|
حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (7)
محمد مبروك أبو زيد
كاتب وباحث
(Mohamed Mabrouk Abozaid)
الحوار المتمدن-العدد: 7653 - 2023 / 6 / 25 - 17:27
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
نجح كعب الأحبار في أن يزرع في عقول العرب طريقته في التفكير والإيمان، وجعل التوراة هي المحور الذي يطوف حوله الإسلام ، فالتوراة جوهر كتب التراث وشكلياتها إسلام ، وجعل العرب مؤمنون شكلاً بالإسلام وموضوعاً بالتوراة .. فلم يكن العرب مهتمون بمسألة الدين والعقيدة وتدوين تراثهم الثقافية بقدر ما اهتموا بالسطو على الشعوب والغزو والسبي وتحصيل الجزية والإتاوات ، أو الوعد بالحور العين الحسناوات بديلاً عن محصلات الجهاد كما وصفها الفقهاء ...
... نعود مجهودات كعب القومية في غرس مفاهيم لغوية وتاريخية في العقل العربي ، فكلمة مصر مصدرها عربي قحّ سواء قلنا أنها مشتقة من الجذر اللغوي مصّر ومصر يعني بلد وجمعها أمصار، وهذا الجذر اشتقاقي قابل للصرف، ومعناه وصفي وليس اصطلاحي، أي أن كلمة مصر تعني وصف لبلد ذات تنظيم عمراني وشوارع وأسواق، وكل بلدة ذات تنظيم عمراني يمكن وصفها بأنه مصر وجمعها أمصار، أي أن كلمة مصر تعادل كلمة مدينة حرفياً، ومصّر تعني مدّن، لكن هذا اللفظ لم يكن يطلق كاصطلاح أو اسم على أي بلد في العالم وقت نزول القرآن، فبلاد وادي النيل كان اسمها إيجبت كما ذكرنا، ونطقه العرب إقبط، و قبط. وسواء قلنا أن كلمة مصر مصدرها هو لفظة مصر الواردة في القرآن ممنوعة من الصرف والتي تعود إلى لفظ سرياني عبري هو " مصرايم – متزرايم " ففي كافة الأحوال هذه اللفظة مصدرها عربي بينما بلاد وادي النيل كانت أجنبية اسمها إيجبت ولغتها " رمنكِميت، وتُكتب بالخط الهيروغليفي والهيروطيقي والديموطيقي ثم القبطي، وما حدث فقط هو تعريب كلمة "إيجبت" على لسان العرب فصارت قبط، وهذه اللفظة لا اشتقاق لها في اللغة العربية ولا جذور لأنها أعجمية معربة. وكل ما أحدثه كعب الأحبار في روايته للقصص التوراتية أن قرن بين "مصر" الواردة بالقرآن و بلاد القبط.
فصرنا نقرأ في كتب التفسير: (تفسير الطبري كمثال):" حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي... وقوله: ﴿ فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ ﴾ يقول: هذا من أهل دين موسى من بني إسرائيل ﴿ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ ﴾ من القبط من قوم فرعون ﴿فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ ﴾ يقول: فاستغاثه الذي هو من أهل دين موسى على الذي من عدوّه من القبط.
- حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ﴿ فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ ﴾ أما الذي من شيعته فمن بني إسرائيل، وأما الذي من عدوه فقبطي من آل فرعون. ((لاحظ الاقتران العجيب بين كلمة "قبطي " التي هي أجنبية وأصلها إيجبت، وكلمة " فرعون " التي هي عربية من أصل عبري وسرياني معاً، ولاحظ الانتقال العجيب من النص القرآني إلى التفصيل باستخدام وصف قبط مع أن القرآن لم يكن عاجزاً أن يذكر لفظة "قبط " ولو في آية واحدة، لفظة قبط التي وردت في مراسلات النبي للمقوقس عظيم القبط، لم يستخدمها القرآن مرة واحدة وإنما استخدم لفظ "مصر").
- حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي ﴿ فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ﴾ يقول: من القبط ( (لاحظ هنا الراوي يفسر كلمة ( عدوه) بأنها تعني واحد من القبط، فعلى أي أساس!! )
- حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق ﴿ فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ ﴾ مسلم، وهذا من أهل دين فرعون كافر ﴿ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ﴾ وكان موسى قد أوتي بسطة في الخلق، وشدّة في البطش فغضب بعدوّهما فنازعه ﴿فَوَكَزَهُ مُوسَى ﴾ وكزة قتله منها وهو لا يريد قتله، ف ﴿ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ ﴾. ((لاحظ هنا المفسر لم يذكر كلمة "قبط " لا من بعيد ولا من قريب))
- قال: ثني حجاج، عن أبي بكر بن عبد الله، عن أصحابه ﴿ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ) إسرائيلي ، وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ) قبطي ( فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ﴾.
- حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي بكر بن عبد الله، عن أصحابه، قال: ندم بعد أن قتل القتيل، فقال: هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ قال: ثم استنصره بعد ذلك الإسرائيلي على قبطي آخر، فقال له موسى: إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ فلما أراد أن يبطش بالقبطي، ظن الإسرائيلي أنه إياه يريد، فقال: يا موسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأمْسِ؟ " انتهى
وهكذا وجدنا كل كتب التفسير العربية تذكر كلمة قبطي باعتباره من قوم فرعون نظراً لأن كعب أخبرهم بأن مصر الواردة في القرآن هي بلاد القبط التي ورد ذكرها في التوراة بلفظ "إيجبت" والعرب ينطقونها قبط، وهم يفسرون القرآن نقلاً عن التوراة... فالصحابة نقلوا عن أهل الكتاب كل حكايات أنبياء بني إسرائيل، والتوراة تقول أن هاجر جارية إبراهيم مصرية، ولم تقل قبطية برغم أن بلاد وادي النيل كان اسمها إيجبت والعرب ينطقونها إقبط وقبط، فلماذا لم تحمل صفة قبطية ؟! ولماذا لجأ الصحابة عند تفسير القرآن في قوله تعالى فقتل الذي من عدوه على الذي من شيعته، لماذا قال الصحابة أن موسى قتل القبطي ؟! لماذا لم يقولوا قتل المصري كما وصفت التوراة هاجر بأنها مصرية ؟!
ويمكن للقارئ ببساطة أن يلاحظ أن الرواة والحَكَّائين نقلوا عن بعضهم البعض، برواية فلان عن فلان عن فلان ولم يصلوا إلى كعب الأحبار ولم يذكروا اسمه كونه يقع في بداية القائمة وهو المصدر الأصلي والوحيد للقصص التوراتية، ولم يكن لدى العرب مصدر غيره، ولو كان لهم مصدر غيره لكانوا قد فتحوا بأنفسهم كتب التوراة وقرأوها بأعينهم دون حاجة لذكر عبارة (حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي بكر بن عبد الله، عن أصحابه، قال: كذا وكذا ..) بهذه القائمة التي يصل طولها سبعون خريفاً والتي اختلفت في طريقة روايتها برغم وجود كتب التوراة الأصلية ! لكن لأن العرب لم يفتحوا هذه الكتب بأنفسهم واعتمدوا على الروايات الشفوية التي انقطعت غالباً ولم تصل إلى المصدر الشفوي الأول لها ربما لطول السنين من التداول الشفوي وربما حرجاً واستحياءً من ذكر اسم كعب الأحبار اليهودي سيء السمعة... وكان يكفيهم عن كل هذه الحكايات أن يذكروا عبارة واحدة مثلاً ( سفر التكوين، الآية رقم كذا) أو (سفر الخروج الآية رقم كذا) .. لكنهم لم يفعلوا واعتمدوا على النقل الشفوي عن كعب على مدار ألف وأربعمائة عام سمموا عقولنا برواياتهم هذه عن هذا الكعب وغيره... وهكذا اندست كلمة قبط قرينة بفرعون وقرينة بكلمة مصر.
فنقرأ مرة أخرى في تفسير القرطبي:"﴿ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ 51/الزخرف... " قوله تعالى: ونادى فرعون في قومه قيل: لما رأى تلك الآيات خاف ميل القوم إليه فجمع قومه فقال: فنادى بمعنى قال، قاله أبو مالك . فيجوز أن يكون عنده عظماء القبط فرفع صوته بذلك فيما بينهم ثم ينشر عنه في جموع القبط، وكأنه نودي بينهم. وقيل: إنه أمر من ينادي في قومه، قاله ابن جريج ." أي أنهم ترجموا كلمة مصر إلى القبط، وهذا ما يدل على أن التعريف الوحيد لبلاد القبط عند العرب هو "القبط" وأن اسم "مصر" في القرآن كان لغزاً في هذا الوقت، ولذلك في كل آية كانوا مضطرين لتوضيح هذا حتى يفهم القارئ، ويضعون كلمة القبط بين قوسين غالباً، فالقرآن لم يذكر القبط، وجاء دور المفسرين للتوضيح نقلاً عن كعب، وكذا ترجموا كلمة قوم فرعون إلى القبط، برغم أن القصة التوراتية التي وردت في النص الأصلي لم تذكر كلمة القبط إطلاقاً باعتبارها إشارة أو وصف لقوم فرعون، إنما استخدمت كلمة "مصري" بالنسب إلى المملكة البائدة التي يسكن فيها "مصرايم"، وما ورد في الترجمة العبرية والعربية للتوراة هو لفظ "مصر، و مصري" وليس إقبط أو قبط، وفي هذا الوقت وما قبله كانت بلاد وادي النيل تحمل اسم إقبط، وشعبها قبط، بالتبادل مع لفظ " كِميت" كإشارة لاسم الدولة، وشعبها " كِميتيو " أي سكان وادي النيل، فاستخدم العرب لفظ قبطي الذي هو أعجمي مُعرّب، ولم يستخدموا لفظ "مصري " الذي هو في الأصل عبري وعربي ووارد حرفياً في التوراة ! ... أي أن القرآن بذلك سار على نهج الترجمة السبعونية المزورة بسلام بمجهودات كعب، الذي استطاع ضبط مسار القرآن على مسار التوراة المزورة في عهد بطليموس، ولهذا كانت مكافأته مسجد عظيم يحمل اسمه بالقاهرة، وجراب رمل من أرضها يفرشه تحت جثته في قبره ليحتفي بنصره إلى يوم القيامة !
ففي التوراة العربية نقرأ كلمة " مصر" كدلالة على البلد، وكلمة مصريين كدلالة على سكان هذه البلد، أما التوراة العبرية فقد نطقت ذات المسميات باختلاف طفيف هو ذات الفارق الطفيف بين اللسان العربي والعبري، فنطقت اسم البلد بالعبرية " مصرايم " وسكانها " مصراييم "، وأما السريانية فقد حرفت اللفظ تحريفاً طفيفاً أيضاً لم يخرجه عن ذات القالب الصوتي له، فالتوراة السريانية تنطق اسم البلد " متسرايم " لأن اللسان السرياني لا ينطق حرف الصاد، ويستبدله بـ زَ أو ضَ، ts)) ... ونقرأ في النسخة العربية للتوراة - "وَأُشَدِّدُ قَلْبَ فِرْعَوْنَ حَتَّى يَسْعَى وَرَاءَهُمْ، فَأَتَمَجَّدُ بِفِرْعَوْنَ وَبِجَمِيعِ جَيْشِهِ، وَيَعْرِفُ الْمِصْرِيُّمونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ». فَفَعَلُوا هكَذَا." (سفر الخروج 14: 4) - "فَلَمَّا أُخْبِرَ مَلِكُ مِصْرَايم أَنَّ الشَّعْبَ قَدْ هَرَبَ، تَغَيَّرَ قَلْبُ فِرْعَوْنَ وَعَبِيدِهِ عَلَى الشَّعْبِ. فَقَالُوا: «مَاذَا فَعَلْنَا حَتَّى أَطْلَقْنَا إِسْرَائِيلَ مِنْ خِدْمَتِنَا؟»" (سفر الخروج 14: 5) - "وَأَخَذَ سِتَّ مِئَةِ مَرْكَبَةٍ مُنْتَخَبَةٍ وَسَائِرَ مَرْكَبَاتِ مِصْرَايم وَجُنُودًا مَرْكَبِيَّةً عَلَى جَمِيعِهَا." (سفر الخروج 14: 7) - "وَشَدَّدَ الرَّبُّ قَلْبَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَايم حَتَّى سَعَى وَرَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَبَنُو إِسْرَائِيلَ خَارِجُونَ بِيَدٍ رَفِيعَةٍ." (سفر الخروج 14: 8) - "فَسَعَى الْمِصْرِيُّمونَ وَرَاءَهُمْ وَأَدْرَكُوهُمْ. جَمِيعُ خَيْلِ مَرْكَبَاتِ فِرْعَوْنَ وَفُرْسَانِهِ وَجَيْشِهِ، وَهُمْ نَازِلُونَ عِنْدَ الْبَحْرِ عِنْدَ فَمِ الْحِيرُوثِ، أَمَامَ بَعْلَ صَفُونَ." (سفر الخروج 14: 9) - هكذا تذكر التوراة لفظ مصر صراحة، ولفظ "مصري" صراحة " ولفظ "مصريين" كذلك، ولم تستخدم التوراة لفظ "قبط " إطلاقاً، وكذلك القرآن لم يستخدم لفظ " قبط" فلماذا استخدم العرب لفظ القبط في حكاياتهم ورواياتهم ؟ ذلك لأنهم نقلوا عن كعب الأحبار الذي نقل عن الترجمة السبعونية المزورة للتوراة، وهي التي ذكرت كلمة القبط بدلاً من مصرايم. حينما نقلت تاريخ قرية مصرايم العربية اليمنية إلى دولة إيجبت وادي النيل ..
فعندما نقرأ: وقال أهل السير: لما بلغ موسى (ع) أشده وكبر كان يركب مراكب فرعون، ويلبس ما يلبس فرعون وكان إنما يدعى موسى بن فرعون، وامتنع به بنو إسرائيل من كثير من الظلم، فركب فرعون ذات يوم فركب موسى في أثره فأدركه المقيل بأرض يقال لها منف، فدخلها نصف النهار وقد غلقت أسواقها وليس في طرقها أحد، وذلك قوله تعالى:" على حين غفلة من أهلها " فبينما هو يمشي في ناحية المدينة إذا هو برجلين يقتتلان: أحدهما من بني إسرائيل، والآخر من آل فرعون، والذي من شيعته يقال إنه السامري، والذي من عدوه كان خبازا لفرعون واسمه قاتون، وكان اشترى حطبا للمطبخ فسخر السامري ليحمله، فامتنع، فلما مر بهما موسى استغاث به، فقال موسى للقبطي: دعه، فقال الخباز: إنما آخذه لعمل أبيك، فأبى أن يخلي سبيله، فغضب موسى فبطش وخلص السامري من يده، فنازعه القبطي فوكزه موسى فقتله وهو لا يريد قتله...إلخ.
استخدم العرب لفظ قبط وقبطي لأن لفظ مصر لم يكن معروفاً قبل الاحتلال العربي لبلادنا وادي النيل، وإلا فلماذا لم يقل العرب كما قالت التوراة أن فرعون مصري وقومه مصريون بلفظ مصر، وأن هاجر مصرية؟ لماذا وضعوا لفظ القبط وبلاد القبط وقبطي كتفسير تحت الآيات التي تتحدث عن مصر فرعون وموسى ؟ ذلك لأنهم لم يقرؤوا التوراة من متونها الأصلية ولا حتى المزورة منها، إنما هم اكتفوا بحكايات كعب الأحبار، وساعدوه بذلك في إلصاق التهمة ببلاد القبط الأبرياء، فالقبط كانوا أبرياء فعلاً لكنهم في غيبوبة أعمق من غفلة العرب ! ذلك لأنهم كانوا قبط وبلادهم قبط وكميت، لكنهم رحبوا بحكايات موسى ويوسف وأحدث قصص الأنبياء التي قيل لهم أنها دارت على أرض وادي النيل، ولم يدركوا المغزى الذي حاول اليهود توظيف حكايات الأنبياء هذه من أجله، ولم يدركوا أنهم بذلك يسيئون لأجدادهم الأبرياء، وأنهم يلبسون تاريخاً ليس تاريخهم، وأنهم يساعدون اليهود في احتلال بلادهم ثقافياً ثم سياسياً ثم اقتصادياً... بدليل أنه كان اسمها القبط، وصار اسمها "مصر" دون أن يدرك أي قبطي لحظة كيف تسرب هذا الاسم إلى بلادنا، فنحن نفرح فقط بورود هذا الاسم في القرآن " مصر"، دون النظر فيما إذا كان اسماً ممجداً أو منبوذاً.. وهكذا حملت بلادنا الطاهرة اسم بلد منبوذة مثل أبي لهب الذي ورد ذكر اسمه في القرآن أيضاً، فصرنا نفرح ونرحب بالاسم حتى ولو أخبرونا أن الله قال عن هذا البلد: ﴿... وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ�/ الأعراف.
فلو نظرنا إلى الآية السابقة سندرك أن الله دمر هذا البلد، دمر فرعون وقومه ومنازلهم وبيوتهم ، وهم كانوا يسكنون قرية جبلية من قرى العرب البائدة قرب إرم ذات العماد وقوم لوط وثمود وصالح وغيرهم من أقوام العرب البائدة ... فعلى ما يبدو أن العرب ساروا وراء خطوات كعب الأحبار بدقة ، ولم يغيروا المسار الذي رسمه لهم، حتى وإن دخل بهم جحر ضبِ دخلوه... وبذلك ترسخت عقيدة أن فرعون وقومه هم قدماء القبط، فقد تغلب اليهودي كعب على العقلية العربية الساذجة واحتواها فكرياً وألقى إليها بالحكايات والروايات المقدسة عن الأنبياء، ولم يكن بمقدورهم إعادة البحث في التوراة بأنفسهم، لا في النسخة السريانية الأصلية ولا حتى المترجمة، وتناقلوا روايات كعب شفوياً لمدة مائتي عام ثم بدؤوا يدونونها عن فلان ابن فلان ابن فلان ابن علان ...إلخ.
ولذلك يمكننا القول بطمأنينة أن العقل اليهودي نكح العقل العربي ولقحه بالكثير والمزيد من اليهودية التي نبتت ونمت فيه بأريحية تامة .. وصار ذلك هو ما يطلق عليه اليوم تراث عربي إسلامي، لم يدرك العرب من صنعه لهم لأنهم كانوا مشغلوين بالسبي والفتوحات .. يُتبع ... (قراءة في كتابنا : مصر الأخرى – التبادل الحضاري بين مصر وإيجبت ) (رابط الكتاب على أرشيف الانترنت ): https://archive.org/details/1-._20230602 https://archive.org/details/2-._20230604 https://archive.org/details/3-._20230605 #مصر_الأخرى_في_اليمن): https://cutt.us/YZbAA
#محمد_مبروك_أبو_زيد (هاشتاغ)
Mohamed_Mabrouk_Abozaid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (6)
-
حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (5)
-
حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (4)
-
حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (3)
-
حرب الإسرائيليات التاريخية في صدر الإسلام (2)
-
حرب الإسرائيليات التاريخية في صدر الإسلام (1)
-
مراسلات تل العمارنة مزورة (5)
-
مراسلات تل العمارنة مزورة (4)
-
مراسلات تل العمارنة مزورة (3)
-
مراسلات تل العمارنة مزورة (2)
-
مراسلات تل العمارنة مزورة (1)
-
التبادل التاريخي بين مصر وإيجبت (6)
-
التبادل التاريخي بين مصر وإيجبت (5)
-
التبادل التاريخي بين مصر وإيجبت (4)
-
التبادل التاريخي بين مصر وإيجبت (3)
-
التبادل التاريخي بين مصر وإيجبت (2)
-
التبادل التاريخي بين مصر وإيجبت (1)
-
الجد الأكبر - جبتو مصرايم – هيروغلي.عبراني (8)
-
الجد الأكبر - جبتو مصرايم - هيروغلي.عبراني (7)
-
الجد الأكبر - جبتو مصرايم - هيروغلي.عبراني (6)
المزيد.....
-
-9 آلاف مجزرة وأكثر من 60 ألف قتيل- في غزة.. أرقام مرعبة يكش
...
-
الرئيس الكولومبي يصعّد انتقاداته لسياسات الهجرة الأمريكية وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يفجر 23 مبنى سكنيا في مخيم جنين
-
كيف نطق الإنسان؟ أهم الفرضيات حول أصل لغة البشر
-
ملك الأردن يلتقي ترامب بواشنطن في 11 فبراير
-
نائبة أيرلندية: إسرائيل دولة فصل عنصري والعالم بدأ يدرك ذلك
...
-
دفعة ثانية من الجرحى والمرضى تغادر قطاع غزة عبر معبر رفح
-
عاجل | رئيس بنما: قناة بنما ستبقى تحت إدارتنا ولم أشعر خلال
...
-
نيويورك تايمز: الحياة في غوما لا ماء ولا غذاء وكثير من عدم ا
...
-
مكتب الإعلام الحكومي: غزة تحولت إلى منطقة منكوبة
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|