أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نصير عواد - في انتصار الأحزاب على العراق














المزيد.....


في انتصار الأحزاب على العراق


نصير عواد

الحوار المتمدن-العدد: 7657 - 2023 / 6 / 29 - 00:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الغالب على الاحزاب السياسيّة التي تتشكّل على عجالة اثناء الازمات انها تستثمر في الفوضى لإيجاد موضع قدم لها بين القوى الاخرى، وتحاول اختصار الزمن لتدوين بداياتها بمفردات القوة والغلبة والانتصار. ففي العراق، ومع دخول المحتل الأمريكي، انتشرت بشكل مقلق احزاب وتيارات وعناوين دأبت على تصوير كل معاركها وخلافتها على انها انتصارات؛ انتصار على الديكتاتورية، انتصار على المعارضين في المناطق الغربية، انتصار على "داعش" انتصارات حققتها هذه الأحزاب ضد بعضها اثناء تزاحمها على النفوذ والسلطة، انتصارات لا ملامح لها لإخراج المحتل الأمريكي من البلد.. والملفت اننا لم نلمس أثر مكاسب هذه الانتصارات على العراق والعراقيّين، حتى اننا لم نرَ أي احتفالات وطنية بها. ونظن سبب ذلك ليس فقط طبيعة الانتصارات التي تشبه الهزائم في بعض تفاصيلها المأساوية، ولكن النظام الطائفيّ الملتحف بالقبائل والعوائل الدينيّة جعل الانتصارات شخصيّة وحزبيّة، وليست شعبيّة ووطنيّة، الأمر الذي أبقى ظاهرة "الانتصار" هي القاعدة بين الأحزاب العقائديّة، دور القادة فيها أطلاق الشعارات وتوزيع الأموال على أسر الضحايّا.
الشعب العراقيّ عانى ويلات الحروب والحصار وظلم الديكتاتور طوال عقود أربع، ظهرت بين صفوفه بعد الاحتلال شرائح اجتماعيّة-سياسيّة غاضبة لا تريد الشعور بإحساس الهزيمة مرة أخرى، شرائح تريد ان تبرأ من ذلّها وذنوبها، وتريد صنع انتصاراتها بأي ثمن، وعلى أيّا كان، حتى لو كان على أبناء جلدتها. هذا الغضب الشعبيّ تناغم مع هوى الأحزاب العراقيّة التي جاءت بعربة الاحتلال بعدما عانت هي الأخرى من ظلم الديكتاتور، أحزاب مهووسة بفكرة الثأر السياسيّ وبحكاية ان الدم لا يغسله إلاّ الدم، وهي وصفة ناجحة ومجربة من أيام "الزير سالم" للإبقاء على جذوة الحقد مشتعلة في النفوس. الأمر الذي أنتج نسخة مشوهة للتعددية الحزبية، انشغل فيها ضحايا الديكتاتور بالبحث عن انتصارات تملأ الفراغ وترسخ وجودهم في شارع محتدم، حتى لو تطلب ذلك الكذب واستدعاء التاريخ واستلاف حوادث النصر التي حققها الاجداد قبل قرون، فليس من الممكن الهيمنة على الشارع ومنافسة الأحزاب الأخرى على السلطة والنفوذ دون انتصارات حقيقية او وهمية.
لا أحد يستطيع التقليل من دور العراقيّين وما قدموه من تضحيات وبطولات في مواجهة تنظيم الدولة الإسلاميّة "داعش" وإنقاذ المناطق الغربية من افكاره الجهنمية، ولكن هل أدى الانتصار على الارهاب إلى تجفيف منابعه الفكريّة وتحييد حاضنته الاجتماعيّة عبر تنفيذ سياسات عادلة تصنع الأمل وتقلّل منسوب الخوف والغضب في تلك المناطق، ام جرى فقط استثماره سياسيّا وإعلاميّا وانتخابيّا؟ لأن الحديث عن الانتصار بعد هدم المدن وسحق المدنيّين وتهجيرهم هو وهم سياسي قصير المدى، ففي الحسابات الاستراتيجيّة البعيدة ستكون هذه هزيمة وليس انتصارا، وأن نار الاحقاد ستبقى تحت رماد المعاناة، وستظهر أجيال تطالب بحقوقها في أول فرصة. ففي الفصل الثاني من قصة الانتصار على "داعش" تكمن حقيقة انه حفل بالكثير من مظالم القتل والتهجير والتغييب، وانه وسّع من مساحة الفكر الطائفيّ بالعراق، وانه حصّن المليشيّات المسلّحة بمكاسب قانونيّة وماديّة قد تشكل خطرا على الدولة في قادم الأعوام. فهذه المليشيّات التي قاتلت الإرهاب باتت أكثر قوة، صارت تملك الحكومة وتريد في ذات الوقت التغلب عليها، تريد سلاحها أقوى وكلمتها أعلى وحضورها أبهى. في الحقيقة ما زالت قلّة في الوسط السياسيّ الإسلاموي ترى في فكرة التغلب على ما تملك خطر مستقبليّ، ولكن صوت السلاح ما زال هو الأعلى والمهيمن.
لا يمكننا الزعم بأن انتصار الأحزاب على بلدها ظاهرة عراقيّة محض ففي لبنان فشلت القوى السياسيّة للمرة الثانية عشر في انتخاب رئيسا للحكومة بعد ان كُسر نصاب الجلسة وخرج الجميع، الفائزون والخاسرون، على شاشات التلفزة للحديث عن انتصارهم في افشال جلسة البرلمان، بل حتى الذين لم يصوتوا لأي من المرشحيّن عدوا ذلك نصرا سياسيّا لهم. سوريا كذلك بلد منكوب، خربته الحروب الأهلية وبات أكثر من نصف سكانه بالمهجر، في حين ان حزب الحكومة وأحزاب المعارضة يتغنون بانتصاراتهم. وهكذا يمكننا الحديث عن ليبيا والسودان واليمن السعيد الذي لجأت احزابه السياسيّة لتبادل الاسرى فيما بينها، كل حزب فيهم يعده انتصارا له. وفي العودة لعراق الأزمات فإنه لا توجد علائم انتصار حقيقي ومكتمل يغطي كامل جغرافية الوطن، ففي الحروب الاهليّة والطائفيّة لا يوجد منتصر، وان مواجهة المحتل من دون قوى وطنية حقيقية لن تصل نهاياتها المرجوة، ولكن يمكننا القول ان الأحزاب السياسيّة العراقيّة، وبالذات التي لها أذرع مسلّحة، هي التي انتصرت على بلدها وشعبها وغنمت ما استطاعت من خيراته، وهي ما زالت منهمكة بتجنيد المسلحين ونشر الفكر المنحرف لإدامة هذا الانتصار، ولا يهمها فشل مشاريعها او انكشاف اكاذيبها ففي النهاية هي وجهة نظر في إدارة الدولة قد تصيب وقد تخطئ. وفي هذا المناخ العكر لا غرابة في ان نسمع للسياسيّ العراقيّ رأيا امام شاشات التلفزة هو غيره في البرلمان وهو غيره في هيئته الحزبيّة وهو غيره بين أفراد عائلته. فهو بتلونه واكاذيبه لا يريد إخفاء الحقائق التي باتت معروفة بالشارع، كذلك لا يحمي نفسه من خلالها فهو محمي بسلاح المليشيّات، ولكنه يفعل ذلك لسد النقص المتآكل في رصيده السياسيّ بعد عقدين من خطاب القوة والفشل.



#نصير_عواد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلاح الموازي متعدّد الاستعمالات
- الاغنية -السبعينيّة- سيدة الشجن العراقيّ
- حضور الجنس وغياب الحب في رواية (الحُلْو الهارب إلى مصيره)
- النّاس هم الأغنية
- خبراء خارج قائمة المطلوبين
- ثلاث روايات عراقيّة تُصّور جحيم تجربة الثوار في الجبل
- دور العزلة في التشدّد الإيرانيّ
- محترفو المعارضة
- معتدلو -الشيعة- بالعراق
- صفحات هدم الذاكرة العراقيّة
- دور الرجاء في صناعة المزارات الوهميّة
- العنف المتبادل يُبطل الاختلاف
- طبعات العنف العراقيّ
- شيوعيّو الداخل شيوعيّو الخارج!
- صورة السياسيّ في روايات سلام إبراهيم
- السرديّة الانصاريّة(3) نون الحكايّة
- الاحتفاء بيوم -النصير الشيوعيّ- أم الاشتغال على تاريخه؟
- -الحزبيّة- وتظاهرات تشرين
- ساعة الانتخابات العراقيّة لا تدق للجميع
- السرديّة الانصاريّة (2) الكتابة من الداخل


المزيد.....




- أول تعليق من نتنياهو على الغارات ضد الحوثيين
- الإشعاعات النووية تلوث مساحة كبيرة.. موقع إخباري يؤكد حدوث ه ...
- 53 قتيلا ومفقودا في قصف إسرائيلي على منزل يؤوي نازحين في غزة ...
- مسؤول روسي: موسكو لا ترى ضرورة لزيارة جديدة لغروسي لمحطة كور ...
- -نيويورك تايمز-: شركاء واشنطن يوسعون التجارة مع روسيا ولا يس ...
- بينها -مقبرة الميركافا-.. الجيش اللبناني يعلن انسحاب إسرائيل ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط وإصابة اثنين آخرين في معارك ...
- الكويت.. خادمة فلبينية تقتل طفلا بطريقة وحشية تقشعر لها الأب ...
- 76 عامًا ولا يزال النص العظيم ملهمًا
- جلس على كرسي الرئيس.. تيكتوكر سوري يثير الجدل بصورة له في ال ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نصير عواد - في انتصار الأحزاب على العراق