للآثار الأردنية يوم

أشرف عبدالله الضباعين
كاتب وروائي أردني
(Ashraf Dabain)

الحوار المتمدن-العدد: 7651 - 2023 / 6 / 23 - 20:51
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

يصادف السابع والعشرون من حزيران يوم الآثار الأردني، وهو يوم تأسيس دائرة الآثار العامة في المملكة الأردنية الهاشمية والتي أُطلق عليها في حينه دائرة الآثار القديمة حسب المرسوم الأميري الموشح بتوقيع المغفور له الملك المؤسس عبدالله بن الحسين رحمه الله حينما كان أميرًا على إمارة شرق الأردن.
ففي 27حزيران عام 1923 وبعد تأسيس الإمارة بسنتين قرر رحمه الله أن يُنشأ هذه الدائرة التابعة حينها لوزارة المعارف ليؤكد أهمية الآثار وضرورة الحفاظ عليها وحمايتها ونقلها للأجيال القادمة، فقد تنبه حينها بأن البعثات الاستكشافية التي دخلت المنطقة في الحقبة العثمانية وفترة الاستعمار الأوروبي لمنطقتنا أنها استولت على الكثير من القطع الأثرية أو انتزعتها انتزاعًا من مواقعها ونقلتها إلى متاحفها، فكان المطلوب من هذه الدائرة تنظيم عمليات البحث عن الآثار وأن تقف سدًا منيعًا أمام العابثين والناهبين والحملات غير العلمية.
وفي 19/3/2023 قررت الحكومة الأردنية اعتبار يوم 27 حزيران من كل عام يوم للآثار الأردنية وسيجري في هذا اليوم إعفاء الزوار الأردنيين من رسوم الدخول للمواقع الأثرية والمتاحف في المملكة.
إن يوم 27 من حزيران هو دعوة وطنية لحماية الآثار والتراث بكافة أشكاله المنقول منها أو غير المنقول والمعالم المعمارية والمواقع الحضرية بما في ذلك تلك التي لم تظهر للعيان بعد والتي سيكشف عنها لاحقًا بطريقة التنقيب العلمي أو عن طريق الصدفة رغم أن القانون لا يعتبر ما يظهر من الآثار بطريق الصدفة اكتشافًا.
إن حماية المكون الأثري هو حماية جزء مهم من المكون الثقافي الأردني وهذه العملية ليست عملية ترف بل هي عملية أساسية في إبراز الهوية الأردنية ورفعها للعالمية، وهي طريقة لنثبت للعالم بأن الأردن بلد عظيم بتاريخه وتراثه، وأننا هنا منذ بداية الخليقة وسنبقى هنا في هذه البقعة العظيمة من الأرض التي مر عليها الكثير من مكونات البشرية، وأننا في هذا البلد دعاة سلام وأن بلدنا مقصدًا لكل من يبحث عن الأمن وحمايةً للملهوف والتصدي لكل دخيلٍ وغريب.
إن يوم الآثار الأردني رسالة مفادها أن العبث بالمواقع الأثرية والتعدي عليها هو عمل مدان بكل الوسائل ومرفوض وغير قانوني ومخالف للأعراف المحلية والدولية واعتبرته التشريعات الناظمة وأولها قانون الآثار الأردني المعمول به جناية حينًا أو جنحة حينًا أخرى حسب خطورتها. وإذا كان هذا اليوم تحت مسمى يوم الآثار الأردني فإن الدعوة تشمل الحفاظ والحماية لكافة أنواع التراث وما يندرج تحته كالتراث العمراني والتراث الشعبي والتراث الشفهي والتراث غير الملموس.
إن هذا اليوم وُجِدَ لخلق درجةٍ عالية من الوعي لمواطننا الأردني، فلا نقل خلق وعي غير موجود أصلا، بل رفع مستوى الوعي الموجود أصلا حول هذه الموروثات التي لا تعتبر ملكية خاصة بل هي ملكية وطنية إنسانية لما تمثله من أهمية تاريخية وفكرية، وما تقدمه من سردية حول الإنسان والأرض وكل ما يتعلق بهما عبر العصور. إن هذه الآثار ليست مخلفات قديمة لشعوبٍ ميته مندثرة بل هي شهادة ودليل موجود ملموس ووثيقة بالغة الأهمية في بناء الحضارة والثقافة الحية عبر العصور، تلك الحضارات الضاربة جذورها في التاريخ وتناقلتها بكل فخر واعتزاز الأجيال حتى وصلت إلينا، أو حفظتها لنا الأرض في ثناياها إلى أن تمخضت فولدتها في حفرية ما هنا أو هناك.
وهنا لا بد أن ننبه إلى خطر الحفر العشوائي وغير الشرعي، والذي لا يدمر فقط الموقع الأثري أو القطعة الأثرية بل يدمر الكثير من الدلائل والمعالم حولها والتي لو كُشفِت بطريقة علمية ودُرِست وحُلِلت ضمن قواعد ومناهج البحث العلمي لقدمت لنا رؤية مختلفة لمنطقة أو موقع بالغ الأهمية.
إن للآثار الأردنية مكانة مميزة في العالم ولذا تعتبر الأردن وجهة سياحية هامة في المنطقة وتمثل السياحة الثقافية (أي سياحة الآثار والتراث) 60 – 70% من نسبة السياحة في الأردن حسب احصائيات غير رسمية وبعضها يعطيها حدًا أعلى يصل إلى 80% من نسبة توجهات السياحة الخارجية للأردن وتمثل إيراداتها جزء مهم من الدخل القومي الأردني، وهذا يدل على أهمية الحفاظ على هذه الآثار وتقديمها للزوار بطريقة تليق بها، وهذا ليس دور الحكومة الأردنية وحدها، بل هو دورٌ تشترك به المجتمعات المحلية، ودور المواطن والمجتمع ككل، ودور المدرسة والجامعة والمعلم والطالب... الخ، ناهيك عن الشركاء في كل القطاعات.
كل عام وأردننا بألف خير
كل عام وآثارنا ومواقعنا بألف خير.

#أشرف_عبدالله_الضباعين (هاشتاغ)       Ashraf_Dabain#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات