|
الأخلاق الشيوعية والنضال من أجل الحزب* / ترجمة مرتضى العبيدي
مرتضى العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 7650 - 2023 / 6 / 22 - 18:47
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
الأخلاق الشيوعية والنضال من أجل الحزب*
في العديد من المقالات المنشورة في "Scintilla" و "Teoria e Prassi" ، شددنا على الحاجة إلى الوضوح النظري الماركسي اللينيني والممارسة الثورية والطبقية كشرط أساسي للنضال من أجل الحزب الشيوعي. لكن هناك جانب آخر ذو أهمية حاسمة لتقدم هذا النضال، يجب أن نوليه الاهتمام اللازم: ألا وهو الأخلاق الشيوعية، مقابل اللاأخلاقية الانتهازية والتحريفية والبرجوازية. الأخلاق هي أحد أشكال العلوم الاجتماعية التي، في مجتمع معين، تضع مجموعة من المعايير والقواعد لسلوك الناس في حياتهم اليومية، مما يعكس علاقاتهم بفئات الخير والشر، الحق والظلم، الصدق وعدم النزاهة. فئات ليست مطلقة، ولكنها تختلف في الفترات التاريخية وفقًا لعلاقات الإنتاج، والتي تخلق بنية فوقية من قيم وظيفية لمصالح الطبقات الحاكمة، والعادات والتقاليد الوطنية والمحلية، والاحتياجات الخاصة. وعلى عكس المثاليين، الذين يرون أن الأخلاق مستقلة عن الظروف المادية للحياة البشرية، وتستمدها من بعض المبادئ الروحية أو الدينية، فإن الماركسيين اللينينيين، من أجل فهم الأخلاق ومتطلباتها، ينطلقون من الظروف التاريخية الملموسة. إذ لا توجد أخلاق مجردة، ثابتة، أبدية، خارجة عن التاريخ. في المجتمع الطبقي، تحمل الأخلاق في طياتها طابعًا طبقيًا معينًا. كل طبقة اجتماعية تطور أخلاقها الخاصة. بشكل عام، تختلف أخلاق الرأسمالي، القائمة على الأنانية والفردية، والتنافسية، والنفاق، عن أخلاق العامل الذي يميل إلى التضامن، والجماعية، والمساعدة المتبادلة، والإنسانية، والأخوة، والصراحة. من الواضح أن هذا له حدوده في المجتمع البرجوازي، لأن الطبقة الحاكمة تهدف إلى فرض مفاهيمها الخاصة على العمال، ولكن أيضًا أنماط متغيرة من المعنى الأخلاقي تعتمد على التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. على سبيل المثال، في فترة النيوليبرالية، نشهد انتشارًا أكبر للفردانية الراديكالية، وعدم الثقة المتبادلة، والتهور، والوحشية. فمع التغيير في أشكال التنظيم الاجتماعي، تتغير الأخلاق أيضًا. على سبيل المثال، تختلف الأخلاق في النظام الإقطاعي عن الأخلاق في الرأسمالية. ومن أجل إدامة نظام الاستغلال، تحتاج البرجوازية إلى الهيمنة في مجالات البنية الفوقية، وبالتالي أيضًا في مجال الأخلاق. لكن هذا المشروع محكوم عليه بالفشل لأن الانحدار التاريخي للبرجوازية يتجلى الآن أيضًا في المجالات الأخلاقية والفلسفية والثقافية وغيرها. مع انتصار الثورة البروليتارية، نشأت وتأكدت أخلاق اجتماعية وفردية جديدة، أخلاقية المجتمع الاشتراكي، المرحلة الأولى من الشيوعية، التي تطهرت من وحل المجتمع القديم. إن أخلاق البروليتاريا المتقدمة، بوعي طبقي، لا ترفض فقط أخلاق البرجوازية، وآرائها الأنانية المنحرفة، ولكنها تعبر أيضًا عن المصالح والتطلعات التاريخية للطبقة العاملة. إنها أخلاق ثورية، تتميز بالإنسانية العميقة، بحس جماعي عالٍ، وتضامن أخوي بين العمال. أخلاق عنيدة تجاه الاستغلال والظلم الاجتماعي وأعداء السلام وحرية الشعوب والوظيفية والجشع. أخلاق مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بتطور الصراع الطبقي للبروليتاريا. من وجهة نظر الأخلاق الشيوعية، من الأهمية بمكان التأكيد على كل ما يؤيد تدمير العالم القديم القائم على أساس استغلال وبؤس الجماهير الكادحة، مما يؤيد وبالتالي يعزز ظهور عالم اشتراكي جديد. يلعب العامل الأخلاقي دورًا كبيرًا في المعركة التي يجب خوضها لتشكيل حزب شيوعي حقيقي يناضل من أجل الاستيلاء الثوري على السلطة. يطور البروليتاري الواعي عمله وسلوكه في ضوء القيم الأخلاقية الثورية التي توجه سلوكه الفردي والجماعي. اليوم، يعتبر النضال من أجل الحزب الشيوعي، الذي يجب أن ينخرط فيه كل بروليتاري ثوري مخلص بضمير حي، مثالا عاليا للأخلاق الشيوعية والنضال القاسي ضد الفساد. من وجهة النظر هذه، فإن كل ما يساهم في الوحدة العضوية للشيوعيين وأفضل عناصر البروليتاريا هو أمر إيجابي وعادل وصادق. وعلى العكس، كل ما يفرقهم ويضعفهم ويمنعهم من التقدم في النضال من أجل الحزب هو سلبي وظالم وغير نزيه. في الصراع الطبقي من أجل الثورة والاشتراكية، هناك وحدة جدلية بين الأخلاق والسياسة. يوضح تاريخ الحركة الشيوعية أن الوحدة السياسيةـ الأخلاقية كانت سمة من سمات الأحزاب الشيوعية الحقيقية، وكذلك سمة من سمات الفترة الاشتراكية، التي أكدت خلالها هذه الوحدة نفسها في كامل المجتمع كقوة قوية للتنمية. واليوم، فإن الواجب الأخلاقي والسياسي الذي يجب أن يشعر به الشيوعيون والبروليتاريون المتقدمون هو الانخراط بجدية ويومية في هذا النضال الذي لا غنى عنه من أجل قضية الطبقة العاملة، من أجل مصالح الثورة البروليتارية؛ واجب لا تفرضه أي سلطة، بأي قانون، ولكنه ينبع من قناعة الضمير والطبقة. إن الاستيعاب الكامل للقيم الأخلاقية الشيوعية يعني أن نكرس أنفسنا لقضية الطبقة العاملة، وأن نتصرف بإخلاص واحترام تجاه الرفاق، وأن نحيا حياة متواضعة، وأن نكون صامدين في النضال، وأن نتحمل مسؤوليات ملموسة، وأن نكرس أنفسنا وطاقاتنا ووقت الفراغ للاستعداد لتنفيذ المهام والأهداف الثورية، وجعل مصالحنا تتطابق مع مصالح المنظمة الشيوعية. ويعني كذلك تطوير المواجهة الصريحة والمخلصة بين الشيوعيين المخلصين، وإدانة كل التصرفات، والسلوكيات التي ستعيق وتؤخر عرقلة النضال من أجل الحزب وزيادة التشرذم. من الواضح أن لهذا عواقب عملية، مثل التعنت تجاه أعداء الشيوعية وحزب البروليتاريا، وإدانة أولئك الذين يضعون احتياجاتهم الفردية أو الجماعية، وأولئك الذين يفضلون الأنشطة الأخرى على المسؤوليات الثورية، وأولئك الذين يناورون من خلال حيل "التسويق السياسي" (markrting politique)، الشخصية، المرجعية الذاتية، أولئك الذين يدافعون عن الامتيازات الصغيرة القائمة على الانتهازية السياسية، والتي هي بطبيعتها غير أخلاقية. لا يمكن للنضال من أجل الحزب أن يتقدم إلا إذا تم تأكيد وجود أخلاق شيوعية متينة وثابتة، وكذلك النظرية والممارسة الثورية. يجب ألا تكون هذه الجوانب منفصلة، بل يجب أن ترتبط ارتباطًا وثيقًا ببعضها البعض. من أجل بناء وحدة الشيوعيين، يجب على الشيوعيين والبروليتاريين الثوريين عزل ومحاربة الانتهازيين والتحريفين والبرجوازيين الصغار "اليساريين" من أجل التقدم في النضال من أجل حزب البروليتاريا المستقل والثوري. يجب أن تثبت الأخلاق الشيوعية نفسها وتتطور في النضال من أجل الحزب، ضد الأخلاق الفردية والفاسدة للبرجوازية والانتهازيين.
صحيفة "الشرارة"، Scintilla رقم 135، حزيران/ يونيو 2023 *منظمة "الأرضية الشيوعية بإيطاليا" التي تصدر نشرية "الشراراة" الشهرية هي منظمة تعمل من أجل تجميع شيوعيي إيطاليا من أجل إعادة بناء الحزب الشيوعي فيها، بعد أن زاغ الحزب القديم عن مساره.
#مرتضى_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوعي الطبقي، سلاح البروليتاريا في النضال من أجل تحررها / تر
...
-
دراسة أفكار كارل ماركس للاستفادة منها / ترجمة مرتضى العبيدي
-
في أهمية النظرية / ألفارو هيريديا
-
- فلنبذل قصارى الجهد في عملية بناء الحزب-/ ترجمة مرتضى العبي
...
-
بناء الحزب على أسس متينة / ترجمة مرتضى العبيدي
-
الطبيعة الطبقية للحزب الشيوعي (النص كاملا) بقلم بابلو ميراند
...
-
الطبيعة الطبقية للحزب الشيوعي / جزء 5 من 5/ بقلم بابلو ميران
...
-
الطبيعة الطبقية للحزب الشيوعي / جزء 4 من 5/ بقلم بابلو ميران
...
-
الطبيعة الطبقية للحزب الشيوعي / جزء 3 من 5/ بقلم بابلو ميران
...
-
الطبيعة الطبقية للحزب الشيوعي / جزء 2من 5/ بقلم بابلو ميراند
...
-
الطبيعة الطبقية للحزب الشيوعي / جزء 1من 5/ بقلم بابلو ميراند
...
-
حول ارتباط الحزب بالجماهير / (النص كاملا) / بقلم خوان باجانا
...
-
حول ارتباط الحزب بالجماهير / جزء 2 من 2 / بقلم خوان باجانا /
...
-
حول ارتباط الحزب بالجماهير / جزء 1 من 2 / بقلم خوان باجانا /
...
-
بعد الدور الأول للانتخابات، بيان لحزب العمل التركي EMEP
-
صراع الأفكار/ (النص كاملا) / بقلم بابلو ميراندا /ترجمة مرتضى
...
-
صراع الأفكار/ جزء 3 من 3 / بقلم بابلو ميراندا /ترجمة مرتضى ا
...
-
صراع الأفكار/ جزء 2 من 3 / بقلم بابلو ميراندا /ترجمة مرتضى ا
...
-
صراع الأفكار/ جزء 1 من 3 / بقلم بابلو ميراندا /ترجمة مرتضى ا
...
-
دور الجريدة وحسن استخدامها / ترجمة مرتضى العبيدي
المزيد.....
-
نبيل بنعبد الله يعزي في وفاة شقيق الرفيق السعودي لعمالكي عضو
...
-
الحزب الشيوعي العراقي: تضامنا مع الشيوعيين السوريين ضد القر
...
-
موسكو: ألمانيا تحاول التملّص من الاعتراف بحصار لينينغراد إبا
...
-
مظاهرات بألمانيا السبت وغدا ضد اليمين المتطرف
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 589
-
تحليل - فرنسا: عندما يستخدم رئيس الوزراء فرانسوا بيرو أطروحا
...
-
برقية تضامن ودعم إلى الرفاق في الحزب الشيوعي الكوبي.
-
إلى الرفيق العزيز نجم الدين الخريط ومن خلالك إلى كل مناضلات
...
-
المحافظون الألمان يسعون لكسب دعم اليمين المتطرف في البرلمان
...
-
استأنفت نيابة العبور على قرار إخلاء سبيل عمال شركة “تي أند س
...
المزيد.....
-
الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور
...
/ فرانسوا فيركامن
-
التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني
...
/ خورخي مارتن
-
آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة
/ آلان وودز
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
المزيد.....
|