أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - بشير صقر - رسالة قديمة لعلى فؤاد قاعود














المزيد.....

رسالة قديمة لعلى فؤاد قاعود


بشير صقر

الحوار المتمدن-العدد: 7668 - 2023 / 7 / 10 - 04:55
المحور: مقابلات و حوارات
    


رسالة إلى على فؤاد قاعود

لأنك كنت صغيرا عندما عرفناه ولأن من واجبنا نحوك ونحو أبيك صديقنا الراحل فؤاد قاعود أن نبرز القيمة الحقيقية له كإنسان وشاعر يتميز بمسيرة تختلف عن معظم الشعراء الذين عرفناهم ونظهر جوانب القوة والجمال فى حياته وإنتاجه وهذا أبسط ما يمكن أن نقدمه.
لم يكن فناننا الراحل فؤاد قاعود محبا للأضواء، لكن الأضواء كانت تبحث عنه طول عمره ولم يكن يوما مولعا بالشهرة، لكنها كانت تطارده أينما حل أو تواجد. لم يكن كثير الإختلاط بتجمعات المثقفين، لكن جميع أشعاره كانت لأبسط الناس.
صنع فؤاد قاعود نفسه بنفسه، فكان شاعرا رقيقا جادا إلى أبعد حد، وحفر لشعره مجرى مميزا حلو الملامح.. شهى الرائحة.. عذب المذاق وحدد لحياته طريقا واضحا لا يحيد عنه، فلم يبتذل نفسه، ولم يتملق مسئولا ولم يتعال على صغير، أعطى شباب الشعراء كل خبرته وأفسح لهم صدره وصفحات الشعر فى مجلته، ولم يضن عليهم بالنصح ولا بالتقويم.. ولأنه كان شديد الثقة بنفسه واسع الثقافة جم التواضع فقد عاش حياة هانئة وارفة الظلال، ونظم شعرا هادئ القسمات صاخب المدلول.
عرفته كإنسان فى مهمة عمل آواخر عام 1981.. رغم معرفتى الأقدم به من خلال أشعاره.
صحبنى إلى منزله صديقى محمد سيف شاعر العامية المعروف الذى قدمنى إليه فى جمل وجيزة مكثفة، شعرت من تصرفاته معى خلال أمسيتنا التى امتدت خمس ساعات كأنه يعرفنى من زمن طويل.
كان فؤاد قاعود يتعامل مع ما يسمعه من حديث بإنصات شديد، وكانت ردود أفعاله تفهمك أنك أمام رجل يدرك المعانى المتباينة لما يسمعه من عبارات ويميز بين مقاصدها المختلفة على ضوء معرفته بشخصية قائليها.
كان موضوع الزيارة رغبتى فى أن يكتب شعرا لكتاب أصدرته لتعليم الكبار إبان عملى فى وزارة الثقافة.
بدأت الحديث بتوضيح فكرة الكتاب الخاص بتعليم الكبار الحروف الأبجدية وعددا من الموضوعات الأخرى تتعلق باستنفار مواهب الدارس وتوظيفها وبقدرته على فهم ما يدور حوله فى الحياة فهما عميقا وتطويرها. كما قرأت له أجزاء من الكتاب لإبراز المعانى والقيم التى يتضمنها والتى تحترم المعرفة، وتعلى قيم العلم والعمل والثقافة وتؤكد على الحرية والعدل والمساواة.. كما أبرزتُ له الطريقة التى تكونت بها الكلمات والجمل بالتدريج حتى تصل إلى نهاية الحروف ونهاية الكتاب.
وأنهيت حديثى بأن هذه الطريقة فى تعليم الكبار تعتمد على الحوار مع الدارسين وتشركهم فى مناقشة مشاكلهم اليومية وتستنفر ملكاتهم الإبداعية وهكذا.
فسألني: وما هو دوري فى هذا العمل؟
أجبته: سنستخدم الشعر والأغاني والقصص القصيرة جدا في إبراز المعاني والقيم التى يعرضها الكتاب وهنا يأتي دورك فى كتابة الشعر بعد أن تقرأ الكتاب.
رد قائلا: فهمت.. وواصل: ومتى تحتاج الشعر؟
فأجبته: متى تنتهي منه. فابتسم وعقب: يعنى أليست لك مطالب تفصيلية؟
فرددت: تقريبا. فقال: مادمت قد قلت تقريبا.. إذن لك مطالب. صمتُّ لحظة وقلت: هو مطلب فنى بحت. رد مباشرة: إذن دخلنا في الشعر. قلت: ليس بالضبط فأنا أريد أن تخصص لكل حركة من حركات كل حرف بيتا من الشعر أو مقطعا من الشعر. فسألني: هل تقصد بحركات الحرف الفتح والكسر والضم والتسكين؟
فأجبته: بالضبط. فضحك قائلا: إذن موعدنا بعد شهر من الآن.
أنهينا حديث العمل وبدأنا فى أحاديث أخرى استهلكت سهرتنا حتى العاشرة مساء.
بعد خمسة عشر يوما أبلغني الصديق محمد سيف أن فؤاد يستأذنك في إرجاء الموعد أسبوعا واحدا بسبب سفره المفاجئ للإسكندرية.
وفى الموعد المحدد اتصل به محمد سيف تليفونيا من وزارة الثقافة حيث كنا نعمل سويا.. وذهبنا إليه فى أول المساء.. فعرض علينا ما أنجزه من أشعار، وأنصتنا له بإمعان وبلا تعقيب حتى انتهى منه.
ثم سألنى قائلا: هل جاء كما توقعته؟ فأجبته: وأفضل. بعدها قال لمحمد سيف.. بعد قراءتى للكتاب إختلفت نظرتى للعمل ولصاحبه كثيرا.. وضحك ثلاثتنا. كانت الأشعار المنشورة أعلاه.. بسيطة عميقة معبرة.. مستخدمة الأمثال الشعبية والمفردات الشائعة بطريقة السهل الممتنع.. حيث أفرد فؤاد قاعود لكل حرف مقطعا من أربعة أبيات، يبدأ البيت الأول بالحرف مفتوحا، والثانى بالحرف مكسورا، والثالث مضموما، أما الرابع فساكنا.... وهكذا.
وكانت آخر مرة لقيته فيها أيام الحوار الذى عقد بين الفصائل الفلسطينية فى مصر حيث شاركنا اللقاء عدد من المثقفين الفلسطينيين واللبنانيين فى أحد مقاهى وسط القاهرة، وانتهى حديثنا ولقاؤنا يومها، ولم أدرك أنى لن ألقاه مرة أخرى.. فعلا إنتهى حديثنا ولقاؤنا.. ولكن لم تنته صداقتنا.

بشير صقر.



#بشير_صقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن أزمة نادى الزمالك المستوطنة ومشكلة فريق الكرة
- في كمشيش : قوات تنفيذ الأحكام تدفن امس قانون الإصلاح الزراعي
- تعليق علي بوست جوليا روبرتس وصورتها دون ماكياج
- للأرض الزراعية قدسيتها والفلاحون الأحق بحيازتها
- هل كان غزو الروس لأوكرانيا.. تعديلا للحاضر ..أم تصويبا للماض ...
- نقاش فلسفي بسيط وعملي داخل الأسرة
- رسالة إلي شارد ..بقلم ( مواطن من كمشيش )
- رسالة لموظفي المعاشات بالبنك العربي الإفريقي
- بيان لاستطلاع رأى الجمهور في القانون 15 لسنة 2022
- قرار جمهورى و قانونان تستهدف الفلاحين والأرض الزراعية وسيناء ...
- عن البنك العربي الإفريقي و الجمعية العمومية لصندوق معاشات ال ...
- روشتة جاهزة .. لنستغني عن قمح أوكرانيا وأرز المستوردين .. وع ...
- ماذا حدث في أسيوط ؟ عن الحركة الطلابية المصرية في عام 1972
- مغادرة نظام سويفت المصرفي يُعدّ بادرة إيجابية.. النظام مخترق ...
- من مسرحية شعرية في إحدي المدارس المصرية الابتدائية بمحافظة ا ...
- فكرة موجزة عن كتاب - الفلاحون والإقطاع- قصة كفاح قرية كمشيش-
- لنستعيد بناء مصر: عن المساهمة في التصدى لمحو ذاكرة الأمة الم ...
- عن قضية أرض الإصلاح الزراعي بمنطقة الأشراك / بحيرة
- اللجنة الشعبية المصرية لدعم الانتفاضة الفلسطينية ..عرض مكثف ...
- ماذا تعني الأوهام عن الذات .. في أوساط النخب ؟


المزيد.....




- مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا ...
- وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار ...
- انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة ...
- هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟ ...
- حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان ...
- زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
- صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني ...
- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف ...
- الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل ...
- غلق أشهر مطعم في مصر


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - بشير صقر - رسالة قديمة لعلى فؤاد قاعود