أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أحمد رباص - المؤرخ المغربي مصطفى بوعزيز يقارن بين احتجاجات الأمس واليوم















المزيد.....

المؤرخ المغربي مصطفى بوعزيز يقارن بين احتجاجات الأمس واليوم


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7668 - 2023 / 7 / 10 - 04:47
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


انطلقت يوم الإثنين 11 ماي 2020 فعاليات الأسبوع الرقمي التضامني مع حراك الريف الذي نظمه تيار اليسار المواطن والمناصفة الناشئ بين صفوف الحزب الاشتراكي الموحد بتنسيق مع جمعية ثافرا التي تضم عائلات المعتقلين أبطال حراك الريف.
وللحقيقة والتاريخ، شكل هذا الأسبوع أهم حدث سياسي عاشه المغرب في ظل الحجر الصحي المراد به إجراء فعالا لمحاصرة انتشار فيروس كرونا. وكان من ضمن المشاركين في الجلسة الافتتاحية المؤرخ المغربي مصطفى بوعزيز.
بعد كلمة عن السياق التاريخي الذي اندرجت فيه قضية معتقلي الريف، طرحت مسيرة أعمال اليوم الأول من هذا الأسبوع التضامني على الأستاذ مصطفى بوعزيز سؤالا عما هي العلاقة القائمة بين الريف والدولة وكيف ساهمت في تغذية الحراك وتمديده.
للإجابة على هذا السؤال المركب، قال المستشار العلمي لمجلة "زمان" المتخصصة في التاريخ إنه سيركز على الحركات الاجتماعية وضمنها حراك الريف الذي يود أن يقارنه بأصوله التاريخية لأنه في الحقيقة تطور نوعي في إطار حركة الاحتجاج المغربية.
وفاء منه لهذا المطلب المنهجي، لاحظ مصطفى بوعزيز أن المغرب التاريخي بشكل عام أنتقل من نمط معين للاحتجاج معروف بثنائية المخزن والسيبة، أي ثنائية المناطق التي تسيطر عليها السلطة المخزنية والمناطق المنتفضة لتي كانت مناطق قبلية وسميت بهذا التعبير: السيبة، وهي غير المحكومة بنظام راشد حسب التعبير المخزني. سيقع انتقال في العقدين الأخيرين من القرن التتاسع عشر إلى الاحتجاج المدني في المناطق التي كان المخزن مسيطرا عليها بالكامل. ومن هنا تأدى الأستاذ الباحث في تاريخ المغرب إلى أن هذه الاحتجاجات الحضرية التي ابتدأت مع تولية السلطان الحسن الأول هي النموذج الجنيني الذي سيحكم كل الاحتجاجات الحضرية التي ستحدث في المغرب والتي يعتبر حراك الريف امتدادا نوعيا لها.
بعد ذلك، انتقل المؤرخ المغربي إلى الحديث عن النقاش الذي أثاره بعض المثقفين المغاربة حول طبيعة الاحتجاجات المغربية، وما إذا كانت مجرد احتجاجات ذات بعد سياسي محدود أم هي حركات اجتماعية ذات طموح يمكن وصفه بالاستراتيجي. في الحقيقة، لا زال بوعزيز يميل إلى أنها حركات اجتماعية وليست حركات احتجاجية ظرفية سياسية عابرة. ثم بعد ذلك يحيل إلى النقاش عن ماهية الحركات الاجتماعية، ليهتدي إلى تقديم تعريف للحركة الاجتماعية باعتبارها تحررا جماعيا وسط المجتمع يتأسس على قاعدة حيف وشعور بالدونية وينطلق بهدف رفع الغبن وجبر الضرر. ولتدقيق هذا التعريف الذي بدا له عاما، يقول المتحدث إن الحركات الاجتماعية تنشأ كجواب على اختلالات اجتماعية تشكلت على المدى الطويل ورسخت الحيف واللامساواة؛ لذلك تعبر الحركات الاحتجاجية عن انتظارات طالبي حق. إذن، هناك غبن وحيف تشكل عبر الزمن الطويل نتج عنه رد فعل مجتمعي قامت به فئات اجتماعية تشعر بهذا الحيف بصفة جماعية وتتمثله شيئا غير مقبول، فتتحرك لتطالب بحق هو رفع هذا الضرر وجبر الكسر الناتج عن هذا الضرر، يوضح الإطار الباحث في مركز محمد بن سعيد آيت إيدير.
وللتدليل على بداية احتضان الوسط الحضري المغربي للحركة الاحتجاجية منذ القرن التاسع عشر، قدم بوعزيز بعض الأمثلة مصحوبة بدلالاتها التاريخية. وكانت البداية حسب وجهة نظره في فاس سنة 1873 حينما توفي السلطان محمد الرابع، إذ كانت هناك عملية انتقال الملك من خلال مبايعة وتولية السلطان الحسن الأول. كانت هذه المرحلة استثنائية لأن الانتقال من "مات الملك" إلى "عاش الملك" كان قبل الحماية يستغرق وقتا يقاس بالشهور؛ لأن الملك الجديد كان عليه أن ينتقل من منطقة مراكش إلى فاس ليحظى فيها ببيعة أهل العقد والعزم وبتزكية علماء القرويين لهذه البيعة.
ففي هذا الظرف الاستثنائي، كل الفئات تتحرك لتطالب بمطالب محددة مقرونة بالبيعة. هكذا انتبه الدباغون في فاس إلى أنهم يئنون تحت ضغط حيف طال أمده لمدة عقدين، ويتمثل في كونهم يؤدون ضريبة دخول السوق وضريبة الأرباح؛ أي ما عرف بالمكوس، بينما جزء آخر من المغاربة كان يتمتع بامتياز عدم أداء تلك المكوس ولا يتورع عن منافسة الجزء الملزم بأداء الضريبة. والسر في إعفاء تجار الجزء الأول من دفعها يكمن في حملهم لبطاقة محمي التي كانت تمنحها له بعض الدول الأوربية، وفضلا عن ذلك كان يسمح لهم بعرض سلعهم في السوق وبإنتاجها في المصانع المغربية.
من أجل رفع هذا الحيف، شارك الدباغون في انتفاضة للمطالبة برابطة القانون وبأن يكون الناس سواسية أمام القانون، وحال لسانهم يقول: إما نؤدي المكوس جميعا وإما لا نؤديها. إذن، الجديد في هذه الانتفاضة كان هو تأسيس رابطة القانون، ولو أنها كانت متقطعة ودامت حوالي أربعة أشهر ثم انتهت بعدم تلبية تلك المطالب نظرا للظرفية الموجودة آنذاك، ولكنها مع ذلك كانت مؤسسة لهذا النوع من الاحتجاج حيث نجد أن مجموعة من الانتفاضات سارت في هذا الاتجاه عبر مختلف مناطق المغرب.
ومن الأمثلة التاريخية التي لها دلالتها في هذا السياق، ذكر مصطفى بوعزيز الاحتجاجات والمظاهرات التي شهدتها سنة 1930 والمعروفة بالظهير البربري، ما يوحي بأنها كانت ضده، مع أن ذلك ليس هو اسمه التاريخي حيث عرف في الحقيقة بظهير العدلية في المناطق العرفية، نظرا لتفريقه بين أهل العرف وأهل الشرع؛ الشيء الذي حمل المغاربة على مناهضته لأن لا الإسلام ولا السلطان الذي هو أمير المؤمنين يدعوان إلى التفرقة. وما يدل على ذلك هو أن حركة اللطيف التي كانت تخرج من المسجد كانت تردد: يا لطيف، يا لطيف، ألطف بنا بما جرت به المقادير، ولا تفرق بيننا وإخواننا البرابر. وهكذا يتبين لنا أن الحركة الاحتجاجية كانت من أجل الوحدة وقد حالفها النجاح حيث تم إلغاء الظهير تحت ضغط المحتجين.
في نفس السياق، وقف بوعزيز عند سنة 1944 المعروفة بوثيقة المطالبة بالاستقلال، مشيرا إلى أن مغرب الحماية لم يشهد وثيقة واحدة من هذا القبيل بل سلسلة من الوثائق. ويبقى المهم، في نظر محدثنا، أن المغرب انخرط خلال هذه السنة في الحرب العالمية الثانية التي كانت في أوجها وعاش في نفس الوقت في ظل انتفاضة رفعت مطلب الاستقلال. على أن اليومين الجوهريين في هذه الانتفاضة كانا هما يومي 29 و30 يناير اللذين خرجا فيهما المغاربة يطالبون بالاستقلال والحرية وأمسى الكثير منهم ضحايا للمجازر التي ارتكبت في حقهم بمدن مغربية على رأسها سلا والرباط وفاس. وهنا لاحظ المؤرخ أننا نحتفل بذكرى 11 يناير كحدث تاريخي مع أنه ينبغي الاحتفال بيومي 29 و30 يناير لأنهما يومان حاسمان سقط فيهما شهداء بالعشرات.
من هنا نشأت الحركة الوطنية التي تميزت بتداخل بين الحركات الاجتماعية الناشئة والحركات الشبابية والحركات التي قادتها الجمعيات النسائية والحركة الكشفية والحركة الرياضية التي انصهرت كلها في بوثقة واحدة تقول لا لدونية المغاربة أمام الأجانب ولا نريد الحماية، بل نريد الاستقلال.
أما بعد الاستقلال، يعترف بوعزيز بأن هذه الفترة شهدت حركات كبيرة ذكر منها واحدة لأنها معروفة في وجدان الجيل الذي ينتمي إليه كجيل من الشباب اليساريين. استمرت هذه الحركة على مدى ثلاثة أيام (22- 23-24 مارس 1965) وكانت مدن مغربية كالدار البيضاء والرباط وغيرهما مسرحا لها. في بادئ الأمر، انطلقت هذه الحركة على يد الطلبة الذين طالبو بالحق في التعليم ثم ما لبث أن انضم إليهم العمال ليطالبوا بحقهم في الشغل. لكن المخزن لم يعرف سوى القمع كلغة وحيدة للتعامل مع المحتجين فكانت حالة الاستثناء في المغرب وبداية سنوات الجمر والرصاص التي أصبحت موضوع أحاديثنا في الألفية الثالثة.
بعد ذلك، يضيف بوعزيز، وقعت احتجاجات معروفة في سنة 1979 قام بها رجال التعليم والصحة، تلتها انتفاضة 1981 التي لقب ضحاياها بشهداء الكوميرة على حد تعبير إدريس البصري. وفي 1984 وقعت أحداث لها صبغة خاصة تتلخص في جواب المجتمع العميق على الاختلالات الكبيرة الموجودة في المجتمع حيث برزت احتجاجات على التمثيلية السياسية التي لم تكن في المستوى. ولم تكن مدن الريف بمنأى عن هذا الغليان الاجتماعي الذي أطلق نقاشا حول ما إذا كان للجماهير المحتجة رأس مدبر. ثم جاءت أحداث 1990 التي أعادت نسبيا إلى الواجهة القوى المؤسسة للمجتمع والتي هي النقابات، خصوصا الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين اللتين قادتا هذه المعركة التي لعلع فيها الرصاص.
وفي الأخير، استنتج المؤرخ المغربي من هذا الجرد التاريخي أن هذه الحركات تشترك في نفس الميزات، أهمها قصر مدة الاحتجاج ووجود كثيف للشباب وضعف التنظيم، ما سهل على النظام القائم إحداث استفزازات كانت تؤدي إلى تجاوزات في الشارع العام، لهذا لم تؤد إلى انتقال لا في النظام الاجتماعي ولا في النظام السياسي ولكنها مكنت من توجيه إنذار كبير للسلطة القائمة بحيث أعادت ترتيب أوضاعها. لكن الأمر مختلف تماما في الحركات الاجتماعية التي اندلعت في 2011 ومابعدها، إذ نجد أن المساحة المغطاة اتسعت ووقت الاحتجاج تمدد ولو أن ضعف التنظيم ظل ثابتا. كذلك لوحظ أن البرنامج المحمول خلال احتجاجات الربيع العربي وما بعده تضمن دوافع وطنية غير فئوية كما كان الشأن في الحركات الاحتجاجية التي حدثت قبل 2010 والتي كانت تسير نحو توافق مع المؤسسة الملكية بخلاف منطق تحسين الأوضاع الذي مشت نحوه الحركات الاحتجاجية لما بعد الربيع العربي.



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفاتورة الإلكترونية: تعريفها ومقتضياتها القانونية
- الفئة السوسيومهنية: ما تعريفها؟ وكيف يتم؟ وما الفائدة منها؟
- في حوار مع اندريه كومت سبونفيل: نيتشه أعظم سفسطائي عرفته الأ ...
- مال الرمضاني؟ شكون غيرو؟
- إدغار موران: يرون معاداة السامية في كل نقد موجه لإسرائيل
- ساكنة إقامة -الصفاء- بالهرهورة تعبر عن ارتياحها لتطبيق القان ...
- بيان من جمعية عزيز غالي تدين فيه الهجوم الصهيوني على جنين وت ...
- المعطي منجب يتعرض لحملة -إعلامية- مسعورة بعد التعبير عن رأيه ...
- معالم موقف نيتشه المناهض لأفلاطون (الحزء الثالث والأخير)
- معالم موقف نيتشه المناهض لأفلاطون
- إلى أين يسير المغرب؟
- معالم موقف نيتشه المناهض لأفلاطون (الجزء الثاني)
- بوزنيقة: رفاق نبيلة منييب في لقاء مع الرئيس الجديد للمجلس ال ...
- معالم موقف نيتشه المناهض لأفلاطون (2/1)
- نيتشه ينظر إلى سقراط كحكيم لا يقدر قيمة الحياة
- الاشتراكي الموحد يفضح خروقات التعمير بإقليم الصخيرات-تمارة
- أسا الزاك: عمال المؤسسة العالمية للمحميات الطبيعية والفطرية ...
- ما تفسير كثرة الأكباش المعروضة وقلة الإقبال على شرائها؟
- رولا بالزر تنتقد نزعة جوليان روشيدي الذكورية والعنصرية
- مناضلو الاشتراكي الموحد ضاقوا ذرعا بالمتابعات الكيدية والهجم ...


المزيد.....




- الصحة اللبنانية: مقتل 33 وإصابة 169 جراء الغارات الإسرائيلية ...
- صافرات الانذار تدوي في نهاريا شمال إسرائيل بعد تسلل مسيرات م ...
- روسيا تعدِّل عقيدتها النووية: قد أعذر من أنذر
- بالفيديو.. لحظة استهداف مواقع إسرائيلية في نهاريا بطائرات مس ...
- إسرائيل تغتال نصر الله.. كيف سترد إيران؟
- إعلام إسرائيلي: الجيش يشن هجمات واسعة في بلدة المغراقة وسط ق ...
- لافروف: إعادة بيع تركيا لأنظمة -إس 400- غير ممكنة بدون موافق ...
- لافروف: أنشطة الولايات المتحدة عائق أمام التطبيع بين تركيا و ...
- لندن.. وقفة عقب مقتل نصر الله
- نتنياهو: كلما رأى السنوار أن حزب الله لن يتواجد لمساعدته بعد ...


المزيد.....

- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أحمد رباص - المؤرخ المغربي مصطفى بوعزيز يقارن بين احتجاجات الأمس واليوم