|
طرق في الأهوار تنقلك إلى الماضي
كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن-العدد: 7653 - 2023 / 6 / 25 - 00:50
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
على الرغم من وعورة الطريق المظلم العابر للهور بين الناصرية والبصرة، إبتداءً من ناحية سيد دخيل إلى قضاء القرنة، مروراً بمنطقة الخضر، ثم الترايمة، ثم منطقه سيد يوشع، ثم الفهود، ثم ناحية الحمّار، ثم منطقة المواجد، ثم قضاء الجبايش، ثم منطقة بهيمة، ثم النيرسي، بعدها ابو سوباط، فالصباغية، فالخرفية، ثم ناحية عزالدين سليم، ثم الهوير. . على الرغم من وعورته وخطورته لكنني أفضله على الطرق الأخرى لما يتمتع به من مزايا فريدة قلما تجدها في الطرق الأخرى، فهو يخترق الأهوار الجنوبية حيث المسطحات المائية المترامية الاطراف. وحيث تشابكات غابات القصب والبردي. وحيث المناظر الخلابة، والبيئة النقية التي تعيدك إلى القرن الثالث قبل الميلاد. فكل ما تراه يحمل بصمات ورواسب العادات والتقاليد التي كانت شائعة في القرون الضاربة في أعماق التاريخ. . فقد ظلت الملامح الطبيعية نفسها بلا رتوش وبلا تغيير. هناك على إمتداد هذا الطريق ينتشر القرويون والصيادون، تجمعهم قواسم مشتركة تتمثل ببشرتهم السمراء، وملامحهم الصارمة، وأجسامهم الرشيقة. ومفرداتهم اللغوية النادرة. يركبون القوارب المطلية بالقير، ويصطادون بالأدوات المعروضة في المتاحف. ويتناولون الطعام الذي كان يتناوله اجدادهم قبل مئات السنين. . في الليل وفي حلكة الظلام الدامس تتراءى لك الجنيات الودودات يخرجن من جوف الهور. و يتجمعن حول اليشن (المقابر) القديمة. تسمع أصواتهن من بعيد. يبكين على ضياع حضارة عريقة سادت ثم بادت. . ترتفع الأصوات قبل بزوغ الشمس، فسرعة انتقال الصوت هناك أسرع من انتقالها فوق اليابسة. أصوات تشكل في تداخلها وتنوعها ترنيمة شجية. صوت الأذان، وزقزقة العصافير، واصوات الوز المهاجر، وأشعة الشمس العسجدية، ونفحات النسيم العليلة، وخرير الماء المتدفق في الجداول. ورائحة خبز التنور الساخن. وخوار الجواميس العائمة. حيث الصباح يتوّج الهور بالضوء والجمال. مناظر ساحرة توقف عينيك غصبا للتأمل والمشاهدة. . وفجأة يرعبك دوي البنادق من مكان بعيد تتفجر فيه الثارات والغارات، فيتحول الهور إلى بحر يغلي بالغضب، بانتظار عودة حمورابي ليكتب بخط يده مسلة جديدة يحيي فيها السنن والأعراف والمبادئ المنسية. .
#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أحزاب غرست في نفوسنا الخوف
-
خمسة أكثر وأكبر من 500
-
هل جاءنا الحديد من الفضاء ؟
-
مقامرة بمستقبل قناة السويس
-
مبيد زراعي يهدد الرجال
-
عدالة الملك حمورابي
-
يخضع للتعذيب حتى الموت أو الاعتراف
-
أحزاب امتهنت الظلم والتعذيب
-
هل غابت الشمس عن الأرض ؟
-
وأخيراً أنا الذي دفعت الثمن
-
اليونان تنتهك حقوق الإنسان
-
شوكولامو - وشكوماكو
-
البصرة تفقد ذاكرتها الأدبية / ج 4
-
البصرة تفقد ذاكرتها الأدبية/ ج 3
-
البصرة تفقد ذاكرتها الأدبية / ج 2
-
البصرة تفقد ذاكرتها الأدبية / ج 1
-
ما الذي تعرفه عن علم الكائنات المشفرة ؟
-
مجالس للخداع والانتفاع
-
تجنيد القروش الخليجية
-
إرتفاع رسوم البوسفور والدردنيل
المزيد.....
-
ترامب يأمر الجيش الأمريكي بتنفيذ ضربات جوية في الصومال
-
تظاهرات في مدن ألمانية ضد سياسة الهجرة المدعومة من البديل
-
نتنياهو: سنواصل العمل لتحقيق أهداف الحرب
-
شاهد.. نيران وحطام طائرة متناثر في الشوارع إثر الحادث الجوي
...
-
مصر.. اجتماع عربي لرفض تهجير الفلسطينيين
-
صحيفة: في الغرب يدركون أن بوتين يعرف نقطة ضعفهم
-
اختفاء معلومات وبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية من
...
-
السودان.. الجيش يعلن استعادة السيطرة على عدة مدن في ولاية ال
...
-
دانماركي يحرق مصحفا أمام السفارة التركية في كوبنهاغن (فيديو)
...
-
واشنطن: يجب إجراء انتخابات في أوكرانيا
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|