|
تحليل سيكولوجية الفعل المقاوم في جنين
صالح الشقباوي
الحوار المتمدن-العدد: 7666 - 2023 / 7 / 8 - 18:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ومابعد جنين..ليس ما قبل جنين!!!
د.صالح الشقباوي / استاذ محاضر في جامعة بوزريعة وجامعة بودواو للحقوق والعلوم السياسية
الذي جرى في جنين حالة غير مسبوقة تنذر وتدفع الصهاينة للتأهب للخطر المقبل وتجبر اسرائيل في ترتيب حساباتها داخل جغرافية الضفة باعتبارها الخط الاتي والمهم والذي يهدد الامن القومي الاسرائيلي بشكل كبير فقد شهدت الضفة تحولا استراتيجيا في انتشار ديالكتيك الوعي المقاوم وانتشارها في مختلف عقول الجيل المقاوم الثالث الذي قالت عنه غولدمائير انه سينسى، فالحالة الادراكية لعلم النفس المقاوم تؤكد ان آليات الدفاع الفلسطينية قد وظفت بمنطق وطني يخدم رغبته في الحرية وعدم الخضوع لارادة المتحل الصهيوني ورفض استعباده من جديد، فالكينونة الفلسطينية منذ مئة سنة تعيش فعلا مقاوما للتفكيك المجتمعي وللانساق الوطنية التي مارسها المحتل الصهيوني من خلال عنفه ومجازره . خاصة ونحن ندرك أن تطور المجتمع الفلسطيني لا يجعلك تتمكن من النزول الى مخيم جنين مرتين لأن هناك تغيير بنيوي وفكري بين المرة والاخرى وهذا ما نادى به الفيلسوف هيرقليطس في جدله المتنامي المتصاعد نحو الحقيقة لذا اسقطت مقولته حول مخيم جنين الذي يعيش حالة من الديناميكية المقاومة المتصاعدة خاصة ان علمنا ان المخيم ليس حالة ساكنة عن محيطها فمعظم الدراسات الاجتماعية والانثربولوجية تؤكد ان المجتمع الفلسطيني في حالة تغيير وعيي مستمر أكثر ديناميكية وحيوية بالتالي أكثر استجابة للتطورات والتحولات السياسية للحالة العدائية الصهيونية كونه اكثر اكتواءا بنار الاحتلال وبطشه . لذا نجد هذا الشعب يصادق ويتكئ على جدل التغيير في منظوماته الرديكالية المتحولة التي تساهم في جعل جدل الوعي يساهم في خلق حالة التطور والارتقاء للفعل المقاوم داخل انساقه الاجتماعية فلا مقاومة بلا فكر ولا فكر بدون مقاومة وبالتالي اقول ان المقاومة الواعية هي التي تدرك وعي المقاومة بمفهومها الوطني خاصة واننا في الفلسفة الفلسطينية ندرك ان وعينا الفلسطيني بكل صوره وتجلياته هو انعكاس حقيقي لجدل وتاثير الواقع بكل تناقاضاته ومختلف صوره السياسية الاجتماعية الثقافيةالمادية وهذا ما يجعلني اطرح سؤالا كبيرا لماذا كان التنامي في المقاومة في مخيم جنين الآن وفي هذا الوقت بالتحديد؟ الجواب هو أن الفعل الفلسطيني المقاوم سار في سيرورة مختلفة من اللحظات التاريخية ولم يولد فجأة بل هو ايضا نتيجة لمسار تراكمي أُخضع لقانون التحول من التراكم الكمي الى التراكم الكيفي (ثلاثمائة عنصر) من عناصر النخبة الفلسطينية المقاومة في جنين قاومت الاف جنود النخبة-جولاني-المظليين-المستعربين-قوات ردع تفوق الوصف وهزمتهم وهذا ما اكده تامير هايمن رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية السابق الذي اكد فشل العملية العسكرية الاسرائيلية على مخيم جنين في استئصال القوى العسكرية المقاتلة في فلسطين التي بنتها كتيبة جنين وأن هذه المقاومة البطولية فرضت على الجيش الاسرائيلي نظرية جديدة في الحرب من خلال اخراجها للقوات البرية خارج الخدمة والاعتماد على القوة الجوية وعدم النزول على الارض وهذا ما جعل من مخيم جنين ينجح في تغيير المعادلات العسكرية التقليدية في المواجهة حيث اكدت المقاومة قدرتها على الصمود واستيعاب الهجوم والقيام بهجمات مضادة تكلف العدو وتشل قدرة القوات العسكرية الاسرائيلية للعمل داخل مخيمات ومدن فلسطينية كما اكدت على وحدة الساحات والتنسيق العالي بينها وترابطها البنيوي والمصيري مما سيجعل اسرائيل ترضخ للحق الفلسطيني عاجلا ام اجلا . ان هذا النوع في التحول الكيفي في المواجهة يساعد ويقنع الكثير من الاخوة العرب وخاصة الجزائر في رفع وتيرة مساعدتها بكل اشكالها وصورها والايمان بأن هذه المساعدات لا تذهب هباءا بل تساهم في دحر المشروع الصهيوني التفكيكي وهي من ستفتح المجال لتحولات نضالية ارقى واكثر شمولية واتساعا على كل المستويات الفلسطينية ارتباطا بديناميات الصراع المفتوح مع الصهاينة فشكرا لك يا جزائر وشكرا لشهدائك الابطال الذين ضحوا بأنفسهم وارواحهم في سبيل انتصار الجزائر ووقوفها مع العدل الانساني أينما كان خاصة وان بيان اول نوفمبر يؤمن بأن العدل الانساني ليس له هوية . الاستشهاد ونظرية الدم الفلسطيني المقدس للدم الفلسطيني دورا هاما في صناعة الوعي والحقيقة وطرد الوهم الصهيوني فهو مقدس وطني يقود الروح ويعمق مشاعرها بالانتماء داخل الجسد الفلسطيني الذي يعيش فوق المكان، نعم انه الروح المنتمية للوطن والقضية، ولعل الخروج في وداع جثامين الشهداء بهذا الكم الهائل من المودعين لهو دليل انطولوجي كبير على رفع قيمة الاستشهاد في سبيل الوطن وتقديس الدم الذي لم يوقف حركة سيره ورفضه للوطن والحق الفلسطيني فهو وقود استمرار المقاومة في مواجهة الاحتلال بأشكال مختلفة وهو المشترك الوطني الكلي المعبر عن وعي مجتمعي آخذ في النمو لجهة الحرية والاستقلال ودحر الاحتلال خاصة وأن خيار المقاومة هو الخيار الاكثر منطقية في الاستجابة لتطلعات الشعب الفلسطيني بأكمله وهو القاسم المشترك الاعظم بين افراده في غزة والضفة والقدس وال48 والشتات ، فالشعب يشترك مع الشعب في الفعل المقاوم الذي هو سيرورة متجددة يحكمها قانون الارتقاء والسير الى الامام لكي تستطيع الاجيال الصاعدة حمل مشعله وتبديد الظلام الصهيوني خلاصة : الفعل المقاوم لا يخضع لقرار بل هو نتيجة قناعات راسخة ومتجذرة في الكيانية الوطنية الفلسطينية فهو الذي يحكم معادلة التفاعل الداخلية لبنيات المجتمع الفلسطيني المختلف والمتواجدة في اماكن جغرافية مختلفة وعليه فإن العدو لن يستطيع هزيمة سسيولوجية الوعي الفلسطيني المقاوم وفعلها المؤثر داخل بنية الذات التي ادعوها الى تنظيم نفسها وتطوير بنيتها امام انعكاسات الفعل المقاوم والجرأة والاقدام في مواجهة الاحتلال التي ساهمت الى حد كبير في تغيير وقلب كل معادلات الصراع ،ورفع وتيرة اليقين الجمعي الفلسطيني لتحقيق النصر الذي اصبح قريب المسافات بكلام اكثر دقة وفلسفة اقول ان المقاومة كمنهج ورؤية هي ملكية سيكولوجية واعية يتوارثها الاجيال الذين يسطرون في جنين معادلة الصراع ويسيطرون على اتجاهاتها ومساراتها التاريخية القادمة وسيورثوها لما بعدهم من أجيال لذا اعتقد وأؤمن حتميا وتاريخيا وفلسفيا أن المقاومة ستستمر وتتطور وتقوى وتفرض معادلاتها على الصهاينة وستنتصر فالمجتمع الفلسطيني اصبح يمتلك اليات من الوعي السسيولوجي وعوالمه الداخلية المقاومة والتي تأبي الانكسار وهي كما تشير المعطيات الميدانية قد هزمت نظرية الامن الاسرائيلي بعد ان عجزت عن منع المقاومة عن اخذ دورها الحقيقي في عقول وارواح واجساد وأخيلة ابناء الشعب الفلسطيني خاصة الجيل الثالص الذي وصفته (غولدامائير) بأنه سينسى . فلا نسيان ولا تجاوز بل هناك حركة تدفق ديالكتيكي صاعدة الى الاعلى تشبه نبع يوسف في بيتا..
#صالح_الشقباوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غياب الفعل الفلسفي واضمحلال الحقيقة
-
من يجرؤ ع سؤال الرئيس ابو مازن ...انا
-
سسيولوجيا فعل النكبة ضد الذات الفلسطينية
-
القائد مروان البرغوثي
-
هيدغير فيلسوف الوجودية المعاصرة
-
بن غفير ونتنياهو وزمن مابعد الربيع العبري
-
موقف الرئيس الجزائري عبد المجد تبون من فلسطين
-
علقم ورصاص اسبارطة
-
فلسفة العقل ام عقل الفلسفة
-
علم الوجود الفلسطيني
-
شموع القائد مروان البرغوثي لم تنطفأ
-
الجزائر والبريكس
-
واشنطن تخوض حربا بالوكالة عن اوكرانيا
-
العلاقة الجدلية بين التراث الفلسطيني والهوية
-
الثورة والتراث والثورة
-
الهولوكست الفلسطيني ومالم يقله الرئيس الفلسطيني٥٣
...
-
لماذا تستهدف الجزائر
-
القمة العربية الحادية والثلاثون في الجزائر
-
الرؤية الانطولوجية تغازل الرؤية الابستمولوجية ..في رواية حار
...
-
عشرون عاما تمر على سجن القائد مروان البرغوثي
المزيد.....
-
-معاد للإسلام-.. هكذا وصفت وزيرة داخلية ألمانيا المشتبه به ا
...
-
-القسام-: مقاتلونا أجهزوا على 3 جنود إسرائيليين طعنا بالسكاك
...
-
من -هيئة تحرير الشام- إلى وزارة الخارجية السورية.. ماذا تعرف
...
-
جزيرة مايوت المنسيّة في مواجهة إعصار شيدو.. أكثر من 21 قتيلا
...
-
فوائد صحية كبيرة للمشمش المجفف
-
براتيسلافا تعزز إجراءاتها الأمنية بعد الهجوم الإرهابي في ماغ
...
-
تغريدة إعلامية خليجية شهيرة عن -أفضل عمل قام به بشار الأسد
...
-
إعلام غربي: أوروبا فقدت تحمسها لدعم أوكرانيا
-
زعيم حزب هولندي متطرف يدعو لإنهاء سياسة الحدود المفتوحة بعد
...
-
أسعد الشيباني.. المكلف بحقيبة وزارة الخارجية في الحكومة السو
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|