|
دولتان ووطن واحد: إنهاء -التفوّق اليهودي- أولاً
ميرون روبوبورت
الحوار المتمدن-العدد: 7651 - 2023 / 6 / 23 - 15:58
المحور:
القضية الفلسطينية
لا يمر تقريباً يوم في الأسابيع الأخيرة دون أن تعرض الحكومة أو أعضاء فيها مبادرة جديدة: من منع رفع أعلام فلسطين في الجامعات وحتى إخضاع قرارات الحكومة لـ "قيم الصهيونية"، ومن تعزيز لجان القبول وحتى إقامة مستوطنات يهودية جديدة في النقب، وكلها تستهدف ترسيخ التفوق اليهودي داخل اسرائيل.
ولكن في حين أن جزءاَ كبيراً من هذه المبادرات عالقة أو يتم إنزالها عن جدول الأعمال بعد لحظة من طرحها، فإنه في الضفة الغربية، وكما كتبت بحق نوعا لنداو، فإن حكومة اليمين تنجح في الدفع قدماً بأجندتها و "العودة" إلى حومش كمثال بارز في هذا السياق.
هذا لا يجب أن يكون مفاجئاً. ليس فقط أن الاحتجاج ضد الانقلاب لا ينجح في أن يخرج من فمه كلمة "احتلال"، ومر إلغاء قانون الانفصال في شمال الضفة الغربية بأصوات "المعارض" بيني جانتس وحزبه، بل إن الوضع القانوني في الضفة الغربية يمكّن من ذلك. الضفة الغربية خاضعة لحكم عسكري، يستطيع بهذا القدر أو ذاك أن يفرض ما يريده. في اسرائيل السيادية (حتى الآن) يسيطر قانون مدني.
الربط بين الانقضاض السموتريتشي على الضفة الغربية وبين قوانين القومية المتسارعة داخل اسرائيل يثبت ما كان واضحاً من اللحظة الأولى: جاء الانقلاب النظامي من أجل خلق وحدة ما بين "المناطق" المحتلة وبين اسرائيل السيادية، ولتأسيس نظام تفوق يهودي في كل الفضاء ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط. يريف لفين نفسه أوضح ذلك في جلسة حكومة تناولت "الخطر الديمغرافي" في الجليل، عندما أوضح أن إصلاحه ضروري من أجل "أن يكون في المحكمة العليا قضاة يفهمون" أن هنالك "يهودا غير مستعدين للسكن مع العرب".
لهذا، فإن المعارضة للحكومة الحالية يجب قبل كل شيء أن تكون معارضة للتفوق اليهودي في كل "المناطق" التي تسيطر فيها الحكومة – في الضفة الغربية، في القدس، في غزة وبالطبع داخل اسرائيل. أمام هذا الحلم الكابوسي للتفوق اليهودي، يجب أن نضع الحلم المضاد: مساواة في الحقوق المدنية والقومية لكل سكان هذه البلاد، بدون حقوق زائدة، وبدون تفوق، وبدون أبرتهايد.
هذه المبادئ يجب أن تقف في قلب النضال ضد حكومة اليمين الفاشية الحالية. في نهاية المطاف حتى إذا افترضنا أن بالإمكان غداً سحب الجيش من الضفة وإخلاء كل المستوطنات، فإن مسألة التفوق اليهودي لن تختفي. هي لم تولد في 1967 بل قبل ذلك بكثير. مئات البلدات اليهودية التي أقيمت منذ 1948 مقابل عدم إقامة أي بلدة للعرب، وقانون أملاك الغائبين، وقانون القومية، ووابل قوانين الحكومة الحالية – كلها سعت وتسعى لتأسيس تفوق يهودي. اللامبالاة الإجرامية بمقتل أكثر من مئة مواطن عربي في أقل من نصف عام هو تعبير عن هذه المقاربة. من أجل الوصول إلى المساواة في هذه البلاد لا يهم ماذا ستكون حدودها، يجب إنهاء هذا التفوق.
مفهوم "الفصل" هو جزء لا ينفصل من فكرة التفوق اليهودي. من جنوب إفريقيا أو من الولايات المتحدة ما قبل مارتن لوثركينج، نحن نعرف أن مفهوم "منفصل ولكن متساوٍ" هو خداع، هو كناية عن التفوق العرقي. حيث إنه في نهاية المطاف استهدفت لجان القبول كما يبدو الحفاظ على "منفصل ولكن متساوٍ"، ونحن نعرف كم هي مشوبة بالتمييز. لهذا فإن هذا المفهوم يجب أن يخرج من قاموس ما يسمى بـ "معسكر السلام".
إن التخلي عن مفهوم "فصل" لا يقتضي حلاً سياسياً معيّناً. يمكن بالتأكيد التمسك بحل الدولتين الكلاسيكي - عودة إلى حدود 4 حزيران 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وفي القدس الشرقية وقطاع غزة. ليس باسم "الانفصال عن الفلسطينيين" بل باسم القانون الدولي. وبدلاً من ذلك، يمكن تبني فكرة الدولتين بحدود مفتوحة وحرية حركة وسكن، مثلما تقترح حركة "بلاد للجميع"، وهو الأمر الذي حظي باسم حل الكونفيدرالية. يمكن تأييد دولة واحدة مساواتية ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط، ويمكن تأييد فيدرالية. كل هذه الخيارات موضوعة على الطاولة، بشرط أن تنزل عنها فكرة التفوق اليهودي ومعها فكرة الفصل.
حل الكونفيدرالية، التي ترمز له لينداو في مقالها، ليس بالضرورة ينطلق من افتراض أنه ليس بالإمكان إخلاء المستوطنين. إخلاء المستوطنين، كلهم أو جزء منهم، ليس بسيطا ولكنه بالتأكيد ممكن، إذا كان هنالك إرادة سياسية مناسبة. ولكن سوية مع ذلك يجب الاعتراف بان إخلاء المستوطنين وحده لن ينهي النزاع. بدون إنهاء التفوق اليهودي، وبدون معالجة نتائج النكبة، سيكون من الصعب جداً تحقيق سلام ثابت، وبالتأكيد سيكون من الصعب جداً البدء بعملية مصالحة.
السؤال مختلف. السؤال هو ما هو الهدف الذي نضعه نصب أعيننا نحن اليهود والفلسطينيين، وما هو الهدف الذي نريد الوصول إليه؟ هذا الهدف، في نظرنا، هو اعتراف الشعوب التي تعيش ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط بعلاقة كل منها بهذه البلاد، وخلق قاعدة من الشراكة وحرية الحركة والسكن للجميع في كل هذه البلاد. الاسرائيليون اليهود يمكنهم العيش في فلسطين بشرط أن يقبلوا سيادتها وبأن يزيلوا عن أنفسهم التفوق اليهودي. الفلسطينيون، بما فيهم اللاجئون الذين سيعودون إلى وطنهم، يمكنهم العيش في اسرائيل بشرط أن يقبلوا سيادتها وقوانينها.
كونفيدرالية من مجرد اسمها هي شراكة مساواتية ما بين دولتين مستقلتين. الكونفيدرالية التي نقترحها هي حل دولتين، فقط أكثر تطوراً. هذا ليس إكراهاً، هذا اختيار لمستقبل أكثر عدالة واختيار لحلم أفضل للجميع.
#ميرون_روبوبورت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دولتان ووطن واحد: إنهاء -التفوّق اليهودي- أولاً
المزيد.....
-
أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم
...
-
الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
-
تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
-
بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م
...
-
موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو
...
-
بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا
...
-
شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ
...
-
بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت
...
-
بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|