أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمدى عبد العزيز - السينما كديوان عصرى للحياة الإنسانية














المزيد.....

السينما كديوان عصرى للحياة الإنسانية


حمدى عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 7668 - 2023 / 7 / 10 - 16:13
المحور: الادب والفن
    


بالرغم أن علاقة السينما بالتاريخ بأبعاده وتفاعلاته التي تتم في سياقات مراحله المختلفة والمتنوعة ومواضع أحداثه الجغرافية والمكانية ودقة معالجاتها للعلاقات الإجتماعية التي تسود المراحل التاريخية المختلفة والمتباينة هي علاقة حافلة بالإشكاليات واختلاف مدارس المعالجة السينمائية لأحداث التاريخ وتفاعلاتها المجتمعية والتعامل مع تفاصيلها وماإلى ذلك من أمور ربما تستدعي الكثير من الجدل والمناقشات التي لاتنتهي .
.. إلا أن السينما بوجه عام تصلح كديوان للحياة المجتمعية بغض النظر عن طرق المعالجات أو ماتريد أن تقوله الأفلام السينمائية فرغم عن صناع الفيلم أو بإرادتهم أو حتى رؤيتهم الذين يريدون توصيلها من خلال استخدام إمكانات استخدام الآدوات البصرية والسمعية التأثيرية للسينما فإن الفيلم السينمائي يقدم لنا فكرة عن مفردات الحياة الإجتماعية للناس عبر التقاط كاميرات صناعه لتفاصيل صغيرة أثناء تصوير مشاهده بشكل اقرب إلى الحتمية السينمائية ..
فعندما تشاهد مثلاً فيلماً يرجع تاريخ صناعته إلى خمسينيات القرن الماضي فسترى أزياء هذا الوقت والآدوات التي يستخدمها الإنسان وطبيعة الشوارع والمباني وكذلك مفردات اللغة التي تنطق بها شخوص الفيلم وعناصره الثانوية لأن اللغة في النهاية كائن اجتماعي من حيث كونها تخضع لقوانين الواقع وشروطه ومتغيراته عبر التاريخ في التطور والتحور واتخاذ مسارات ناتجة ومعبرة عن طبيعة مسارات الحياة ذاتها ..
وكمجرد واحد من الأمثلة اللامتناهية في هذا الصدد .. اتذكر في أحد مشاهد فيلم (البنات والصيف) الذي انتج في 1960 نرى عبد الحليم حافظ يجلس إلى مكتبه ليكتب خطاب إلى حبيبته فنجد في يده قلم حبر وأمامه (دواية الحبر) وهذا مشهد يرتد بذاكرة من عاشوا في هذه الفترة ومابعدها بحوالي عشرة سنوات حيث كان القلم الحبر (الذي كان يملأ بالحبر السائل الأزرق سواء كان القلم بمكبس أو بشفاطة مطاطية) هو القلم المستخدم في الكتابة منذ تخطي التلميذ مرحلة الكتابة بالقلم الرصاص (ابتداء من الصف الثالث الإبتدائي تقريباً) بحيث كان امتحان الشهادة الإبتدائية لايسمح فيه إلاباستخدام القلم الحبر وبالطبع كان يسمح للطلاب ابتداءً من هذه المرحلة ومابعدها باصطحاب الدوايات (قنينة الحبر الزجاجية) وقطع النشاف الورقي لمعالجة حالات سيلان الحبر الزائد من القلم ، تذكرت كيف كنا عند انتهاء اليوم الدراسي نعود إلى منازلنا وأصابعنا مبقعة بالحبر الأزرق ، وهكذا حتى ظهر (القلم الجاف الحبر) الذي نعرفه الآن وظل لفترة طويلة يستخدم بالتوازي مع القلم الحبر السائل وإن كان لم يكن يسمح به في الإمتحانات والإختبارات والمكاتبات الرسمية حتى طغي استخدامه منذ اقتراب منتصف سبعينيات القرن الماضي وحتى تاريخه ..
القميص الذي يرتديه عبد الحليم حافظ في هذا المشهد كان قميصاً يحب أن يرتديه غالبية الصبية والشباب في مصر الستينيات إلى بدايات السبعينيات وكنا نسميه (الفانلة الهولانكا) ، وأنا شخصياً كافأني والدي بعد نجاحي في الشهادة الإبتدائية بأن اشترى لي (فانلتين هولانكا) بناءً على تحديدي لنوع المكافأة التي أفضلها وكان التيشرت الأول برتقالي والتيشرت الآخر أزرق (لاحظوا اللغة هنا تتطور وتتحور مابين مفرد فانلة وتيشرت وقميص) ..
ولنا أن نتخيل ماذا لو كان سيتم انتاج هذا المشهد في اللحظة الزمنية التي نعيشها .. بالطبع سترتدي الشخصية التي مثلها عبد الحليم حافظ ثياباً مختلفة (غالباً تيشرت مطبوع عليه كلمات بالإنجليزية فالهولانكا ومن بعدها المانجيتوه عفا عليهما الزمن) ، ومنطقياً لن تكون آدوات التخاطب هى الورقة والقلم وقنينة الحبر وبالتالي لن تظهر في المشهد وسيظهر بدلاً من ذلك جهاز الموبايل أو اللاب توب وسيكون (الشات) بديلاً لخطاب الورقة والقلم ، أما عن الغناء فسيتخذ طريقة تصوير اقرب إلى أسلوب تصوير (الكليب) والإيقاعات ستكون أسرع والموسيقي ستختلف لتكون موسيقي اللحظة الزمنية التي نعيشها ..
وبالطبع فيما لو تم انتاج فيلم سينمائي عن فترة زمنية سابقة فبدبهبياً فى هذه الحالة أن يقتضي الأمر الإلتزام بالتفاصيل المكانية والزمانية والسلوكيات المجتمعية السائدة في تلك الفترة الزمنية وطرزها المعمارية والملابس السائدة في ذلك الزمن ، والآدوات المنزلية والشخصية المستخدمة وطريقة هندمة الناس لأنفسهم وحال الطبقات المجتمعية المختلفة وقتها ، وتعدد وسائل الحياة وآدواتها طبقاً للموقع الإجتماعي للشخوص وانواع السيارات ووسائل النقل التي كانت تستخدم في هذه الفترة وماإلى ذلك من سياقات تتعلق بالفترة الزمنية والتاريخية ومواضعها الجغرافية والمكانية ، وهذا موضوع آخر يتعلق بالمعالجات التاريخية للسينما والدراما ..
أخلص القول بأن السينما في كل أحوالها بغض النظر عن القيمة الفنية أو موضوعات أفلامها ومستوباتها فإنها تقدم دون قصد أو بقصد من صناعها فكرة عن مفردات الحياة الإجتماعية للفترة التاريخية التي انتج فيها الفيلم
، ومن هذه الزاوية تكمن أهمية بل وضرورة فن السينما في حياتنا ..



#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منشور مطلبى
- ماذا يريد الفيسبوك ؟
- جمجمة مصرية بحجم الكبرياء !!!
- خطوة سعودية جديدة
- حرب تحت سطح الحرب
- مؤسسات الهيمنة ووظائفها في (رقعة الشطرنج الكبرى)
- مصير الأمم المتحدة
- القاضي الذي حاكم نظاماً بأكمله
- نظرية الهووم وورك
- تأملات سينمائية
- الخط الساخن وماادراك
- الرجل الأبيض الهوليودي
- روسيا ليست على هذه الدرجة من السذاجة
- النازية لم تولد من فراغ
- فى قضية الشهيدة الإيرانية مهسا أمينى .. تحديد موقف
- حكاية لها طعم لايغادر ..
- عبد الفتاح حمد .. ذلك الفلاح الفيلسوف ..
- القطار ..
- دين عظيم ..
- قصور كبير


المزيد.....




- -هيئة الأدب- تدشن جناح مدينة الرياض بمعرض بوينس آيرس الدولي ...
- وزارة الثقافة الروسية: فرق موسيقية روسية ستقدم عروضا في العا ...
- وفاة الفنان المصري عبد المنعم عيسى
- فنان مصري ينفعل على الهواء على قناة لبنانية خلال محاولة عرض ...
- محسن جمال.. 4 عقود من الإبداع ساهمت في تشكيل الغناء المغربي ...
- فيديو طريف.. فنان سوداني يوقظ أحد الحضور من سبات عميق في حفل ...
- وفاة الإعلامي السوري صبحي عطري
- عندما تتكلم الشخصية مع نفسها.. كيف تنقل السينما ما يدور بذهن ...
- الفكر والفلسفة في الصدارة.. معرض الكتاب بالرباط يواصل فعاليا ...
- أول تعليق لمحمد رمضان على ضجة -حمالة الصدر- في مهرجان كوتشيل ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمدى عبد العزيز - السينما كديوان عصرى للحياة الإنسانية