائف
- أنا أصدّق ماسك، ومتى كذب!
- التكرلي فضّل وينترسون على بالدوين


المزيد.....




- -هيئة الأدب- تدشن جناح مدينة الرياض بمعرض بوينس آيرس الدولي ...
- وزارة الثقافة الروسية: فرق موسيقية روسية ستقدم عروضا في العا ...
- وفاة الفنان المصري عبد المنعم عيسى
- فنان مصري ينفعل على الهواء على قناة لبنانية خلال محاولة عرض ...
- محسن جمال.. 4 عقود من الإبداع ساهمت في تشكيل الغناء المغربي ...
- فيديو طريف.. فنان سوداني يوقظ أحد الحضور من سبات عميق في حفل ...
- وفاة الإعلامي السوري صبحي عطري
- عندما تتكلم الشخصية مع نفسها.. كيف تنقل السينما ما يدور بذهن ...
- الفكر والفلسفة في الصدارة.. معرض الكتاب بالرباط يواصل فعاليا ...
- أول تعليق لمحمد رمضان على ضجة -حمالة الصدر- في مهرجان كوتشيل ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - يا لوجع مي من دون رافع