محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
(Mohammad Abdul-karem Yousef)
الحوار المتمدن-العدد: 7648 - 2023 / 6 / 20 - 02:39
المحور:
كتابات ساخرة
المحطة 1
لا تسأل راحلا عن سبب رحيله، لأنه جهز عذره قبل حقائبه.
هي حكمة كتبها الكثير من الناس على جدار المحطة ، حاول كثيرون طلسها لكنها كانت أقوى من إرادة الناس.
اتجه نحو المحطة وكان كل أمله أن يلتقيها ، أتى أول قطار ولخيبته الشديدة لم تكن أحد ركابه ثم جاء الثاني والثالث وفي الرابع كانت أول الواصلين .
تذكر أنه تعرف عليها في مكتب الأستاذ العام ، وهي في زيارة لأختها . كانت تكبره بعام واحد ، لطيفة المعشر، خبيرة في الحياة، جميلة العينين. وكان يعاني من الضغوط التي اجتمعت عليه تلك السنة و كأن القدر اختاره ليختبر صبره .
ذلك اليوم تحرك لأول مرة ما وصفه شاعر كبير : والهوى نظرة فسلام فكلام فموعد فلقاء. بدت الأمور للوهلة الأولى سهلة جدا بل هدية من السماء لشاب في مقتبل العمر.
لم يدرك وقتها معنى رقصة الفلامنكو التي كانت تجري معه لكنه بمرور الوقت أدرك أنها كانت الأولى في حياته وكان هو الأربعين في حياتها ولكم أن تدركوا معنى صراع الخبرات. كان اقسى ما جربه في الحياة هو قفزة الموت التي لا تترك لك خيارا آخر .
كان يدرك أن زواج النحب السوري انتهى بزيادة وعي الإنسان ومداركه لكنه اكتشف أن لكل ظاهرة جذورها العميقة الممتدة والموغلة في القدم . لا شيء يموت. وما نظن أنه ماضينا ليس إلا مستقبلنا الذي ينتظرنا على أحد المفارق بعد أن نكون نسيناه وعفره الزمن بترابه.
لم تمض شهور إلا وكان عليه أن يكون أمام قفزة الموت ، وإذا رفض أو تردد يصل إلى النهاية المحتومة في الخيارين.
وبدأ عصر جديد كتب عنه نفس الشاعر :إن رأتني تميل عني كأن لم يك بيني وبينها أشياء
عاد إلى المحطة ، وروى لها حكايته ، فاحتضنته بحنان وأخبرته أن حكايته حكايتها وأن التاريخ لا يكرر نفسه لكن الإنسان يكرر أخطاءه وأن لا شيء في عالم الشرق أقوى من تقاليد وأعراف القبيلة .
عاد إلى نفسه مضرجا بألمه الشديد ، أما هي فقلبت صفحة من حياتها، كأن لم يك بينه وبينها أشياء.
يبدو أن من يستسهل الرجوع يستسهل الرحيل .
#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)
Mohammad_Abdul-karem_Yousef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟