أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فارس محمود - انتخابات تركيا: صراع فاشيتين إسلامية-قومية وقومية-أتاتوركية!















المزيد.....


انتخابات تركيا: صراع فاشيتين إسلامية-قومية وقومية-أتاتوركية!


فارس محمود

الحوار المتمدن-العدد: 7626 - 2023 / 5 / 29 - 03:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تشهد تركيا على امتداد قرن كامل منذ إعلان الجمهورية مثل هكذا انتخابات وصراع انتخابي حادّين. فالمنافسة حادة وشرسة بين رجب طيب اردوغان، الاسلامي-القومي المستبد، زعيم حزب العدالة والتنمية ذو الطموحات القومية التوسعية وغطرسة النزعة العثمانية والاقتدار والهيمنة والمكانة، المدافع الشرس عن المواقف الاسلامية والاسلام السياسي التي لا تتعدى سوى اطار لهذه النزعة القومية؛ ويقف قبالته كمال قليجدار اوغلو، القومي-الاتاتوركي، زعيم حزب الشعب التركي.



انتخابات شهدت حداً كبيراً من الاقبال في داخل تركيا وخارجها بحيث شارك ما يقارب 87% من الذين يتمتعون بحق الاقتراع والتصويت، اي مشاركة ما يقارب 54 مليون من أصل 61 مليون لديهم حق التصويت. انها المرة الاولى على امتداد تاريخ تركيا الجمهورية التي تشهد جولة انتخابية ثانية لحسم منصب رئيس الدولة نظراً لعدم تحقق النسبة اللازمة للفوز الانتخابي (50% من المصوتين زائداً واحد).



انتخابات في اوضاع عالمية جديدة:



ان ما يضفي صفة خاصة على هذه الانتخابات هي طبيعة الاوضاع العالمية الراهنة والصراعات والاستقطابات لعالم يقر الجميع بكونه قد غدا عملياً عالم متعدد الاقطاب بكل ما للكلمة من معنى. فمن جهة شهدنا اصطفاف اقليمي و"شرق اوسطي" وروسي واضح خلف اردوغان. رغم كون تركيا رسمياً جزءاً من حلف الشمال الاطلسي، الناتو، الا انها تتلاعب بالاصطفافات واللعب بورقة معسكر روسيا-الصين لكسب أكبر ما يمكن من تنازلات من الاخرين، الغرب. ومن جهة اخرى، راينا اصطفافاً وتأييدا غربياً وامريكياً واضحاً تجاه توجه تركيا ذات السياسات الكلاسيكية القومية ذات الاساس الاتاتوركي، سياسات حكومات تركيا ما قبل اردوغان وتياره الذي يمثله ويدافع عنه كمال اوغلو وائتلافه الوطني المتمثل بستة احزاب معارضة لنظام حكم اردوغان. ليس من الصعوبة بمكان رؤية هذه الاصطفافات العالمية في انتخابات تركيا الراهنة.



من الناحية الداخلية:



تشهد تركيا ازمة سياسية واقتصادية حادة ومعقدة وبالأخص بعد الزلزال الذي ضرب عدد من مدن تركيا والذي راح ضحيته اكثر من 50 الف مواطن وتشرد الملايين دون ان تقوم الحكومة التركية بشيء يذكر تجاهها. فمن جهة، يغرق المجتمع في غلاء وفقر وعوز قل نظيرهم، وتردي حياة ومعيشة الملايين بلغ مديات خرافية، وانخفاض وتدهور متواصل للعملة، وعجز تام للحكومة أمام انهيار الاقتصاد في تركيا والذي ضرب الأغلبية الساحقة من عمال ومحرومي المجتمع. فيما لم تنفع الاجراءات تلو الاجراءات التي اتخذتها الحكومة عبر تنحية واعفاء وزراء المالية والاقتصاد ومدراء البنك المركزي مرات تلو مرات. ان هذه الازمة وجراء سعتها هي التي دفعت اردوغان الى رفع الحد الادنى للأجور ثلاث مرات في غضون سنة دون ان يساهم شيئاً في تحسين أوضاع الملايين من محرومي وكادحي المجتمع.



من جهة أخرى، تمارس السلطة اشد وابشع أشكال الاستبداد والقمع السياسي ومصادرة الحريات والحقوق وتحبك المؤامرات ضد معارضيها السياسيين كأي دولة بوليسية بحجة "محاربة الارهاب" و"أمن الوطن" وغيرها من ترهيب وأكاذيب. سلطة منهمكة بكل قواها بأسلمة المجتمع والدوس على مدنيته وعلمانيته. سلطة مناهضة لأبعد الحدود لحرية المرأة وحقوقها. حكومة غارقة تماماً بالفساد والنهب العام.



وعود انتخابية:



وكالعادة، تهافت اردوغان واوغلوا على السواء على اطلاق الوعود الانتخابية. فمن جهة، أطلق اردوغان الوعود السخية حول التوزيع المجاني للغاز والذي يتمتع بأهمية خاصة في شتاء تركيا القارص وكذلك زيادة الرواتب والاجور. ولكسب مشاعر ضحايا الزلزال، توعد بمنح مُنح للطلاب الذين فقدوا أعزة لهم في الزلزال. ناهيك عن قرع طبول الحرب على "الارهاب"!



فيما أكد كمال اوغلوا على "عودة الربيع"، عودة الايام الخوالي "الاتاتوركية" واعادة الحياة لنظام برلماني قوي ووضع حد لنفوذ النظام الرئاسي وسلطاته الواسعة الذي أتى به اردوغان لتعزيز نفوذه وسلطاته وصلاحياته والاقتصار على مدة رئاسية واحدة واستقلالية القضاء والبنك المركزي ووزارة الخارجية والصحافة. فيما يعوّل اوغلوا والمعارضة على جلب رؤوس الأموال الاجنبية، بينما كل تخمينات البنوك الاجنبية تصب في ان الانتخابات ونتائجها لن توقف مسار انخفاض قيمة الليرة التركية.



ولكن تحولت قضية معاداة اللاجئين والتهديد بترحيلهم قاسماً مشتركاً لكيهما. اذ تحدث اردوغان عن "ترحيل مليون لاجئ سوري الى بلدهم"، فيما تحدث غريمه كمال اوغلو" اذا اصبحت رئيس جمهورية سأرحل 10 ملايين لاجئ"!. بهدف كسب ود اليمين القومي والفاشي في تركيا، وهو تيار له حضور فعلي، لجأ كلاهما بشكل صريح وواضح لسياسة شوفينية وعنصرية ضد اللاجئين علماً انها تركيا نفسها وسياساتها العدائية وطموحاتها التوسعية ونزعاتها الحربية مسؤولة بصورة مباشرة عن التشرد المليوني لما يقارب 4 ملايين لاجئ من سوريا والعراق والمنطقة.



انتخابات ليست بانتخابات:



من الناحية الشكلية والظاهرية، تعتبر انتخابات الاحد (14 ايار) "حرة"، ولكن من الناحية الواقعية والفعلية هي غير عادلة وغير متكافئة من الاساس. فالسلطات الواسعة التي جمعها اردوغان بيده، وبالأخص بعد التحول الى النظام الرئاسي في استفتاء 2018، واشاعة منظومة حكومية تستند الى "الرجل الواحد"، "السلطنة"، والتوظيف العملي للحكومة والسلطة لصالح اقتداره المتعاظم واهدافه، والاستفادة من ميزانية الدولة وممتلكات واموال الدولة ومن شبكات الحماية الاجتماعية "الاسلامية" الواسعة التي تصوت لولي نعمتها عادة، وتهميش القضاء واتخام القضاء وسائر المؤسسات الاساسية برجال دينيين موالين لنهجه، وبث مؤسساته الاعلامية الاكاذيب تلو الاكاذيب بحق خصومه، تصفية خصومه السياسيين (على سبيل المثال، لا زال المئات من قيادة واعضاء حزب الشعوب الديمقراطي في السجون والمعتقلات). وبهدف اضعاف خصومه في الانتخابات، شن في اليوم الاول من الانتخابات فقط حملة قمعية واسعة اعتقل على اثرها اكثر من مئة صحفي واعلامي، فيما اغلقت خلال السنوات الاخيرة العشرات من وسائل الاعلام المعارضة له وطرد الصحفيين وتعرض الكثير منهم للسجن. في أجواء قمعية مثل هذه لا يمكن الحديث عن انتخابات "حرة" أو "نزيهة".

لهذا، في اوضاع مثل هذه، ونظراً لهذه الممارسات، من الصعب فوز قليجدار اوغلو في الدورة الثانية بتصوري.







تكالب اليمين:



إن أجواء الانتخابات هي أجواء يمين قومي وشوفيني الى ابعد الحدود، سواءً بصبغته الاسلامية-الاردوغانية او القومية-الاتاتوركية. فمن أجل مصالحه السياسية، لا يتورع اردوغان عن اللجوء الى اكثر القوميين فاشية (حزب الحركة القومية)، بدعايتهم المعادية لجماهير كردستان والاحزاب القومية الكردية في تركيا او خارجها تحت حجة "محاربة الارهاب"! ففي الجولة الثانية، يتسابق الطرفان من اجل كسب ود اليميني المتشدد (سنان اوغان) والذي حقق اصوات انتخابية كثيرة في الجولة الاولى وخرج منها، ولهذا يبدو أن التنازل لأفكاره وسياساته المتمحورة حول "معاداة اللاجئين والكرد"، ورهن اعطاء صوت مؤيديه لمن يدعم سياساته اليمينية المتشددة.



توعّد اوغلوا بحل قضية الكرد مرة وللابد عبر البرلمان، ورغم كونه لا يتعدى وعداً، الا انه جوبه بهجمة يمينية شرسة حيث أكيلت له الاتهامات بوصفه يدعو لـ"السلام مع الارهابيين"، "انه ممثل الارهابيين في الانتخابات" بهدف التأليب القومي وتحريك المشاعر القومية التركية البغيضة!! للأسف، أحكمت الافكار القومية بشكل كبير قبضتها على المجتمع.




ليس للطرفين اي صلة بمصالح الاغلبية الساحقة من عمال ونساء وشباب وكادحي تركيا. ان الصراع الانتخابي هو صراع تيارين عرفا جيداً بمناهضة العامل والتحرر والمساواة. لا يمكن التطلع لغد أفضل واحدهما في السلطة يمسك بخناق الجماهير. ان تحرر جماهير تركيا يبدأ من صفحة أخرى لا صلة بكل أطراف العملية الانتخابية.



#فارس_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بقاء (8) من اذار يعني ان الظلم ضد المراة والنضال ضد هذا الظل ...
- حول العشائرية.... وحمامات الدم في مدن العراق!
- مكاسب انتفاضة جماهير ايران!
- حول سمات هبّة جماهير ايران
- شكرا لكم -لطفكم-، ولكن لتكف اياديكم عن النساء!
- كيف أطاح نضال المرأة في إيران، بـ-صروح- نظرية بالية؟!
- ما الهدف السياسي وراء ضجيج -عاشوراء والاربعينية- هذا العام؟!
- ان ما يبعث السرور هو وجود هذه الراديكالية العمالية والنسوية ...
- إنه نموذج لانعدام المسؤولية السياسية والأخلاقية!
- صور أفلتت كل هذه العفونة!
- حدود وأهداف حركة التيار الصدري الاخيرة!
- بصدد أهداف -الصلاة الموحدة-
- -قانون تجريم التطبيع-: -عرب وين ... طنبورة وين-!
- تكتيك مفضوح!
- الصراع في أوكرانيا ومهمة الشيوعيين!
- دور أمريكا في خلق هذه الحرب، ليس أقل من الدور الروسي!
- إنها ليست قباحة وزير، وانما قباحة طبقة!
- السعودية و-حجة قرداحي-!
- من فشل لفشل...!
- بصدد ما بعد إعلان نتائج الانتخابات وقرع الولائيين طبول الحرب ...


المزيد.....




- لا تقللوا من شأنهم أبدا.. ماذا نعلم عن جنود كوريا الشمالية ف ...
- أكبر جبل جليدي في العالم يتحرك مجددًا.. ما القصة؟
- روسيا تعتقل شخصا بقضية اغتيال جنرالها المسؤول عن الحماية الإ ...
- تحديد مواقعها وعدد الضحايا.. مدير المنظمة السورية للطوارئ يك ...
- -العقيد- و100 يوم من الإبادة الجماعية!
- محامي بدرية طلبة يعلق على مزاعم تورطها في قتل زوجها
- زيلينسكي: ليس لدينا لا القوة ولا القدرة على استرجاع دونباس و ...
- في اليوم العالمي للغة العربية.. ما علاقة لغة الضاد بالذكاء ا ...
- النرويجي غير بيدرسون.. المبعوث الأممي إلى سوريا
- الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يتخلف عن المثول أمام القضاء


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فارس محمود - انتخابات تركيا: صراع فاشيتين إسلامية-قومية وقومية-أتاتوركية!