أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مريم الحسن - هل الوجود و العدم ضدان ؟














المزيد.....

هل الوجود و العدم ضدان ؟


مريم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 7624 - 2023 / 5 / 27 - 16:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ما العدم إلا وجود غير محسوس
ما قبل الحياة عدم و ما بعدها عدم
و ما بينهما
تفاعل أضادٍ و تجليات لعدمٍ ، هو وجود ثابت لكن غير محسوس،
في وجودٍ كائنٍ ظاهرٍ و زائلٍ لكنه محسوس. فهل الوجود و العدم ضدان؟

القول بأن الوجود و العدم ضدان هو قول صحيح, لكن من منظور العقل و مقولاته المنطقية القبلية (أي الفطرية المجبول عليها مع نشأته).هذه المقولات القبلية التي فنّدها و عدّدها الفيلسوف الألماني ايمانويل كانط في كتابه "نقد العقل الخالص" هي التي تتحكم بالعقل و تحده أي تلجم قدراته وتحدد أقصى منتهى إمكاناته.

من المنطقي و البديهي بل من الصحيح أيضاً لغوياً أن نقيض وجود الشيء هو عدمه... و الصحيح أيضاً أن غياب الشيء هو عدمه كذلك .. رغم أن الغياب هنا قد يكون غياباً ظرفياً لكنه مع ذلك عدم.. و نعطي مثال على ذلك:

حين تكون خارج منزلك و موجود في عملك.. فإن حضورك بالنسبة لمن هم في منزلك معدوم رغم أن حضورك بالمطلق موجود فعلياً و لم ينعدم بما أنك موجود في مكان آخر هو العمل، إلا أن هذا الحضور غائب عن مدركات أهل منزلك لذا فبالنسبة لهم هذا الحضور هو عدم كونه معدوم بغيابك عنهم.. أما بالنسبة لزملائك في العمل فحضورك موجود لأنهم يتلمسونه بمختلف سبل حواسهم.. اذاً في هذا المثال حضورك هو عدم و وجود في ذات الوقت لكن ليس في ذات المكان.. وجود بالنسبة لمن ظهرت لهم و عدم بالنسبة لمن غبت عنهم.كذلك الأمر بالنسبة لما غاب عن ادراكاتنا الحسية و المنطقية.. فغيابه لا ينفي وجوده و لا يثبت عدمه بالمطلق.

ميّز الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي في كتابه "الفتوحات المكية" بين نوعين من العدم، كما بيّن أن العدم ما زال قائما بوجود و قديم رغم إيجاد الوجود ، فافتتح كتابه بعبارته الشهيرة " الحمدلله الذي أوجد الأشياء عن عدم و عدمه وأوقف وجودها على توجه كلمة لنحقق بذلك سر حدوثها، و قدمها من قدمه". ليضيف لاحقاً في الجزء الرابع من كتابه " من أصعب أحوال الإنسان فراق الأوطان، فمن كان وطنه العدم في القدم كانت غربته الوجود، و إن حصل له فيه الشهود فهو يحن إلى وطنه و يغيب عند شهود سكنه و الفناء حال من أحوال العدم عند من فهم الأمور (...) والحال ما حال؟ فالوجود كله حال، لا يصح الثبات على شأن واحد لما تطلبه المحدثات من زوائد، فالأمر شؤون، فلا يزال يقول لكل شيء كن فيكون، ثم إنه عندما يكون يستحيل فتظهر، و في وطنها تقيل، ما لها قوة على فراق السكن، ولا النزوح عن الوطن، فترجع إلى العدم في الزمن الثاني"

و العدم كما شرحه ابن عربي نوعان: عدم المحال و عدم الإمكان. العدم المحال هو الظلمة و الظلام و الشر لافتقاره للخير... عكس العدم الإمكاني أو الممكن الذي هو ظلٌّ لنور الخالق المكون له و هو خير و راحة و عالم تجلي الأرواح. إذن، العدم المحال هو العدم المطلق أو اللا وجود بالمطلق، أما العدم الإمكاني أو العدم الممكن هو العدم الموجود موضوعياً و غائب مادياً.. إما لاستحالة إدراكه بالحواس المجردة .. و إما لعدم استلامه بعد أمر الكينونة من خالقه بأن يكون فما كان .. و هو مازال بحكم العدم رغم أنه موجود فعلاً ككلمة من كلمات الحق التي: ( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي و لو جئنا بمثله مددا ) الآية ١٠٩ من سورة الكهف.

و عن هذا يقول ابن عربي في الجزء الثاني من كتابه الفتوحات: " إن العدم المحال ظُلمة، و عدم الممكن ظل لا ظلمة، و لهذا في الظل راحة الوجود، و اعلم أن التجلي الأول الذي حصل للممكن عندما اتصف بالوجود و انصبغ بالنور، هو التجلي للأرواح النورية التي ليست لها هذه الهياكل المظلمة، ولكن لها ظل إمكانها الذي لا يبرح فيها، و هي و إن كانت نوراً بما انصبغت به، فظلها فيها لا ظهور له عليها، و حكمه فيها لا يزول"
و عن طبيعة الخير و الشر المُميزة لكلا العدمين المحال و الممكن، يقول ابن عربي في الجزء الرابع من الفتوحات:
" ما قال بأن العدم هو الشر إلا من جهل الأمر، إنما ذلك العدم الذي ما فيه عين و لا يجوز على المتصف به كَوْن، و ليس إلا المحال، فذلك العدم هو الشر المحض على كل حال. و أما العدم الذي يتضمن الأعيان فذلك عدم الإمكان، فهي أعيان تَشهد و تُشهد، فهي الشاهد و المشهود في حال العدم و الوجود"



#مريم_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا طعم لا نكهة ولا لون
- ترميم الروح
- الجوع
- قالت شهرزاد (2)
- قالت شهرزاد ...
- الأمير المتأمل في روحه لناصر خمير: فيلمٌ إيماني صوفي ناطقٌ ب ...
- عن ثقافة الإنترنت و علاقتها بالإحتجاجات و الثورات: الربيع ال ...
- عن الاستشراق و إدوارد سعيد و خطاب النقد التقويضي
- سؤال الزمان
- الشاهد اللغوي الحيّ على جمال كلام العرب - الجزء الثالث
- الشاهد اللغوي الحيّ على جمال كلام العرب - الجزء الثاني
- الشاهد اللغوي الحيّ على جمال كلام العرب - الجزء الأول
- الأنظمة التعليمية و تأخر النهوض في البلدان العربية: متى عُرف ...
- وباء
- أحاديث على جدار الوقت
- فيروس ناراياما
- فايروس
- من هي المرأة العربية؟
- الساميون الأوائل : موطنهم الأول و لغتهم الأم
- سراب وطني


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مريم الحسن - هل الوجود و العدم ضدان ؟