أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - مشاكسات المطمور في اللاوعي الجماعاتي














المزيد.....


مشاكسات المطمور في اللاوعي الجماعاتي


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7654 - 2023 / 6 / 26 - 11:07
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لعل من مزايا المنهج الجدلي انه يحض الفكر على رفض كل ما يعيق تطلعه إلى فضائل (التغيير) الاجتماعي ومزايا (التطوير) الثقافي من جهة ، ويحثه على مجانبة كل ما يشده إلى رذائل (الثبات) ورزايا (السكون) في مواجهة دفق الوقائع وفيض الأحداث من جهة أخرى . هذا في حين لا تفتأ رواسب الأصول الانثروبولوجية من السعي لإعاقة أي تقدم في مضامير الوعي وإيقاف أي تطور في ميادين السلوك . وكلما كانت سياقات المجتمع التقليدي أميل الى التأثر بتلك الأصول والانصياع لتلك الخلفيات ، كلما تقلصت مساحات الجدلية الاجتماعية وضعف دورها في إيجاد المخارج المناسبة لتجنب الوقوع في شباك الخوانق البنيوية والعوائق الوظيفية المسؤولة عن تواتر الأزمات في الواقع وتكاثر الإشكاليات في الوعي .
ولعل من أسباب إعاقة أواليات التفكير الجدلي من اختراق حواجز البنية الاجتماعية المتكلسة والمتحجرة ، ومن ثم حمل عناصرها على التفاعل والتمفصل البيني بما يفضي الى حراكها الدائم وتقدمها المستمر ، هو رجحان كفة الأصول الانثروبولوجية المضمرة بين ثنايا الوعي الجمعي والمتحكمة في سيكولوجية مثل هذه الأنماط الاجتماعية التقليدية ، خصوصا"وأن تلك الخلفيات والمرجعيات هي بمثابة مناجم لا ينضب ثرائها في مجال التصورات الاجتماعية ، ولا يشح غناها في مضمار التمثلات التاريخية ، ولا ينفد عطائها في ميدان الانزياحات الحضارية . لاسيما وأن الكيانات والتكوينات الجماعاتية (الأقوام والطوائف والقبائل) التي طالما كانت - وستبقى - الحاضنة العضوية لتلك الأصول ، والمحفز الطبيعي لاجتياف أعرافها وقيمها والتماهي مع رموزها ومخيالها ، لا زالت تتمتع بوجود اجتماعي طاغ وحضور ثقافي مسيطر .
ومما هو جدير بالذكر ، ان دور هذه الظاهرة النكوصية لا يقتصر فقط على الإسهام في تأجيج الأزمات السياسية وتعقيد الإشكاليات الاجتماعية كما تقدم ذكره فحسب ، بل ان تأثيرها السلبي يطال سيرورات الجدلية الاجتماعية ذاتها ، من خلال عكس مسار الديناميات الموكول إليها تحقيق التطور الحضاري المنشود ، كما سبق وبيناه في دراسة لنا تحت عنوان (الجغرافيا العراقية ومفارقات الديالكتيك الحضاري) . عازين ذلك الى دور (العوامل الذاتية) الناشطة في هذا النمط من المجتمعات المأزونة سياسيا"والمتشظية اجتماعيا"، والتي غالبا"ما كانت معرقلا"أساسيا"ومعيقا"فعليا" لأواليات وديناميات (العوامل الموضوعية) المشارك الرئيسي في دفع تلك السيرورات لبلوغ مراحل النضج والاكتمال . بمعنى ان الخاصية الجدلية للوعي لا تني تعاكس الخاصية الجدلية للواقع ، إذ كلما أمعنت عناصر هذا الأخير في انتهاج مسار التقدم الاجتماعي والاستجابة لضرورات التطور الحضاري ، كلما عمدت أصول الكيانات والمكونات الانثروبولوجية الى تحريف سيرورات الوعي باتجاه تصورات وسرديات وسياقات سابقة ، كان الواقع التاريخي قد أسقط شروطها وتجاوز معطياتها وتخطى علاقاتها ، الأمر الذي يجعل من عمليات الانزياح عن القديم والانفتاح على الجديد صعبة وغير ممكنة ، ان لم تكن باهظة التكاليف سياسيا"واقتصاديا"واجتماعيا"وثقافيا"وحضاريا".
وكحال الغالبية العظمى من المجتمعات التي لا زال ماضيها يقرر توجهات حاضرها ويؤطر توقعات مستقبلها ، فان ما يعيق قدرة الجماعات والمكونات العراقية على التفكير بكيفية (عقلانية) ناضجة تتيح لها فهم ما يضطرم في رحم المجتمع من تقاطعات وتصادمات ، واكتناه ما يشترطه الواقع الموضوعي من ضرورات واستجابات ، والاندراج ، من ثم ، داخل سيرورات التقدم الاجتماعي وديناميات التطور الحضاري وتفاعلات الترقي الإنساني ، بما يجعلها تواكب تلك التحولات القيمية من شأنها تسهيل عمليات التحول والانتقال من طور (التبربر) الى طور (التحضر) ، وتمكنها من مجاراة تلك الانتقالات الحضارية من حقبة (التبدون) الى حقبة (التمدن) ، بأقل قدر ممكن من العوائق بنيوية ، أو الانقطاعات التاريخية ، أو الصدامات أصولية ، أو الارتدادات القيمية .
ولعل ما يثير الأسى في النفس ان الأصول الانثروبولوجية المتحكمة بأواليات بنى الوعي وأنماط الثقافة لدى الجماعات العراقية المتذررة ، لم تبرح تمتلك من مقومات القوة والصلابة ما يمكنها من مقاومة التغييرات الاجتماعية ومناهضة التحولات الحضارية فحسب ، وإنما يجعلها مصدر لا يستهان بدوره في إثارة المشاكسات الذهنية وخلق الممانعات النفسية ، إزاء كل محاولة يبديها الوعي التقليدي للتخلص من قيود الرتابة التي تكبل تطلعه ، والخروج من شرانق العطالة التي تعيق تحرره .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حصاد القارئ من بيدر القراءة
- هل للدين علاقة بالاغتراب ؟!
- الدولة العراقية وتعسّر كينونتها الحضارية
- الماضي وعلاقته بالدين
- الماضي وعلاقته بالاسطورة
- الوظيفة النقدية للخطاب الاعلامي
- انكفاء صيرورة (المواطنة) في وعي المواطن
- تفسير الأنماط الثقافية للشخصية العراقية
- الاسطوغرافيا العراقية والدعوة للتحول من الأعلى الى الأسفل
- المحنة العراقية : السلطة ضد الدولة
- مفارقات المثقف المؤدلج وفخ (الهجنة) الايديولوجية
- أرشيف الماضي وقاموس المعاني : قراءة في المقاصد والحدود
- السبق الحضاري في المجتمع المعطوب : فاعل عراقة أم عامل إعاقة ...
- الشخصية العراقية ورواسب الهجنة الايديولوجية
- القاع والقناع : احتباس الوعي بين التاريخ والايديولوجيا (حالة ...
- السياسة والفلسفة : تقارب أم تضارب ؟!
- الاطر الحضارية للعلوم الانسانية
- مفارقات المجايلة في سيكولوجيا الجماعات العراقية
- مجتمع الاصطناع .. وفقدان الأمثولة المعيارية
- مناقب الجمهور ومثالب النخبة !


المزيد.....




- حماس تعلن مقتل 4 من مقاتليها بغارات إسرائيلية في الضفة الغرب ...
- -5 شبان يمارسون التأمل-.. مقطع فيديو قد يفك لغز حرائق كاليفو ...
- -أيها الدموي.. يا وزير الإبادة- هكذا قاطعت سيدتان خطاب أنتون ...
- سفن -أسطول الظل- تتحدى العقوبات الغربية وتحافظ على تدفق الأم ...
- عرض نتنياهو لا يُفوّت.. ما هو ثمن بقاء سموتريتش في الحكومة و ...
- زيلينسكي يزور بولندا لحل قضية استخراج رفات بولنديين قتلوا عل ...
- أردوغان يطالب إسرائيل بالانسحاب من أراض احتلتها ويتحدث عن أك ...
- فيتسو سيحضر احتفالات 80 عاما على النصر في موسكو على رأس وفد ...
- رئيس بردنيستروفيه: روسيا ستزود بلادنا بالغاز كمساعدات إنساني ...
- تقرير يتحدث عن شروط مصر لتطبيع العلاقات مع سوريا الجديدة


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - مشاكسات المطمور في اللاوعي الجماعاتي